عريضة تطالب الصليب الأحمر بالغاء مؤتمر مشترك مع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي

رام الله - دنيا الوطن
نطالب اللجنة الدولية للصّليب الأحمر بفرعيها في فلسطين المحتلة عام 1948 والمحتلة عام 1967، بإلغاء المؤتمر المشترك تحت عنوان "تحديات القتال في الأماكن المكتظة سكانيا"، والذي تنظمه في الرابع من أيلول 2014 بالشراكة مع معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، والاعتذار ومحاسبة المسؤولين في المؤسسة الدولية عن تنسيق وتمويل المؤتمرات السابقة.

 

يعتبر معهد دراسات الأمن القومي INSS تل أبيب، "خزان التفكير" الأكثر تأثيراً في صناعة السياسات العسكرية والأمنية للمؤسسة العسكرية "الإسرائيلية"، ويتحمل العاملون فيه المسؤولية عن كلّ جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش "الإسرائيلي". هذا بالإضافة إلى كون رئيس المعهد الجنرال عاموس يدلين - رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق- مطلوب للعدالة لإرتكابه جرائم حرب في غزة ومذبحة سفينة مرمرة التركية.

 

إنّ الرعاية المشتركة لمؤتمر "تحديات القتال في الأماكن المكتظة سكانياً" على مدار الأعوام السابقة بالإضافة إلى المؤتمر المنوي عقده في بدايه شهر أيلول لا يمكن قراءتها سوى أنها وسيلة لتوفير غطاء شرعيّ وقانونيّ للسياسات الإجرامية التي يقوم معهد دراسات الأمن القومي بتوصيتها، ويتم تطبيقها لاحقا على الأرض بقتل المدنيين الفلسطينيين.

 

يقول الصّليب الأحمر أن من مهامه "التشجيع على تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني وتذكير الجهات المتنازعة بتلك القوانين"، وهنا يحق لنا السؤال: هل مشاركة مؤسسة شبه رسمية إسرائيلية مختصة بالشؤون الأمنية والعسكرية هو من باب التذكير بقوانين الحرب؟ أم هو خروج فضائحي عن مبدأ "الحيادية" الذي تدعيه اللجنة الدولية؟ ألا يستلزم الحياد الذي تدعيه منظمة الصليب الأحمر أن تذكر بتلك القوانين دون أن تصبح طرفاً شريكاً مع من ينتهكها جهاراً نهاراً؟ ولنا الحق أن نسأل، هل ترسل منظمة الصليب الأحمر رسائل لتذكير "إسرائيل" بكم القوانين والقواعد الانسانية الدولية التي انتهكت في العدوان الأخير على غزة، أم يكتفي موظفوها في تل أبيب بطأطأة رؤوسهم إعجاباً بمحاضرات ضباط جيش الاحتلال المفتخرين بأسلحتهم وجرائمهم في مثل هكذا مؤتمر؟!

 

وهنا لا بدّ لنا من ذكر الشكاوى التي تعالى صوتها من أهلنا في قطاع غزة المحاصر بشأن تقاعس الصليب الأحمر في إخلائهم، وبخاصة في حي الشجاعية وبلدة خزاعة، حيث وقعت مجازر دموية بحق المدنييين. وقد نقلت مواقع إعلامية تسجيلات صوتية وشهادات حيّة من أهالي حي الشجاعية يقولون فيها إن موظفي الصليب الأحمر تهربوا من الردّ على اتصالات الأهالي، وأن رقم الهاتف الذي نشره الصليب الأحمر لاستقبال اتصالات الناس كان مغلقاً غالب الوقت. هذا وتعرّف اللجنة الدولية للصليب الأحمر إحدى مهامها بمساعدة "المدنيين على عبور خطوط المواجهة أو تزويدهم عبر الحدود بالمواد الأساسية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة".

