رفح :آلام المخاض تختلط بوجع التشرّد فتلد الأم طفلتها في مركز الإيواء !

رفح :آلام المخاض تختلط بوجع التشرّد فتلد الأم طفلتها في مركز الإيواء !
رفح – خاص دنيا الوطن – محمد جربوع
أمهات لم يعرفن الراحة بحثا عن الأمان، فأي أمان ذلك الذي يهجرهن وسط الألم فتسعة شهور من تضميد الجراح تعانيها الأم إلى أن يأتي اليوم المنتظر، ولكن يأتي هذا اليوم بغصتين الأولي هي ألم الميلاد والأخرى هي العدوان الغاشم المستمر علي قطاع غزة. 

وجدنا في ظل استمرار العدوان الغاشم والذي اسقط الشهيد تلو الآخر، أمهات ينجبن أطفالا من رحب المعاناة، وأن تكون المعاناة تشريد وميلاد لن تجد هذا إلا في غزة. 

حميدة شاهين تقطن في منطقة المطار "الشوكة" شرقي محافظة رفح، أم لـ3 أفراد، هجرتها قنابل المدفعية العشوائية وصواريخ الطائرات الإسرائيلية ووحشية الاحتلال في عدوانه الغاشم علي القطاع خاصة في المناطق الحدودية، لتلجأ إلي مراكز الإيواء وسط المدينة وهي تحمل في بطنها فلذة كبدها. 

لم تعلم شاهين أنه سيحين الموعد وتأتي آلام المخاض وهي نازحة من بيتها ملقاة في ساحة المدرسة تفترش الأرض، حيث الإهمال الطبي فلا رقابة ولا رعاية صحية ولا اهتمام. 

وتقول لـ مراسل "دنيا الوطن" وآثار التعب يظهر علي وجهها :"كنت خائفة كثيرا أن افقد فلذة كبدي، فبعد معاناة كبيرة في الهروب من تحت نيران مقاتلات الاحتلال الإسرائيلي، وجدت معاناة أخرى في مركز الإيواء وهي الإهمال من قبل المسئولين."

الجدير ذكره أن مراكز الإيواء هي مدارس وكالة الغوث، ويوجد بها معاناة شديدة حيث يقطن داخل الفصل الواحد أكثر من 50 فرد، نظرا لكثرة عدد الأسر النازحة من المناطق الحدودية للقطاع بسبب شدة القصف من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وتضيف  لدنيا الوطن:"كانت عقارب الساعة تتجه إلي الخامسة فجرا، وفجأة وأنا ممدة في زاوية الفصل لأخذ قسطا من الراحة ولأريح عيناني التي ذبلت من قلة النوم، إذ أنني شعرت بمغص شديد فعرفت أن الوقت قد حان، فصرخت بصوت عال احضروا لي سيارة إسعاف." 

وإن حماية الأم وبالتالي جنينها يتيح لها ولادة طفل سليم كما يتيح لها ولادة طبيعية، وما أشد سعادة الأم إذ تسمع الصرخة الأولى التي يطلقها أثناء ولادته وتراه بأم عينها وهو أمامها يتمتع ببنية سليمة وبصحة جيدة، ولكن هذا لم يحدث مع شاهين.

وتابعت والدموع تسيل علي وجهها عندما وعيت علي نفسي طلبت أن أري طفلتي كنت ملهوفة لرؤيته، ولكن كانت الفاجعة عندما رأيت أنه مصاب بإعاقة في يدها، ولكن حمدت الله أنني قمت وهي بالسلامة بعد معاناة فترة حملها. 

أم الطفل عجزت الكلمات عن وصف حالتها النفسية بعد معاناتها قبل وبعد الميلاد لتصمت لحظات قبيل أن تصدح حناجرها بكلمات :"الحمد لله علي كل حال - الحمد لله علي ما كتب الله لي - وحسبي الله ونعم الوكيل." 

في كل مكان في العالم المرأة في وقت نفاسها تأخذ حقها في الرعاية الصحية والتغذية السليمة والاهتمام الكامل، لكن أن يكون معاناة في الميلاد وإهمال فاعلم أن ذلك لن يكون إلا في قطاع غزة المحاصر. 

وأضافت شاهين وهي ملقاة علي سرير الولادة من شدة التعب والألم الذي لحق بها، نريد من العالم العربي أن يقف بجانبا وأن يتكاتفوا من أجل نصرة غزة التي تدافع عن كرامة جميع المسلمين.

واحتضنت الأم طفلها بين يديها وكانت تهمس في أذنه ماذا سأقول لك عندما تكبر وتعرف أن يوم ميلادك يوم حزين علي الشعب الفلسطيني بأكمله. 

ورغم حزنها الشديد علي حالة طفلها إلا أنها قالت سنستمر فالحياة، وسنقدم للوطن ما نملك وأنني مستعدة أن أقدم نفسي وطفلي فداء تراب الوطن من أجل دحر هذا المحتل الغاصب وطرده من بلادنا.

وبعد لحظات من الحوار حبست الأم أنفاسها لتخرج كلمة وحيدة لم أكن أريد أن تكون يوم فرحتي علي طفلي يوم حزن علي أبناء شعبي. 

ورغم حزنها علي حالة طفلها إلا أنها قالت :"نحن نشد علي يد المقاومة في مواصلة طريقها لصد الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبته علي الجرائم التي يرتكبها في حق أطفالنا ونسائنا وشيوخنا."

وتتسأل الأم عن مستقبل طفلها وباقي الأطفال الفلسطينيين في ظل استمرار الغطرسة الإسرائيلية علي أبناء شعبنا، باستهدافه للمدنيين العزل والأطفال الأبرياء.





التعليقات