ترك " ناسا"الامريكية لنقل غزة إلى حرب النجوم في الفضاء .. سليمان بركة لدنيا الوطن :"أريد أن يرى أطفالنا جمال السماء لا الأباتشي أو F16"

ترك " ناسا"الامريكية لنقل غزة إلى حرب النجوم في الفضاء .. سليمان بركة لدنيا الوطن :"أريد أن يرى أطفالنا جمال السماء لا الأباتشي أو F16"
غزة- خاص دنيا الوطن - محمد الدهشان
“ السماء هي المكان الوحيد في غزة الذي ليس له جدران أو حدود  " , بهذه المقولة يواسي عالم الفلك " الوحيد " في غزة نفسه بعد الحصار المفروض على مدينته منذ 7 سنوات .

 سيرته الذاتية مليئة بالمغامرات والقرارات الغريبة التي غيرت مسار حياته وغيرت " غزة " بعد أن نقلها إلى الفضاء بالتلسكوب الوحيد الذي استطاع إدخاله إليها وأول من أدخله كذلك.

هو عالم الفلك الفيزيائي سليمان بركة  الذي يحلم ببناء وتأسيس علم الفلك في فلسطين .

وكان لدنيا الوطن لقاء وحوار شيق معه .

من هو سليمان ..

يُعرف العالم نفسه فيقول : " أنا  سليمان محمد بركة من مواليد عام 1965من خانيونس , درست الثانوية العامة في غزة وأكملت البكالوريوس في جامعة أبو ديس في الضفة الغربية  ثم عملت دراسات عليا في جامعة بن سلفينا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1998 ثم درست ماجستير في الجامعة الإسلامية عام 2003، وعملت الدكتوراه في الفيزياء الفلكية في جامعة بيير وماري كوري في باريس عام 2007" 

وأضاف بركة : " عملي وأبحاثي تتركز حول دراسة أثر تفاعل الرياح الشمسية مع المجالات الشمسية فالرياح الشمسية ليست رياح الكون الطقس على كوكب الأرض بل هي حالة البلازما أو الحالة الرابعة " 

وذكر بركة أنه عضو في اتحاد الجيو فيزيائين في معهد فيزياء الفضاء الامريكي وايضا عضو في اتحاد الفيزيائين الفضائيين الأوروبي الذي يعمل علي حل مشاكل في المجتمع العملي في فيزياء الفضاء .

من وكالة ناسا إلى غزة ..

كان بركة يعمل في وكالة ناسا الفضائية ضمن طاقم كفيزيائي لحل بعض المشاكل المتعلقة بتأمين بيئة فضائية سليمة للمركبات الفضائية من نشاطات إشعاعية شمسية كهربائية مفاجئة، وحماية رجال الفضاء من هذه الإشعاعات الكونية أو الشمسية بالكهرباء، واستمر عمله لمدة عام واحد فقط

يقول بركة حول ذلك : " وجودي في أمريكا كان مؤقتا فبعد الاحداث المؤسفة التي حصلت في عام 2007 والانقسام الفلسطيني عدت إلى غزة بعد أن أصبحت عبارة عن مكان مغلق ما تسبب بفقداننا مشروع بقيمة 400 الف يورو بمواضيع الفضاء كان سيتم بالشراكة مع جامعة الازهر والجامعة الاسلامية "

وأضاف :"  بعد الانقسام اصبح من الصعب جدا ان نستقطب علماء وباحثين فذهبنا الي امريكا وعملنا عقد علي اساس الاستمرار هناك وكان هناك من اهم المراحل في حياتي حيث عرفت كيف تصنع أمريكا مجدها من خلال الاشخاص بغض النظر ماهو دينهم او عرقهم او لونهم ولكنها تنظر الي كفائتهم فالحكومة الامريكية تعرف بالتحديد ماذا تريد وتفسح المجال للجميع " 

ويستطرد : "  كنت انا من غزة وكان معي علماء آخرون من تايون واليابان والصين واجناس مختلفة ولكن كان يجمعنا العلم وعندما قامت الحرب علي غزة عام 2008 قمت بإعادة الحسابات بعد ما تم قصف بيتي وتدمير منازل أشقائي الـ7 واستشهاد ابني وكنت وقتها لوحدي في أمريكا "

وأضاف : " بعد هذه الأحداث أعدت قراءة الأمور وعدت إلى هنا لأفتح أبواب دنيتي في غزة، ونعمل عندما تصبح الحياة مستحيلة، هنا في غزة لأن هوية الإنسان أقرب شيء له " 

لم أخرج مطروداً

وأكد بركة أنه لم يخرج من أمريكا مطرودا أو فاشل بل على العكس تماما  : " عُرض علي مغريات كثيرة وعرضوا مضاعفة راتبي ثلاث أضعافه وكانت هناك دعوات لإبقائي لدرجة انهم قالو لي انك لست بعاقل تترك مكانا مثل هذا وتذهب إلى مكان كله حرب ومُغلق فكنت أرد عليهم بمقولتي  -  اذا عرفت انك تعيش في بلاد الانبياء فعليك ان تكون رسولا -   " 

