ما بعد حرب غزة خلافات فلسطينية داخلية

ما بعد حرب غزة خلافات فلسطينية داخلية
بقلم : عبدالله عيسى

لم يحصل انتصار عربي أو فلسطيني إلا وأعقبه صراعات سياسية داخلية مؤسفة تفسد على الشعب العربي أو الفلسطيني فرحة الانتصار ويتحول الانتصار العسكري إلى مرارة وعلقم .

أثناء حرب أكتوبر المجيدة تحققت وحدة عربية لم يشهدها التاريخ المعاصر حتى الآن .. الشعوب العربية والأنظمة في صف واحد كلها بسواعدها وقلوبها في القاهرة ودمشق.. إجماع عربي رسمي وشعبي منقطع النظير .

الجيوش العربية كلها على الجبهتين المصرية والسورية والنفط العربي وقطع النفط عن الدول التي تؤازر إسرائيل والشعوب العربية والأنظمة على قلب رجل واحد وتحقق الانتصار .. ولكن بعد الحرب مباشرة قطعت العلاقات بين القاهرة ودمشق شركاء الانتصار ثم قطعت العلاقات العربية كلها مع مصر .

وبعد انتصار الثورة الفلسطينية بقيادة أبو عمار في حرب بيروت 1982 قطعت العلاقات بين منظمة التحرير الفلسطينية ودمشق وانشقاق داخلي في حركة فتح بين فتح أبو عمار وآخرين موالين لدمشق .

خلافات ظهرت في وجهات النظر داخل فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية على توجهات ابو عمار السياسية بعد حرب بيروت على القرار 242 وقضايا أخرى وذات مرة قال ابو عمار في اجتماع للقيادة الفلسطينية :"في حرب بيروت كنتم جميعا تثقون بقيادتي للمعركة عسكريا ولماذا الآن لا تثقون بقيادتي للمعركة السياسية ".

قطع العلاقات العربية مع القاهرة رافقها حرب إعلامية وشتائم واتهامات بالخيانة كما هو الحال بين دمشق وأبو عمار .. كلها خلافات سياسية على توظيف الانتصار العسكري سياسيا فتحدث القطيعة.

خرج صدام حسين منتصرا في حرب الثمانية سنوات مع إيران ودعمت كل الدول العربية صدام في الحرب بما فيها الكويت باستثناء دولتين هما سوريا وليبيا وبعد الحرب كان احتلال الكويت وقطيعة عربية مع صدام والخ من سيناريو التدخل الأمريكي .

بعد انتصار المقاومة اللبنانية في حرب تموز 2006 حاول حزب الله بشتى الوسائل ان لا ينزلق إلى صراعات سياسية تفسد الانتصار ولكنه لاحقا تدخل في الصراعات الداخلية اللبنانية .

انتصار المقاومة الفلسطينية في حرب تموز الفلسطينية 2014 أذهل العالم ورغم جراح الدمار والمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في الشجاعية وخزاعة وهدم الأبراج وترويع المدنيين لكسر شوكة المقاومة إلا أن الانتصار تحقق بصورة مثيرة للإعجاب في العالم والفرحة العارمة للشعب الفلسطيني كانت فوق جراح المجازر والدمار .

الآن بدأنا نشهد خلافات سياسية علنية بعد الانتصار بين السلطة برام الله والمقاومة بغزة وهي خلافات مشروعة بوجهات النظر ولكن يجب أن تكون في الغرف المغلقة وبحوار بناء يمكن التوصل لحل كل الخلافات فلا تفسدوا على شعبنا فرحته بالانتصار .

لا نفترض أن تكون وجهات النظر السياسية متطابقة في الساحة الفلسطينية على مستوى القيادة الفلسطينية والمقاومة لأننا نعرف تعقيدات الوضع الفلسطيني سياسيا وقوى دولية تلعب دورا  في التسوية السياسية ولكن ما نرجوه أن نحافظ على الوحدة الوطنية كالتي تألقت في مفاوضات القاهرة عندما كان الوفد الفلسطيني موحدا بين الرئاسة الفلسطينية وحماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى التي التزمت جميعا بما توصل إليه الوفد الفلسطيني الموحد .

المطلوب هو الحوار البناء في الغرف المغلقة وحل كل الخلافات السياسية والإدارية وما يتعلق بإعادة اعمار غزة . 

التعليقات