قصص تُنشر لأول مرة من داخل حصار أبو عمّار : ربع مليون دولار لعلاج طفل .. وعرفات :"الله - ده ربنا يُحيي العظام وهي رميم"

قصص تُنشر لأول مرة من داخل حصار أبو عمّار : ربع مليون دولار لعلاج طفل .. وعرفات :"الله - ده ربنا يُحيي العظام وهي رميم"
النوباني مع أبو عمار
غزة- خاص دنيا الوطن
هو ياسر عرفات .. ربما لكل مواطن فلسطيني في الداخل والشتات قصة معه .. قدره أن تبقى ذكراه حيّة في عقول وقلوب الفلسطينيين بلا استثناء ..
دنيا الوطن بحثت ولا زالت عن قصص لا زالت حيّة في عقول المواطنين وبطل تلك القصص ياسر عرفات ..
ظافر النوباني .. مسؤول ملف المساعدات الانسانية بمكتب الرئيس , عايش أبو عمار في الحصارين الأخيرين .. عرف الكثير وكان شاهد عيان على حصار ظالم أسفر عن قتل ياسر عرفات بالنهاية ..
يتحدث لدنيا الوطن وكأنه لا زال يعيش في الحصار ذاته .. قصص تُحكى وأخرى يتحفظ عليها .. كل ساعة حكاية , هكذا وصف ظافر النوباني حياته في الحصار مع ياسر عرفات ..

دنيا الوطن تنشر حكايا "النوباني وعرفات" 

إلى الحلقة الأولى  ..

الحكاية الأولى :
يقول النوباني : " ابو عمار عاش 5 سنوات  بالحصار حتى لم يكن يستطيع مغادرة المقاطعة الى طبيب الاسنان او لتصوير الأشعة فكنا نأتي بجهاز الأشعة لتصويره والأطباء يأتون عنده"

يضيف : "بالفترة الاخيرة تم تجفيف كل الموارد المالية لم يعد هناك اي دعم عربي او دولي او اسلامي فيما يتعلق بالمعيشة ومصاريف الحكومة والامور الانسانية و  لم يكن لدى السلطة الفلسطينية في فترة حصار ابو عمار سوى الاموال الشحيحة"

ويقول: "انا كنت مدير المراجعات والمتابعات في مكتب ابو عمار والمقصود بالمراجعات والمتابعات -كل البريد الانساني الذي يصل الى السيد ابو عمار كان يصل لي وانا ارفعها  بكتب مختصرة الى الاخ ابو عمار-"

ويبدأ القصة: "جاءتني امرأة يوم جمعة جاءت الى مكتبي وكانت تبكي وبين يديها طفل ما بين 8 الى 9 شهور وكان بطنه منفوخ بشكل غريب، سألتها عن حاجتها، قالت لي: ابني، ولم اكن اعرف ما بها من بكائها المتواصل، وقالت، ابني يريد علاج فهو يحتاج الى كبد وهذا تكلفته حوالي 170 الف يورو في المانيا"

يقول النوباني معلقا "اعرف ان عملية  الكبد لطفل امر غير طبيعي لان جزء كبير من البالغين لم تنجح لهم مثل تلك العملية فكيف بطفل" فأجبتها :"هل أنت لوحدك هنا ؟" , فقالت "زوجي بالخارج" , فاستدعينا زوجها ..

يقول النوباني "زوجها كان اسير محرر  لمدة 11 سنة وكان طموحه ان يرى له  والداه طفلا , فلجأ الى عملية زراعة انابيب ونجحت ورزقه الله بالولد وعنده فشل بالكبد"

فقال لي زوجها : "انا اعرف انك تريد ان تقول لي ان هذا طفل ولا يتحمل العملية وتكلفة العملية 170 الف يورو اي ما يقارب 250 ألف دولار "

يقول النوباني ان التعليمات لديه بعدم تحويل اي بريد يخص المساعدات الانسانية , يستطرد والد الطفل حديثه وهو ما جعل النوباني يتأثر بحديثه " انا استوعب ما تقوله ولكن يجب ان تقدر موقفي وموقف أمه لانها لاتنجب وانا احب زوجتي ولا اريد أن استبدلها وانجبت لي هذا الولد الذي يمثل قصة حياتها وهي تخشى ان اتزوج من أخرى تحت ضغط أهلي ولدي طموح ان اصل لاخر مرحلة في العلاج"

يقول النوباني " سالته ان كان يصلي فاجب نعم , فقلت له اذهب وتوضّأ لأني سأدخلك لياسر عرفات " ..

يستطرد النوباني بشهادته .. قلت لوالد الطفل : "انا مهمتي ان اوصلك الى الغرفتين اللتين نصلي فيهم الجمعة مع ابو عمار راح اخدك تصلي معي ومنك لابو عمار تتحدث معه دون ان اتدخل انا"

يضيف النوباني "بالفعل , دخلنا نصلي والحرس يسأل من هذا الرجل فقلت لهم هذا قريبي صلينا وعادة ابو عمار يسلم على الجميع بعد انتهائه من الصلاة ، وبعد الصلاة ذهب الرجل الى ابو عمار وقال له انا اسير محرر ولي طلب انساني عندك"

فسأله ابو عمار عن طلبه، فقال الرجل: "ابني"

سأله ابو عمار بلهجته المصرية : "ماذا به؟"

نادى الرجل زوجته وطفله , فرأى ابو عمار الطفل ببطن منفوخة بشكل غير طبيعي , فقال ابو عمار : "ايه ده ايه ده ايه ده" مكررها اكثر من مرة 

فقالت له المرأة : "هذا ابني مريض"

فرد عليها ابو عمار بلهجته المصرية : " مريض نعالجه"

وهي تبكي قالت لأبو عمار: " ابني مريض ويحتاج الى زراعة كبد في ألمانيا"

فقال الزوج: "انا اعرف الحال ولكن بدك تقدر امه وانا متفق.. " ، قاطعه ابو عمار هنا مستغربا  وبعصبيته المعروفة " متفق بايه ؟ متفق بإيه ؟ "  

فرد الرجل: "الناس يقولون انه لن يتحمل زراعة كبد وبموت الولد"

فقال له ابو عمار: "الله ،ده - ربنا الذي يحي العظام وهي رميم" وظلّ أبو عمّار بحالته العصبية الزائدة ..

فكتب أبو عمّار الى وزير المالية لتغطية علاج نفاقاته كاملة في المانيا وتذاكر السفر لوالديه وصرف نفقات الاقامة في المانيا طوال فترة علاجه وهذا ما يعادل ربع مليون دولار 

يعلّق النوباني : " أبو عمّار كان مستعد لبيع ملابسه لأجل مواطن بسيط "..

سالته دنيا الوطن عن مصير الطفل فكانت المفاجأة .. الطفل توفي بعد ذهابه إلى ألمانيا .. 
على الرغم من ذلك , نشرت عائلة الطفل شكر كبير في الصفحة الاولى في احدى الصحف شكراً لأبو عمّار .. فقد قدّرهم وقدّر نضال والد الطفل .. 

يقول النوباني .. :" اسم ياسر عرفات , يكفي .. كلمة ده ربنا يحيي العظام وهي رميم لا زالت تعلق بذهني حتى اللحظة .. موقف مؤثر ويختصر الكثير عن أبو عمّار ".

الحلقة القادمة .. بعلبتي لحمة .. احتفال مهيب بعيد زواج أحد المتضامنين الأجانب مع أبو عمّار 
لاحقاً .. سلام فيّاض , بسروال.. ومواقف لا تُنسى

التعليقات