عائلة الحاج أبو بلال المصري تروي حكايات الدمار والخراب للمنازل والمساجد المدمرة في بيت حانون

عائلة الحاج أبو بلال المصري تروي حكايات الدمار والخراب للمنازل والمساجد المدمرة في بيت حانون
رام الله - دنيا الوطن
يقف الحاج محمد المصري "أبو بلال" 67 عاماً وهو أحد رجال الإصلاح في منطقة بلدة بيت حانون أمام ركام منزله المكون من 4 طوابق ويعيش فيه قرابة 42 فرد والذي تعرض للقصف من الطائرات الحربية "الإسرائيلية" ودمرته بالكامل, في حارة أبو عودة بالقرب من مستشفى بيت حانون الحكومي, ليروي مشاهد الخراب والدمار التي حلت على منطقة بيت حانون وتشريد جزء كبير من أهلها بعد فقدانهم منازلهم كاملةً جراء القصف "الإسرائيلي" العنيف على هذه البلدة.

وبصوت يعتريه الحزن والأسى يقول الحاج أبو بلال المصري:" لقد دمر هذا الاحتلال المجرم كل شيء في بيت حانون البيوت والشوارع والمساجد وحتى المستشفيات لم تسلم من هذا الإجرام فمستشفى بيت حانون انهالت عليه عشرات القذائف الإسرائيلية والأطباء والجرحى والمرضى بداخله في مشهد بشع يدلل على بشاعة الجرائم الصهيونية بحق  كل شيء فلسطيني".

ويضيف الحاج أبو بلال: مع اشتداد القصف الصهيوني على البلدة وصراخ أطفالنا خرجنا من منازلنا طلباً لقليل من الأمن لهؤلاء الأطفال من أنمن مع أن الاحتلال بات يستهدف كل شيء ولا يفرق بين الأحياء والأموات لأن المقابر قصفه,ا ولكن خرجنا بملابسنا فقط لأن المشهد كان صعب وكل شيء يقصف لم نستطع إحضار أي شيء, وذهبنا باتجاه منطقة جباليا والطائرات الصهيونية تحلق فوقنا وأصوات الانفجارات تحيط بنا من كل صوب وجانب, ولكن برحمة الله تعالى وصلنا سالمين وبتنا ليلتنا في محال لأحد الناس الخيرين.      

يتوقف الحاج أبو بلال قليلاً عن حديثه محاولاً لملمت ما تعثر من كلمات في جوفه وهو يرى شقا عمره ركاماً وخراباً، ليستكمل قائلاً:" لقد بنيت هذا المنزل منذ سنوات طويلة وأعطيته كل تعبي وجهدي وكل ما أملك من أجل أبنائي وهؤلاء الأطفال     ولكن اليوم أصبح كومة من الركام والأنقاض ولم يبقى لنا غير ملابسنا التي نرتديها الآن, فحسبنا الله ونعم الوكيل على هؤلاء الصهاينة  القتلة والمجرمين".

عائلة المصري.. أحزان على ذكريات وأطفال أبرياء بلا مأوى

أما الحاجة أم بلال المصري 60 عاماً أخذت تسترجع ذكرياتها، وعلامات الحزن والألم تبدو جلية على وجهها فتقول:" ماذا سأقول.. إنها لحظات صعبـة وقاسية.. هذه أنقاض منزلنا المدمر لم يبقى لنا شيئ ، ففي هذا الركن كان يجلس زوجي وحوله أبنائي وزوجاتهم وأطفالهم، وفي هذا الركن كنا نستقبل أقاربنا وضيوفنا، وكان وكان في هذه الركن الآخر ذكريات جميلة عشناها مع بعضنا البعض ؟؟, كل شيء ذهب في لحظات, عندما دمر اليهود منزلنا بدون أدنى إنسانية".

وبعد تغلبها على دمعاتها أكملت أم محمد حديثها حول ذكرياتها مع عائلتها, فقالت: " لقد كنا نعيش في هذا المنزل والسعادة تملأ قلوبنا, هذه الأيام ذهبت دون أن نشعر بها, فلقد أحرق اليهود قلوبنا على أبنائنا الشهداء الذين ارتقوا خلال الحرب الصهيونية المجرمة ودمروا كل ما بنيناه من حياة سعيدة فحسبنا الله ونعم الوكيل".

