في ذكرى وفاته.. هل تم اغتيال فيصل الحسيني ؟ .. شقيقه يروي الساعات الأخيرة له

في ذكرى وفاته.. هل تم اغتيال فيصل الحسيني ؟ .. شقيقه يروي الساعات الأخيرة له
رام الله - دنيا الوطن
ولد فيصل عبد القادر الحسيني، مسؤول ملف القدس وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1940 في العاصمة العراقية بغداد، وعاش متنقلا بين بغداد والقاهرة وبيروت وعمان ودمشق قبل أن يستقر في القدس، والتي كرس حياته لها.

ينتمي فيصل الحسيني الى واحدة من أشهر واعرق العائلات الفلسطينية، التي ضربت أروع الأمثلة في النضال الوطني والدفاع عن القدس، فجده موسى كاظم الحسيني الذي كان رئيسا لبلدية القدس إبان الانتداب البريطاني، الذي حظرت عليه سلطات الانتداب الاقتراب من السياسة فاستقال من منصبه، لمواصلة كفاحه ونضاله ضد الانتداب البريطاني نفسه.

وقد ولد فيصل الحسيني في الوقت الذي كان فيه والده، المجاهد الكبير عبد القادر الحسيني رهن الاعتقال لدى سلطة الانتداب البريطاني في العراق، وانتقل بعد الإفراج عنه الى السعودية التي فتحت الباب أمامه كلاجئ سياسي.

تعلم فيصل القراءة والكتابة على يد والده، وكان رفيق درب لوالده في جميع تحركاته ورحلاته، فانتقل معه الى القاهرة، حيث ساهم والده في تعزيز وعيه السياسي، وشجعه على الخطابة أمام الجمهور وحفظ القصائد الوطنية.

أنهى فيصل تعليمه الابتدائي ودراسته الثانوية في القاهرة، حيث التقى فيها ياسر عرفات.

وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، تقدم بطلب الانضمام الى القوات المسلحة المصرية، وانضم لحركة القوميين العرب عام 1957، وشارك في إنشاء وتأسيس المنظمة الطلابية الفلسطينية عام 1959، والتي أصبحت فيما بعد رافدا لمنظمة التحرير الفلسطينية.

انخرط في التدريب العسكري في مصر وحاول الالتحاق بكلية سلاح الطيران المصرية، الا ان الحظ لم يحالفه، فانتقل الى سوريا ودرس الهندسة في الأكاديمية العسكرية بحلب وحصل على شهادة العلوم العسكرية سنة 1966.

انضم الى صفوف "حركة التحرر الوطني الفلسطيني - فتح" عام 1964، ثم انضم الى قوات جيش التحرير الفلسطيني المرابط في سوريا وذلك في أوائل العام 1967، قبيل ذلك عمل في قسم التوجيه الشعبي في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في القدس حتى عام 1966.

قرر فيصل الحسيني العودة الى القدس، في أعقاب وقوع القدس والضفة العربية تحت سطوة الاحتلال الإسرائيلي، حيث قام بقيادة العمل السياسي في القدس، واعتقل لأول مرة عام 1967، الا ان هذا لم يثنه عن مواصلة نضاله في سبيل وطنه وشعبه.

قام عام 1979 بتأسيس "جمعية الدراسات العربية" في "بيت الشرق" في القدس المحتلة، وهو المقر الغير رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس.

وحظي فيصل الحسيني بشعبيه عالية في القدس وجميع الأراضي الفلسطينية.

وصف من قبل الإسرائيليين بـ "الإرهابي الكبير" و "الإرهابي ابن الإرهابي"، وتعرض للسجن مرارا وللإقامة الجبرية، وكان دوره بارزا في قيادة الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 1987، فسجن لمدة عامين بتهمة قيادة الانتفاضة. أجرى مفاوضات مبكرة مع بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية لوضع أسس للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقد خرجت من مكتبه ولأول مرة وثيقة "استقلال فلسطين" عام 1988، وترأس الوفد الفلسطيني الذي اجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر عام 1991 وكان هذا الاجتماع دور في التمهيد لانطلاق محادثات السلام في مدريد في تشرين أول عام 1991، حيث قام بتشكيل وفد من الضفة الغربية وقطاع غزة للذهاب الى مدريد وعين الدكتور حيدر عبد الشافي رئيسا للوفد المفاوض.

اصبح فيصل الحسيني عام 1993، رئيسا للوفد في محادثات واشنطن خلفا للدكتور حيدر عبد الشافي، وفي أعقاب اتفاقات أوسلو رفضت اسرائيل ان يمثل فيصل الحسيني القيادة الفلسطينية كونه من القدس.

عندما تم تعيين فيصل الحسيني مسؤولا عن ملف القدس في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ساهم في اجتماعات مجلس وزراء السلطة الفلسطينية.

وشهد له بنشاطاته في كافة أنحاء الضفة الغربية والقدس، حيث لعب دورا مهما في مواجهة العديد من الأزمات التي شهدتها الساحة الفلسطينية، وقدم دعما متعدد الأشكال للقضية الفلسطينية.

