الربيع العربي اختراع مغربي .. الربيع القادم طائفي

الربيع العربي اختراع مغربي .. الربيع القادم طائفي
بقلم : عبدالله عيسى

احدث الربيع العربي والذي ما زلنا نعيش أحداثه ونتائجه باشكال مختلفة بما يحدث في كل الدول التي طالها الربيع العربي بدون استثناء من فوضى وعنف وسيطرة جماعات إسلامية على الحكم كما هو الحال في ليبيا ودوامة التهديدات التي تواجهها مصر وتونس وحرب أهلية طاحنة في سوريا وعلى الأقل دوليتين منهم لا نعرف حقيقة من يحكم وأصبح لزاما على من يتوجه إلى ليبيا أن يسال :" من يريد مخاطبة الشعب الليبي يتوجه الى من ؟!".

أما اليمن فانقطعت أخباره عنا وأصبحنا نتوق لسماع أخبار هذا البلد الجميل الذي ظلم عبر التاريخ الحديث وكان يفترض أن يكون أهم بلد سياحي عربي .. لان التاريخ العربي يبدأ من اليمن.

اخر عهدنا باليمن كانت تهديدات علي عبدالله صثالح للمعارضة على شاشة العربية في برنامج أسبوعي مخصص للتهديدات ثم انقطعت أخبار البلد وعلى عبدالله صالح وأصبحنا نسمع بالحوثيين فقط والقاعدة والرئيس هادي هداه الله إلى العزلة بعيدا عن وجع الرأس وفرض الأمن في اليمن .

كان حادثا لا يحتاج لاكثر من بضعة اسطر وصورة في الصحف عندما قام الشاب البائع المتجول محمد البوعزيزي عندما شعر بالظلم والقهر بسبب إقدام شرطية تونسية على مصادرة عربته التي يعيش منها في بيع الخضار وأكملت بصفعه عندما احتج على قرار الشرطية وقد أنكرت لاحقا أنها صفعته وأقسمت أنها لم تفعل ذلك .. ولماذا الإنكار وحلف اليمين فبعض مراكز الشرطة العربية لم تعد تستعمل أسلوب الصفع لان في الصفع احترام للمواطن فأصبحت تغتصب وتنكل وتقتل وتجرجر وتسحل وتشبح وتصور ذلك وتبثه ولا أي اندهاش .

لم يكن البوعزيزي رائد الانتحار احتجاجا على ظلم او فقر او بطالة بل جاء متأخرا جدا .. كانت المملكة المغربية سباقة ورائدة في هذا المجال منذ أكثر من 6 سنوات عندما قام عاطلون عن العمل "واذكر ان عددهم خمسة  او ثلاثة "واحرقوا أنفسهم أمام إحدى الوزارات وسارعت الشرطة المغربية لانقاذ حياتهم .. منهم من احترق ومنهم من نجحت الشرطة المغربية بإنقاذه وكان خبرا عابرا في وسائل الإعلام .

تكررت حوادث إقدام عاطلين او أصحاب مظالم بإحراق أنفسهم في المغرب ولم تحرك هذه الحوادث أي ساكن سياسي او شعبي في المغرب .. قبل أن يشمر راكبوا الدراجات الهوائية في بلاد العرب عن سواعدهم وما أكثرهم باستغلال حادث بريء وركوب الموجة وقائد سباق الضاحية طبعا .. أمريكا .

أثبتت أمريكا انها مدرسة في قيادة سباق الضاحية لديها أدوات كنا نجهلها ولم أكن أتخيل سابقا أن نفوذها وتأثيرها الى هذا الحد .. معظم النخبة من رجال أعمال وسياسيين ومجتمع مدني وحربجية ومعارضة شرسة كلها لم تخرج عن الهوى .. يتكلمون بلغة واحدة وصوت واحد وصراخ واحد على الفضائيات .. الا من رحم ربي فكان صوته مخنوقا مقموعا محاربا متهما .

النكتة من يخرج عن الصف الأمريكي ويقول :" يا قوم إلى أين انتم ذاهبون " يتهم فورا بالعمالة ..أي من ينطق بلسان أمريكا وينفذ اجندتها ويحرض الشعب الى ما يهواه العم سام هو الوطني المحترم ومن يخرج عن الجوقة يتهم بالعمالة .. فجور سياسي ما بعده فجور وهي إحدى صفات المنافق إذا خاصم فجر .

