جامعة النجاح الوطنية تُرسي معالم التعلّم المجتمعي كمدخل تدريبي وفلسفة تدريس حديثة

رام الله - دنيا الوطن
تشهد جامعة النجاح الوطنية في فلسطين نهضة تكنولوجية وطبية وبحثية عالية المستوى، فهي تواكب آخر المستجدات العلمية على المستوى العالمي، ولا تألُ جهداً لتبنّيها ودمجها بالمحتوى التعليمي. والجامعة تبتعث طلبتها ومدرسيها إلى أعرق جامعات العالم لإكمال دراستهم العليا، وتعيد تصميم عناصر العملية التعليمية تمشّياً مع سياسات التطوير والجودة للوصول بالجامعة إلى أرقى المستويات العالمية على مستوى جودة التعليم العالي، وتحقيقاً لرؤيتها ضمن خطتها الاستراتيجية للعام 2015.
ومؤخراً فقط، تربّعت الجامعة على عرش المؤسسات التعليمية في فلسطين، وانفردت بين قريناتها في الحصول على التقييمات العالمية كشهادة التميّز الأوروبي (EFQM)، وطلبتْ إختيارياً تقييم أدائها من خلال برنامج التقييم المؤسسي (IEP) التابع لإتحاد جامعات الإتحاد الأوروبي، والذي أشاد بجودة وشفافية العملية التعليمية، وحصدت المركز الأول فلسطينياً في الإنتاج البحثي حسب إحصائيات قاعدة البيانات العالمية (Research Gate)، وهي قاب قوسين أو أدنى من الحصول الرسمي على اعتماد مواصفة (APET) العالمية في جودة التعليم الهندسي والتكنولوجي.
وتباعاً للرؤية التعليمية العصرية هذه، وفي خطوة للنهوض بالتعليم الفلسطيني، فالجامعة على موعد مع الفصل الدراسي الثاني من العام الأكاديمي 2013/2014، وفلسفة تدريس ومدخل تدريبي جديد هو التعلّم المجتمعي (التعليم القائم على الرّبط مع المجتمع)؛ والتي تقوم على وضع الطالب في بيئة العمل كجزءٍ من عملية التعلّم، بحيث يكون الجانب العملي مكمّلاً للجانب النظري وليس بديلاً عنه، منتقلين في ذلك من الأسلوب التقليدي في التعليم إلى أسلوب آخر يكون فيه الطالب نفسه محور العملية التعليمية.
بدأت الحكاية بمبادرة من مركز التميّز في التعلّم والتعليم في الجامعة، بهدف إدخال طرق تدريس حديثة إلى النظام التعليمي في الجامعة، وبالفعل حصل المركز على مشروع من خلال برنامج تطوير الكوادر التعليمية الفلسطينية (PFDP)، وشرع فوراً بتشكيل كادر متخصص من العاملين في الجامعة لتدريب أعضاء الهيئة التدريسية على منهجية تصميم المساقات ومخرجات التعلّم، وآلية البحث عن شريك مجتمعي، بالإضافة إلى طرق التقييم الحديثة للمساقات.
ولتعزيز الخطوة ذاتها، توجه وفد من أساتذة الجامعة بقيادة د. عبد الكريم دراغمة، مدير مركز التميز في التعلّم والتعليم (CELT)، إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، واطلعوا على تجربة الجامعة الرائدة في برنامج التعلّم المجتمعي والذي يزيد عمره عن عشر سنوات. وستقوم الأخيرة ضمن إتقافية تعاون بمساعدة "النجاح" في إنشاء برنامج التعلّم المجتمعي، والبداية مع إطلاق 10 مساقات من البرنامج إلى جانب تسيير أمور التدريب خلال عامين.
يقول د. عبد الكريم دراغمة، "إننا بإنشاء برنامج التعلّم المجتمعي نكون قد امتثلنا لهدف استراتيجي عالِ المستوى يقع ضمن خطة الجامعة الإستراتيجية، ألا وهو خدمة المجتمع والمساهمة في بناء النهضة الإجتماعية والإقتصادية له."
ويضيف، "في مساقات التعلّم المجتمعي نقوم بالبحث عن شركاء في المجتمع المحلي ونقف على تلبية احتياجاتهم، وبذلك نكون قد وفّرنا لطلبتنا حالات ومشاريع حقيقية ليعملوا من خلالها على تطبيق الإطار النظري لمساقاتهم، وقدّمنا خدمة للمجتمع."
ومن جانب آخر يؤكد د. دراغمة، "تعزز فلسفة التعلّم المجتمعي شخصية الطالب وحضوره، وترفع من قدراته في الإتصال والتواصل، وابتكار الأفكار، ما يعني أنه بات مهيئاً لسوق العمل. مع العلم أن المشاريع التي ينتجها الطلبة خلال الفصل الدراسي -كمخرج للمساق- تكون مفتوحة لاستخدام الشركاء بالمجان."