 

وقد يتعذر الصليب الأحمر أن ظروف العدوان على غزة والقصف العنيف قد منعه من أداء مهامه، وإذا قبلنا هذا العذر القبيح، فكيف يمكننا قبول أي عذر حول المشاركة في التخطيط والتمويل لمؤتمر كمثل المؤتمر المذكور. بحسب موقع المعهد الإسرائيلي يهدف المؤتمر إلى البحث عن "طرق مبتكرة لتحسين وتعزيز حماية المدنيين، وسط ظروف يتم فيها القتال في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، ويسعى المؤتمر إلى إثارة الوعي والانتباه حول مدى ملاءمة العقائد العسكرية لما ينص عليه القانون الدولي في التعامل مع المدنيين".

 

هذا الهدف وإن كان يبدو "عادياً" في ظاهره، إلا أنه يخفي وراءه ملامح "فضيحة" لمنظمة تعتبر نفسها منظمة انسانية مستقلة وحيادية. فكيف لمؤسسة مثل الصّليب الأحمر المشاركة في مؤتمر يفخر فيه، وبكل وقاحة، ضباط كبار في جيش الاحتلال سبق وارتكبوا "جرائم حرب"، بالوسائل التكنولوجية التي طوروها لاستخدامها في الحرب، والتي يدعي الاحتلال أنها طوّرت من أجل استهداف "الإرهابيين" وحدهم دون الاضرار بالمدنيين، ليأتي العدوان على غزة فيما بعد ويظهر كذبهم، ويثبت الاستهداف المقصود والممنهج للمدنيين. ألا يفترض بالصليب أن يحافظ على مساحة واحدة من كافة الأطراف، كما يقول؟ إن المساحة بين الصليب وجيش الاحتلال متمثلاً بوجهه الأكاديمي البحثي في معهد دراسات الأمن القومي تكاد تكون منعدمة، بل تتحول إلى دردشات ومجاملات وإطراءات تجري على حساب دماء الأبرياء.

 

ومن هنا فإن هذه العريضة تطالب المؤسسات الحقوقية بأخذ موقف جادّ من هذا التعاون المكشوف والمفضوح بين مؤسسة إنسانية دولية وبين أحد أذرع دولة الاحتلال العسكرية، وتدعوها للتوقيع عليها والضغط باتجاه إلغاء هذا المؤتمر المشترك.

 

ما هو معهد دراسات الأمن القومي؟

معهد دراسات الأمن القومي هو معهد دراسات إسرائيلي يختص في الدراسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، ويضمّ عدداً من كبار ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي يعملون في مكاتبه كباحثين ومخططين استراتيجيين. يقول المعهد في صفحة التعريف عن ذاته على الشبكة العنكبوتية إن من مهامه "خدمة صانعي القرارات في إسرائيل على اختلاف درجاتهم ومهماتهم، واقتراح حلول إبداعية لتحديات الأمن القومي التي تواجهها إسرائيل". ويقدم المعهد بحسب الموقع، خدماته للعسكريين والجهات الحكومية وكبار المخططين الاسراتيجيين، والتي تأتي في صور عدة كالجلسات الإرشادية المغلقة، وجلسات المحاكاة، والمشورة. عدا عن ذلك، يعقد مدير المعهد اجتماعات دورية دائمة مع رئيس الدولة، رئيس الوزراء، رئيس الأركان، ووزير الدفاع. ويسعى المعهد عبر شبكة من العسكريين السابقين والحاليين، والعاملين في المجالات الأكاديمية والمجالات السياسية إلى تطوير نظريات واستراتيجيات عسكرية جديدة تلاءم التحديات الجديدة والتطورات في الميدان، بحيث تضمن لجيش الاحتلال الاستمرارية وتجدد من أساليبه.

يمكن وصف المعهد بأنه أحد المطابخ العسكرية العديدة التي تصنع فيها تفاصيل وتكتكيات الحروب والعدوان على شعبنا الفلسطيني. ويعتبر المعهد أداة بيد "إسرائيل" لتحسين خططها العسكرية. 

التعليقات