نام بالمطار لفقدانه منزله.. د. أسعد مطر..من طالب وسائق تاكسي لنائب رئيس اهم معهد طبي في روسيا.. السفير: هو فخر لفلسطين

نام بالمطار لفقدانه منزله.. د. أسعد مطر..من طالب وسائق تاكسي لنائب رئيس اهم معهد طبي في روسيا.. السفير: هو فخر لفلسطين
موسكو - خاص دنيا الوطن - محمد ممدوح
كثيرون .. يسقطون فلسطين من حساباتهم وحتى من أحلامهم، أو حتى يسقطون الأحلام أصلاً من حياتهم، لكن الدكتور أسعد مطر لم يوقف أحلامه ولم يسقط فلسطين منها، وحلم العودة وبناء فلسطين ما زال يجول في خاطره.

البروفيسور أسعد مطر رئيس قسم طب الأطفال وجراحة المسالك البولية "أمراض الذكورة"، ونائب رئيس الأطباء في معهد اكاديمية البحوث العلمية لطب وجراحة الأطفال في موسكو، المعهد الفيدرالي الوحيد لطب وجراحة الاطفال التابع لوزارة الصحة الروسية، "مطر" تحوّل من سائق تاكسي الى نائب رئيس معهد تعليمي.

للسفير الفلسطيني كلمته
هذا وقال الدكتور فائد مصطفى سفير دولة فلسطين في روسيا الاتحادية، أن الدكتور مطر هو مصدر فخر واعتزاز لكل فلسطيني بنجاحاته التي استطاع تحقيقها في روسيا خلال فترة دراسته وعمله فيها، مضيفاً أن الدكتور مطر استطاع أن يمثل شعبه الفلسطيني أفضل تمثيل من خلال سلوكه مع مرضاه ومحيطه الطبي ونسيجه للعلاقات الجيدة والرائعة مع المجتمع الروسي، وكل فلسطيني يعتز بهذا النجاح، متمنياً أن يكون هذا النجاح حافز للآخرين بالاقتداء بهذه النماذج وبذل كل الجهد لأجل تجسيد قصة نجاح فلسطينية في الخارج، تضاف الى قصص النجاح الكثيرة التي استطاع شعبنا أن يحققها في الكثير من الدول.

موسكو واللقاء
في لقائنا بالدكتور أسعد مطر أو ابو أحمد في موسكو، تجوّلنا وعادت ذاكرتنا لفلسطين و الحنين اليها لما تحمله الغربة من مصاعب، الحديث يطول خاصة مع ابن الشيخ رضوان الدكتور أسعد مطر، شادّاً انتباهنا وفضولنا لمعرفة خفاياه وقصة نجاحه الغير واقعية والقريبة من قصص الخيال العلمي.

قصة نجاح وكفاح
الدكتور أسعد مطر مواليد سبعينات القرن الماضي، فلسطيني الأصل، من مواليد مخيم الشاطئ في مدينة غزة، عاش مآساة الانتفاضة الأولى وغادر الى روسيا طالبا للعلم منذ العام 1990.

الوطن والغربة خطان لا يلتقيان 
عاش الدكتور مطر حياته وشبابه في متنقلا بين دول الاتحاد السوفيتي سابقا ودولة روسيا الاتحادية حالياً، أكثر من عشرون عاماً متغرباً ومتنقلاً ما بين الحلم والآخر محققاً انجازات ما كانت تدوم وتذكر دولياً رغم صعوبة الطريق ومخاطرها.

بداية الغربة والبحث عن المتاعب
انتقل الدكتور مطر من قطاع غزة بمنحة دراسية عام 1990 في جورجيا التابعة للاتحاد السوفيتي قبل انهياره، ودرس اللغة الروسية في الكورس التحضيري ما قبل انهيار الاتحاد، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي بعد انتهاء الكورس التحضيري "اللغة الروسية" وكاد ان يفقد الدكتور مطر وعدد من زملائه الطلاب المنحة الدراسية والقبول الجامعي بسبب حالات الفوضى التي نجمت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

مشيرا أنه ولمدة شهرين ونصف تنقل وعدة طلاب بين الجامعات والمعاهد الدراسية لمحاولة قبوله.

 بداية المصاعب
وفي حديثه مع مراسل دنيا الوطن في موسكو يروي الدكتور مطر بداية المصاعب :  "خرجت من الشيخ رضوان الى روسيا، بتكلفة دراسية تقدّر بـ1000 دولار سنوياً، وانتقلت لروسيا لصعوبة الوضع في قطاع غزة آنذاك".