ومن هذا المبدأ بدأ بركة بعمل عدة انشطة في غزة مثل المراقبات الفلكية وكان أولها في المدرسة التي كان فيها ابنه ولزملائه في الدرسة ومع الطلاب وفي المراكز والنشاطات في الجامعات والمساجد وقام بحماية التلسكوبات في 2008داخل المعهد الفرنسي ويوضح بركة السبب : " لأننا في وضع احتلال، ولا أعرف كيف يفهم الطيار الإسرائيلي شكل التلسكوب، فربما في أول افتتاح له يجعل منا شهداء في أول دقيقة، فقلت أفضل شيء أن نضعه في ظل وجود ممثل للحكومة الفرنسية في غزة كنوع من الحماية لهذا المشروع الوليد والمهم باعتقادي " 

فلسطين الوحيدة في اليونسكو

وحول بداية النشاطات الفلكية في غزة يقول بركة : " النشاطات كانت عبارة عن مشاهدة النشاطات الفلكية في السماء واطفالنا في فترة من الفترات للاسف اذا سالتهم ماذا ترى في السماء فيقول لك أرى  الاباتشي او الاف 16 "

وأضاف : " لكن عندما رأى الأطفال السماء بجمالها كانت علامات السعادة علي وجوههم وكانت هذه المشاهد تُفرحني أن غزة المغلقة تكسر حدودها وتنطلق للفضاء وبفضل النشاط والحمد لله قمنا بائتلاف بين جامعة الازهر والاقصي والاسلامية وقدمنا طلب لليونسكو لناخذ كرسي لفلسطين في اليونسكو للفضاء والحمد لله حصلنا عليه بعد عامين وانا امثله حاليا ونحن الوحيدين في الوطن العربي الذين حصول علي هذا المقعد " 

غزة إلى الفضاء

وقام بركة بإنشاء مختبر لدراسة التفاعل الشمسي مع الكواكب وانضم اليه المهندس أسامة أنشاصي الذي أرسله المختبر إلى فرنسا مرتين للتدريب للإنتهاء من الأبحاث ومواكبة المجتمع العالمي " ولنثبت أن فلسطين بها علماء ونجهز لأبحاث على مستوى عالمي ونتحدى الظروف التي تعيشها غزة الصغيرة المحاصرة بقطع الكهرباء وقلة الإمكانيات "

وأضاف: " لكن الاصرار ان نكون في الجامعات العالمية  لنا بصمة في الانجاز العلمي العالمي ونحن علي ثقة بان الانسان الذي يريد ان ينجز مهام خاصة ينجزها رغم الظروف المحيطة ويجب ان يكون عند الانسان بصيره وصبر واصرارا ولا يلتفت للخلف في بعض المسائل التي تحبط الانسان وتجعله غير قادر علي الانجاز " 

ويرى بركة أن القيمية العلمية هي التي تجعل منا  انسان يريد الانجاز في غزة بالرغم من الظروف السياسية والاقتصادية في القطاع والظروف الاقليمية من حول الوطن والتي تحد كثيرا من الانجاز .

في المنهاج الفلسطيني

ويحاول بركة إدراج علم الفلك ضمن المنهج الفلسطيني ويقول : " نحن وظيفتنا في قسم اليونسكو هو اقناع المسؤلين الفلسطيني في وزارة التعليم العالي في غزة ورام الله علي ادراج علم الفلك علي ان يكون ضمن المنهج الفلسطيني لان علم الفلك بالاساس علم عربي في بدايته , وقد تحدثنا  مع رؤساء الجامعات الاقصي والازهر والاسلامية وجامعة بير زيت ورئيس الوزراء في رام الله الحمد لله ووعدوني أن ينظروا في هذا الموضوع "  

وأضاف : " يجب أن يكون الفلك في مناهج المدارس لانه علم الفلك علم شامل جامع الفيزياء الفلكية وهو علم مهم جدا للدولة وعظمتها وانجازاتها في كل العالم "

وأكد : " نحن في فلسطين جاهزون علي عمل منهج عربي من خلال المركز العربي لعلوم الفضاء ومقره الاردن ورئاسته في جامعة الشارقة وان ندرب كادر عربي من العراق حتي ليكون  عندنا طاقم عربي مؤهل لدراسة طقس الفضاء ليس فقط للمساهمة في درء المخاطر الفضائية المحدقة بل من اجل ايضا ان يكون للعرب اسمهم في علم الفلك حول العالم باسم المجتمع العربي " 

وحول مقولة أحمد زويل  " هم يبقون وراء الفاشل حتى ينجح ونحن نبقى وراء الناجح حتى يفشل " يقول بركة : " للاسف الشديد حدث ذلك حين قدمت طلب لأمريكا فوجدو ان هذا التخصص يحتاجوه فسهلوا لي جميع المعاملات وربما لا تصدق أنني حين كنت أطلب كتابا في وكالة ناسا يحضورنه في نفس اليوم بطائرة خاصة إذا لم يكن موجودا وخلال 6 ساعات فقط يكون لديك لانهم يعرفون قيمة العلم والعلماء  "

ويضيف : " للاسف في الشرق الأوسط عندما تقوم بمادة يقولون لك لا نحتاجها " 

وختم بركة كلامه فقال : " عدت إلى غزة لأننا لو عرفنا قدسية هذه الارض كما قال احد الاخوة رحمه الله يمكننا ان لا نرتدي الاحذية حتي تلامس اقدامنا الارض لما فيها من بركة وقدسية "

















التعليقات