مجزرة دموية جديدة في مركز إيواء للأنروا في بيت حانون

رام الله - دنيا الوطن
مجزرة دموية جديدة في مركز إيواء للأنروا في بيت حانون
قذائف القوات المحتلة تقتل 11 مدنياً وتصيب أكثر من 100 مدنياً من النازحين يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة المجزرة الجديدة التي نفذتها القوات الحربية الإسرائيلية المحتلة يوم أمس، في مركز إيواء، تابع للأمم المتحدة، يأوي نحو 800 شخص ممن شردوا من منازلهم، هرباً من الموت، والتي أدت إلى مقتل 11 شخصاً، من بينهم 7 أطفال وامرأتان، وإصابة 110 أشخاص، من بينهم 55 طفلاً و31 امرأة.  وتأتي جريمة الحرب التي استهدفت السكان المدنيين العزل، بعد أن لاذوا للاحتماء في أحد المدارس التابعة للأمم المتحدة، بعد ساعات من إصدار مجلس حقوق الإنسان لقرار يدين الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، وتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو ما يمثل تحدياً سافراً من قبل السلطات الحربية المحتلة لمنظومة القانون الدولي، واستخفافها بآليات الحماية الدولية التي توفرها منظمة الأمم المتحدة.  وتمثل هذه الجريمة الجديدة إصراراً على عقاب السكان المدنيين والمس بحياتهم وسلامتهم وأمنهم، رغم أن وكالة الغوث الدولية قد نسقت تدشين مراكز إيواء للسكان المدنيين في مدارسها مع السلطات الحربية المحتلة، والتي يتوفر لديها مخططات جغرافية شاملة عن تلك المنشآت، وبكامل إحداثياتها الهندسية، فضلاً عن كونها مميزة باللونين الأبيض والأزرق، ويرفع عليها جميعها أعلام الأمم المتحدة ومن كافة الاتجاهات.   ووفقاً لتحقيقات المركز الأولية، وفي حوالي الساعة 2:50 من مساء يوم الخميس، الموافق 24/7/2014، أطلقت الدبابات الحربية الإسرائيلية المتوغلة في بيت حانون، شمال قطاع غزة، 5 قذائف مدفعية تجاه مدرسة بيت حانون الابتدائية المشتركة، التابعة لوكالة الغوث الدولية(الأنروا)، والواقعة بمنطقة قاعة الواد، والتي خصصتها الأنروا كمركز لإيواء عشرات الأسر المشردة من ديارها من سكان المناطق الحدودية في المدينة.  وقد سقطت القذائف المدفعية داخل ساحة المدرسة، بينما يتجمع النازحون في ساحة المدرسة تمهيداً لإخلائها، ما أدى إلى مقتل 11 مواطناً، بينهم 7 أطفال وامرأتان، وإصابة 110 أشخاص بينهم 55 طفلاً و31 سيدة، نقلوا إلى مستشفيات الشهيد كمال عدوان ببيت لاهيا، مستشفى العودة التابع لاتحاد لجان العمل الصحي في جباليا ومستشفى الشفاء في مدينة غزة، التي حول إليها نحو 25 جريحاً لتلقي العلاج فيها بسبب خطورة إصاباتهم.  والشهداء هم: عوض عبد المجيد حسن أبو عودة 39 عام، بلال أحمد توفيق الشنباري 21 عام، عبد ربه جمال أيوب الشنباري 17 عام، سهي عبد ربه محمد مصلح عامين، محمد أكرم عبد العزيز الكفارنة 15 عام، فاطمة محمد أيوب الشنباري 47 عام، عبد ربه شيبوب أحمد الشنباري 16 عام، فلسطين حسين حسن الشنباري 40 عام، مريم شيبوب أحمد الشنباري 11 عام، وعلي شيبوب أحمد الشنباري 9 سنوات، حسن عبد الله مصطفي العثامنة 59 عام، وقد توفي الأخير في وقت لاحق متأثراً بجراحه.  وكان السكان النازحون في تلك المدرسة قد لجأوا إليها، طلباً لمأوى آمن، بعد أن أعلنت القوات المحتلة عن هجومها البري على القطاع، بتاريخ 17/7/2014، وطالبت تلك القوات السكان المدنيين بإخلاء منازلهم، عبر الاتصالات الهاتفية بالسكان وإلقاء آلاف المنشورات بواسطة الطائرات على سكان المناطق الحدودية.   وأشارت مصادر الأنروا أن عدد النازحين في المدرسة التي استهدفت وصل إلى نحو 800 مواطن، وأنها لم تستطع إيصال الطعام وتقديم الخدمات للنازحين بشكل رسمي، منذ يوم الأربعاء، 23/7/2014، وذلك بسبب ممارسات قوات الاحتلال.  وأضافت مصادر الأنروا أن مندوبي اللجنة الدولية توجهوا للمدرسة بناءً على طلبها، لإخلاء من يرغب من السكان تحت حماية الصليب الأحمر.  وقد غادر نحو 40 شخصاً من السكان المدرسة فعلياً، فيما فضل الآخرون البقاء في المدرسة لعدم وجود ملاذ آمن آخر لهم.  وقد أفادت مصادر في الوكالة الدولية أنها أخبرت السكان بنيتها إغلاق المدرسة بسبب خطورة موقعها، وذلك صباح يوم الخميس، 24/7/2014، واتفقت مع النازحين على إخلائها.  