وأضاف الدكتور مطر أن والده ساعده بما مقداره 850$ في السنة التحضيرية الأولى، ويكمل الدكتور مطر : "بداية التسعينات وانهيار الاتحاد السوفيتي بدأت تتضاعف الأسعار حيث وصلت نسبة التضخم الى ما يقارب الـ 500%".

يكمل الدكتور مطر حديثه لدنيا الوطن مستذكراً الماضي الجميل الصعب والمثير: "عام 1996 في السنة السادسة للطب عملت في شركة أدوية، حيث كانت المحاضرات الدراسية صباحاً والعمل بالفترة المسائية، الى أن وصلت الى مدير مبيعات في الشركة" ، ومع ذلك أنهى تعليمه بالشهادة الأولى "البكالوريوس" بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى.

في السنة 1998 أفلست شركة الأدوية بسبب الأزمة المالية التي ظهرت آنذاك، مشيراً أنه لم يستطع العودة الى غزة بسبب زواجه من روسية واكماله دراسة الماجستير في جراحة الأطفال، وعمل كجراح أطفال في أكاديمية العلوم الطبية للتعليم العالي في موسكو.

مرحلة الدكتوراة وبداية النجاح
ومنذ العام 1999 بدأ مرحلة الدكتوراة في معهد أكاديمية البحوث العلمية لطب وجراحة الأطفال، ويضيف مطر : "عملنا في الفترة الصباحية كجراحي أطفال وأكملنا الفترة المسائية كسائقي تاكسي في موسكو، ويذهب للمنزل للراحة حين يتوقف لـ "عامود" كهربائي معتقدا أنه أحد الركاب الراغبين بالتوصيل."

ويضيف الدكتور مطر : "أنهيت الدكتوراة كعامل جراح صباحي وعامل تاكسي مساءاً، ويشير لعمله كـ "مطهراتي"، عربي يعمل على طهور الأطفال العرب والمسلمين في موسكو.

بعد انهائه للدكتورة عام الـ2002 أشار مطر أنه عمل في المعهد الذي تخرّج منه كـ "جراح اطفال"، مضيفاً انه وفي الفترة ما بين عامي ال2002 الى ال2004، كان كمساعد جراحي الأطفال في المعهد، وفي عامي ال2004 و 2005، أصبح جراح رئيسي ويعمل لديه مساعدين بنفس المعهد الطبي.

أول مؤتمر عالمي لطب الذكورة
في العام 2005 شارك الدكتور مطر في أول مؤتمر عالمي لطب الذكورة، الممثل الوحيد لدولة روسيا، الأمر الذي أثار اعجاب البعض، ومعارضة الآخرين كمدرسيه في المعاهد التعليمية الأخرى لكون الدكتور مطر من أصول فلسطينية حصل على الجنسية الروسية.

أساليب علاج جديدة
طوّر الدكتور مطر أساليب مختلفة من العلاج الجراحي لأمراض الجهاز التناسلي  وألّف أكثر من 120 ورقة علمية في المطبوعات الروسية والأجنبية، مشاركاً في المؤتمرات والاتفاقيات العلمية الروسية والدولية، وعمل بعدة مستويات وظيفية منها:
  • عضو في جمعية الجراحين للأطفال روسيا
  • عضو في الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية للأطفال ( ESPU )
  • عضو جمعية المسالك البولية الأميركية ( جمعية المسالك البولية الأميركية )
  • عضو في الرابطة الأوروبية لجراحة المسالك البولية ( EAU )
  • عضو في الجمعية الدولية لل مبال تحتاني و الخنوثة اضطرابات
  • عضو في الرابطة المهنية الذكورة روسيا ( PAAR )
  • عضو في الجمعية الدولية لأمراض الذكورة
  • عضو في الرابطة الدولية لجراحة الجنسي
  • عضو في " جمعية الإبداع للكلى لأطفال روسيا " المنظمات غير الحكومية

أصغر رئيس قسم مسالك بولية "سناً"
وفي العام 2007 أصبح الدكتور مطر رئيس قسم جراحة المسالك البولية وطب الذكورة، مشيرا انه كان أصغر رئيس قسم لجراحة المسالك البولية "سناً" بعمر 35 سنة، ويعود الدكتور مطر ليشير أن مشوار النجاح بدأ منذ العام 2005، عبر تشكيل  ورشات عمل والمشاركة بعدة مؤتمرات أوروبية وعالمية، بالاضافة لعمل عدة عمليات جراحية في دول الاتحاد السوفيتي سابقا.

رحلة عمل جديدة
ويروي الدكتور مطر، انه ومنذ 4 شهور عُرض عليه تولي وظيفة نائب رئيس الأطباء في المعهد، مشيرا الى قبوله العمل بشرط بقائه رئيس قسم المسالك البولية بالاضافة لنائب رئيس الأطباء في المعهد، وبقائه كجراح عامل، مشيرا أن عمله في الميدان والجراحة وليس عمل اداري فقط كنائب رئيس الأطباء في المعهد.

