قصص تُنشرها دنيا الوطن لأول مرة من داخل حصار أبو عمّار: حفلة صاخبة على أغاني طل سلاحي بعلبتين من اللحم .. عرفات بلهجته المصرية: "اللي يقدس مرتو يقدس ارضو"

قصص تُنشرها دنيا الوطن لأول مرة من داخل حصار أبو عمّار: حفلة صاخبة على أغاني طل سلاحي بعلبتين من اللحم .. عرفات بلهجته المصرية: "اللي يقدس مرتو يقدس ارضو"
رام الله- خاص دنيا الوطن
هو ياسر عرفات .. ربما لكل مواطن فلسطيني في الداخل والشتات قصة معه .. قدره أن تبقى ذكراه حيّة في عقول وقلوب الفلسطينيين بلا استثناء ..

دنيا الوطن بحثت ولا زالت عن قصص لا زالت حيّة في عقول المواطنين وبطل تلك القصص ياسر عرفات ..

ظافر النوباني .. مسؤول ملف المساعدات الانسانية بمكتب الرئيس , عايش أبو عمار في الحصارين الأخيرين .. عرف الكثير وكان شاهد عيان على حصار ظالم أسفر عن قتل ياسر عرفات بالنهاية ..

يتحدث لدنيا الوطن وكأنه لا زال يعيش في الحصار ذاته .. قصص تُحكى وأخرى يتحفظ عليها .. كل ساعة حكاية , هكذا وصف ظافر النوباني حياته في الحصار مع ياسر عرفات ..

دنيا الوطن تنشر حكايا "النوباني وعرفات" 

إلى الحلقة الثانية ..

متضامنون أجانب قدموا من كافة بلدان العالم .. جلهم من المثقفين والمفكرين . تقدميّون آمنوا بقضيتنا العادلة فانتفضوا لنصرة ياسر عرفات .. شكّلوا بحسب شهادة النوباني لدنيا الوطن درعاً واقياً لياسر عرفات من أي حماقة إسرائيلية كانت تفكّر بها ..

يقول النوباني عن ذكرياته : " كلّفني ياسر عرفات باستقبال الوفد الأجنبي المتضامن معه وتوفير كافة الامكانيات وسبل الراحة , والتواصل الدائم معهم , وكان لكل شخص منهم حكاية .. عرفناها وتعايشنا معها أثناء الحصار " ..

يبدأ النوباني حكايته : " وكان من بين الأجانب المتضامنين بريطاني -بيل موتيرسون- رئيس اتحاد عمال أوروبا وصديقه نائبه -ماريو- , كان بيل ضخم -طولا وعرضا- ويوزع ابتساماته على الجميع  ويردد دائما :" لازم ينتصر الشعب الفلسطيني وان يكون ابو عمار قائدا للأمة العربية" "

يقول النوباني في شهادته : "عرفت من صديق بيل -ماريو- ان عيد زواج "بيل موتيرسون" يصادف -يومها- , وهذا عيد اليوبيل الفضي -أي 25 عاما على زواجه- وعرفت من صديقه ماريو انو موتيرسون لو كان في اخر الكون يعود الى منزله مع زوجته بزواجهم لانه يعشقها بشكل كبير"

يضيف النوباني : " توجّهت لأبو عمار وأخبرته بالأمر , واننا بصدد اقامة حفلة صغيرة لبيل في المقاطعة" .

يكمل النوباني : " أعطاني ياسر عرفات علبتين من اللحمة -ما يقارب نصف كيلو لحم مفروم- وهي حصة الأجانب في هذا اليوم من الحصار لإطعامهم , فقلت أن العلبتين ساستخدمهم في الحفل الصغير الذي سنقيمه مساء" .

يتحدث النوباني بصوت بدى عليه الحزن :"واجهتني انتقادات شديدة , فبدأ الجميع يتحدث اننا نواجه الموت وظافر يريد اقامة حفل صغير , لكنّي كنت على يقين أن تلك الأحداث والتصرفات وهي بالمناسبة ليست مصطنعة تؤثر في الرأي العام العالمي وتغيظ إسرائيل" .

