غزة هوية عصرنا

غزة هوية عصرنا
بقلم: د . محمد المصري

شكراً د. ناصر اللحام ، هكذا يكون الصحفي الملتزم بهموم شعبه ، ويحمل قضاياهم ويدافع عنهم ، ودعنـــي أعتذر منك لأخذ عنوان مقالتي مما جُدتَ به في برنامجك بالأمس علـــى قناة معاً ، وأن آخذ عنك هكذا عنوان لشرف لي .

يقولون أن الطبيعة تفرض نفسها ، وعلى المقاتل أن يأخذها بعين الاعتبار ، وكثير من المنظرين العسكريين ينسبون جزءً مهماً من نجاحات حركات التحرر لأنها واءمت نفسها مع التضاريس والعمق الجغرافي ....... الخ ، وكثيراً من المحبطين كانوا يقولوا ماذا سيفعل الفلسطيني بغزة وكيف سيواجه الغزاة الجدد هؤلاء الذين يقتلون كل شيء ، ولا يردعهم أحد ، تسمعهم وهم يستحضرون تجربة فيتنام أو الجزائر أو حتى تجربة المقاومة اللبنانية ، ويقولون لهم ظروفهم وجغرافيتهم وعمقهم ، ترى ماذا سيقولون أو يؤرخون عن تجربة غزة وشعبها وصمودها وإرادة قواها ومناضليها ، كيف طوعوا الطبيعة وكيفوها ولم ينتظروا المدد من أحد ، وكانت إرادتهم وقرارهم هو الأساس في صمودهم وانتصارهم رغم نزيفهم وتقطيع أجسادهم وانفضاض العالم من حولهم .

ترى ماذا سيكتب العسكريين والسياسيين والمؤرخين عن هذه الحرب ، وكيف يكون صمود الفلسطيني حين يحاصر ، وإذا ما امتلك الإرادة ، نعم الإرادة والقرار هي التي جعلته يحفر الصخر ويطوع الطبيعة ويضيف إلى غزة ، غزة أخرى ، جعلته يضاعف غزة ويبني غزة جديدة أسفل غزة ، (غزة الجديدة) هي التي أربكت حسابات المعتدين وجعلتهم مصدومين ، وعرفوا جيداً بأن الفلسطيني حينما يُحَاصر يكون أقوى ، وقريباً ستطلب إسرائيل بضرورة فك الحصار عن غزة ، لكي يتخلصوا من كابوسها ، غزة هذه ستبقى خوفهم وحلمهم المفزع .

سبق وكتبت إذا ما أقدمت إسرائيل بحرب برية على غزة ، ستكون نهاية نتنياهو السياسية وسيفاجأ الجيش الإسرائيلي بتسابق الفصائل الفلسطينية بالتسابق على أسر جنودهم ، واليوم نؤكد إذا ما استمرت الحرب ، لن يكون شاؤول أرون الأسير الأخير لدى المقاومة ، وأسرانا في السجون الإسرائيلية سينالون حريتهم قريباً .

18 يوما مر على العدوان على غزة العزة ، ولم يحقق المعتدي أياً من أهدافه سوى قتل أطفالنا وبناتنا ، وقريباً سيرى الجميع نهاية نتنياهو السياسية ، وها هي الضفة الفلسطينية تنتفض من أجل الحرية والاستقلال ، ولن تكون هبة ككل الهبات ، نعم انتفاضة ، ولن يسيطر عليها أحد ، (انتفاضة ليلة القدر) .

آه يا غزة كم لك في ذمتنا ، وكم أنت كبيرة بتضحياتك ، والضفة الفلسطينية تتطلع إليك بحب وكبرياء ، والفلسطينيون كل الفلسطينيون لن ينسوا لك هذا وأنت حامية مشروعنا الوطني ، وستكسرين العدوان بصمود وبدم أطفالك وبوقفة كل الفلسطينيين إلى جانبك ، نعم ستقف الحرب قريباً ولن يحقق الإسرائيلي أهدافه ، وستثبت أن شعبنا موحد وأن غزة بتضحيات أبناءها حمت الوطنية الفلسطينية وحمت المشروع الوطني ، وهي التي أفشلت مخططات تقسيمنا إلى غزة وضفة ، وها هي الضفة الفلسطينية تتحرك ، وسيرى نتنياهو كيف جنى على نفسه ومستوطنيه بهذه الحرب التي سيدفع ثمنها هو أولاً ، وسيكتب التاريخ أن غزة بدم أبناءها رسموا خريطة الوطن ، وستبقى غزة هوية عصرنا للأبد
 

التعليقات