طيار رؤساء مصر : عبد الناصر الأقوى والسادات الأذكى ومبارك الأجرأ

طيار رؤساء مصر : عبد الناصر الأقوى والسادات الأذكى ومبارك الأجرأ
رام الله - دنيا الوطن
ثلاثون عاماً مُحلقاً فى سماء البلدان المختلفة من مشرقها إلى مغربها و من شمالها إلى جنوبها ، بدأت بمعارك حرب مصر و إسرائيل عام 67، مروراً بحرب الاستنزاف ، ثم حرب أكتوبر، اعقبتهم رحلاته مع الرئيس الراحل أنور السادات و الرئيس الأسبق حسنى مبارك .. إنه اللواء طيار محمد أبو بكر أو “الكابتن” كما يفضل أن يٌقال له ، طيار رئاسة الجمهورية الأسبق.

“الطيار المصرى عظيم على مر السنوات ، باختلاف الأنظمة و القيادات” ، هكذا بدأ اللواء محمد أبو بكر حديثه لـONA ، مستعيداً ذكريات أول مهمة يُكلف بها بعد تخرجه من الكلية الجوية عام 1967:”شاركت فى الحرب بعد الضربات المفاجئة من إسرائيل للمطارات المصرية فى 5 يونيو ، و دُمرت وقتها الطائرات المصرية على الأرض و ابيد سلاح الطيران بالكامل ، و وقعت الهزيمة بسبب سوء التنظيم و الادارة و القيادة ؛ فالضرب توالى على المطارات دون انذار مسبق من جانب القيادة الجوية لأى مطار.”

ويستكمل متأثراً:”كانت الهزيمة ساحقة و مؤلمة ، و الخسائر فادحة ، و الشهداء بالمئات”، مؤكداً على أن المشير عبد الحكيم عامرهو المسئول الأول عما حدث ، لانه وزير حربية لا يعلم مدى جاهزية قواته و ما لديهم من معدات ، واصفاً حديثه انذاك عن إمكانية دخول اسرائيل فى 24 ساعة بالـ”وهم”،حيث لم يوجد استعداد او تدريب أو تسليح مناسب مقارنة بما كان لدى العدو .

“عاد الأمل و الحماس للمصريين جيشاً و شعباً مرة أخرى مع بدء حرب الاستنزاف”، يحكى اللواء أبو بكر:”الرئيس عبد الناصر كان يزورنا بشكل مستمر ليستمع مشاكلنا ومقترحتنا، و يؤكد إنه لن يسمح بالسلام مع اسرائيل لاننا صعايدة و لازم نأخذ بتارنا”، ويضيف:”استمرت التعبئة و التدريب دون راحة لمدة 6 سنوات ، و تم تزويدنا بأسلحة و معدات و طائرات حديثة ، و كنا دائماً فى إنتظار قرار الحرب ، و عندما اعلن الرئيس السادات أن عام 71 هو عام الحسم و مرت دون أن يحدث شئ، اثر ذلك على معنويتنا ، ولكن مع حلول يونيو 73 شعرت بقرب قيام الحرب ، بسبب التفتيش المستمر على التدريبات تحديدا من قائد القوات الجوية اللواء حسنى مبارك ، و حديثه مع قادة المطارات عن تولى رجال أقوياء على الجبهة، إضافة إلى زيارته للمطارات 3 و 4 الفجر”.

“ما اُخذ بالقوة لن يُسترد بغير القوة” .. كلمات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التى يتذكرها اللواء أبو بكر دائماً و يؤمن بها ، و هى ما جعلته يتأكد من الانتصار على إسرائيل فى حرب أكتوبر:”كنا على يقين اننا هننتصر فى الحرب ليس فقط للتسليح القوى و التدريب المستمر و الاستعدادت و الخطط التى دبرها رجال عباقرة ، و لكن بسبب حماس و شجاعة الجنود المصريين و رغبتهم فى الأنتقام و أخد حقهم ، خاصة أمام ما وجدناه من رفاهية يتمتع بها الجنود الاسرائيلين “.