تعرض فيصل الحسيني لعدة محاولات اغتيال على أيدي عصابات المستوطنين الإسرائيليين، ففي عام 1995 قام قطيع من المستوطنين بإطلاق النار على منزله، كما حاولت سيارة إسرائيلية ان تصطدم سيارته، لكنه نجا من الاغتيال. وتصدى فيصل الحسيني لقرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة "بنيامين نتنياهو" القاضي بإقامة مستوطنة على جبل ابو غنيم في القدس، وقاد العديد من المظاهرات والمسيرات الى الموقع وتعرض للضرب ومن معه على أيدي قوات الاحتلال.

توفي فيصل الحسيني بأزمة قلبية عام 2000 أثناء زيارته للكويت في مسعى لوضع حد للخلاف الذي نشب عام 1990 بين الكويت ومنظمة التحرير الفلسطينية وشيع الراحل في موكب جماهيري عزّ نظيره، ودفن في باحة الحرم القدسي الشريف بجوار أبيه وجده.

الساعات الأخيرة في حياة فيصل الحسيني كما يرويها شقيقه
في الأول من يونيو لعام 2001 كشف موسى الحسيني أن شقيقه فيصل الحسيني أبلغه عبر الهاتف أنه تعرض لبعض المضايقات من بعض اعضاء مجلس الامة الكويتي، لكن فيصل اعتبر أن «هؤلاء قلة لا يمثلون الشعب الكويتي.. وان حقيقة الشعب الكويتي العربي الاصيل معروفة في مواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني».

وأوضح موسى ان فيصل لم يكن يعاني من امراض صحية خطيرة وكان يعاني من ضيق تنفس وربو وهذا مرض غير قاتل وانه كان يتمتع بصحة جيدة عندما قابله قفي عمان وهو في طريقه إلى الكويت.

وقال موسى ان فيصل كان دائما متفائلا، رغم كل الصعوبات والمعاناة التي يلقاها الشعب الفلسطيني والتضحيات والدماء التي تنزف من أبنائه وان النتيجة في النهاية في صالح هذا الشعب الذي قدم التضحيات الجسام في سبيل القدس والاقصى والمقدسات وفلسطين.

واضاف: ان فيصل كان في آخر جلساته معي يتحدث عن صور التضحيات وانتفاضة الاقصى وان لكل فلسطيني صورة مستقلة عن الاخرى في التضحية والفداء من اجل دحر الاحتلال الاسرائيلي ونيل الاستقلال على التراب الوطني والتي يفخر بها كل انسان عربي ومسلم، مشيرا إلى ان فلسطين هي ملك العالمين العربي والاسلامي ومن حق الامة العربية والامة الاسلامية ان تفخر في نضال هذا الشعب.

وقال موسى «انني عندما ودعته في المطار قال فيصل انه متفائل بزيارته للكويت التي ستفتح آفاقا جديدة في العلاقات الثنائية، موضحا انه تلقى دعوة رسمية من الكويت لحضور مؤتمر مقاومة التطبيع فيها وانه كان سيقوم بزيارة الى دولة الامارات العربية المتحدة».

اما ابنة عمه ريما الحسيني فقد ابلغت «الشرق الأوسط» ان فيصل قال لها عبر الهاتف "قبل يومين من وفاته" الساعة الثامنة والنصف بتوقيت الاردن ان جميع الامور ممتازة وجيدة وسنراكم في عمان قريبا وذكرت «كنت قد اوصيته على بعض الاشياء لانجازها وابلغني ان كل شيء على ما يرام».

واشارت ريما الى انه «كان يضحك ويمزح عبر الهاتف، اضافة الى انه ابلغني بخبر منشور في الصحافة الكويتية في تصريح لي حول المساعدات الكويتية التي وصلت قبل ايام الى الاردن لتسليمها الى السلطة الوطنية الفلسطينية».

وقالت «لقد سألته عن صحته عبر الهاتف واجاب ان صحته جيدة وسيتوجه الى الامارات العربية المتحدة بعد الكويت وانتهت المحادثة الهاتفية بكلمة سنراكم في عمان قريبا».

هل تم اغتياله ؟
هذا وكانت قد أشارت صحيفة لوس أنجلس تايمز أن أسلوب القتل الذي اتبعه الموساد في دبي يفتح ملفات قديمة. إذ يبدو أن طريقة اغتيال قيادي حماس محمود المبحوح في دبي على يد الموساد تسبب بمراجعة أحداث كثير أهمها تلك حول وفاة فيصل الحسيني المسؤول عن ملف مدينة القدس في السلطة الفلسطينية في الكويت والذي قيل وقتها أنه مات بسكتة قلبية.

كان الحسيني قد وصل إلى الكويت لحضور المؤتمر الشعبي وهو أول مسؤول رفيع في السلطة الفلسطينية يزور الكويت منذ الغزو العراقي للكويت عام 1990. وأثار فيصل الحسيني الذي ينتمي إلى أسرة مقدسية معروفة غضب سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسبب مواقفه المدافعة عن حق الفلسطينيين بالقدس.

اشارت طريقة اغتيال المبحوح التي توحي بأنها موت بالسكتة القلبية دفع ببعض المسؤولين الفلسطينيين يشكون في أن ترجيح تورط الموساد في اغتيال الحسيني بطريقة تظهر أنه سكتة قلبية، بينما قد يقف الموساد وراء اغتاله لكن الضغوط الامريكية والإسرائيلية لا تسمح للسلطة الفلسطنية سوى باستجداء التنازلات سعيا وراء وعود بمفاوضات سلام.

التعليقات