جرائم النازية تتكرر بغزة

جرائم النازية تتكرر بغزة
بقلم : عبدالله عيسى

يروي نتنياهو في كتابه مكان تحت الشمس والذي أصدره عام 1997 خلال فترة رئاسته الأولى للحكومة الإسرائيلية :" قام هرتزل زعيم الحركة الصهيونية بجولات كثيرة في أوروبا يبشر اليهود بإقامة وطن قومي لهم على ارض فلسطين ولكن اليهود كانوا خانغين أذلاء يرضون بحياة الذل في أحياء مغلقة ورفضوا الاستجابة إلى طلبه حتى يأس منهم فاخذ لاحقا يحذرهم من أيام سوداء قادمة عليهم في أوروبا إن لم يبادروا للهجرة إلى ارض الميعاد ".

ثم يقطع نتنياهو المشهد في حديثه عن هرتزل ويسهب في الحديث عن ضحايا النازية .

الرئيس أبو مازن محمود عباس يكمل الحكاية المنقوصة في كتابه " العلاقات السرية بين الصهيونية والنازية .. الصهيونية والنازية وجهان لعملة واحدة " وهو عبارة عن رسالة دكتوراه أعدها في موسكو بتشجيع من الزعيم الروسي بريماكوف  وتعتبر وثيقة تاريخية بلا نقاش.

قصة ضحايا النازية  هي قصة غامضة فك رموزها أبو مازن في الثمانينات ونكتفي بهذا " ويجعل كلامنا خفيف عليهم ".

وقبل سنوات التقيت مع د. نبيل شعث في مكتب الصديق المشترك رياض الحسن "الذي انشغل عن نقاشنا" وكانت وجهة نظر الدكتور شعث أن إنكار مذبحة اليهود في أوروبا  أو التشفي بها لا يفيدنا كفلسطينيين وكقضية بشيء ونحن نعترف بمعاناة الشعب اليهودي في أوروبا وهذا يتطلب من الشعب اليهودي الاعتراف بمعاناة الشعب الفلسطيني على يد قادة إسرائيل ولا يقبل أن يرد قادة إسرائيل على مذبحة اليهود بمذابح ضد الشعب الفلسطيني .

الدكتور شعث ألقى كلمة حول هذا المضمون في ندوة شارك بها جنسيات مختلفة ومنهم إسرائيليون فوجد الإسرائيليون في حديثه كلاما منطقيا يستحق الاحترام وتعالت أصوات منهم تطالب بما يطالب به شعث .

وكان حديثي والدكتور شعث على اثر ظهور بعض الأصوات الفلسطينية تتشفى بمذبحة اليهود وقد أثارت تلك الأصوات ردود فعل سيئة جدا على القضية الفلسطينية إسرائيليا وأوروبيا ودوليا ولم نحصل منها سوى مزيد من التحريض ضد الفلسطينيين ولا سيما أن قادة إسرائيل ومنهم نتنياهو الذي تكلم بكراهية شديدة عن زيارة الحاج امين الحسيني إلى ألمانيا الهتلرية .

ورسم نتنياهو في كتابه زيارة الحاج أمين الحسيني على أنها كانت تهدف إلى التنسيق مع هتلر لابادة اليهود في فلسطين بتسميم مياه المستوطنين في الأربعينات .. خزعبلات سردها نتنياهو من اجل تعميق الكراهية بين اليهود للفلسطينيين رغم أن زيارة الحاج الحسيني لهتلر في ألمانيا كانت حقيقية ولم يكذب نتنياهو في هذا ولكن الزيارة كانت من باب طلب مساعدة ألمانيا ضد الاحتلال البريطاني لفلسطين وقد فعل هذا السادات في نفس الفترة وأقام علاقات مع ألمانيا النازية وكذلك  بعض القادة من الحركة الوطنية التونسية ولكن هزيمة هتلر حال دون مساعدة ألمانيا لهم في استقلال بلادهم .

أما إن كانت هنالك مؤامرات سرية أدت لمذبحة اليهود في أوروبا للضغط عليهم للهجرة إلى فلسطين فتلك وثائق تاريخية وخفايا رد عليها أبو مازن بدقة وبتوثيق علمي في الثمانينات .

ومنذ تشكيل العصابات اليهودية على ارض فلسطين قبل عام 1948 على يد قيادات يهودية هاربة من جحيم النازية وهي تمارس نفس الجرائم وبإتقان تام أي تطبيق عملي على الفلسطينيين لما عاشوه في ألمانيا وأوروبا  واستخدام سلاح الجريمة للتخويف بهدف التهجير  كما حصل معهم في أوروبا وبعد إقامة دولة إسرائيل تواصلت نفس المجازر والجرائم الجماعية ولم يتغير سوى الأسلوب والتقنيات أي بدل أن يصطف طابور من الجيش الإسرائيلي ويطلقون النار على الفلاحين الفلسطينيين الأبرياء كما كانوا يفعلون .. لم يعد هذا الأسلوب يتناسب ولم يعد عمليا فأصبحت الطائرات والدبابات تقوم بهذه المهمة على نحو أفضل بقتل المدنيين وهدم البيوت على رؤوس أصحابها و خلال ساعات تهدم الطائرات والدبابات أحياء كاملة في الشجاعية .

سيأتي جيل إسرائيلي ذات يوم يخجل مما فعله آبائهم وأجدادهم في دير ياسين وكفر قاسم ومدرسة البقر ومذبحة الجنود المصريين في سيناء عام 1967 وفي صبرا وشاتيلا وقانا وخانيونس ومخيم الشاطئ بغزة  والشجاعية وخزاعة.. كما جاء جيل في أوروبا يخجل مما فعلته النازية بحق اليهود .

التعليقات