وفي الإطار ذاته يبيّن د. عماد دواس، "ترتكز العملية التعليمية في فلسفة التعلّم المجتمعي على المنفعة المتبادلة بين المؤسسة الأكاديمية متمثلة بالطالب والمدرس من جهة، وبين المجتمع من الجهة الأخرى." يشغل دوّاس، منسق برنامج التعلّم المجتمعي في الجامعة.
ويوضّح أكثر فيقول، "أما الطالب فتكمن استفادته باحتكاكه بالمجتمع وتعرّفه على المشاكل الموجودة، مما يساعده على تشخيصها والتعرف على العوامل المؤثرة والمتأثرة بها. أما المجتمع فيكمن استفادته في الحصول على خدمة مجانية قد تكون ذات كلفة مادية عالية، وفي بعض الأحيان تعاني هذه المؤسسات من انعدام الخبرات التي بامكانها القيام بمثل هذه الخدمة".
يذكر هنا أن سبعة شهور متواصلة من التدريب والتحضير أمضاها أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة بصحبة المدربين المختصين في موضوع التعلّم المجتمعي، والنتيجة هي طرح 10 مساقات تعليمية ذات عبئ دراسي (3 ساعات)، خلال الفصل الدراسي الثاني، في تخصصات مختلفة مثل تكنولوجيا المعلومات، والطب، والتعليم، واللغات، والهندسة، والإعلام. وهذه المساقات أُعيد تصميمها لتكون مربوطة بالمجتمع، وليست استحداثاً على الخطة التدريسية.
إذن، عدد من أعضاء الهيئة التدريسية أعادوا تصميم مساقاتهم وفق فلسفة التعلّم المجتمعي وهم جاهزون للبدء في التدريس. د. فريد أبو ضهير، المحاضر في دائرة الإعلام، أحد هؤلاء الأساتذة، يقول: " قمت باخيتار مساق الإعلان الصحفي للعمل عليه، كونه يتضمن جوانب عملية، ويتضمن كذلك إمكانية أكبر لاحتكاك الطلبة بالمجتمع ومؤسساته".
أما د. سمر مسمار، المحاضرة في كلية الطلب وعلوم الصحة، فتقول حول تجربتها، "في الحقيقة تخصصي هو طب الأسرة والمجتمع، وجزء كبير منه مرتبط بحاجة المجتمع، ولذا فإن التعلّم يجب أن يكون مبنيّاً على أساس حاجة المجتمع".
وفي النهاية يبدو أنه يستحيل بناء نظام تعليمي بمعزل عن دراسة واقع المجتمع وحاجاته، وضمان إحتكاك الطالب بهذا الواقع ومعالجته.. فالطالب جاء منه ويسعود إليه لا محالَ.


تشهد جامعة النجاح الوطنية في فلسطين نهضة تكنولوجية وطبية وبحثية عالية المستوى، فهي تواكب آخر المستجدات العلمية على المستوى العالمي، ولا تألُ جهداً لتبنّيها ودمجها بالمحتوى التعليمي. والجامعة تبتعث طلبتها ومدرسيها إلى أعرق جامعات العالم لإكمال دراستهم العليا، وتعيد تصميم عناصر العملية التعليمية تمشّياً مع سياسات التطوير والجودة للوصول بالجامعة إلى أرقى المستويات العالمية على مستوى جودة التعليم العالي، وتحقيقاً لرؤيتها ضمن خطتها الاستراتيجية للعام 2015.
ومؤخراً فقط، تربّعت الجامعة على عرش المؤسسات التعليمية في فلسطين، وانفردت بين قريناتها في الحصول على التقييمات العالمية كشهادة التميّز الأوروبي (EFQM)، وطلبتْ إختيارياً تقييم أدائها من خلال برنامج التقييم المؤسسي (IEP) التابع لإتحاد جامعات الإتحاد الأوروبي، والذي أشاد بجودة وشفافية العملية التعليمية، وحصدت المركز الأول فلسطينياً في الإنتاج البحثي حسب إحصائيات قاعدة البيانات العالمية (Research Gate)، وهي قاب قوسين أو أدنى من الحصول الرسمي على اعتماد مواصفة (APET) العالمية في جودة التعليم الهندسي والتكنولوجي.
وتباعاً للرؤية التعليمية العصرية هذه، وفي خطوة للنهوض بالتعليم الفلسطيني، فالجامعة على موعد مع الفصل الدراسي الثاني من العام الأكاديمي 2013/2014، وفلسفة تدريس ومدخل تدريبي جديد هو التعلّم المجتمعي (التعليم القائم على الرّبط مع المجتمع)؛ والتي تقوم على وضع الطالب في بيئة العمل كجزءٍ من عملية التعلّم، بحيث يكون الجانب العملي مكمّلاً للجانب النظري وليس بديلاً عنه، منتقلين في ذلك من الأسلوب التقليدي في التعليم إلى أسلوب آخر يكون فيه الطالب نفسه محور العملية التعليمية.