عودة إلى شبان العرب وهذا الأهم .. الحقيقة إنني حزنت كثيرا لجهل بعض الشباب واعتقادهم الخاطئ تماما أن تطبيق الشعار " احرق نفسك تسقط نظاما " هو القاعدة ومن هنا كانت مأساة أخرى .

اندفع شبان في المغرب وهم " أصحاب وشيوخ الطريقة " بإحراق أنفسهم ولم يحدث ما كانوا ينتظرونه في المغرب من ثورة شعبية كما حصل بتونس لان حادثة البوعزيزي كانت بريئة ولم يكن يعلم البوعزيزي أن انتحاره حرقا سيشعل ثورة .. حادثة عابرة وهنالك من كان جاهزا لأي شرارة وكان يمكن أن تكون الشرارة أي حادثة أخرى فبدأت المحركات النفاثة الضخمة تعمل في تونس بركوب الموجه وحشد الجماهير التي تعاطفت عفويا مع مأساة البوعزيزي فتدحرجت كرة الثلج وصولا لإسقاط نظام بن علي .

وبدا الشبان في الجزائر بإحراق أنفسهم وكان عدد الذين احرقوا انفسهم بالجزائر أكثر من المغرب ومع هذا لم تحدث ثورة شعبية كانت في المغرب والجزائر احتجاجات شعبية محدودة وعفوية .

الطريف في حوادث الانتحار حرقا كان في الأردن عندما أعلن شاب على الفيس بوك انه بوعزيزي الأردن ونزل في اليوم التالي إلى دوار الداخلية حيث تجمع بضعة عشرات من المتظاهرين وجاء الشاب الانتحاري وهو يتوقع ان تبدأ ام المعارك مع الشرطة ففوجئ بالشرطة توزع العصير على المتظاهرين وأعطاه الشرطي علبة عصير .. بعد قليل نزع الشاب اليافطة عن صدره التي كتب عليها بوعزيزي الأردن وعاد الى منزله .. هذا دليل على ان الشاب البريء والذي لديه مطالب محقة بالعمل والحياة الكريمة وامثاله يتم تضليلهم بأفكار سوداء .

الأطرف كان في السعودية عندما انتشرت دعوة للاعتصام في ساحة عامة في الرياض  على الفيس بوك .. وفي الموعد نزل شاب من سيارته يحمل يافطة تطالب بالإصلاح السياسي والاجتماعي وكانت كاميرات الفضائيات حاضرة فوقف وحيدا ولم يحضر احد سواه مكث دقائق حاملا يافطة وانصرف  بسيارته عائدا إلى منزله .

كل هذه الملاحظات العامة تؤكد ان الربيع العربي كان يمكن أن يحدث نقلة مهمة على طريق إصلاح الأنظمة بدون إراقة دماء وتدمير دول بأكملها لو بقي الربيع العربي شعبيا عفويا واخذ مداه سلميا لوصل المواطن للتغيير والإصلاحات بدون إراقة دماء لشبان أبرياء .

ورغم كل ماجرى من ماسي ما زلنا نرى ونسمع عن نفخ الكير بالشر .. الأهم الآن ليس البكاء على ما حصل في بعض بلاد العرب بل أن يساهم الجميع بإعادة اعمار الدول المنكوبة وإعادة الأمن والاستقرار لتك الدول وان يختار الشاب ممثليه وقيادته بحرية وبإطار قرارات من جامعة الدول العربية إن لزم .

الآن وجدت بعض الدول وللأسف أن لعبة الربيع العربي يمكن تكرارها ولكن بدون أن يحرق احدهم نفسه وربما يستخدم الأسلوب ذاته ولكن بتأجيج احتجاجات طائفية وإثارة فتن وقلاقل دامية .. اللعبة الجديدة ليست أمريكية بل إقليمية غايتها تصفية حسابات سياسية .. باعتبار ان الدمار الحاصل في عدد من الدول العربية ليس كافيا .. والعراق قاعدة الانطلاق لماسي قادمة .

التعليقات