قضية السفبر الاردني المخطوف في ليبيا العيطان :الخيارات صعبة والرضوخ مدخل لمزيد من الابتزاز

قضية  السفبر الاردني المخطوف في ليبيا العيطان :الخيارات صعبة والرضوخ مدخل لمزيد من الابتزاز
رام الله - دنيا الوطن
لا زالت الحكومة تدير ملف اختطاف السفير الأردني في ليبيا فواز العيطان، على اعتبار أن الأخير اختفى بعدما اختطفته جهة مجهولة لم تعرف أهدافها بعد، دون الالتفات للتصريحات الإعلامية غير الرسمية التي تشير إلى طلب الخاطفين الإفراج عن سجين ليبي في الأردن.

إلا أن التصور العام في أروقة الدولة لا يختلف عن الذي ينقله الإعلام، ومفاده أن مسلحين متطرفين اختطفوا السفير للمفاوضة والضغط باتجاه مبادلته بمطلب ما، الأرجح أنه السجين الليبي محمد سعيد الدرسي.

رغم ذلك، يبقى التصور الذي دعمته تحليلات لصحافيين وخبراء ليبيين وأحد أعضاء فريق التحقيق هناك، عرضة للانهيار في أي لحظة، إذا ما ثبت أن الخاطفين لا ينتمون لتنظيم القاعدة ولا يطالبون بالإفراج عن هذا السجين.

وتقول الحكومة على لسان المتحدثين باسمها واسم وزارة الخارجية إن أي اتصالات بينها وبين الخاطفين لم تجر حتى مساء يوم الاربعاء، وإنه لا معلومات لديها بخصوص ما قاله وزير الخارجية الليبي بشأن اتصالات غير مباشرة تجريها الأجهزة الأمنية الليبية مع هؤلاء.

 

** الحل قد يتأخر .. والخيارات صعبة

في غضون ذلك، تدرس الحكومة والأجهزة المشاركة في التنسيق مع الجانب الليبي بهذه القضية، خياراتها للتعامل مع اختطاف السفير الذي مرّ عليه أكثر من 30 ساعة.

وأياً كانت الخيارات المطروحة، فإنها تبقى صعبة التطبيق والتحقيق، لعدم ضمان نتائج ما يمكن الوصول إليه مع مجموعة تحتجز دبلوماسياً أردنياً رفيعاً.

ويصعّب الأمر أكثر أن الأردن ليس معتاداً على التعاطي مع مثل هذا النوع من القضايا، وهي من الحالات النادرة التي يضطر فيها للتعامل مع اختطاف أحد رعاياه، بل دبلوماسييه.

وألمح مصدر حكومي رفيع إلى أن القضية لن تنتهي خلال الساعات القادمة كما كان مرجحاً في البداية، بقوله إن مثل هذه القضايا "تستغرق أحياناً أسبوعاً أو شهراً أو أكثر من ذلك".

وقال المصدر بخصوص ما يمكن فعله لتحرير السفير، الأمر مبكر للغاية الآن .. لكن في حال التواصل مع الخاطفين فإن الخيارات كلها مطروحة".

وأضاف "لا نستطيع تحديد أو حصر الخيارات، لكننا نؤكد أن كل شيء مطروح للحفاظ على هيبة الدولة الأردنية وسلامة أبنائها ودبلوماسييها".

 

الرضوخ للمطالب .. مدخل لمزيد من الابتزاز

كان الخيار الأكثر سهولة بالنسبة للعديد من الدول والحكومات تاريخياً في حوادث الخطف والمفاوضة، هو الرضوخ لمطالب الخاطفين للحفاظ على سلامة الرهائن، لكن الوضع في الأردن يبدو أشد تعقيداً.

ففي السجون الأردنية المختلفة، وأبرزها سواقة والموقر وأم اللولو، يقبع العديد من قيادات السلفية الجهادية المحكومين بقضايا تتعلق بالإرهاب والموقوفين على خلفية هذا النوع من القضايا.