بدأت الحكاية بمبادرة من مركز التميّز في التعلّم والتعليم في الجامعة، بهدف إدخال طرق تدريس حديثة إلى النظام التعليمي في الجامعة، وبالفعل حصل المركز على مشروع من خلال برنامج تطوير الكوادر التعليمية الفلسطينية (PFDP)، وشرع فوراً بتشكيل كادر متخصص من العاملين في الجامعة لتدريب أعضاء الهيئة التدريسية على منهجية تصميم المساقات ومخرجات التعلّم، وآلية البحث عن شريك مجتمعي، بالإضافة إلى طرق التقييم الحديثة للمساقات.
ولتعزيز الخطوة ذاتها، توجه وفد من أساتذة الجامعة بقيادة د. عبد الكريم دراغمة، مدير مركز التميز في التعلّم والتعليم (CELT)، إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، واطلعوا على تجربة الجامعة الرائدة في برنامج التعلّم المجتمعي والذي يزيد عمره عن عشر سنوات. وستقوم الأخيرة ضمن إتقافية تعاون بمساعدة "النجاح" في إنشاء برنامج التعلّم المجتمعي، والبداية مع إطلاق 10 مساقات من البرنامج إلى جانب تسيير أمور التدريب خلال عامين.
يقول د. عبد الكريم دراغمة، "إننا بإنشاء برنامج التعلّم المجتمعي نكون قد امتثلنا لهدف استراتيجي عالِ المستوى يقع ضمن خطة الجامعة الإستراتيجية، ألا وهو خدمة المجتمع والمساهمة في بناء النهضة الإجتماعية والإقتصادية له."
ويضيف، "في مساقات التعلّم المجتمعي نقوم بالبحث عن شركاء في المجتمع المحلي ونقف على تلبية احتياجاتهم، وبذلك نكون قد وفّرنا لطلبتنا حالات ومشاريع حقيقية ليعملوا من خلالها على تطبيق الإطار النظري لمساقاتهم، وقدّمنا خدمة للمجتمع."
ومن جانب آخر يؤكد د. دراغمة، "تعزز فلسفة التعلّم المجتمعي شخصية الطالب وحضوره، وترفع من قدراته في الإتصال والتواصل، وابتكار الأفكار، ما يعني أنه بات مهيئاً لسوق العمل. مع العلم أن المشاريع التي ينتجها الطلبة خلال الفصل الدراسي -كمخرج للمساق- تكون مفتوحة لاستخدام الشركاء بالمجان."
وفي الإطار ذاته يبيّن د. عماد دواس، "ترتكز العملية التعليمية في فلسفة التعلّم المجتمعي على المنفعة المتبادلة بين المؤسسة الأكاديمية متمثلة بالطالب والمدرس من جهة، وبين المجتمع من الجهة الأخرى." يشغل دوّاس، منسق برنامج التعلّم المجتمعي في الجامعة.
ويوضّح أكثر فيقول، "أما الطالب فتكمن استفادته باحتكاكه بالمجتمع وتعرّفه على المشاكل الموجودة، مما يساعده على تشخيصها والتعرف على العوامل المؤثرة والمتأثرة بها. أما المجتمع فيكمن استفادته في الحصول على خدمة مجانية قد تكون ذات كلفة مادية عالية، وفي بعض الأحيان تعاني هذه المؤسسات من انعدام الخبرات التي بامكانها القيام بمثل هذه الخدمة".
يذكر هنا أن سبعة شهور متواصلة من التدريب والتحضير أمضاها أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة بصحبة المدربين المختصين في موضوع التعلّم المجتمعي، والنتيجة هي طرح 10 مساقات تعليمية ذات عبئ دراسي (3 ساعات)، خلال الفصل الدراسي الثاني، في تخصصات مختلفة مثل تكنولوجيا المعلومات، والطب، والتعليم، واللغات، والهندسة، والإعلام. وهذه المساقات أُعيد تصميمها لتكون مربوطة بالمجتمع، وليست استحداثاً على الخطة التدريسية.
إذن، عدد من أعضاء الهيئة التدريسية أعادوا تصميم مساقاتهم وفق فلسفة التعلّم المجتمعي وهم جاهزون للبدء في التدريس. د. فريد أبو ضهير، المحاضر في دائرة الإعلام، أحد هؤلاء الأساتذة، يقول: " قمت باخيتار مساق الإعلان الصحفي للعمل عليه، كونه يتضمن جوانب عملية، ويتضمن كذلك إمكانية أكبر لاحتكاك الطلبة بالمجتمع ومؤسساته".
أما د. سمر مسمار، المحاضرة في كلية الطلب وعلوم الصحة، فتقول حول تجربتها، "في الحقيقة تخصصي هو طب الأسرة والمجتمع، وجزء كبير منه مرتبط بحاجة المجتمع، ولذا فإن التعلّم يجب أن يكون مبنيّاً على أساس حاجة المجتمع".
وفي النهاية يبدو أنه يستحيل بناء نظام تعليمي بمعزل عن دراسة واقع المجتمع وحاجاته، وضمان إحتكاك الطالب بهذا الواقع ومعالجته.. فالطالب جاء منه ويسعود إليه لا محالَ.


