المخابرات تعتقل وكيل وزارة

المخابرات تعتقل وكيل وزارة
بقلم: عبدالله عيسى

رغم قسوة عمل المخابرات ونفور الناس وخشيتهم من هذا الجهاز الأمني في كل العالم وخاصة في الدول العربية إلا أن عمل المخابرات لايخلو من تناقضات وطرائف أحيانا .

في أواخر السبعينات وصل تقرير للمخابرات اليمنية أن وكيل وزارة لديه أفكار معارضة للنظام فقاموا باعتقاله .

وحسب الراوي فان وكيل الوزارة كان من أكفأ وكلاء الوزارات وكان يطلق عليه دينامو الوزارة .

فتجمع عدد من كبار الموظفين في الوزارة بربطة المعلم وذهبوا إلى مدير المخابرات اليمنية للتدخل لإطلاق سراحه .

قابلوا مدير المخابرات وقالوا :" إن فلان وكيل الوزارة هو دينامو الوزارة وبدونه تعطلت المصالح والوزير منصب سياسي ولا يعرف عن دواليب العمل ولا يوجد أي موظف يحل محله ".

لم يعترض مدير المخابرات ووعدهم بان تسير الأمور على مايرام .

في اليوم التالي فوجئ الموظفين بان وكيل الوزارة في مكتبه .. كانت فرحة كبيرة لكنها لم تكتمل .

قال لهم وكيل الوزارة :" لقد أطلق سراحي مؤقتا .. هنالك سيارة للمخابرات تنتظرني عند بوابة الوزارة وأطلق سراحي من اجل تسيير العمل بحيث آتي للوزارة بسيارة المخابرات صباحا وعند انتهاء الدوام أعود للسجن على أن أعود صباحا للوزارة فأقوم بعملي ثم أعود للسجن عند انتهاء الدوام وهكذا ..".

بقي وكيل الوزارة على هذا الحال بضعة شهور حتى تم الإفراج عنه .

هذا النموذج من القصص والحكايات التي تروى عن عمل المخابرات انتهى منذ بدء الربيع العربي .. كيف ستلاحق المخابرات مواطنا لديه أراء معارضة للنظام والميادين تعج بمئات الآلاف بالمعرضين وبفئات الشعب التي ترفض النظام .. بعض أجهزة المخابرات العربية ابتعدت تماما عن المشهد وغابت وانضمت إلى حزب الكنبة " ظاهريا " تشاهد التلفزيون ولا رأي لها او أي تدخل في المشهد الجماهيري والسياسي والأمني أيضا في كل الدول التي طالها الربيع العربي .

وخلال السنوات الماضية لم نسمع أي موضوع عن أي جهاز مخابراتي عربي والمواطن الذي كثيرا ما كان يروي حكايات بعضها صحيح والآخر من نسج الخيال عن ممارسات المخابرات اخرج جهاز المخابرات من دماغه كليا وانشغل بحرب الفضائيات بين السياسيين والنشطاء .. المثير للضحك أن بعض النشطاء يتلقف أي ظهور على فضائية ليصفعنا فلان عميل وفلان عميل والدليل لدي .. وتبث كل يوم على فضائيات مختلفة هذه الاتهامات وما علاقتنا نحن هل تريدنا كجمهور أن نذهب ونعتقل العميل او العملاء الذين تتحدث عنهم وان نرسلهم الى المحكمة .. دوامة من الاتهامات المتبادلة لم تنته .

هنالك سبب مهم طبعا .. فقد دخل لاعب جديد وبقوة إلى الميدان وهو امريكا .. فوقفت بالمرصاد لكل جهاز عربي يحاول أن يقتل ناشطا سياسيا .. فالمشكلة في المعلم الذي يقف وراء الناشط وليس في الناشط نفسه .

في مشهد كوميدي للفنان محمد صبحي بمسرحية الهمجي يقف محمد صبحي في الشارع بانتظار الأوتوبيس فيأتي سائق سيارة يطلق العنان لأبواق سيارته فينهره محمد صبحي عدة مرات ويرفض السائق الضئيل الحجم أن يستجيب فيهدده بأنه سيضربه وما شابه فيردد السائق " ما تقدرش " ويستغرب محمد صبحي من كلمته " ما تقدرش " فيحمله ويهدده بأنه سيرميه على الأرض فيقول ما تقدرش وفجأة يفهم صبحي سر كلمة "ما تقدرش" عندما يظهر معلم السائق وهو بلطجي فيتغير الموقف ويتوسل صبحي أن لا يضربه المعلم .

ما تقدرش بسبب المعلم البلطجي الذي يعطي السائق حصانة وحماية .

لا احد يشجع على الاعتقال او يقبل ذلك على خلفية الرأي والتعبير أو التظاهر ولكن عندما يتعلق الأمر باتهامات بالعمالة ووثائق وأدلة فان الأجهزة المختصة مكبلة بسبب البلطجي الذي يمنع المساس باي متهم .

الوضع مستمر في حرب الاتهامات بالعمالة على الفضائيات مثل المباريات الودية .. أيام زمان كانت الأجهزة تعقل أي مشتبه بالعمالة وإذا ثبتت التهمة يحول إلى المحكمة فيكون الحكم رادعا لنشاط عملاء غبر مكتشفين بعد .. الآن احدهم يخرج على أي فضائية ويوجه اتهامات مباشرة بالعمالة فيرد المتهم ببساطة "اوكي .. وما هي المشكلة في هذا الموضوع ".

الناس أصابها دوار بسبب كثرة الاتهامات وكثرة المتهمين والعقاب الوحيد الذي يناله المتهم بالعمالة انه تطاله بضعة شتائم ممن يوجه الاتهامات العلنية وينتهي البرنامج ويذهب المحلل السياسي وكذلك المتهم بالعمالة للنوم بهدوء وكان شيئا لم يكن . حالة تشهدها دول الربيع العربي فقط منذ سنوات وهذه إحدى بركات ركوب أمريكا لموجة الربيع العربي . 

الان اي جهة تعلن الحرب على العملاء تعلن عليها وفورا حربا لاهوادة فيها من جهات واشخاص ومؤسسات بعضها نسمع به والاخر كالاشباح نشعر بوجودهم ولانراهم كما يحصل مع المقاومة بغزة .

 


التعليقات