الأحواز.."البيئة وحق تقریر المصیر" جنبا الى جنب

الأحواز.."البيئة وحق تقریر المصیر" جنبا الى جنب
بغداد - دنيا الوطن
 كتب الصحافي البريطاني دانيل بريت مقالا في صحيفة "الهافينكتون بوست"حول استمرار بناء السدود في شمال الأحواز وتأثيرات هذه العملية البيئية غير المحدودة التي دمرت جانب كبير من بيئة الشرق الاوسط  وعلى وجه الخصوص المناطق التي يقطنها الاحوازيين. وحظى مقال الكاتب بـ اقبال كبير من قبل القراء حيث انتشر في فترة  ثلاثة ايام باستمرار في صحف ومواقع هامة واخصائية في شؤون البيئة.

 وهنا ننشر ملخص من ترجمة لهذا المقال:

السدود.. السلاح الإيراني لتدمير الأهوارجنة عدن تحتضر، أثنين من انهار جنة عدن يفقدون سمعتهم الطيبة، الكرخة وكارون، حيث تم تخفيض ميزان الماء الجاري في هذه الانهار الى حد كبير، واليوم يوصف الامر بحدوث كارثة بيئية في الأحواز، وهكذا ايران حولت احدى اهم المناطق الخضراء في الشرق الاوسط الى صحراء بغية مصادرة المزيد من خيرات واقتصاد المنطقة وحرف المياه الى اقاليم اخرى في وسط البلاد.الأرض الخضراء والممتعةتقع الأحواز بين جبال زاغروس والحدود العراقية، هي واحة خضراء، وجوهرة في منطقة الخليج العربي، القاحلة. المستنقعات والأنهار الكبيرة تستضيف مجموعة متنوعة من الأسماك وانواع الحيوانات الثدييات والطيور المهاجرة، بما في ذلك العديد من انواع الحيوانات والطيور المهددة بالانقراض.النظم الإيكولوجية لأرض الأحواز الرطبة توفر الغذاء والمياه العذبة، ومقتطفات من الأدوية والمواد الوراثية، لدى سكانها الاحوازيين، واعتمد هؤلاء المزارعين الأصليين، والصيادين والبدو الرحل، بشكل تقليدي على اسلوب الحياة في السهول الخصبة.يعرف عن الأراضي الرطبة، انها تساهم في تنظيم المناخ، وتساهم بإعادة شحن الانهار، وأنها تساعد على تنقية المياه، وكذلك تساعد التربة على مقاومة التآكل. وتلعب كل من  أنهار كارون والكرخة، والدز والجراحي، دورا حاسما في سد الطريق على المياه المالحة، التي قد تتدفق من الخليج العربي، في شط العرب. كما أنها تجلب الرطوبة وتساعد في عملية ارتفاع معدل سقوط الامطار على الأراضي الجافة.الأمم المتحدة تقارن ما يحدث في الاهوار بما حدث في بيئة الامازونكان للنظام الايراني الدور الرئيسي، في التخطيط وبناء السدود، واستبدال الاحواز الخضراء، الى صحراء، ما فرض هذا التاثير، واقع سلبي، على التوازن البيئي، في الشرق الاوسط.

 وتم بناء 9 سدود على أنهار الكرخة وكارون، وهناك 12 سد قيد الدراسة. كما هناك جدل واسع، حول نقل مياه نهر كارون، عبر انفاق كبيرة، من روافد هذا النهر، الى نهر زاينده رود، في اصفهان، الامر الذي قد يؤدي بكارثة اخرى.وفي هذا السياق، حذرت منظمة الامم المتحدة للبيئة (UNEP) ايران، حول الكوارث التي قد تجتاح المنطقة، على اثر بناء السدود، حيث جاء في دراسة الامم المتحدة حول الموضوع : أن الأهوار في جنوب غرب إيران، تواجه وضعا مماثلا إلى الكوارث البيئية التي أثرت على بحر آرال ومنطقة الأمازون.وفي دراسة عن الاهوار في العراق وإيران، عبرت منظمة الأمم المتحدة للبيئة، عن قلقها حيث اعلنت: ان الاثار التراكمية، لبناء السدود والاستهلاك المكثف للبيئة في الأهوار، قد يؤدي بتدمير الاهوار، خلال فترة اقل من عقد من الزمن، حيث على اثر الاستهلاك المكثف تنهار النظم الايكولويجة للأرض هناك.ونرى اليوم ان هورالعظيم الواقع على الحدود العراقية يلفظ اخر انفاسه، وهكذا تفقد الشرق الاوسط التوازن البيئي، الأمن الغذائي مهددفي السنوات الأخيرة أدى بناء السدود إلى تفاقم آثار الجفاف على الزراعة. على سبيل المثال نرى تقلص إنتاج القمح، وهو مصدر الغذاء للإنسان والمواشي وتعد الأحواز هي أكبر مقاطعة المنتجة للقمح في ايران. أي حوالي 62٪ من القمح يتم انتاجه في الاحواز، وذلك باستخدام المياه من الأنهار. ووفقا للتقارير، في عام 2012 انتاج القمح تقلل حيث وصل الى النصف بسبب نقص المياه، مما أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم والخبز في جميع أنحاء إيران.