وتقول الحاجة شفيقة المصري 69 عاماً من بيت حانون التي دمر الاحتلال منزلها وفقدت شهداء من عائلتها نتيجة الاستهداف الصهيوني للبلدة وهي تقف على أنقاض منزل أخيها في البلدة:" إن بيت حانون تحولت على كومة من الركام والأنقاض والدمار بعد أن كانت الحياة تنبض فيها بكل الأمل, فالاحتلال ارتكب أبشع مجازره واستهدف عائلات بأكملها في بيت حانون معتقداً أنه يستطيع أن يقتل الحياة هنا, ولكن أهل هذه البلدة سيواصلون صمودهم ويطالبون كل العرب والمسلمين الوقوف إلى جانبهم حتى تبقى الحياة في بيت حانون مستمرة .."    

مناشدة إنسانية.. لعائلة نزحت خارج مراكز الإيواء

 حول أوضاع العائلة الحياتية بعد فقدانه منزلها وتشردها في أحدى الأماكن في جباليا النزلة, يقول نجل الحاج أبو بلال وهو الزميل الصحفي إحسان المصري:" الوضع هنا صعب كثيراً فنحن لم نخرج إلا بملابسنا, ذهبنا لمراكز الإيواء التابعة للأونروا كانت ممتلئة فلجأنا لأحد الأماكن في هذه المنطقة لأحد الناس الخيرين, لم يتواصل معنا أي جهة حكومية أو من الوكالة ولا نعرف إلى أين نذهب, أوضاعنا الحياتية صعبة جداً, ذهبنا وقت التهدئة لمنزلنا المدمر لكن لم نجد أحد يتواصل مع المتضررين, نتمنى أن نجد جهة حكومية أو الوكالة  تقدم خدماتها للمتواجدين خارج مراكز الإيواء.

ويصف الإعلامي إحسان المصري " أبو محمد" ما حصل في بيت حانون بأنه زلزال قد ضرب المنطقة وأن إسرائيل أرادت قتل الحياة في هذه البلدة عبر استهدافها البنية التحتية وتدميرها لمستشفى بيت حانون ومدراسها وطرقاتها وكل مقومات الحياة فيها.

رغم الألم والجراح.. رسالة صمود وشموخ

 ويعتبر الحاج أبو بلال المصري مؤذن مسجد النصر في بلدة بيت حانون الذي هو الأخر تم استهدافه من الطائرات الصهيونية, ولكنه وقف على ركام منزله شامخاً كتلك المئذنة التي كان يؤذن فيها وبقيت شامخة أمام القصف الصهيوني, ليقول:" سنبقى صامدون فوق ركام منزلنا ولن نرحل من هنا وسنبني خيمة بجوار المنزل حتى يعاد إعماره ولن نترك بلدة بيت حانون أبداً هنا تربينا وتعلمنا وسنبقى هنا والاحتلال هو الذي سيرحل عن أرضنا الفلسطينية, وسنأذن بالمسجد ليصلي فيه الناس رغم الدمار". 

ويضيف أبو بلال المصري:" من فوق أنقاض منزلي أريد أن أتوجه بالتحية الكبيرة لرجال المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام التي رفعت رؤوسنا عالياً وكسرت هيبة هذا المحتل الصهيوني البغيض ومررت بكرامته بالأرض, هذه الكتائب المظفرة هي عنوان صمودنا وشموخنا وعزتنا وكرامتنا, فالحمد لله على وجود هؤلاء الأبطال بيننا يدافعون عنا بكل قوة وتحدي وشموخ".

على ما يبدو أن أجواء الحزن والدموع  على هذه العوائل التي فقدت أبنائها بين شهداء وجرحى ودمرت منازلها بشكل كامل لم تمنعها هذه الأجواء أن ترسل تحياتها الكبيرة للمقاومة الفلسطينية ودعمها ومساندتها في وجه العدوان الصهيوني ، في مشهد يدلل  أن المقاومة هي الضامن الوحيد لكل حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني. 









التعليقات