التــهدئـة المـأمـولـة

التــهدئـة المـأمـولـة
التهدئة المأمولة
وجهة نظر
بقلم لواء ركن / عرابي كلوب

أكثر من خمس سنوات ونصف مضت على الحرب الإسرائيلية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في ديسمبر 2008 , ويناير 2009 , والتي أسمتها بعملية
( الرصاص المسكوب ) وأقل من عامين شنت إسرائيل حربها الثانية على القطاع في نوفمبر عام 2012م وأسمتها ( عامود السحاب ) والآن تأتي الحرب الثالثة في تموز 2014م والتي أسمتها ( الجرف الصامد ) .
حيث من الملاحظ أن بعد كل حرب تقوم إسرائيل على قطاع غزة يرافقها بعض الدعوات الدولية والإقليمية لوقف هذه الحرب وعدم إفراط إسرائيل باستخدام القوة وكذلك دعوة الفصائل الفلسطينية إلى إيقاف إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية .
ومن خلال هذا الهجوم الشرس على قطاع غزة وسقوط المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى والتدمير الممنهج للمساكن والبنية التحتية والمستشفيات والمساجد والمدارس وتدميرمضخات الصرف الصحي ومحطة الكهرباء وتدمير الإقتصاد الفلسطيني, نلاحظ تصريحات لقادة العدو الصهيوني بأن هذه الحملة قد بدأت في تحقيق أهدافها وأنه جاري لترتيب وقف إطلاق النار وسوف نعطي المفاوضات السياسية وقت لانجاز ذلك وإعطاء مهلة لجهود الوساطة الإقليمية والدولية .
أعتقد أن الحاجة إلى وقف إطلاق النار تتنامى كل لحظة لأنه لا أحد يرى هدفاً مفيداً من استمرار هذه الحرب وهنالك رغبة معلنة أو خفية لكلا الأطراف إلى وقف فوري لإطلاق النار ,حيث أن كثيراً من الإسرائيليين غير مقتنعين أصلا بجدوى عملية ( الجرف الصامد ) أو بأي من أهدافها ويطالبون بالوقف الفوري لها بأي شكل ممكن للتسوية السياسية , والكل يؤكد أنه لابد من العودة إلى تفاهمات عام 2012م والتي تمت بعد تنفيذ إسرائيل عملية ( عامود السحاب ) .
أن القبول بالتهدئة ووقف إطلاق النار يعني أن الطرف الإسرائيلي أدرك بما لا يدعي مجالاً للشك ضرورة إعادة النظر في جدوى هجومه دون إعادة النظر في أهداف الهجوم المتمثلة في كبح تنامي المقاومة الفلسطينية .
وتحاول مصر التوسط في هدنة إنسانية مؤقتة تبدأ مع نهاية شهر رمضان ,على أمل أن تسهل محادثات لوقف إطلاق النار.
وفي خضم الحديث عن قرب التوصل إلى التهدئة بين الطرفيين برعاية مصرية تسارعت وتيرة الأحداث على الأرض لكسب الوقت فقد أصدر رئيس وزراء العدو الإسرائيلي تعليمات لقواته بالبدء في العملية البرية على حدود قطاع غزة , حيث كثف الطيران الإسرائيلي من غاراته وقصفه لمختلف مناطق القطاع والأبراج والشقق السكنية لإيقاع أكبر عدد من الضحايا والإصابات والتدميرفي كل المواقع والممتلكات والأراضي الزراعية مقابل ذلك فقد ظلت صورايخ المقاومة الفلسطينية تطلق حتى اللحظة الأخيرة باتجاه المدن الإسرائيلية في العمق , رداً على استمرار العدوان على غزة .
أن توقف العدوان على غزة يأتي بعد أيام مكلفة من الدمار وبعد تفاهمات وتدخلات أطراف عربية وأمريكية وأوروبية لضمان موافقة كل الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية على التهدئة ووقف الهجوم على غزة ,والتحدي الآن هو حمل الجميع على قبول اتفاق يجعل كل جانب من الأطراف يخرج وكأنه المنتصر الأول من هذه الحرب التي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 1150 شهيد وحوالي 6000 جريح وتدمير أحياء بكاملها وخسائر تقدر بمئات الملايين من الدولارات.

أن الأيام القادمة سوف تشهد اتفاقاً جديداً للتهدئة في المنطقة مرتكزاً على تفاهمات عام 2012م حيث لابد أن يرى شعبنا الفلسطيني نتائج هذه التهدئة في رفع الحصار الظالم عن القطاع وفتح معبر رفح البري الشريان الرئيس مع العالم الخارجي وإدخال مواد البناء لإعادة اعمار قطاع غزة من جراء هذا التدمير الممنهج حيث يحتاج القطاع إلى عدة سنوات من أجل إعادة هذا الإعمار ووقف عمليات الاغتيالات و الالتزام الدقيق بتطبيق ما تم التفاهم عليه في القاهرة في عام 2012م وفي ضوء ذلك تضمن التهدئة وقف العدوان الإسرائيلي المتكرر على شعبنا حيث أنه لا داعي أن ينتظرشعبنا سنتين أو ثلاث أخرى كل مرة ليعود العدوان من جديد ويستمر مسلسل القتل والتدمير لشعبنا .

التعليقات