خطاب أبو مازن يثير الجدل

خطاب أبو مازن يثير الجدل
بقلم : عبدالله عيسى

واضح من خطاب أبو مازن انه  ختم الخطاب بقوله تعالى " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير " و بيان القيادة الفلسطينية الذي تلاه ياسر عبدربه والذي لم يخرج عن سياق خطاب أبو مازن فأوضح ما خفي في خطاب ابو مازن أن الوضع وصل الى طريق مسدود وان القيادة الفلسطينية أمام لغة جديدة وسياسة جديدة وافعال جديدة في التعامل مع حرب غزة لوقف العدوان الإسرائيلي أولا وما يتبع هذه الحرب ثانيا في المفاوضات.

خلال الأيام الماضية تغيرت لغة السلطة وأصبحت أكثر شدة في التعامل مع العدوان الإسرائيلي وقد رافق ذلك اتجاه واضح لتعاون اكبر بكثير مع حماس في تعزيز الوحدة الوطنية فكان حديث صبري صيدم الذي تحدث على شاشة الفضائية الفلسطينية بحزم وشدة و دعا الجميع "للتوقف عن المناكفات وكل الآراء السلبية يجب ان تنتهي وكل مسئول يحتفظ برأيه لنفسه وعدم تبادل الاتهامات بين فتح وحماس وان نعمل جميعا على تعزيز الوحدة الوطنية ". انتهى الاقتباس .

دعوة صبري صيدم مستشار الرئيس تدفع الموقف الفلسطيني إلى الإمام وتعجل من رفع الحصار عن غزة .

أبو مازن لم يختم خطابه بالآية القرآنية عن غير قصد لمعناها او مناسبة نزولها أو كيف تعامل المسلمين تاريخيا مع هذه الآية في حادثتين غيرتا وجه التاريخ .

الاولى كانت في عهد الرسول الكريم إيذانا بالجهاد  قال تعالى"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ( 39 ) الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ( 40 ) ) . 

قال العوفي ، عن ابن عباس : نزلت في محمد وأصحابه حين أخرجوا من مكة . 

وقال ابن عباس : وهي أول آية نزلت في القتال .  . 

والحادثة الثانية حيث ورد في كتاب ابن كثير " البداية والنهاية " :" وإذا توسم أبو مسلم الخرساني من بعضهم ميلا إليهم دعاهم إلى ما هم فيه فيجيبه إلى ذلك، فلما كان ببعض الطريق جاء كتاب ثان من إبراهيم الإمام إلى أبي مسلم: إني بعثت إليك براية النصر فارجع إلى خراسان وأظهر الدعوة.

فرجع أبو مسلم بالكتاب فدخل خراسان في أول يوم من رمضان فرفع الكتاب إلى سليمان بن كثير وفيه: أن أظهر دعوتك ولا تتربص.

ولما كان ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان في هذه السنة: عقد أبو مسلم الخرساني اللواء الذي بعثه إليه الإمام، ويدعى: الظل، على رمح طوله أربعة عشر ذراعا، وعقد الراية التي بعث بها الإمام أيضا، وتدعى: السحاب، على رمح طوله ثلاثة عشر ذراعا، وهما سوداوان، وهو يتلو قوله تعالى: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } [الحج: 39] .

ولبس أبو مسلم وسليمان بن كثير ومن أجابهم إلى الدعوة السواد، وصارت شعارهم، وأوقدوا في هذه الليلة نارا عظيمة يدعون بها أهل تلك النواحي، وكانت علامة بينهم فتجمعوا.

وأقبل الناس إلى أبي مسلم من كل جانب، وكثر جيشه". انتهى الاقتباس.

كما نلاحظ من رواية ابن كثير أن أبو مسلم الخراساني مؤسس الدولة العباسية قد جهر بالدعوة في الخمس أواخر من شهر رمضان وسرعان ما سيطر أبو مسلم على خراسان وكانت نواة الدولة العباسية وهي مصادفة تاريخية مع خطاب أبو مازن الذي كان في الخمس الأواخر من رمضان ..

هذه المعاني الدينية والتاريخية لم تكن غائبة عن أبو مازن فهو قارئ جيد للتاريخ العربي والإسلامي  كما كان أبو عمار يردد دفي خطاباته آيات معينة لها علاقة بالتاريخ والجهاد وبيت المقدس إضافة للعهدة العمرية وكان يصف الشعب الفلسطيني بشعب الجبارين استناد لقوله تعالى :" إن فيها قوما جبارين ".

بعيدا عن التفسير الديني والتاريخي فان الوضع السياسي قد دخل إلى طريق مسدود كما أعلن إسماعيل هنية في خطابه قبل يومين بوضوح أن لا عودة لحصار غزة مهما كان الثمن .

اعتقد أن خطاب أبو مازن يحمل رسالة واضحة وشديدة اللهجة لإسرائيل والدول المعنية بعملية السلام وتختلف عن رسائله السابقة عندما كان يعلن عن رغبته بالاستقالة وحسب رأيي الشخصي لم اكن ومازلت أرى صوابا في الاستقالة مطلقا لأسباب عديدة أهمها انه مهما كانت العقبات التي تضعها إسرائيل أمام المفاوضات ومهما كانت الضغوطات فالاستقالة ليست حلا .

السؤال الكبير يقول :" إذا استمرت إسرائيل في عدوانها على غزة ولم تستوعب رسالة أبو مازن فما هي الخيارات أمامه.. هل عدم الاعتراض على انطلاق انتفاضة ثالثة ؟ التوجه للمؤسسات الدولية ؟ اتخذا جملة قرارات تتعلق بغزة تعزز الوحدة الوطنية ؟ اتخاذ قرارات تتعلق بحركة فتح والسلطة ؟ .

أتمنى أن تكون المصادفة التاريخية مع أبو مسلم الخراساني أن تكون بشرة خير بإقامة الدولة الفلسطينية .


التعليقات