ناصر الملا: المسرح الكويتي أو الخليجي لم يخرج بمفاهيم جديدة بدون مال البترول

ناصر الملا: المسرح الكويتي أو الخليجي لم يخرج بمفاهيم جديدة بدون مال البترول
المبدعون والمثقفون العرب هم الذين يعكسون أحاسيس ومشاعر الإنسان العربي من خلال أعمالهم الفنية والمسرحية وإبداعاتهم المتميزة .

كما أنهم يجسدون معاناة وآلام وظلم الإنسان العربي من قبل الأنظمة الحاكمة التي ترفض شتى أنواع النقد أو حرية الرأي والتعبير.

من هذا المنطلق كان لنا هذا اللقاء مع الكاتب والأديب المسرحي الكويتي " ناصر الملا " عضو رابطة الأدباء في الكويت ومؤلف عشرات المسرحيات أبرزها مسرحية غزو أمريكا ، ومسرحية الميثاق المقدس ، ومسرحية موتى بلا رؤوس ، ومسرحية ثورة رغم انف الملوك ... والذي قام بإعداد دراسة متميزة تحمل عنوان " البترول هل يصنع مسرحاً "

الكاتب المسرحي ناصر الملا التي تربطه علاقات وطيدة مع الكاتب والروائي السوري حنا مينة والكاتب والروائي المصري أسامة أنور عكاشة وعميد الصحافة القطرية ناصر محمد العثمان... أكد أن الحرية يكفلها القانون على الورق ، أما على ارض الواقع فان مساحة الحرية أمام المسرحيين والمثقفين أو الذين يختلفون مع الطرح الآخر ممثلاً في السلطة الحاكمة أو الجماعات الإسلامية فان أي خوض إبداعي أو انتقادي مرفوض .

وفيما يلي الحوار كاملاً مع الكاتب المسرحي الكويتي " ناصر الملا "

أجرى الحوار الصحفي عبد الهادي مسلم ..

1- توافقت إيقاعات الحركة المسرحية في الكويت، هبوطاً وصعوداً مع واقع المتغيرات الاجتماعية فيها، فهل تعتبر النشاط المسرحي من أبرز أنواع النشاطات الفنية في الكويت؟

الهبوط والصعود مع واقع المتغيرات الاجتماعية لا تخلق مسرحاً وثقافة بالمصطلح الدارج في البيئات المنتجة. البيئة التي يعتمد عليها المسرحي على المتغيرات هي بيئة استهلاكية لأنها بيئة لا تحمل تجاربها مفاهيم ثقافية بإمكانها امتصاص بل وهضم تلك المتغيرات بكل سهولة ويسر.

وطبيعي في مناخ مسرح الهواة والمبتدئين أن يكون هناك نشاط مسرحي أو تربوي هدفه ملئ وقت الفراغ وإثارة الضحك وفي ما بعد التعليق على هذا النشاط من الجهابذة والدكاترة المتمرسين على صفت التعليق تارة والتلفيق تارة أخرى. 

 

2- هل ما تزال مساحة الحرية متاحة أمام المسرحيين، أم أن هناك مضايقات من الاتجاهات الإسلامية في الشارع؟

الحرية يكفلها القانون على الورق، أما على أرض الواقع فإن مساحة الحرية أمام المسرحيين والمثقفين أو الذي يختلفون مع الطرح الآخر ممثلاً في السلطة الحاكمة أو الجماعات الإسلامية فإن أي خوض إبداعي أو انتقادي مرفوض.

-       أما عن المضايقات من قبل التيارات الإسلامية للمسرحين، فهذه التيارات حليفة السلطة في الكويت والسلطة في الكويت تستعين بها وقد استعانت بها في أوقات كثيرة لمحاربة المسرح والمثقفين وأي مد قد يؤثر على العامة من قبلهم.

