قصص وحكايات .. شباب غزة يضعون الفتاة الموظفة على سلم اولويات الزواج .. ويفضلون الراتب بالدولار

قصص وحكايات .. شباب غزة يضعون الفتاة الموظفة على سلم اولويات الزواج ..  ويفضلون الراتب بالدولار
صورة من الارشيف
رام الله - غزة -خاص دنيا الوطن-اسامة الكحلوت 

لم يعد الشاب الفلسطيني يرسم صورة حالمة لشريكة حياته خلال التفكير في الزواج، إنما بات يتطلع للاقتران بالمرأة الموظفة بغض النظر عن عمرها ومستوى جمالها وثقافتها.

ففي السنوات الأخيرة ونتيجة لغلاء المعيشة في القطاع ، وازدياد نسب البطالة واستفحال الفقر بات معظم الشباب يميلون للزواج بالمرأة الموظفة، حتى وإن كانت كبيرة في السن ولا تتوفر فيها معظم المواصفات التي يريدها الشاب في شريكة حياته.

بالرغم من تضارب نسب تبين بالأرقام والإحصائيات نسبة اشتراط الشباب الفلسطيني للزواج أن تكون الفتاة موظفة في وظيفة حكومية  او الاونروا ، فان الواقع غني بالمؤشرات التي تدل على أن هذا الشرط بات على رأس الشروط التي يطرحها الشباب في موضوع الزواج، لدرجة أن الأمر صار ظاهرة آخذة في الاتساع نتيجة تظافر جملة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ريم فتاة غير متزوجة في بداية بداية الثلاثينيات من عمرها تعمل موظفة في احدى المؤسسات الخاصة. بصعوبة وافقت على الحديث عما يدور بقلبها. وأبدت رباب عن شعورها بالندم عمن وصفتهم بـ"طابور العرسان" اللذين رفضتهم وهى في سن مبكرة بحجه إكمال تعليمها الجامعي وطموحها في وظيفة ما. 
وأشارت ريم أن الفتاة في غزة إذا ما وصل عمرها إلى 25عاما يصبح من الصعب التقدم لخطبتها احد. مضيفة "إنني لم أكن أبالي بهذا المنطق الاجتماعي لأنني أتمتع بالجمال والتعليم". إلا أن فكر ونظرة ريم للحياة تبدلت حال تحقيق طموحها بتعليم ووظيفة وتقدما في عمرها. موضحة  أن آخر من تقدم لخطبتها منذ ثلاث سنوات متزوج وله أبناء وفى نهاية العقد الخامس. وتابعت رباب حديثها بأنها تنتظر زوجا وشريكا لحياتها "طال انتظاره".

على رأس العوامل المفسرة لهذه الظاهرة ينتصب العامل المادي وضيق ذات اليد وغلاء المعيشة وازدياد متطلبات الحياة التي تدفع الأغلبية الساحقة من الشباب الغزى إلى أمرين اثنين، إما إطالة أمد العنوسة والعزوف عن الزواج، وإما البحث عن امرأة موظفة أو  ميسورة الحال تعينه على رفع تحديات الحياة الزوجية والتي غالبا ما يكون مصدرها على علاقة بندرة الإمكانيات المالية لشباب اليوم.

فادى مرشود شاب مقبل على الزواج، ويبحث عن عروس "موظفة"، كونه لا يزال عاطلا عن العمل. ويقول : "كل من حولي من أصدقاء وأهل يشجعون ارتباطي بفتاة موظفة، حتى تكون عونا لي، وتساعدني في توفير متطلبات الحياة". ويضيف: "إن هناك مواصفات محددة لتلك الفتاة التي حلمت بها طوال عمري، غير أن البطالة أجبرتني على البحث عن موظفة، والتنازل عن فتاة أحلامي".

اما الشابة روند مرزوق التي تخرجت من الجامعة حديثا  قالت "  جاءت امرأة لخطبتي  فذهبت احمل بيدي الضيافة وجلست ،  واول سؤال سمعته شو تخصص وكم معدلك  وهل  توظفتى ام لا؟؟ "

وتضيف " بعدما علمت انى لست موظفة اعتذرت وقالت انا ابحث عن موظفة لأبني لتساعده في حياته على اعباء الحياة وخاصة ان تخصصك غير مطلوب في قطاع غزة".

