قصص الدم والدمار .. حازم : جاء هربا من المدافع فحاصره المرض ليقضى على أحلامه وأحلام عائلته

قصص الدم والدمار .. حازم : جاء هربا من المدافع فحاصره المرض ليقضى على أحلامه وأحلام عائلته
رفح - خاص دنيا الوطن - إبراهيم أبو موسى
بينما كنا نتجول  في أرجاء مدارس إيواء المشردين بمدينة رفح لم نرى سوى مأساة رسمت على وجوههم، فسيدة تتحسر على ما فاتها ورجل متكئ يفكر في مستقبل أطفاله وحمايتهم، وهذا ما دفعهم لترك منازلهم والتوجه إلى وسط المدينة بعيدا عن أطرافها في المناطق الشرقية والتي تعد خط المواجهة في هذه الأيام . 

حازم أبو عدوان (9)أعوام لم يعد له صوت فمرضه أبهت طفولته التي يحلم بها أطفال غزة، متمنيا أن يرتدي ثيابا غير التي يخفى بها علامات المرض حيث ملأ جسده . 

والجدير ذكره أن حازم أصيب جراء الحرب إصابة طفيفة أدت إلى كسور في يديه جعلته عاجز عن تحريكهما، بالإضافة لإصابته بمرض تقشر في الطبقة السطحية للجلد جعل أهله عاجزين عن مساعدته، وذلك بعد محاولات وصراع طويل مع هذا المرض الذي تزامن مع قدومهم  إلى مدرسة ذكور "ب" الإعدادية من أجل مأوى آمن، بسبب تكرار قصف الاحتلال لأرض فارغة جوار منزلهم, فكان يستيقظ حازم بصفة مستمرة وبفزع جراء الأصوات المرعبة أثر القصف المتواصل من قبل المقاتلات الحربية الإسرائيلية. 

لعل ما ارتأيناه  يدمي القلوب فحالة الطفل حازم وهو يستلقى في فراشه وبدت ملامح الألم والحزن ترسم المرض على جسده الذي بدا مرصع بضربات ظهرت عليه بشكل كبير، وتلتف من حوله أمه وأخوته الصغار وينادى بصوت خافت على والده " يابا مش قادر تعبت، بدي دوا بدي أي حاجة تريحني." 

عائلة الطفل التي عانت الويلات منذ لحظة وصولهم ذائقة مرارة العذاب مع طفلها، فمنذ أن جاءوا حتى يومنا هذا و إلى هذه اللحظة في ظل عمليات التصعيد الذي يشهده قطاع غزة، لتتفاقم حالته الصحية متطلبتا رعاية كبيرة وبحاجة إلى اهتمام واسع . 

أم الطفل ذات 30 عاما عجزت الكلمات عن وصف حالتها النفسية لتصمت لحظات قبيل أن تصدح حناجرها بكلمات الاستغاثة والمناجاة قائلة :"أحنا محتاجين دعم الناس والعالم، بدنا توقفوا معنا وتساعدونا في فتح المعبر ودخول المعونات."

وتؤكد أن ما حل بهم هو كارثة حقيقية تستوجب ردة فعل لا تحتمل الصمت فابنها يعانى، وان هذه المراكز تخدم المواطنين ولكن ليست كما هو مطلوب فحاجتنا للعلاج والغذاء والطعام والمأوى أكبر مما هو متاح. 

وطالبت المؤسسات الدولية والأمم المتحدة ورؤساء الدول العربية خدمة أبناء هذا الشعب المنكوب، حيث بات أهل قطاع غزة بلا منازل بلا طعام، وهذا ما يتطلب وقفة جدية شعوبا وحكام أمام هذا الظلم الذي يعصف بأبناء شعبنا. 

 ورغم حزنها على أبنها الذي تتدهور صحته يوما بعد يوم, إلا أن ما يحزنها هو كثرة سؤال أبنها عن موعد شفائه, فمنذ أن أصيب بهذه الحالة الصحية  فنظرة الأطفال له تشعره بالحزن, فالدموع لم تنقطع من عيون والديه منذ ذلك الحين الذي أصابهم بصدمة أشعرتهم بفقدانه. 

وتتسأل الأم لـ مراسل "دنيا الوطن" :"عن سبب هذه الوحشية فإسرائيل قتلت البسمة في وجه طفلها الذي لم نستطيع علاجه رغم اهتمامها الشديد به خلا فترة الحرب", وتضيف :" كنا نعتقد أن هذه المراكز ستوفر لنا الراحة الكاملة وتساعدنا في رعاية ابنا، ولكن في حاجات ناقصة ." 

وبعد لحظات من الحوار تماسكت الأم لتذهب إلى غرفة ابنها لتتفقده, فوجدته على الأرض حيث يرقد منذ بداية العدوان, لتصيبها نوبات من القلق على طفلها كلما نظرت إليه, وتقول وكأنها تحتضر ملتقطة أنفاسها تلو الأخرى :" ساعدوني في إنقاذ ابني والله بموت." 

عيون كسرتها دموع لمعت بها أشعة الشمس التي كانت تتساقط على مرقد الطفل حازم محاولا التحدث، إلى أن شدة آلمه عصفت أمام قدرته على الكلام ليبدي صمته ما أخفته العبارات، حاله كحال والده الذي امتنع عن الحديث تاركاً الصورة تصف معاناته ومعاناة ابنه.

التعليقات