       فهذه التيارات الإسلامية ضمنت موقعها من السلطة. ضمنت سيطرتها على المدخرات المالية عن طريق الزكوات والصدقات وضمنت المنابر وضمنت الحياة ورغد العيش. والمسرح في نظر هذه الجماعات والسلطة السياسية عدو لابد من القضاء عليه أو تهميشه بأي شكل من الأشكال.

3- يعتبر الكويت من أوائل دول الخليج في ظهور حركة المسرح، حيث قدمت أول مسرحية مدرسية عام 1938 في المدرسة المباركية، فهل تبرز لنا ظروف هذه الخطوة الرائدة ولمن يعود الفضل في إنهاضها؟

أنا لا أحبذ كلمة ريادة من قبل قطر على الأقطار الأخرى وإن كانت من المسرح. التجربة الكويتية هي الأقدم من بين التجارب الأخرى، وتبقى تجربة مداها المسرحي الفعلي لا يتعدى الخمسون عاماً قدمت من خلالها مسرحيات جميلة وفنانين أجمل ولكن يبقى المسرح ابن أبيه وليس ابن ذاته.

أي أن المسرح الطليعي أو الثقافي في الكويت إن لم يدعم من ميزانية الدولة فلن يوجد لذلك يعتبر مسرح مكمل للمسرح وليس مسرحاً لخلق فن مسرحي صحيح على أقل تقدير في العشرين سنة الفائتة أو العشرين سنة القادمة.

أما النشاطات المدرسية المسرحية التي ابتدأت وكيف تبلورت فكرة المسرح فيها فهي لا تعنيني.

 

4- مهزلة مهزلة، كان أول نص مسرحي كويتي للشاعر أحمد العدواني عام 1947، فهل انتعشت بعد ذلك مجالات الكتابة المسرحية، ومن أهم أبرز كتاب المسرح في الكويت؟

عرفت الشاعر أحمد مشاري العدواني عن طريق قصائده ولا أعرف إن كان كتب شيئاً عن المسرح.

أما عن الكتّاب الذين تأثرت بهم فلا أخفيك سراً إن قلت لك إنني أتأثر بأي كاتب يأتي بفن مسرحي جديد وغريب في شكله وطرحه وبالتأكيد مضمونه وقس على ذلك باقي الفنون الأخرى.

 

5- ما هو دور الفنان المصري زكي طليمات في إرساء قواعد المسرح في الكويت؟

زكي طليمات هو من أعاد رسم خارطة المسرح الكويتي بشكل عصري ولا ننسى دور حمد الرجيب في تحديد مواقع الفرق المسرحية في هذه الخارطة.

 

6- المسرح بدأ إذن قبل البترول في الكويت، فهل ساهم اكتشاف البترول في نهضة مسرحية أكبر؟

المسرح بمفهومه المتعارف عليه لم يبدأ إلا مع البترول ولكن هل استطاع أي المسرح الخروج من برميل البترول؟ وأن يخلق فنه وتمرده وثقافته بمفهومه هو لا بمفهوم البترول والآخرين؟

-       لقد تطرقت لتلك الإشكالية في كتاب " البترول هل يصنع مسرحاً" ووجدت أن لا ثقافة مسرحية كويتية أو خليجية استطاعت أن تخرج بمفهوم جديد وبإنتاج جديد من دون مال البترول!

 

7- تجربتك في الكتابة المسرحية متى بدأت، وما هي أهم المسرحيات التي تعتبرها الأهم.

ابتدأت في كتابة النص المسرحي وأنا طالب في كلية الدراسات التطبيقية  وأذكر إنني شاركت في مسابقة الكلية بفصل مسرحي هو الأول لي عن موضوع الغزو العراقي على الكويت وكان من يشرف على المسابقة المرحوم مبارك الصوري.

       كل مسرحية من مسرحياتي اعتبرها صرخة مدوية في وجه ذلك العالم الذي نشاهده منتظماً ولكنه بواقع الحال غير منتظم.