الحياة الشخصية ليست ببعيدة
وعلى صعيد حياته الشخصية أشار مطر أنه متزوّج من روسية وله من الأبناء أحمد وأمير، مشيرا الى ان تربيتهم تتم بوجود نوعين من الدماء الفلسطينية والروسية ، مشيرا انه لا ينسى فضل دولة روسيا التي احتضنته في فترة دراسته وعمله وحتى تفوقه، الا أن هذا لا يُنسي فلسطين الأرض والوطن والعودة.

اسبوعين ما بين المطار ومحطة الباصات
ويستذكر الدكتور مطر الأسبوعين الاسودين في بدايات حياته، في عام 1991 وبعد فوضى انهيار الاتحاد السوفيتي ، عاش ما يقرب الأسبوعين متنقلاً ما بين مطار فنوكوفو في موسكو ومحطات الباصات بسبب عدم وجود مكان للمعيشة وفقدانهم للمنحة الدراسية، الأمر الذي اضطره للذهاب لأوكرانيا ودراسة سنة كاملة هناك قبل عودته لموسكو واكماله من السنة الثانية للطب.

وحول أسعار الشقق والأجار، قال الدكتور مطر أنه في فترة الاتحاد السوفيتي وصلت أجار الشقق الى 10 دولار شهرياً اي ما يقرب الـ 180 روبل ارتفعت الى 100 الى 200 دولار خلال فترة أواخر التسعينات وتصل حاليا لأكثر من 1000 الى 1500 دولار شهريا.

عمليات جراحية في غزة
وفي العام 2012 وخلال لزيارته لقطاع غزة أجرى الدكتور مطر عدة عمليات نادرة من نوعها بالعديد من مستشفيات القطاع المختلفة، مشيرا الى انه أجريت العشرات من العمليات للعديد من المواطنين في قطاع غزة ممن لا يحالفهم الحظ في الخروج لاجراءها بإسرائيل كونها الدولة الوحيدة المجاورة تستطيع إتقانها، مشيراً أن نسبة النجاح في العمليات التي أجراها بمستشفيات قطاع غزة قدرت بالعالية جدا ، علما أن هناك عدد من المواطنين اجروا مثل هذه العمليات في مستشفيات مصر وغيرها من البلدان أكثر من مرة ولم تنجح.

مشاريع في فلسطين
وبالاضافة لعمله الحالي يعمل الدكتور مطر على الاجابة عن أية استفسارات عبر موقع الالكتروني http://matar.ru/ أو ما يصله عبر الايميل فيما يخص جراحات المسالك البولية والأمراض المتعلقة بها.

وحول ما يخطط له حاليا، يشير الدكتور مطر الى انه قرر تأسيس جامعة كاملة للتعليم العالي في فلسطين مجهّزة بأحدث الأساليب العلمية والطبية .

الرؤية المستقبلية والحلم
ويقول الدكتور مطر أنه يعمل على قاعدة واحدة وضعا في حياته، انه كأجنبي ولكي يكون بنفس مستوى المواطن الروسي يجب أن يعمل ضعفي ما يعمل الروسي، اما ليتفوق الأجنبي على الروسيين يجب أن يعمل بأكثر ثلاثة أضعاف ما يعمله المواطن الروسي.

وحول وجوده الحالي في روسيا مشيرا أنه لا يمكن التوقف عند مستوى معيّن، متصوراً حياته بالسلم الخشبي، وكل مرحلة في حياته كدرجة واحدة من السلم، وكل خطوة يصعدها للاعلى تصل النيران للدرجة الاخيرة وتحرقها، مشيرا انه لا يمكنه التوقف أبداً والا ستأكله النيران على الدرجة الأخيرة وفي نفس الوقت لا يعرف نهاية السلم أو الدرجة الأخيرة له.

نجاحك يوم يشكرك مريضك
ويختم الدكتور مطر بانه لا يعتبر الانسان ناجحاً الا اذا تكلم الاخرين عنك، وعندما ياتيك المريض يشكرك على نجاحك يمكن الحديث أنك انسان ناجح.

وينتهي مشوار دنيا الوطن مع الانسان الذي بدأ حياته من طالب يعمل على التاكسي وجرّاح "مطهراتي" لأبناء العرب الى نائب رئيس المعهد الطبي، ومن شخص باحث عن منزل يتكون من غرفة واحدة "اجار" الى بناء فيلا شخصية في العاصمة الروسية موسكو.













التعليقات