كما في نفس الوقت، عمل النظام الإيراني على الاستثمار، في تطوير مزارع قصب السكر، المدمرة للبيئة، بشكل مكثف، ونزح جراء هذا المشاريع حوالي 200 الى 250 الف مواطن عربي، من بيوتهم حسب تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة "ميلان كوتاري" بعيد زيارته المنطقة. العواصف الرمليةالعواصف الرملية التي تعصف الآن، بشكل شبه يومي، الاحواز، هي نتيجة لانخفاض الرطوبة، في جميع أنحاء المنطقة، بأسرها حيث تتلاشى الأراضي الرطبة. يقول علي محمد شاعري، نائب رئيس المنظمة الايرانية للبيئة أن 500 الف هكتار من مستنقعات الأحواز قد جفت وهذا هو السبب الرئيسي للعواصف الرملية في المنطقة.ونتيجة لذلك، نرى ان الأحواز، تعيش أسوأ تلوث هوائي، شهده العالم، حيث مؤشر معايير ملوثات الهواء في الأحواز اجتاز حدوده الطبيعية نحو 600 مرة.ووفقا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، أن مدينة الأحواز عاصمة الاقليم من اكبر المدن التي تنتج الجزيئات الخطيرة (PM10) على مستوى 372 ميكروغرام لكل متر مكعب، وهو اكبر مقياس والاخطر في العالم.وقد اتخذت هذه التطورات السلبية في الاحواز، منحى سلبي على المستوى الصحي، حيث نرى ان متوسط العمر لدى المواطن الاحوازي يهبط بشكل غير مسبوق، وكذلك نرى ازدياد المشكلات الصحية لاسيما انتشار انواع السرطانات ومشكلات الجهاز التنفسي.المياه الملوثة والقذرةتضيع الان حوالي النصف من مياه كارون، وتصدر ايران كميات من هذه المياه، وسوف تتقلص اكثر حتى تقل الـ 90- بالمائة من وضعها وميزانها الان، حين تكتمل مشاريع السدود، حسب الخبراء الايرانيين. تليها ازدياد المواد الخطيرة في المياه مايؤدي الى ارتفاع الخطورة اربعة اضعاف ويحد من جودة مياه الشرب.

وفي هذا السياق نرى ان حتى مياه الصنبور غير صالحة للشرب، وغير صالحة للغسيل كذلك، حيث رفض وزير الصحة احتساء كاس من مياه الاحواز في احدى زياراته الاقليم.التلوث في الهواء والماء في الاحواز أدى الى كوارث في الاقليم، حيث نرى هناك ان عدة مشكلا تتفاقم وتتراكم على المواطن الاحوازي، لاسيما على المستوى الصحي، كـ التاثير السلبي على نمو الجنين، وارتفاع الاضطرابات في الجهاز العصبي، وامراض الدم، والرئتين، والكلى، والكبد، وجميع الاعضاء الحيوية الاخرى، تليها حالات الاجهاض، وهشاشة العظام، والسرطانات، والغدد، والزهايمر، وصعوبات التعلم، وامراض اخرى صعبة العلاج. 

الثورة هي الحلترى منظمة الأمم المتحدة للبيئة أن ما لم تتخذ إجراءات علاجية عاجلة، حول جفاف المستنقعات (الاهوار) في كل من العراق وايران ستشهد المنطقة كارثة بيئية كبيرة.ومن جانب اخر ان الممارسات التمييزية بحق السكان الاصليين وتعيين المناصب في الاقليم للأشخاص الوافدين من اقاليم اخرى سوف يضيع حق الشعب الاحوازي فيما يتعلق بالمياه وغيرها من حقوق، والحل هنا هو حل سياسي اولا واخرا حيث يأتي بالحد من نهب ثروات الاقليم والانتباه الى موضوع البيئة وهذا الموضوع يسير جنبا الى جنب حق تقرير المصير، فمستقبل عدن يعتمد على الاثنين.

التعليقات