تقرير: فلسطينيو الداخل المحتل عام 48 في مواجهة العنصرية الإسرائيلية

تقرير: فلسطينيو الداخل المحتل عام 48 في مواجهة العنصرية الإسرائيلية
رام الله - دنيا الوطن
لم يكن من الغريب اطلاق  بعض القنوات الفضائية لقب "اسرائيليون من أصول عربية" على أهلنا في الداخل الفلسطيني ففي ظل الحرب الطاحنة التي تشنها السلطات الإسرائيلية في ظل تواطؤ غربي وصمت دولي وعربي تجاه الانتهاكات التي تمارس بحق الفلسطينيين بات من الطبيعي أن نسمع مثل هذه المسميات.
ففي الوقت الذي نسمع فيه بعض الأبواق الإعلامية في بعض الدول العربية تدعو الى ضرب المقاومة وتبرر لإسرائيل حقها في "الدفاع عن النفس" متجاهلة جرائم الحرب التي تقوم بها اسرائيل ضد الفلسطينيين، فليس من الغريب أن نسمع من يطلق على فلسطينيو الداخل المحتل عام 48 "اسرائيليين من اصول عربية".
 
هجمة شرسة على فلسطينيي الداخل المحتل عام 48:
 
في أعقاب استشهاد الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير والذي قامت مجموعة من المستوطنين بقتله بدم بارد وعدامه حرقا، ظهرت هناك بعض الأبواق الصهيونية التي تطالب بالإنتقام من الفلسطينيين عن طريق خطف وقتل المزيد منهم وبالفعل كانت هناك بعض المحاولات للخطف والقتل في القدس وأخرى في مدينتي قلنسوة وأم الفحم وقرية عرعرة في الداخل الفلسطيني وقد أدت هذه الممارسات العنصرية الى خلق حالة من الغضب في الشارع الفلسطيني في الداخل تمثلت في مظاهرات شعبية قادها شبان فلسطينيون غاضبون نصرة لدماء الشهيد أبو خضير وخوفا من تكرار مثل هذه الجرائم في بلدانهم.
وقد رافق هذه الأحداث موجة من التصريحات الإسرائيلية الرسمية التي هاجمت قيادات الداخل بشراسة متهمة اياهم بالوقوف وراء هذه الأحداث من بينهم الشيخ رائد صلاح الذي منعته الحكومة الإسرائيلية من دخول الضفة الغربية والقدس المحتلة كما ومنعته مؤخرا من السفر للخارج. كما وقد تم الاعتداء على أعضاء الكنيست العرب منهم جمال زحالقة وحنين الزعبي هذا فضلا عن الدعوات المتكررة لإخراج الحركة الإسلامية عن القانون في محاولات واضحة لإيقاع الداخل الفلسطيني في مؤامرة تدفع به للقيام بثورة غير واضحة المعالم من أجل القضاء عليها بسرعة في ظل تسارع الأحداث اقليميا ودوليا وسط صمت وعربي ودولي منقطع النظير.
 
اعتقالات واسعة:
 
طالت حملة الإعتقالات التي شنتها السلطات الإسرائيلية أعدادا كبيرة من أهالي الداخل الفلسطيني عام 48، فعقب استشهاد الطفل محمد أبو خضير وما تبعه من محاولات عديدة لخطف عدد من الأطفال في بعض المدن والقرى الفلسطينية في الداخل الفلسطيني انطلقت مواجهات ومظاهرات عنيفة شملت معظم مدن وقرى الداخل الفلسطيني في الجليل وكفر كنا وطمرة وسخنين وطرعان وحيفا وام الفحم وعارة وعرعرة وباقة الغربية في المثلث الشمالي وجت وقلنسوة والطيبة والطيرة في المثلث الجنوبي ورهط واللقية في النقب.
 فقد أظهرت معطيات نشرتها شرطة الاحتلال ألإسرائيلي أنها قامت باعتقال 931 مواطناً فلسطينياً من مدينة القدس والداخل المحتل وذلك منذ مطلع شهر تموز (يوليو) الجاري بتهمة المشاركة في عمليات اخلال النظام والقانون. وقد كان من بين هؤلاء 636 شابا فلسطينيا من البلدات والمدن العربية في الداخل الفلسطيني حيث قدمت لوائح اتهام بحق العشرات منهم.
 
