سياسة الاغتيالات لا تكسر المقاومة

سياسة الاغتيالات لا تكسر المقاومة
بقلم الكاتب: د. زهير عابد

استغل العدو فترات التهدئة بشكل كبير، حيث قامت الاستخبارت الصهيونية بإعادة نشر عملائها ليكونوا أكثر فاعلية، وفعلا هذا ما لاحظناه في زيادة في عدد المنازل التي تقصف على ساكنيها، وأبسط الناس فينا يعرف أن السبب الوحيد هو المعلومة الذي يقدمها العملاء للعدو بعد أن يتأكدوا من صحتها، علينا أن نكون كمقاومة وكشعب أكثر وعيا في التعاطي مع تهدئات العدو، فهو لا يهدئ من أجل سواد أعينا ليقدم لنا الخيرات والمساعدات الإنسانية كما يقول ويعتقد بعض الجهلاء، إنما لو كان الأمر هكذا لما قتل أطفالنا ونسائنا وشيوخنا، وأنا أعتقد أنه يوجد تساهل في الوعي الأمني عند الكثير منا، وهذا الذي سبب عمليات الاغتيال ووصول استخبارته إلى قادة مهمين في القسام.

إن سياسة الاغتيالات التي يقوم بها العدو الصهيوني لا تجدي نفعا له، لأن المقاومة باقية بقاء الاحتلال على هذه الأرض حتي تحرير فلسطين، وأن اغتيال القادة الثلاث أبو شمالة، والعطار، وبرهوم. رحمهم الله وتقبلهم شهداء، لا تؤثر على العمل العسكري للمقاومة كثيرا بالرغم أن المصاب كبير، إلا أن التجارب السابقة علمتنا أننا نلد قادة تلو القادة ودمائنا دائما في جديد، فقد سبق وأن اغتيل الرئيس أبو عمار، وأحمد ياسين، وأبو علي مصطفى، وأحمد الجعبري، واستمرت المقاومة بل أصبحت أقوى من ذي قبل، واستطاعت أن تلقن العدو دروسا لن ينساها في القتال، وستبقى في ذاكرته يتدارسها يوما بعد يوم.

إن سياسة الاغتيالات لا تثني المقاومة عن الاستمرار والتصدي لهذا العدوان الجبان على شعبنا وعلى أطفالنا ونسائنا وشيوخينا، إنما هي وقود لزيادة الدافع لدى المقاومة للعمل على قهر هذا العدوان والعمل على إصابته في مقتله بعمليات نوعية توجه إلى داخله حتى تؤلمه، حتى لا يشعر بالانجاز، ويقوم بتسويقه على أنه نصر كبير حققه المهزوم نتن ياهو، صحيح قد فشل بالأمس في اغتيال الضيف؛ ولكن اليوم استطاع الوصول من خلال معلوماته الاستخبارية إلى قادة عظام من عسكري القسام من خلال عيون جبانة ترصد له وتتعاون معه.

إذا يجب علينا أن ننظر بنظرة فاحصة ومتعمقة فيما حولنا عن الأسباب الحقيقية التي تجعل الكيان الصهيوني قادرا على الوصول إلى المقاومة، طبعا مما لا شك فيه وبدون تفكير أنا والجميع يقول أن السبب الرئيس هو العملاء من أبناء جلدتنا للأسف الذي يقدمون المعلومات الغالية مقابل أثمان بخسة يتقاضونها من الكيان الصهيوني، هؤلاء الجبانا يحققون للعدو ما لم يستطع تحقيقه في المواجهة العسكرية، وبتحقيق الاغتيالات يؤكد أن هؤلاء العملاء لهم اليد المقدرة على الوصول إلى ما يريدون بسهولة، وهذا ناتج عن تهاون وعدم اكتراث أمني من خطورة هؤلاء، لذا من الضروري تتبعهم والقصاص منهم في الميادين العامة ليكون عبرة لمن لا يعتبر.

العملاء ليس هم الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يحصل العدو على معلوماته بل يوجد العديد من الوسائل الأخرى والتي من أهمها مواقع التواصل الاجتماعي التي دخلت بيوتنا وبموافقتنا، والتي أصبحت مرتعا للمعلومات المجانية التي تقدم للعدو من دون مقابل، وبكميات وفيرة، والتي للأسف لا يستطيع أي جهاز أمني تتبع مصادرها أو معاقبته تحت ذريعة التواصل والتفاعل الاجتماعي.

ومن ضمن الوسائل المهمة التي تلجأ إليها أجهزة الاستخبارات هو الأحاديث والحوارات والنقاشات التي لا تنقطع في أي مكان نتواجد فيه، والتي يفتي ويدلو كل منا بدلوه فيما يعرف عن المقاومة وأماكن تواجدها ووسائلها وتسليحها، والتي تصل إلى مراكز جمع المعلومات لدى العدو، والتي يقوم العدو بتحليلها واستغلالها الاستغلال الأمثل في تتبع المقاومة.

ومن الوسائل التي يستغلها العدو في الحصول على المعلومات هي وسائل الإعلام وخاصة الصحفيين الذين ينقلون ما يحدث بالتفصيل الممل جدا، وهي معلومات خطيرة توفر على استخبارات العدو الوقت الكبير في معرفة التفاصيل، ويعتقد المراسل الصحفي أنه قدم سبق صحفي، أو قدم المعلومات التي يريدها الجمهور الفلسطيني في حين أن المستفيد الفعلي هو العدو، وأن هذه التفاصيل في كثير من الأحيان تكون أداة مضادة في التأثير على الروح المعنوي للجبهة الداخلية الفلسطينية، وخير دليل ماذا يقدم الإعلام الصهيوني من تفاصيل عن الحدث لديه، أنه يقع تحت الرقيب العسكري، ونحن نقع تحت المفاخرة بنقل المعلومة ولو كانت هذه المعلومة على حساب مصلحتنا العامة.

إن ما تقوم به المقاومة بعرض بعض من مواقعها من خلال الفضائيات هو خطأ في وجهة نظري لأننا لسنا أمام عدو يستهان بقدراته الاستخبارية وتحليل المعلومات، ونحن لسنا في ظروف عادية بل نحن في حالة حرب، وكل معلومة مهما كانت صغيرة وغير مهمة في نظرنا قد تكون مهمة وغالية جدا في نظر استخبارات العدو.

لذا علينا أن نضع الوعي الأمني دائما بين أعينا ولا نستهين به ولا نقدم المعلومات المجانية، وأن نقسم مناطقنا إلى مربعات أمنية تقوم من خلالها أجهزة الأمن بمختلفة مجالاتها بمراقبة العملاء  وتدفق المعلومات في كل الأماكن، وأن نمنع بتاتا التنقل بعد صلاة العشاء مباشرة إلا لضرورة القسوة والحالات الطارئة وتحت مراقبة رجال الأمن. وأنا هنا لست رجل أمن؛ ولكن هذه بديهيات يمكن التعامل معها، ونوصى لرجال المقاومة والأمن بالضرب فوق أعناق العملاء بدون رحمة ولا تهاون معهم، والرحمة للشهداء والنصر للمقاومة والشعب الفلسطيني.

أستاذ جامعي 

التعليقات