بوش وانا بالطائره ممتازه

عام 1977 انتقل اللواء أبو بكر من سلاح المقاتلات إلى سلاح المواصلات ، ثم رشحه قائده لتولى منصب طيار رئيس الجمهورية ، و ذلك لانضباطه و كفائته و أخلاقه و مشاركته فى الحروب الثلاث – حسبما يقول ، ويتابع:”خلال فترة عملى مع الرئيس السادات لم يتحدث فى الطائرة عن أسرار أو قرارات قادمة، وتركز الحديث على المؤمرات التى تتعرض لها مصر، ومحاولات الزج بالجيش المصرى فى صراعات، و كان عصبياً عند رجوعه من اتفاق أو مؤتمر مع الجانب الاسرائيلى” ، مشيراً إلى أن وزيرى الحربية و الخارجية هم المرافقين له دائماً.

يقف بجانب مكتبة منزله، التى تضم صور تجمعه برؤساء دول أبرزهم “جورج بوش ، حافظ الأسد ، بعض الوزراء ، الرئيس الأسبق حسنى مبارك”، الذى استكمل الحديث عنه :”استمريت فى منصبى بعد اغتيال السادات بالعمل مع مبارك ، و هو رجل عظيم و محب لوطنه ، و له فضل كبير فى انتصارنا خلال حرب اكتوبر، وكان حديثه يتركز على تنمية الاقتصاد و السياحة و انشاء المشروعات، وبالفعل شهد عهده الكثير من الانجازات لكن الفساد كان واضحاً ؛ فمشكلته هى الاستمرار فى الحكم كل هذه الفترة ، رغم علمى إنه قرر ترك المنصب بعد وفاة حفيده ، لكن تراجع بعد أن استمع للمنافقين من حوله، الذين قالوا له “لو مشيت البلد هضيع” ، و كان زكريا عزمى ، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية انذاك ، يرافقه بشكل شبه دائم .”

ويتذكر أبو بكر “لم ارى مبارك منفعلاً بدرجة كبيرة إلا عند عودته من الأقصر بعد الحادث الارهابى،الذى اودى بحياة 60 سائح عام 97؛ فقام بمهاجمة وزير الداخلية و اتهمه بالتقصير فى مواجهة التطرف” ،مشيراً إلى أن “مبارك” كان يفضل القيام بزيارات مفاجئة، ويضيف:”كان يأمُر أن تكون كابينة الطيار مفتوحة ليتابع وجهه إذا كان مرتبك ام لأ ، كما أمر أكثر من مرة بأن يستقل أبنائه الطائرة الرئاسية خوفاً عليهم من الاغتيال”.

وعقب استعراضه الجوائز و الأوسمة وأنواط الشجاعة التى حصل عليها، يستأنف حديثه :” الامارات و السعودية هى أكثر دول كانت مرحبة بالوفود المصرية و مفضل زيارتها من جانب الرئيسين و تمتعت بعلاقات جيدة مع مصر خلال حكمهما ، وهكذا فرنسا من الدول الأوروبية ، أما عن فلسطين ؛ فكلاهما ساند و دعم القضية الفلسطينية ، لكن مبارك كان يؤكد على ضرورة غلق المعابر لمعرفته بمخطط حماس ضد مصر.

وحول زيارته الثلاث لاسرائيل،يقول:” زرت اسرائيل ثلاث مرات؛ الاولى لتل ابيب أثناء مؤتمر البعثة الدبلوماسية لحل أزمة طابا فى عام 1882، والثانية لمطار الجورة على الحدود بين مصرو اسرائيل عام 1989 ، و الثالثة لميناء ايلات فى العام نفسه، وكان الشعب الاسرائيلى يرى أن المصريين هم دعاة الحرب ، ويؤمنون إيماناً قاطعاً بأن لاسرائيل حق حكم دول ليس من النيل للفرات – كما يدعى البعض- فقط ، و لكن حتى أقصى ما يستطيع الجندى الاسرائيلى الذهاب إليه”.

