الانقلابي فياض

الانقلابي فياض
كتب غازي مرتجى
انتهى العدوان الاسرائيلي المدمّر على قطاع غزة بعد واحد وخمسين يوماً من العذاب والألم والقهر .. الممزوج بنكهة القوّة والرد على الجرائم بنوعية مميزة وتحدّي كبير .

مرحلة الحرب يجب مراجعتها يوماً بيوم للاستفادة من الأخطاء التي وقعت بها كافة الاطياف , فالفصائل وقعت بأخطاء كان يمكن تفاديها , وعمل الحكومة الموحدّة يحتاج لاعادة تقييم , عمل المؤسسات المحلية والدولية , ادارة المعركة الاعلامية .. كل شيء يجب أن نعيد تقييمه وليس عيباً أن نقوم بتشكيل لجنة تقييم لكل شيء ..

في خضم الحرب والعدوان طالعتنا وسائل الاعلام الاسرائيلية باعتقالها مجموعة من القيادات والعناصر في حماس بالضفة يخططون للانقلاب على السلطة الفلسطينية  , بالطبع بعد الاعلان الاسرائيلي فنّد الادعاءات الاسرائيلية عدد كبير من الكتاب والمثقفين والسياسيين حتى , ويكفي معرفة انه لو لم يوجد قرار لدى السلطة يوم الانقسام في غزة بترك الجنود واعضاء الاجهزة الامنية لمواقعهم وتسليمها لطالت فترة احداث الانقسام ولانتهت بمجازر ودماء اكبر .. فكيف ستتكرر في الضفة .. في ظل متغيرات لا يمكن مقارنتها بغزة !؟

لكن ما اثار انتباهي هي اخبار تم تسريبها بتحضير رئيس الوزراء الاسبق الدكتور سلام فياض لانقلاب على الرئيس ابو مازن بمشاركة عدد من اعضاء مركزية فتح وتنفيذية المنظمة .

التسريبات مجهولة المصدر عند قرائتها للوهلة الاولى تعرف انّ من يقف خلفها هو ذات الشخص الذي لم يترك شاردة او واردة في زمن فياض الا وقام بتسريبها وهاجم فياض علناً وسراً إلى أن تقدّم فياض باستقالته وتشكلت حكومتين بعد حكومته ..

في ذات الخبر المُسرّب يقول الخبر انّ فياض يشترك مع "توفيق الطيراوي" رئيس جهاز المخابرات السابق وعضو مركزية فتح بالتحضير للانقلاب على الرئيس ابو مازن , ومن يذكر فإنّ من يقف خلف تظاهرات خرجت ضد سلام فياض يوم كان رئيسا للوزراء هو توفيق الطيراوي نفسه واكثر من هاجمه فترة تسلمه رئاسة الحكومة كان الطيراوي ذاته .. فكيف سيتشرك الاثنين معاً ؟

سلام فياض لا يعرف للسكون مكاناً فهو كـ"الدينامو" منذ تسلمه مالية السلطة زمن ياسر عرفات .. يعمل بلا كلل أو ملل ويحاول مساعدة ابناء شعبه بكل ما أوتي من قوة ..

مؤسسته "فلسطين الغد" كانت من اول المؤسسات التي عملت في قطاع غزة ابان العدوان على القطاع , وتمكن فياض من انقاذ عدد من المشردين لا بأس به بمشاريع خلاّقة لا داعي لذكرها فكل عمل يتحدث عن نفسه ..

الحديث عن محاولة سلام فيّاض الانقلاب بشراكة توفيق الطيراوي هو خبر تم تسريبه من قبل جهات "موتورة" , حتى لو أراد "مُفبرك" الخبر التأليف كان من الأولى عليه الحديث عن "عضو مركزية آخر" يتمتع سلام فياض بعلاقات عائلية معه .. وعضو المركزية هذا من اقرب المقربين للرئيس ابو مازن .

لا داعي لتلك الأخبار العارية عن الصحة , فحجم الدمار في قطاع غزة لا يغفر لأي شخص تخاذله وابتعاده عن الهدف الرئيسي في المرحلة الحالية والذي يتمثّل بالبدء باعادة الاعمار في قطاع غزة والاسراع بذلك قدر الامكان .

حجم المآسي التي تعاني منها غزة لا يمكن حصرها في مقال أو تقرير صحفي ولو اجتمعت صحافة العالم أجمع لن تنقل سوى ربع الصورة الحقيقية لمأساة غزة ..!