توجّه عدد كبير من المحاصرين بالمقاطعة بحسب النوباني لياسر عرفات لاقناعه بعدم اقامة الحفل , فنحن في طريقنا للموت .. يقول ظافر , ردّ عليهم أبو عمّار بلهجته المصرية المميزة :"الله - ازاي ده الحياة لازم تستمر ، ده الراجل اجا من اقصى الدنيا لهنا، واللي يقدس مرتو يقدس ارضو" .

يقول النوباني , ابلغني ابو عمّار بابلاغه بموعد الحفل قبل نصف ساعة من اقامتها .

يضيف : "الساعة 12 -بداية يوم جديد ويصادف يوم عيد زواجه- قررنا اقامة الحفل ،جهزنا الطاولة بالجرائد القديمة ووضعنا علبتي اللحم التي اعطاني اياها ابو عمار انا وصديقي -محمد مشارقة- وجهزنا انفسنا للحفل " .

يكمل النوباني "عرفات الوحيد الذي يحمل ضوء كشّاف وكنا نعرف ان ابو عمار جاء عندما نشاهد ضوء الكشاف , فشاهدنا الكشاف لكن ابو عمار لم يأت الينا الى الغرفة المقرر اقامة الحفل بها .. وذهب الى غرفته -علماً ان غرفته بعيدة عن القصف المدفعي 5 متر فقط واسرائيل على بعد خطوة منه-  فذهبت خلفه لأرى ان كان يحتاج لشيء .. فأخرج من مقتنياته القديمة علبة شيكولاتة وقال هذه للجميع -رأيت تاريخ الانتهاء على علبة الشيكولاتة قد حان- وأخرج أيضاً جاكيت نسائي مطرّز وأزال عنه الغبار وقال هذه لزوجة بيل "

يقول النوباني " سبقت أبو عمّار والأغراض معي , فجاء بعدها ابو عمار من خلفي وقمت بإضاءة الشمعة وأخبرت بيل بأن ينظر خلفه "

يكمل النوباني :" هجم بيل على ياسر عرفات بعد أن شاهده خلفه وحتى اللحظة لا زلت أذكر الحضن الدافيء الذي استمر أكثر من 20 ثانية وبعد أن أبعد الحراس بيل عن ابو عمّار رأيت الدموع تنهمر من عيون بيل .. كان مشهداً رائعاً لا أنساه".

بحسب النوباني , قال بيل لأبو عمار -مترجمة- :"سيدي الرئيس والله هذا اليوم هو اسعد يوم في تاريخ حياتي، لم يمر علي اسعد من هذا اليوم اللي انا شفتك فيه شخصياً , هذه أجمل هدية في حياتي سأنقلها لزوجتي الغالية"

يقطع النوباني حديث بيل ويقول :"ليس فقط رؤية أبو عمّار , الرئيس يهديك هذه الجاكيت لزوجتك ويبارك لكم عيد زواجكم ".

يقول النوباني :"بدأ الحفل وقام الفدائيون المحاصرون معنا بغناء اغنية - طل سلاحي من جراحي يا ثورتنا ... - وبدءوا بالتلويح بأسلحتهم في السماء "

ينهي النوباني :"شكّل الحفل أكبر ضربة للجنود المحاصرين لنا , وبدأت بعدها عملية الاجتياح الكبرى واقتحام بعض المباني في المقاطعة  - واستمر الحفل على الرغم من خبر من متضامنة فرنسية -الجيش الإسرائيلي يقتحم الآن المقاطعة- واستمرّ الحفل باصوات اغاني الثورة تقاطعه اصوات القصف والرصاص الاسرائيلي كل ثانية-"

غداً : من هو صاحب السروال .. ساعي القهوة ؟

لاحقاً : قصة حب في الحرب 

التعليقات