ويرى مسؤولون على صلة بملف اختطاف العيطان، أن الرضوخ لمطالب خاطفي السفير إذا كان الإفراج عن أحدهم، سيفتح الباب لمزيد من عمليات الخطف والاستهداف للبعثات الدبلوماسية الأردنية، وربما المدنيين.

ولا يعلن الأردن سياسة محددة بشأن التفاوض مع الإرهابيين والخاطفين، إلا أن ما يرشح من أحاديث يشير إلى أن هذا الأمر ليس من أولوياته.

ويحذر المسؤولون من أن الأمر سيتحول إلى ابتزاز علني للأردن في ملف معتقلي ومحكومي القاعدة والسلفية الجهادية البارزين، من قبل متمرسين في الجماعات المتطرفة على عمليات الخطف والمفاوضة.

 

"حل وسط" لا يلقى حماساً

لكن أي رفض رسمي علني لمطالب الخاطفين إذا تمثلت بالإفراج عن الدرسي أو غيره، سيشكل خطراً على حياة السفير العيطان، وهو ما سيكون معضلة أكبر أمام الحكومة محلياً وخارجياً.

لذلك، يطرح البعض ما يصفه بالحل الوسط في خصوص المطلب الافتراضي، ويتمثل بالوصول إلى صفقة – مباشرة أو عبر وسطاء – مع الخاطفين لنقل السجين المطلوب إلى السجون الليبية وإتمام محكوميته هناك.

ويذكّر أصحاب الطرح بأن للسفير المخطوف أقارب قد لا يحتملون الانتظار أكثر، معتبرين أن ما يقدمونه سيرضي طرفي المعادلة.

وعلى الرغم من كون الحل قد يرضي الجهة الخاطفة - التي لا زالت مجهولة أو مجهّلة - باعتبار أن الوضع الأمني المتردي في ليبيا يساعد على إخراج السجين من مكان اعتقاله دون جهد يذكر، إلا أن الأوساط الرسمية لا تبدو متحمسة لهذا السيناريو.

 

وساطة القبائل

خلال الساعات الأخيرة، برز طرح رسمي لا زال قيد الدراسة فيما يبدو، يدعو إلى استغلال الجهود المبذولة، لمعرفة الجهة الخاطفة وتحديد الانتماءات القبلية لعناصرها.

تهدف الفكرة على الأرض، إلى محاولة استغلال الرابط القبلي لدى المجتمع الليبي، والوصول إلى وجهاء متعاونين من السلطات، قد يستطيعون إقناع الخاطفين بإنهاء الملف، بأقل الخسائر.

وربما يرضي هذا الحل الجانب الأردني الرسمي في حال تمت الوساطة والتفاوض دون انخراط الحكومة وأجهزتها بشكل مباشر فيهما.

ولا يمكن التوثق من أن الأردن اعتمد هذا الحل أو غيره في ظل السرية التي يحيط بها العمل الرسمي في هذا الملف، سيّما وأن الحكومة تؤكد عدم اتخاذ أي إجراء قبل معرفة الخاطفين ومطالبهم.

استغلال الوقت ومعلومات "الحلفاء"

لكن تأكيدات الحكومة لا تعني عدم الإعداد لمواجهة أي تطورات تستجد في ملف اختطاف العيطان، الذي تتواصل الاتصالات والجهود الدبلوماسية بشأنه.

وللوصول إلى تحقيق وساطة القبائل أو غير ذلك من الحلول التي لا تندرج تحت باب الرضوخ للمطالب، تؤكد مصادر رسمية أن الأردن يستغل الوقت المتاح قبل إعلامه رسمياً بهوية الخاطفين وما يطلبونه.

وتوضح المصادر أنه "من الطبيعي أن تزوّد أي دولة حليفة للأردن، خصوصاً تلك المعنية بليبيا، بالمعلومات التي تحصل عليها" أجهزتها الاستخبارية ودبلوماسيوها، في الوقت الذي لم يبدأ فيه الخاطفون بالعد التنازلي.

وتشير إلى أن المعضلة تتمثل في عدم كفاءة واحترافية أجهزة الأمن الليبية، فيما يجعل الاعتماد عليها أمراً وحدها غير مقبول.

التعليقات