حملة تحريضية غير مسبوقة وحالات طرد من العمل ضد فلسطينيي الداخل:
 
مع انطلاق المواجهات الأخيرة في الداخل الفلسطيني تصاعدت حملة التحريض غير المسبوقة من قبل الاسرائيليين ضد العمال والموظفين العرب، تطالب بطردهم من أماكن عملهم لدى المشغلين اليهود، بسبب موقفهن المعادي للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وقد تأكد فصل عدد من العمال الفلسطينيين من قبل العديد من الشبكات الإسرائيلية، اما بسبب اعجاب (لايك) تم وضعه على صفحات التواصل الاجتماعي تدين العدوان والجرائم البشعة التي يرتكبها جيش الإحتلال في غزة، أو كتابة تعليق حول الموضوع.
وتشير مختلف المعطيات إلى إقدام اسرائيليين وموالين لهم، على مراقبة صفحات العمال العرب والبحث فيها وتتبعها، وفي حال وجدوا ما يخالف جيش الإحتلال، يقومون بنشره ومطالبة المشغلين بفصل العمال .
ودفعت أحد الإسرائيليين بدخول صيدلية صاحبها يهودي، وتصوير فتاة عربية يعمل والدها هناك، ومهاجمتها لأنها قامت بوضع “لايك “على “ستاتس” يتطرق الى مقتل جنود اسرائيليين في غزة، وقام بالتفاخر بتصوير الفتاة والتطاول عليها، ونشرها على الصفحات المعادية للمواطنين العرب التي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي. 
وفي حالة أخرى استقل شاب من الفريديس القطار من منطقة يفنه وكان يجلس بجانبه جندي وفي المقعد المقابل جندي آخر وخلال السفر يقول الشاب كان يستفزني فمرة كان يضرب يدي ورجلي وهو يريد ان أرد عليه لكن لم أفعل واذا به يخاطب الجندي الاخر ويقول له "على بالي أن أطلق عليه رصاصة "בא לי לשים לו כדור ويضيف مشغل الشاب قام العامل ونزل من القطار قبل موعده فرارا واتصل بإدارة القطارات وأعلمهم بالأمر فقالوا له سنحقق بالموضوع وما زال ينتظر التحقيق الذي يبدو أنه لن يكون.
هذا فضلا ًعن العديد من محولات الاعتداء على شبان وشابات عرب من الداخل سواء بإلقاء الحجارة على سياراتهم أثناء مرورهم من المدن والقرى اليهودية او بالإعتداء عليهم في الأماكن العامة والجامعات كل هذا وسط مراقبة ورضى من الجانب الرسمي الإسرائيلي الذي لا يحرك ساكناً تجاه مثل هذه الإعتداءات على العكس تماما بل يحرض عليها بشكل غير مباشر عبر تصريحات هنا وهناك لبعض نواب الكنيست الذين هم جزء من منظومة الحكم الإسرائيلية.
 
وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان يدعو لمقاطعة المتاجر العربية:
 
دعا وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان عبر صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك" اليهود إلى مقاطعة العرب الذين تضامنوا مع غزة والامتناع عن شراء بضائعهم عقابا لهم على موقفهم مع غزة .
حيث قال على صفحته : "أدعو الجميع إلى الامتناع عن شراء حاجياتهم من المحال التجارية او المشاغل القائمة في الوسط العربي و التي أغلقت أبوابها استجابة للإضراب التضامني مع سكان غزة ضد عملية الصخرة الصامدة".
 وتهدف هذه الدعوات العنصرية والعدوانية والانتقامية الى معاقبة وقمع مجتمع يقوم بواجبه الإنساني والديني والوطني تجاه إخوانه في غزة ففي الوقت الذي يدعو فيه "ليبرمان" لمقاطعة المتاجر العربية نجد رئيسه "نتنياهو" يعلن عن "شن حرب مضادة" على حملات مقاطعة منتجات المستوطنات التي تقوم بها جمعيات أوروبية، كما وسبق لحكومته أن سنّت قانونا سلب فلسطينيو الداخل حقهم في التعبير عن مقاطعتهم لمنتجات المستوطنات.
 
الشبكة الأوروبية ولجنة الحريات : فلسطينيو الداخل عام 48 جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني:
 
من جانبها أدانت الشبكة الأوروبية الإعتقالات والإعتداءات الممنهجة ضد أبناء الداخل المحتل عام 48 والتي تعكس الطبيعة العنصرية لدولة الاحتلال التي تتفنن في انتهاك القوانين الخاصة بها علاوة على القوانين والمواثيق الدولية.
فبالإضافة الى  الظروف المعيشية والإقتصادية الصعبة والتهميش الذين يخوضون له، يتعرض فلسطينيو الداخل المحتل الى حملة عنصرية غير مسبوقة تستهدف الحريات العامة  بشكل أولي من اعتبارات مثل "الفوقية" و"الدونية" في انتهاك تام للإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948  والذي ينص على مبدأ المساواة والكرامة الإنسانية المتأصلة في كافة بني البشر وهي مبادئ وحقوق أصيلة وغير قابلة للتصرف.
وعبرت الشبكة الأوروبية عن بالغ انشغالها ازاء تصاعد المحاولات المباشرة والغير مباشرة لضرب الهوية الفلسطينية لفلسطيني الداخل  ونزع انتماءهم للوطن الأم. وتأكد الشبكة الأوروبية أن فلسطينيو الداخل عام 48 جزء لا يتجزأ من شعب فلسطيني واحد يسعى للحرية والإستقلال.
 

التعليقات