انا مع مبارك داخل الطائره

و يؤكد أبو بكر أن الشعب الامريكى و الاسرائيلى كان يعشق و يحترم الرئيس السادات:” اتذكر خلال حديثى مع أحد مسئولى تدريب الطيران فى الولايات المتحدة و سؤالى له عن من سينتخبه فى الانتخابات القادمة ريجين أم كارتر قال لى سأنتخب السادات لانة رجل محب للسلام،لكن كانوا يكرهون مبارك لانه رفض إنشاء قواعد عسكرية للولايات المتحدة فى مصر، أما هو فتمسك تجاههم بمبدأ “علاقتنا بهم المساعدات مقابل التسهيلات” ، حيث تتمتع الولايات المتحدة بحرية الحركة فى قناة السويس مقابل المساعدات التى تقدمها لمصر”، و التى يذكر “أبو بكر” عندما جاء”مبارك” لتفقد إحدى الطائرات الامريكية المقدمة ضمن تلك المساعدات انفعل و طلب برد الطائرة مرة أخرى لأنه وجد خريطة الطائرة لا تحتوى على حلايب و شلاتين و رفح ، و الجانب الامريكى برر ذلك بأنه خطاً غير مقصود.

ومن خلال تعامله مع ثلاث رؤساء ، يرى “ابو بكر” أن عبد الناصر كان يتميز بشخصية قوية، مسيطرة، وعينين نافذتين لم يستطع النظر لهما إلا لثوانى معدودة ، أما السادات فوصفه بالـ”عبقرى” ، حازم ، متدين، وعصبى ، بينما اكد أن مبارك تميز بجرأته و تحمله الجسمانى و النفسى و ذاكرته الفولاذية.
و عن الفريق احمد شفيق الذى عمل معه قرابة الـ 15 عام ؛ فيراه “رجل وطنى”،مؤكداً على أن كل ما يقال عن إستيلائه على أموال المطار أو قضية أرض الطيارين التى اتُهم فيها ، هى مجرد “افتراءات و كذب” ، مشيراً إلى أنه كان يتمنى أن يفوز “شفيق” فى انتخابات 2012.

و بسؤاله عن رؤيته لثورة 25 يناير و ما اعقبها ، قال”أبو بكر” بملامح متحيرة :”توقعت قيام ثورة 25 يناير و كنت مؤيد لها ، لكنها اتخذت مسار خاطئ و البلد ساء اقتصادها و سياحتها انهارت، وجاء حكم المجلس العسكرى لينقذ البلاد من الوقوع فى حرب أهلية ، لكن كان هناك بعض الأخطاء ، أما حكم الاخوان فكان الاسوأ فى تاريخ مصر ، وعاد بنا سنوات للوراء، و يحتاج لمدة طويلة للتعافى من ما احدثوه ،ذلك لتحالفهم مع كل القوى التى أصبحت الآن معادية لمصر مثل الولايات المتحدة و قطر و تركيا و و حماس وداعش “، مضيفاً:”السيسى سيذكر له التاريخ أنه أخذ قرار إنهاء “مصيبة” الاخوان و إحباط مخططاتهم ، و اراه الأكثر جدارة بهذا المنصب و هو رجل المرحلة القوى”.

و بعد 30 عاماً من المهام الصعبة بداية من الحروب وصولاً إلى مسئوليته عن حياة رئيسين .. ترك اللواء طيار محمد أبو بكر منصبه عام 1998 ، و تفرغ إلى القاء المحاضرات بمعهد الطيران المدنى و الاستعداد لنشر مذكراته،التى تحمل عنوان “أسرار طيار الرئيس” بعد موافقة المخابرات المصرية ، مشيراً إلى أنه لم يقابل أو يتحدث مع الرئيس الاسبق مبارك منذ هذا الوقت ، لكنه سيقوم بزيارته قريباً .

ويختتم حديثه بتوجيه رسالتين ؛ الأولى للرئيس السيسى :”احترس من معاونيك و لا تجعلهم يظلوا فى المنصب طويلاً ، و احذر المنافقين”، والثانية للمواطنين :”ارحموا الرئيس و تعاونوا معه و حاسبوه إذا اخطأ ؛ فمصر مسئولية الجميع و ليس فرد واحد “.

نقلا عن وكالة أونا 

 


التعليقات