عصافير إبعاد مروان وسعدات الى غزة

عصافير إبعاد مروان وسعدات الى غزة
كتب غازي مرتجى

يُمكن وصف الحالة الفلسطينية السياسية الحالية بـ"ورشة العمل الكبيرة" التي تُفرز عدد كبير من الأفكار والتوصيات والمقترحات بالعادة لا يؤخذ بغالبها وإن كانت أفكارتبحث وتُناقش وربما تستنزف جهداً ومالاً كبيرين .. هذا ما يحدث في أروقة القيادة الفلسطينية الحالية لاستشراف الحال الفلسطيني لما بعد عيد الفصح الاسرائيلي ولما بعد التاسع والعشرين من ابريل حيث الموعد المحدد للانتهاء من المفاوضات التي يُطلق عليها البعض "المفاوضات الفلسطينية - الأمريكية" ..

كواليس المفاوضات مُرهقة , والشروط مُملّة ولا يلتزم بها أي طرف .. والقيادة الفلسطينية رفعت سقف شروطها إلى حد -اللامعقول- اسرائيلياً وأمريكياً .. لكن القيادة الفلسطينية تعلم يقيناً أن حالة السخط الشعبي والرسمي حتى على المفاوضات واستمرارها بالوضع الحالي لا يُسمن ولا يُغني من جوع وسيُسبب لها المزيد من المشاكل ويؤسس لمرحلة سخط شعبي عارم ضد استمرار المفاوضات وقد يحدث ما لا يُحمد عقباه .

لذلك تجد في أروقة القيادة الفلسطينية ومن يعلمون يقيناً أن الفرصة الحالية قد لا تتكرر من يحاولون بشتى الطرق الوصول إلى حل يتجاوز أي غضب شعبي وحتى رسمي فصائلي , وفي المقابل تستطيع الادارة الامريكية تمريره على اليمين المتطرف الاسرائيلي في وضعه الحالي .

من كواليس المفاوضات بحسب ما كشفت مصادر لدنيا الوطن الحديث عن ما بعد عيد الفصح وما تطرحه الولايات المتحدة على اسرائيل والفلسطينيين للقبول بتمديد المفاوضات وعدم انهيارها بشكل كامل وهي الفرصة التي لن تتكرر بحسب ما يهدد به وزير خارجية امريكا "كيري" دائماً .

مروان البرغوثي واحمد سعدات وفؤاد الشوبكي .. إلى غزة , هذا هو الحديث الأهم المطروح في كواليس القيادات الفلسطينية المقربة من الرئيس ابو مازن وهي في دائرة صنع القرار , الاجماع لدى القيادات الفلسطينية يؤكد أن لا تمديد للمفاوضات دون "ثمن معقول" وإلاّ فأحزاب المعارضة وبعض الفعاليات الشعبية ستكون بالمرصاد وستكون ردّات الفعل "أشرس" من المتوقع .

الحل المطروح في الكواليس سيضرب عدة عصافير بحجر واحد , فالإفراج عن مروان البرغوثي وأحمد سعدات ونوّاب حركة حماس سيمنع اهم فصائل المعارضة "حماس - الشعبية" من رفض تمديد المفاوضات وبالتأكيد سيحتجب قرار معارضة المفاوضات ولو خجلاً من أحزاب المعارضة وهذا هو العصفور الأكبر الذي سيضربه الافراج عن مروان وسعدات والشوبكي ونواب حماس .

العصفور الثاني يتمثّل بان الافراج عن مروان بما يمتلكه من رصيد شعبي كبير وكذلك الافراج عن نواب الشعب الفلسطيني واللواء فؤاد الشوبكي المريض بالسرطان الذي يهدد حياته في اي لحظة و الافراج عن صاحب عملية اغتيال الوزير الاسرائيلي "زئيفي" اضافة الى الافراج عن الاسيرات والاسرى المرضى يعني امتثال شعبي كبير وتأييد شعبي عارم لتمديد المفاوضات واستمرارها وحتى التوقيع على اتفاقيات نهائية تعطي ادنى الحدود التي يُطالب بها المجموع الفلسطيني .

العصفور الثالث الذي يمثله الافراج عن مروان البرغوثي, -على الرغم من معارضة القيادة الفلسطينية الافراج عن اي اسير خارج بلدته- لكنها ستوافق على الأرجح على الافراج عن الثلاثي القيادي الى غزة ويُعتبر التنازل عن شرط العودة الى بلداتهم بسيط مقارنة بالانجاز الكبير بالافراج عنهم , ويكون العصفور الثالث بما يمتلكه مروان من رصيد فتحاوي داخلي وخاصة في قطاع غزة يعني انه سيتمكّن اعادة الروح لتنظيم فتح في غزة وكذلك القضاء على "الظاهرة الدحلانية" في القطاع .

اما العصفور الرابع والأخير فيتمثل بما يملكه مروان وسعدات من اجماع من فصائل المقاومة -حماس والجهاد- وقربهم منهم بحيث بإمكانهما اقناع حركتي حماس والجهاد بالمشاركة باي انتخابات قادمة وربما يتمكّن من التاثير على حماس بشأن إنهاء الإنقسام وإنجاز المصالحة الداخلية .

المفاوضات بحد ذاتها ليست عيباً ولا يوجد أي بديل بيد القيادة الفلسطينية في ظل كثرة الظواهر الصوتية التي تطالب بالمقاومة الشعبية وتنام ظهيرة الجمعة والسبت حيث مظاهر المقاومة الشعبية في بلعين ونعلين والنبي صالح , وكذلك مظاهر المطالبة بمقاومة مسلحة قد تبدو ضرباً من الوهم في الوقت الحالي بشكل خاص في ظل الوضع السيء في مدن الضفة , لكن العيب الأكبر يتمثل في الموافقة على استمرار المفاوضات في ظل اوضاع استيطانية تزداد بشكل كبير كل يوم وفي ظل استمرار رفض اسرائيل الافراج عن اي اسير وحجز اموال الضرائب .. وغيرها من اساليب القرصنة والهمجية الاسرائيلية اليومية .. هذا داخلياً فماذا عن الوضع الاسرائيلي الداخلي ؟

التحالفات الاسرائيلية الداخلية "ليبرمان - نتنياهو" في طريقه للتفكك وهو الحل والطريقة المُثلى للهروب للأمام لأي حكومة إسرائيلية ولو تذكروا ما حدث مع أولمرت كان نفس ما سيحدث مع حكومة نتنياهو , لكن لو تمكنّت الولايات المتحدة من الضغط على حلفائها في الاحزاب الاسرائيلية وابقاء الائتلاف الحكومي لإبقاء الحكومة الحالية وتقديم "التنازلات" التي تتمثل بالافراج عن الاسرى المذكورين لتمديد المفاوضات في مقابل "موافقة" مبدئية فلسطينية على طرح لحل نهائي لن يكون كما تتمناه القيادة الفلسطينية .. !

هذا ما يدور الحديث به في الكواليس , وهذا ما تطرحه الاجتماعات المكثفة , وكل ذلك يقع ضمن تأثيرات الأوضاع الفلسطينية الداخلية -الإنقسام- و -الهبّة الشعبية- و -حرب قادمة- عدا عن تاثير الداخل الاسرائيلي على اي قرار .. هل ستنجح القيادة بضرب عصافيرها ؟ أم ستكتفي بالتلويح بضربها واستمرار الاوضاع على ما هي عليه ؟؟