ما هو السر وراء "القوة العسكرية" لـتنظيم "الدولة الإسلامية"؟

ما هو السر وراء "القوة العسكرية" لـتنظيم "الدولة الإسلامية"؟
رام الله - دنيا الوطن
استغل تنظيم "الدولة الإسلامية" ضعف أجهزة الدولة العراقية ليتوسع بشكل مخيف في مناطق بعينها في هذا البلد. وظهرت قوته الضاربة بجلاء عندما قام بالاستيلاء على مدينة الموصل، حيث تم اعتبار العملية وقتها بمثابة ناقوس خطر لا يهدد العراق بمفرده وإنما المنطقة برمتها.

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما صرح بنوع من الاندهاش بأن تقدم مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق كان "أسرع مما كنا نعتقد"، كما أشار إلى أنه لا يمكن حل الأزمة في هذا البلد في بضعة أسابيع، ولم يقدم في الوقت نفسه تاريخا محددا لإنهاء الضربات الجوية التي تستهدف التنظيم.

وتفيد المعلومات المتوفرة أن التنظيم يسيطر على مناطق من سوريا والعراق. وبسطت "الدولة الإسلامية" هيمنتها بشكل شبه كامل على دير الزور والرقة في سوريا، ووردت أنباء أنه تقدم في الأيام الأخيرة على حساب مقاتلي المعارضة في ريف حلب. كما سيطر على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه.

التكتيك العسكري للتنظيم

يشرح الزميل وسيم نصر، الصحافي في فرانس 24 المختص في الحركات الجهادية، "التكتيك العسكري لـ"الدولة الإسلامية" بكونه يعتمد "حصرا على مجموعات مقاتلة صغيرة، مرنة وسريعة الحركة. وهذا يأتي نوعا ما مكملا ومطورا للتكتيكات التي كانت تعتمدها الحركات الثورية في أوساط القرن الماضي خلال المواجهات التي كانت تحصل مع جيوش نظامية، كما في الفيتنام أو في كوريا الشمالية على سبيل المثال".

ويعتبر "هذه التكتيكات، التي كانت في مواجهة جيوش تملك قوة نارية كبيرة وتكنولوجيا حديثة، لا تعتمد على السلاح المتطور ولا على التكنولوجيا بل على الاندفاع الشخصي، وهو العامل الأساسي الذي يعطي نوعا من التوازن في ميزان القوة بين الضعيف والقوي عسكريا".

وبشأن نوعية الأسلحة التي يمتلكها التنظيم، يقول نصر إن مقاتلي "الدولة الإسلامية" يتسلحون عموما بسلاح فردي عبارة عن رشاشات كلاشينكوف أو أمريكية الصنع، كما رشاشات من نوع "ب ك م" وقناصات "دراغنوف"، وبقاذفات "أر ب ج"، وبمواد متفجرة من أحزمة ناسفة وعبوات".

ويضيف أن "تقدم المقاتلين يدعم إجمالا بسيارات رباعية الدفع مجهزة برشاشات ثقيلة من نوع "دوشكا" أو23 أو غيره من المضادات الأرضية. وهم يتقدمون عموما بمجموعات لا يتعدى عديدها الأربع أو خمس مقاتلين للمجموعة الواحدة، على أن تتقدم عدة مجموعات ومن عدة محاور نحو هدف واحد".

البغدادي انتقل بفكرة "الخلافة" من التنظير إلى التطبيق

يشرح الباحث المصري، مصطفى زهران، المتخصص في الحركات الإسلامية، طبيعة التنظيم بأنه "حالة تطور ونضج واستواء في آن معا لتيار السلفية الجهادية العالمية والذي اعتمد على الجهاد كإيديولوجية والسلفية كفكرة منهجية وعقائدية، كان منبته بالأساس في العراق على يد أبي مصعب الزرقاوي الذى كان أشد قسوة وأكثر طموحا من منظرى الجهادية العالمية ممثلة في بن لادن وأيمن الظواهرى".

ويوضح زهران أن رأس التنظيم البغدادي، الذي أعلن نفسه خليفة لـ"الدولة الإسلامية"، انتقل "بفكرة الخلافة من العوالم الساحرة والتنظير الممل والدعوات الفضفاضة إلى حيز التطبيق على أرضية الواقع وإلى الممارسة الفعلية...".

ويلخص زهران تصاعد قوة التنظيم بسببين رئيسيين: أولهما "إقصاء قوى الإسلام السياسي وتعثرها عقب الربيع العربي أعاد الحياة للتنظيمات الراديكالية والجهادية في المنطقة..". أما السبب الثاني فيكمن، بحسب محاورنا، في وضع السنة في العراق.

وهذا الوضع، بحسب زهران، "دفع بهم إلى أن يتحالفوا مع الشيطان في سبيل الخروج من جحيم المالكى وطائفيته"، وهو ما أكسب "داعش"، "تعاطفا من قبل بعض الأماكن في الشارع العراقي بتوصيف "الدولة الإسلامية" والنظر إليها على كونها المخلص".

تهديدات "داعش"

يؤكد زهران "أن أكبر تهديد لـ"داعش" يكمن في اتساع رقعة هذه الدولة يوما بعد يوم وانتشار فكرها وجاذبيته لدى قطاع كبير من الشباب، فضلا عن قدرته العالية التي نتجت عن الاستفادة من تجارب التيارات الجهادية السابقة في التواصل مع الدول العربية والغربية وغيرها بعدة لغات وتوظيفه للإعلام وقدرته على استلاب العقول والقلوب ".

وإن كان التنظيم يهدد المنطقة برمتها، يؤكد زهران أن "الدولة الإسلامية، استطاعت في ظرف وجيز، "قلب الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط وإعادة رسم ملامحها من جديد أو في طريقها نحو ذلك".

وحول علاقتها بالقاعدة، يرى زهران أن "الدولة الإسلامية تأكل من القاعدة يوما بعد يوم، وهو ما يعنى أن القاعدة في طريقها نحو الزوال"، معتبرا أن "داعش" "نجحت فيما أخفقت فيه القاعدة. وكل التنظيمات والتيارات والأفراد والجماعات التابعة للقاعدة في طريقها لمبايعة خليفته".

التعليقات