ذهبوا لحفر قبر لصديقهم بغزة فكان قبراً لهم

ذهبوا لحفر قبر لصديقهم بغزة فكان قبراً لهم
ذهبوا لحفر قبر لصديقهم فكان قبراً لهم

بقلم : د . سمير محمود قديح

باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

لقد أصيب الفلسطينيون بحالة من الذعر والهلع الممزوجة بالصدمة والسخط والغضب عندما استفاقوا على هزات أرضية جديدة سببتها القذائف التي أطلقتها طائرة حربية إسرائيلية من نوع "اف 16" استهدفت فيها مقابر قطاع غزة ما أدى إلى تناثر جثث ورفات الأموات فيها.
فقد افاق اهالي حي النصر والشيخ رضوان على جريمة بشعة يندى لها الجبين مجزرة جديد اضيفت الى عشرات المجازر التي ترتكب يوميا بحق المدنيين في قطاع غزة ، ولكن هذه المرة استهدفت سالم ابو غديين والذي يسكن هو واسرته داخل مقبرة الشيخ رضوان منذ سنوات طوال ، ويعمل في حفر القبور ، حيث يستعين به المواطنين في حفر القبور لشهدائهم وموتاهم ، ومن كثرة اعداد الشهداء الذين يسقطون يوميا ، استعان الشهيد ابو غديين بجيرانه لمساعدته في حفر قبور الشهداء ، فباغتتهم طائرات الاحتلال بصاروخ مباشر فاصاب اجسادهم الطاهرة والشهداء هم: محمد طلال أبو نحل، رامي أبو نحل، هيثم طافش، عبد طلال شويخ وسالم أبو غديين.
ومن المعروف ان إجرام الاحتلال لم يقتصر على استهداف الأحياء وسفك دمائهم فوق الأرض، بل طال قصف المقابر ونبش جثث الأموات تحت الأرض. قتلٌ وتدميرٌ مستمر طال البشر والشجر والحجر، على مرأى ومسمع كل العالم دون أن يحرّك ساكناً لمشاهد الإجرام القمعية وما يقترفه من مجازر بحق الآمنين في بيوتهم، وشوارعهم ومساجدهم.
ما يجري في غزة تقشعر له الأبدان، واستباحة لشعب بأكمله، هذا ما كان ليحدث لولا هذا الصمت الدولي الرهيب، والانحياز الأعمى لإسرائيل .. لا يمكن وصف الحديث عن الجرائم في غزة، والمشاهد "التي تقطع القلب"، والتي وصلت حد استهداف الجثامين في المقابر، بأية كلمات. فقد تعمد الاحتلال قصف العديد من المقابر في قطاع غزة، حتى إن الراقدين بسلام منذ سنوات تحت الأرض، لم يعودوا كذلك، فالجثامين خرجت من المدافن التي كان من المفترض أن تكون مستقراتها الأخيرة بفعل قنابل الـ"إف 16" الإسرائيلية.

ان تقوم الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف تلك المقابر التي لا تحوى إلا جثث ورفات الأموات، في اعتقادي انه لم يبق أمام إسرائيل وطائراتها، بعد أن ضربت المساجد والمنازل والجامعات والمؤسسات وحتى الأراضي الزراعية، سوى المقابر والأموات لتستهدفهم وهذا ان دل على شيئ انما يدل على همجية الاحتلال الإسرائيلي وغطرسته وضرب المقابر هو إعلان إفلاس إسرائيل ، وماهو إلا دليل على أن إسرائيل لم يبق في أجندتها أو في بنك معلوماتها شيء حتى تقصفه ، فقد قتلت الإنسان والطير ودمرت الشجر والحجر وحتى الهواء، ولم يسلم منها الأموات ولم تسلم منها المقابر أيضا.
ما يحدث من إجرام في غزة مرعب، ولا يمكن أن يتخيله عقل .. أن تقصف الجثامين وتلاحق في المقابر أمر خارج استيعاب العقل .. إجرام ما بعده إجرام.

هذا العدو بقصفة للمنازل والمقابر ودور العبادة لا يتوانى عن ممارسة كل الجرائم العنصرية الفاشية ضد أبناء شعبنا، ولا علاقة له لا بالشرائع السماوية، ولا يالقيم الإنسانية والأخلاقية،

إن إسرائيل لا تحكمها قيم لذلك يجب على المجتمعات العربية والإسلامية أن تأخذ دورها الفاعل والإيجابي من أجل لجم التصرفات والهجمات البربرية التي لم ترحم أحدا حتى رفات الأموات في مقابرهم".
[email protected]

التعليقات