حفلات الطلبة العراقيين.. رقص وغناء بملابس مثيرة

حفلات الطلبة العراقيين.. رقص وغناء بملابس مثيرة
رام الله - دنيا الوطن
وسط زحمة التحضيرات للانتخابات التشريعية، وما يرافقها من ارتفاع في وتيرة الأحداث الأمنية وتداعياتها؛ يبرز في العراق مشهد آخر بعيد جدا عن «التطاحن» السياسي بين الفرقاء والتقاتل مع المتمردين والأعداء، يتمثل باحتفالات المتخرجين الجُدد من الجامعات الوطنية.

هذه الاحتفالات الطلابية الصاخبة أحيانا التي تعلوها مظاهر البهجة والرقص والغناء، ابتهاجا بانتهاء سنوات الدراسة بحلّوها ومرّها، توصف بأنها نوع من التعبير عن إرادة الحياة لدى العراقيين في مواجهتهم لآلة الموت المتوحشة التي تحصد أرواحهم يوميا.

حفلات التخرج تحدث سنويا فـــــي شهــــر ابريــل، حيث لكل جامعـــــة يوم خاص من هذا الشهر «الربيعي» تحتفل فيــــه بذكـــــرى تأسيسها وكذلك إنشــــــاء كلياتها ذات الاختصاصات المتنوعة، لتنطلق بعدها تلك الحفلات خلال أيام الشهر المتبقية.

ولكل كلية على اختلاف تخصصاتها وأقسامها يوم تأسيسي بعضها تختاره كموعد احتفائي لتخرُج طلبة صفوفها المنتهية الذين يمددون احتفالهم أيام.

أول أيام الاحتفال الجامعي يُطلق عليه يوم «الحنّة» وهو تشبيه لليوم الذي يسبق موعد الزفاف، حيث يرتدي فيه الطلبة المتخرجون أزياء متنوعة تراثية وتنكرية. بينما اليوم الثاني يُخصص لالتقاط الصورة التذكارية إذ يُرتدى فيه بدلات رسمية، في حين يشهد اليوم الثالث تجمعهم وعوائلهم في احد النوادي الاجتماعية للاحتفال على أنغام الموسيقى. وهناك من يختصر المظاهر الاحتفائية بيوم واحد فقط.

ومن صور الاحتفالات التي تقام في حرم الجامعة أو الكلية، يرتدي الطلبة المتخرجون ثيابا بعيدة عن «الزّي الجامعي» وهو ما تسمح به رئاسة جامعاتهم وإدارات كلياتهم.

بعض تلك الأزياء تحاكي التراث العراقي وأخرى تبرز الأنساب والأصول العشائرية والقومية والمناطقية للمتخرجين، بينما يرتدي طلبة آخرون ملابس تنكرية وأزياء تشتهر بها ثقافات أجنبية.

الحدث الأبرز في احتفالات التخرج للعام الدراسي الذي شارف على الانتهاء، تمثل في ارتداء بعض الطلاب والطالبات ممن هم في المراحل المنتهية، ملابس عسكرية يرتديها جنود ورجال أمن القوات الحكومية. في خطوة يقول عنها أحد الطلبة إنها «محاولة بسيطـــة لدعــم قواتنا الأمنية التي تحارب الإرهاب في مناطق متفرقة من البلاد».

وعند انتهاء الاحتفالات الطلابية في مقر الكلية أو الجامعة بعد أن يتم اخذ الصور التذكارية مع الأساتذة والزملاء، يخرج المحتفلون في مواكب صاخبة بسياراتهم المُزينة يجوبون شوارع العاصمة بغداد مطلقين العنان لمشاعرهم الجياشة وصفارات مركباتهم الحديثة. لينتهي اليوم الاحتفائي بوليمة غداء أو عشاء في احد المطاعم الراقية.

هذا الأمر لا يقتصر على الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية فقط؛ بل حتى مؤسسات العلم الأهلية لها أيام احتفائية مماثلة. وتبدأ هذه الاحتفالات الطلابية مع مطلع ابريل وتنتهي في أيامه الأخيرة التي ستتصادف هذا العام مع حلول موعد إجراء الاقتراع العام للانتخابات البرلمانية، المُحدد تاريخه في الثلاثين من الشهر الجاري، على أن يسبقه بيوم التصويت الخاص الذي يشمل العسكريين والمرضى والسجناء.

ويلفت الانتباه في هذه التجمعات الاحتفائية، التنوعات الثقافية والعرقية للطلبة المتخرجين الذين يتحدرون من مناطق شتى من بلاد الرافدين. حيث يصطف من يرتدي الزّي العربي الشهير مع زملائهم الذين يرتدون الثوب الكردي ذا الألوان الزاهية بالنسبة للفتيات، والأزياء الأخرى التي تمثل موزائيك المجتمع العراقي المتنوع.

الأزياء الساخرة والتنكرية كان لها حصة في موسم تخرج العام الحالي، حيث سخر عدد من طلبة كلية الإعلام في جامعة بغداد من حال التطرف الديني السائد في بلادهم والمنطقة أيضا، من خلال ارتدائهم «دشاديش قصيرة» وقيامهم بوضع لحى اصطناعية على ذقونهم، كما حملوا بأيديهم مسبحات طويلة، في محاولة لتقليد دعاة التطرف ومطلقي فتاوى الفتن والاقتتال، والسخرية منهم.

وينقل احد الطلبة المتخرجين في قسم الصحافة، بان هؤلاء الطلبة المتنكرين بأزياء الجماعات المتشددة، اخذوا في حفلهم التخرجي يستهزئون ويتهكمون على أفعال مشايخ وعناصر تلك الجماعات الأصولية، عبر تعليقات وتصرفات ساخرة، فضلا عن ترديدهم لخطابات تكفيرية عُرفت عن زعماء وعناصر الفصائل «الإرهابية».

هذه السخرية في يوم الاحتفال الطلابي، يعتبرها المتخرجون ردا على تحذير أطلقه مطلع الشهر الجاري تنظيم «داعش» لطلبة الجامعات العراقية المحتفلين بتخرجهم، حذرهم فيه من إقامة تلك الاحتفالات. إذ وصف «الداعشيون» حفلات التخرج بالـ»بعيدة عن الأخلاق الإسلامية، خصوصا حفل تخرج كلية الطب في جامعة بغداد»، مُشبها إياها بـ«المراقص والملاهي».

وفي الحفلة المذكورة في تهديدات «داعش»، رقص الطلبة المتخرجون على أنغام أغان شبابية حديثة وارتدت الطالبات أزياء مثيرة وجذابة تحاكي في تطريزها الثقافة الاسبانية، بينما ارتدى زملاؤهن الطلاب أزياء بحارة وقراصنة من العصور السابقة. وانتشرت مقاطع فيديو لهذه الحفلة الصاخبة على مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة لاقت ترحيبا واسعا واعتراض البعض.

*عن الراي الكويتية



التعليقات