وخلال المشاورات حول التنسيق لإخراج النازحين من المدرسة بسلام وأمان، وفجأة انهالت القذائف المدفعية على المدرسة، والتي أدت وقوع هذه المجزرة الدموية، وفي وقت كان يتواجد فيه 3 موظفين من العاملين في وكالة الغوث الدولية. ولا تمثل جريمة الحرب هذه أولى الجرائم التي تستهدف مراكز الإيواء التابعة للأنروا، فبتاريخ 17/1/2009 أطلقت آليات القوات المحتلة قذائف فسفورية تجاه مدرسة ذكور بيت لاهيا المشتركة للاجئين، التابعة للأنروا، والتي كانت تأوي نحو 320 عائلة.  أسفر ذلك عن مقتل طفلين شقيقين وإصابة 36 آخرين بجراح مختلفة، فضلاً عن اشتعال النيران في المدرسة.   يشار إلى أن عدد السكان المدنيين الذين فروا من منازلهم بحثاً مأوى آمن، منذ بدء العدوان الحربي الحالي، قد ارتفع إلى أكثر من 300،000 نازح/ة، ولجأ نحو 141338 نازح/ة إلى 83 مدرسة تابعة للأنروا في القطاع، فيما لجأ الآخرون إلى بعض المدارس الحكومية، المستشفيات والمرافق العامة ومنازل الأقارب.  المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إذ يؤكد على أن هذه الجريمة تمثل استمراراً لمسلسل جرائم الحرب التي لم تتوقف بسبب غياب المسائلة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي ترتكبها القوات الحربية الإسرائيلية المحتلة ضد السكان المدنيين، بمن فيهم الأطفال، النساء، الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.  ويرى المركز أن مثل هذه الهجمات ضد المرافق المخصصة لحماية المدنيين من عواقب الحرب، خاصة في مراكز الإيواء التي تشرف عليها الأمم المتحدة، انتهاكاً لأحكام القانون الدولي العرفي، المتعلقة بمبدأ التمييز والاحتياطات اللازمة عند شن الهجمات.  كما يدعو القانون الدولي العرفي، وعلى نحو واضح، إلى اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة عند اختيار وسائل ومناهج العمليات العسكرية، من أجل تجنب أو الحد من الإصابات البالغة أو من التسبب في الخسائر في الأرواح بين السكان المدنيين. كما يتطلب القانون الدولي العرفي أن يقوم المهاجم بكل ما هو ممكن من أجل تقييم ما إذا كان من المتوقع أن يتسبب الهجوم في الخسائر في أرواح المدنيين أو في الإصابات البالغة، ويعرف هذا القانون الهجوم العشوائي على أنه الهجوم الذي يستخدم فيه منهج أو وسائل قتال، لا يمكن الحد من آثارها، كما هو منصوص عليه في القانون الإنساني الدولي. وتعتبر الهجمات العشوائية وغير المتناسبة خروقاً صارخة لاتفاقيات جنيف، وهي بذلك تشكل جرائم حرب. إن استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للقذائف المدفعية بهذا الشكل يمثل انتهاكاً لجميع هذه القوانين والأحكام.  وعليه فإن المركز:يدعو الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق خاصة بالمجزرة الدموية التي ارتكبتها القوات المحتلة في المدرسة. وتقديم توصياتها علنياً إلى الآليات المختلفة للأمم المتحدة، بما في ذلك ملاحقة المتورطين في تلك المجزرة أمام المحكمة الجنائية الدولية. يجدد تأكيده على أن الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي تشكل برهاناً واضحاً ليس على استخدام القوة المفرطة وغير المتناسبة فحسب، بل أيضا برهاناً واضحاً على أعمال الانتقام التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين. يحمل إسرائيل المسئولية عن حياة المدنيين الفلسطينيين في جميع الظروف والأحوال. ويشير المركز إلى أنه بموجب القانون الدولي، فإن وجود مقاومة مسلحة لا يبرر بأي حال من الأحوال استخدام القوة المفرطة وغير المتناسبة، دون التمييز بين الأهداف المدنية وغير المدنية. يحذر من أن حياة المدنيين الفلسطينيين في خطر في ضوء تهديدات المسئولين الإسرائيليين، على المستويين السياسي والعسكري، بتوسيع العمليات العسكرية ضد سكان قطاع غزة. يدعو المجتمع الدولي للتدخل الفوري من أجل وقف هذه الجرائم، ويدعو الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين في أوقات الحرب، إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 146 والتي تقضي بالبحث عن المسئولين عن القيام بخروق جسيمة للاتفاقية ومحاكمتهم، وتشكل هذه الخروق جرائم حرب بموجب المادة 147 من الاتفاقية والبروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف الصادر في 12/8 /1949، والخاص بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة (البروتوكول الأول).  إن الأولوية القصوى لتلك الأطراف السامية في الوقت الراهن يجب أن تتركز على الوقف الفوري للعدوان الحربي الإسرائيلي على القطاع. 

التعليقات