الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تنعي الروائي العالمي المبدع غابرييل غارسيا ماركيز

رام الله - دنيا الوطن
ننعي بألمٍ شديد؛ رحيل المبدع العالمي الكبير غابرييل غارسيا ماركيز، بالألم والحزن، ويهتزُّ له العالم الإنساني المتحضر كله؛ وفي قلبه قوى اليسار الديمقراطي في هذا العالم، رحل الماركيز ليلتقي بالحكيم مانديلا.. والقائد هوغو تشافيز؛ جوهر القيمَّ بأقانيم إبداعية مختلفة.. راياتهم المعاني الوضاءة.. المساواة.. والعدالة الاجتماعية بالاشتراكية.. والتسامح.. كم هو ثقيل هذا العام 2014..(!)

·      مهما انبرت وتكرست المؤسسات الإعلامية المعولمة لكواسر الرأسمال ولصوص الشعوب، وأدعياء مزاعم حقوق الإنسان.. وازدواجية معاييرهم، ومعهم لصوص المال العام والفساد.. عبدة سدنة العالم الرأسمالي؛ فلن يصلوا إِلى ما يرمون مهما تباكوا او للاحتواء.. لأن الإِرث الإبداعي والكفاحي للقامات الباسقة قد عرّاهم من ورقة التوت.. والخلل الأخلاقي الانساني هتك ضمائرهم بدءاً من الآبارتهيد والفصل العنصري في جنوب إفريقيا المحررة.. وفي آخر ما تبقى في هذا العالم.. في فلسطين..

هذا ماصرح به مصدر مسؤول في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين:

وأضاف: إن مفاجأة الخبر الأليم رحيل الماركيز.. هو مثلما كتاب كبير ينفتح أمامك ولا نهاية له.. صورهُ تتحرك.. كلماته بأصواتها.. وعالم الكفاح.. وعالم الكلمة لا يعرف زوال.. عالمٌ رحيب.. رغم الشعور بالأَلم والوحشة.. يبقى الدرب.. ودرب الاستذكار والإحتفاء.. وما حققوه للثقافة الإنسانية العالمية التي تواصل مسيرتها.. عزاؤنا في التحامل على جراحنا..

إن القائد البطل والمبدع الثقافي الإنساني لا يتكامل في ذاكرة الشعوب.. إلا إذا كان إنساناً، وكلَّ ما هو إنساني ليس غريباً عنه، ومهما مرّ الزمن فإن قسمات إنسانيته عصيّة على الانكسار أو التزوير، لأنها تعبير عن الكينونة الإنسانية، فالمُثل تبقى فوق الاعتبارات العرضية، ألم يكن مانديلا في زنزانته المنفردة.. لكنه كان يتسلل في كل ليلة إِلى مدن الصفيح والطين والمعازل..!

الماركيز كتاب رواية كونية ينفتح أمامك.. لانهاية له.. إلا بتحقيق الإنسان.. الإنسان..، رحيل.. لكنه ملأ مساحات صمته اللاحق.. رحيل من المكان.. لكنه الآن مبهوراً متماهياً في اللا حدود.. الشعوب كلها تقرأه بلغاتها.. كلما سطعت شمس.. وانبلجت نهارات.. فلا حدود مسيجة بل.. مترامية.. عالمٌ يساري تتعمد شعوبه بأنوار الروح والكلمة الحقة.. لقد تعمَّد مثقفون ونخب ثقافية في مختلف المعمورة بشعوبها ولغاتها بكلمته، وتخرجت من "عباءة- معطف الماركيز".. كما خرج العديد في أميركا اللاتينية..

مضيفاً: "هانحن نتتبع الالتماعات، في قراءات مقارنة تاريخية.. هذه الالتماعات التي أنتجت في التاريخ عبر تضافرها نهضةً حضارية وثقافية استبقت التغيير، في ألمانيا الفلسفة، في الحراك الإبداعي الروسي الهائل الذي استبق الثورة البلشفية، والتركة الثقافية التي مهدت للثورة الفرنسية، ومنحت محركاتها المستندة إلى الواقع قوه اجتماعية دافعة ودافقة، مهيأةً فلاحة الأرض النظرية والمعرفية والإبداعية..

مؤكداً: "إن النبراس المبكر في أميركا اللاتينية ابتدأ مع الماركيز.. في هذه الالتماعة المضيئة تربت وتكونت نخب ثقافية على التماعات وجذوة وهامة الماركيز، مع حركة طباعة واسعة..، وواصل الماركيز كتابة عاموده اليومي في صحيفة يومية..، مستعيداً العديد من المثقفين من خانات السلطة أو "العزلة".. أو الشتات والهجرة.. إِلى دائرة النضال والشعوب.. مُشِّكلاً حضوراً نامياً دائباً متراكماً.. في سياق ثلاثة مفاهيم (المجتمع، الثقافة والنخب) في مثلث مفاهيمي استقطابي، فالثقافة ظاهرة تاريخية في أشهر تعريف لها الذي يرى فيها: (كل القيَّم المادية والروحية ووسائل إنتاجها، واستخدامها ونقلها، التي يخلقها المجتمع عبر تطوره التاريخي)..، فهي ليست ما نعيه فقط.. بل ما نحيا من أجله.. هي إشارات المستقبل..، "في هذا السياق يمكن لنا رؤية قصة عناصر المستقبل بالالتحام والترابط..

وختم بالقول: نعَزي الإنسانية جمعاء.. وشعوب أميركا اللاتينية.. وكولومبيا.. وفلسطين التي أحبته.. ونعزي أسرة الماركيز، وبالتأكيد نخص بالتعزية قائد الثورة الكوبية فيديل.. وكوبا راؤول كاسترو، البلد والرفاق الذين أحبهم الماركيز وأحبوه على درب سيمون بوليفار، ونقول لهافانا الثورة التي أحبها من قلبه، ولـِ "المدرسة الدولية للسينما والتلفزيون" في هافانا، التي اعتادت على "ورشات السيناريو" لماركيز التي تقيمها للسينما والتلفزيون؛ التي قال عنها الماركيز: "أنا أنظم هذه الورشات، لكي أرى سر الإبداع، ولكنه يفاجئني دائماً، فالحقيقة هي أن الإبداع لا يتحقق ما لم يُستحث".

نعم الإبداع هو في العمل الجماعي بما يمثل من قيمة، وبعث الحياة في المناظرات القديمة، وكسر تقاليد السيناريو الحديدي المرهوب، والتوجه نحو مفهوم أكثر انفتاحاً للدراماتورجيا السينمائية البديلة.

إنه اختباراً لجدارة الأفكار المطروحة، بالتزام دور الموجه والخبير الضامن لعدم الانسياق للترهات والهذيانات وإضاعة الوقت..

وسيبقى الماركيز من خلال نهجه ولتلاميذه بمثابة "النخاع الشوكي" الحقيقي للإبداع المنشود.. وسيبقى معنا في فلسطين.. الصوت المختلط بالكدِّ والعرق.. مع فلسطين المدعوكة تربتها بالدم المتخثر الرطب.. المحتوية للنار بجسدها.. رغم أسوار العزل العنصري.. سيبقى ربان سفينة الإبداع الواقعي.. في فلسطين.. والتي تعكس كل آلام المُخِلص.. فوق خشب الصليب.. وقد تضرجت بسحنة العنصرية وشرِّها.. من سحر اخضرار أنفاسها.. إِلى أطواق ومعازل الجحيم..

التعليقات