شهادات حيّة مروعة : مراكز الإيواء تستصرخ.. لا طعام ولا دواء ولا فراش

شهادات حيّة مروعة : مراكز الإيواء تستصرخ.. لا طعام ولا دواء ولا فراش
رام الله - دنيا الوطن- أكرم اللوح
تتواصل مأساة أهالي قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل لليوم الحادي والعشرين والذي راح ضحيته وفقا للمصادر الطبية الرسمية أكثر من 1050 شهيدا إضافة إلى ما يزيد عن الستة آلاف جريح.
المجازر الاحتلالية بحق العائلات الغزية دفعت الآلاف للنزوح من مناطق القتال على حدود قطاع غزة واللجوء إلى مراكز الإيواء كمدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين أو جميعات ومؤسسات أهلية فلسطينية تقدم خدمات للمشردين بإمكانيات متواضعة لا تكفي الحاجة أو حجم وهول الكارثة.
التجول داخل مراكز الإيواء التابعة لوكالة الغوث كشف عن كارثة أخرى حقيقية لا تقل خطورة عن مجازر الاحتلال بحق المشردين الذين لا حول لهم ولا قوة، فهناك في زوايا المدرسة عشرات المسنين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، أطفال فقدوا ملامح الطفولة وبدت عليهم مشاعر البؤس والإرهاق، نساء يقضين ليلتهن سهرا بجانب أطفالهن المفزوعين من قصف لا يتوقف، مرضى يموتون ببطء شديد لعدم توفر العلاج والرعاية الصحية، أمراض كـ "الجدري" وغيرها بدأت في الانتشار، مواطنون يفطرون بكسرات من التمر والخبز الجاف ولا يجدون ما يتسحرون عليه، يناشدون المؤسسات ووكالة الغوث والحكومة والمسؤولين ولكن لا حياة لمن تنادي".
عيسى العالم منسق حملة شارك شعبك (أصوات من غزة) عن المحافظة الوسطى يقول لـ "الحياة الجديدة" حجم الكارثة يفوق إمكانياتنا المتواضعة فلدينا 180 متطوعا موزعون على مراكز إيواء بالمنطقة الوسطى ولكن عدد النازحين كبير جدا ويحتاج لجهود دولة" ويضيف العالم: "وفرنا الكثير من المساعدات للأسر المشردة ولكن لدينا أكثر من 15 ألف نازح لا يسأل بهم أحد والاونروا لا تقدم شيئا وتتجاهل طلباتنا بمساعدة هؤلاء المشردين".
وفقا لناشطين بالمجال الإنساني "يوجد تسعة مراكز للإيواء في المنطقة الوسطى يحتوى كل مركز على 1500-2000 نازح ويدير كل مركز اثنان من موظفي الاونروا يقومون فقط بتسجيل الأسماء، حيث تعاني تلك المراكز من نقصف في - النظافة والمياة والفراش والرعاية الصحية والطعام والأدوية والمراقبة والأمن والمتابعة.
الحاجة أم سعيد تقيم في أحد مراكز الإيواء بالمنطقة الوسطى تقول لـ "الحياة الجديدة: "حصلن من الاونروا على فرشة واحدة ويتناوب جميع أفراد العائلة على النوم عليها، الأمر الذي دفع ابنتي صاحبة الـ15 عام للتوجه إلى منزلنا على الحدود الشرقية لقطاع غزة لجلب أمتعتنا من المنزل ولكن استهدفتنا قذيفة إسرائيلية فمزقت جسدها وأردتها شهيدة".
يشرح الناشط عيسى العالم مصاعب النازحين في مراكز الإيواء قائلا :" المراكز مكشوفة وأصيب ثلاثة أشخاص بشظايا احد الصواريخ قبل أيام وكسرت يد أحد الأطفال وسقطت سيدة كبيرة في السن نتيجة الارباك وأصبحت شبه مقعدة والمؤسف لم يتلق هؤلاء العلاج رغم مناشدتنا لوكالة الغوث توفير ما يلزم لهؤلاء المشردين".
الناشط الممرض ممدوح أبو صالح مدير مركز سواعد الشبابي وقائد مركز النازحين في مدرسة بنات دير البلح الإعدادية :" نحن في المركز نقدم خدمات طبية وإغاثية للنازحين، نوفر الحليب ووجبات الافطار وحفاظات الأطفال ولكن حجم النازحين كبير وامكانياتنا بسيطة والأزمة الإنسانية ليست على حدود غزة بل هي هنا في مراكز الإيواء وعلى الجميع الالتفات لهذه الكارثة قبل أن تتفاقم نتيجة الإهمال والتجاهل من قبل جميع المسؤولين".
المريض أحمد (17 عاما) يقيم في احد مراكز الإيواء بالمنطقة الوسطى ويعاني من آلام في الجانب الأيمن من البطن وبعد تشخيصه تبين بأن لديه "الزائدة الدودية" وتم نقله للمستشفى ولكن الفاجعة أنه عاد بعد نصف ساعة دون أن يكشف عليه الأطباء في المستشفى حيث صرفوه وقال له الطبيب :" إحنا عنا إصابات مش فاضيين الك الآن".
ويروي المواطنون في مركز إيواء مدرسة المزرعة بدير البلح أن ثلاثة شبان صغار استشهدوا أول أمس بقذيفة إسرائيلية بسبب خروجهم من المركز للبحث عن مياه للشرب بعد أن نفذت المياه داخل المركز ورفضت الأونروا تعبئتها بعد طلبات متكررة من طرف النشطاء القائمين على مركز الإيواء".
نشطاء أبلغوا "الحياة الجديدة" عن قصص إنسانية تقشعر لها الأبدان في تلك المراكز نتيجة الإهمال: "فنازحون لم يستحموا منذ أسبوع ومريض أجرى جراحة قلب مفتوح ولا يستطيع أحد أن يوفر له العلاج، وامرأة لديها بنت معاقة لا تجد من يساعدها في جلب احتياجاتها، كل خمسين نازحًا ينامون على خمس فرشات والباقي يفترشون الارض ويلتحفون السماء".
"هنا الكارثة الإنسانية الحقيقية، هنا يموت النازحون ببطء، هنا لا يجد المشردون الصائمون لقمة يفطرون عليها ولا علاجا يخفف من أوجاعهم ومعاناتهم".
وفقا لإحصائيات وكالة الغوث وتشغيل الاجئين يوجد أكثر من مئة ألف نازح فروا من مناطق الصراع على الحدود الشرقية لقطاع غزة إضافة الى الآلاف الذين فضلوا الإقامة لدى أقاربهم وأبنائهم في مناطق أكثر أمنا لحين انتهاء الحرب العدوانية على القطاع.

التعليقات