       بدليل ما يحدث في الأقطار العربية من قبل تلك السلطات التي تريد أن تحكمنا إلى الأبد فهي الألهة وهي المثال وهي السلطات التي تريد أن تضمن موقعها في الحكم وإن أدى ذلك إلى تدمير بلدانها وشعوبها فأي حرية أو ديمقراطية تلك التي يتحدثون عنها؟

 

8- بمن تأثرت في تجربتك في الكتابة؟

أنا كعصاة موسى تلقف كل ما يقع أمامها من كتاب أو نص مسرحي أو أي معلومات أستطيع أن أستفيد منها وأن تملئ بالمقام الأول فكري ووجداني.

       ولكن للمسرح الإغريقي تأثيراً عليّ وهكذا بالنسبة للمسرح الروماني والأوروبي- أي أن المسرح الغربي هو من أثّر فيّ بشكل كبير ولكن هذا التأثير لم يطغى على كتاباتي أو يمحي هويتي بل هو علم استطعت من خلاله تثقيف نفسي ومن ثمة الكتابة في المسرح.

 

9- هل هناك ثمة محرمات تفرض على النص المسرحي في الكويت؟

عدم التطرق لثلاثة محاذير. الأولى عدم المس بالذات الإلهية وبذات الأنبياء والصحابة وبالذات الأميرية، وعن نفسي لا أفهم معنى التطرق إلى الذات، ثم باقي الشعب أليسوا أصحاب ذوات؟

       نحن نعيش في بلد يحكمه القانون، شكل هذا القانون يدل على الرقي ولكن ممارسته تُكلفنا الكثير وحيال ذلك ما الذي بتصورك ينتظرنا؟

 

10-ما الذي تريد أن تقوله في مسرحية المأمون؟

مسرحية المأمون تتحدث عن مراحل فاصلة من الدولة العباسية والفكر العربي والإسلامي وبالتحديد من حين قيادة  الخليفة المأمون للدولة العباسية وقضائه على أهم المؤثرين في هذه الدولة.

       فقد حالف رجال الدين وعلمائه بالتحديد. واستطاع أن يكسبهم بالسياسة وبالمنطق الذي اعتنقه وهذا ما يثبته التاريخ. مفهوم الفكر لدى المأمون كان بلا شك سابق لعصره وأيضا لعصرنا إن أردت أن نسمي الأشياء بأسمائها لقد غيّر المأمون أشياء كثيرة في الفكر العربي والإسلامي وهو من استطاع أن يضع حداً فاصلاً بين رجل الفكر ورجل الدين.

       فإن رجعت إلى المذهب الجعفري فسوف ترى رجال الدين  لاعنيه لأنه بتصورهم قد قضى على إمامهم الثامن على الرضا. وإن رجعت للسلف وإمامهم أحمد بن حنبل لوجدت اللعنة ذاتها توجه للمأمون.

       يبقى أن المأمون عاش عصره وشغل به فكر وعقول العامة فكان نجم زمانه وزماننا أيضاً.

 

11-لماذا استعادة الماضي الآن، وهل تنعكس وقائع الأمس على واقع الحال اليوم؟

الرجوع إلى التاريخ في المسرح يمثل لي التجديد في الواقع وأيضاً في معالجة الوقائع التاريخية من منظور الفن والصراع وأثر الحضارات في التطور أو الإخفاق الذي وصلنا إليه وبالتأكيد وقائع الأمس لهي خير ناطق على وقائع اليوم لأن ما من جديد في عالم اليوم يستطيع أن يقدمه المسرحي العربي في ظل ما يحدث في وطننا العربي.

       لأن مفهوم الفكر أو الفلسفة تراوح في مكانها لذلك تأتي الثورات كردات فعل على مجمل الإخفاقات والانكسارات التي نتعرض لها.

 

12-أي مستقبل تتوقع للمسرح الكويتي اليوم؟

       المسرح في الكويت هو ابن أبوه كما ذكرت ولا حاضر أو مستقبل له إن لم يخرج من رعاية أبوه ويخلق لنفسه واقع مستقل.

  


التعليقات