وبضحكة ساخرة تقول "في نهاية الحديث وقبل المغادرة سالتها عن مجال ابنها وعمله فقالت : في الانفاق  فردت عليها : يحمد ربه ان وافقت عليه من الاساس"

تضارب الآراء حول هذه القضية يثير الجميع في أي جلسة ما بين مؤيد ومعارض حول هذه القضية  من باب القبول او الرفض وتحمل المشاكل المترتبة على الموظفة ، بالإضافة لتعليقات ساخرة من المعارضين بان الشباب الراغبين بالزواج من موظفات بانهم يبحثون عن الراحة النفسية والمتعة الجنسية  والدخل الوفير بدون تعب.

وللوقوف على صدقية هذا الاتجاه في التفسير، استقينا آراء عينة من الشباب الغزى  لمعرفة توجهاتهم في الموضوع، وفي هذا الإطار أكد لنا حازم ابو حميد المحاضر في جامعة الاقصى الذي تزوج منذ فترة طويلة ويقول " الزواج من موظفة هي حجة مخجلة تحت مبرر التعاون وضعف في شخصية الرجل الشرقي ،ويتوجب على الرجل توفير مستلزمات الحياة، ولكن احيانا يكون الرجل عاطل عن العمل فيبحث عن زوجة تحمل عنه هموم المسؤولية" .

واضاف " هذا الزواج عكس نواميس الكون والاصول ، لأنه الزوجة ربة البيت تحل مكان الرجل ويقوم زوجها بأعمال ربة البيت ولذلك يجب على الرجل القيام بواجباته وبدوره الرئيسي في البيت حتى لا ينهار"

اما الشاب هشام سكيك " 26 عاما " مدير تحرير اذاعة الرأي يعلق قائلا " يبدأ البحث من قبل بعض الشباب عن الموظفة بسبب الاعتقاد الخاطئ لدى البعض بأن العمل في غزة يقتصر على جيل النساء فقط أو أن المؤسسات تهتم فقط بالعنصر النسائي دون مراعاة وجود العنصر الذكري فيما لو كان هذا الرجل لا يعمل "

واكد ان الموظفة هي حلم للجميع  وقال " في حالة أخرى فيما لو كان يعمل براتب زهيد أو راتب مستور يبحث هذا الرجل عن عنصر مساعد له لاستكمال متطلبات الحياة مرتفعة التكاليف، لأنه يعتقد أنه وبمجرد التفكير في تكوين أسرة سيوكل إليه مهام أكبر من حجمه  فيذهب إلى التشرط بوجود موظفة حكومية من جهة أو موظفة وكالة من جهة أخرى وهو الأفضل بكل تأكيد لأنها ستعيله وبقوة لعمل ما كان يحلم به أو يصبو إليه"

اما المخرج بهاء خلف يؤيد مساند المرأة قائلا " طبعا هذا الموضوع يعود للوضع الاقتصادي الصعب جدا،  و يحاول تطبيق مقولة ايد وحده بتزقفش وهادا بوجهة نظري ليس خطأ ولكن الخطأ التواكل على المرأة والرجل يوزع وقته بين القهاوى "

وتبرر الاعلامية ابتسام مهدى زواج الموظفات قائلة " الوضع الاقتصادي السيء في البلد هو من يدفع الشباب علي فعل ذلك ،وانا اجده مبرر في هذا الوقت ولكن في نفس الوقت لا اجد مبررا لموظفين بوظائف عليا مثل الدكتور يطلب موظفة في الوكالة بمعني يوجد مبرر ولكن وفق حاله الشخص"

ويرى الصحفي محمد الجمل ان لزواج الموظفات بعض المزايا .وقال " لأنه وضعنا وضع صراع وحرب في فلسطين  فلا يوجد احد يضمن عمره وحياته ، فينطلق الشاب من قاعدة انه في حال وفاتي في أي ظرف من الظروف تبقى زوجتي تعيل الاسرة من خلفي ولا تمد يدها لاحد ويعيش أبنائي بأمان"

ولكنه شخصيا رفض الزواج من موظفة واضاف " على صعيدي الشخصي رفضت الزواج من موظفة ، لأنه برأيي بيت متماسك وأبناء يحظوا برعاية اب وام سليمة اهم بكثير من كل الاموال ، رغم اني لا اسلب حق المرأة في التعليم والعمل"

وانتقدت الشابة سنوات عميرة الباحثة في مجال ادارة الاعمال لدرجة الماجستير هذا الزواج قائلة " الرجل اذا اقدم عالزواج من اجل الحصول على راتب ثاني حرام يكون رجل،  المساعدة من الزوجة حلوة وضرورية لكن  لا تكون الهدف الاساسي للزوج".

اما الشاب محمد الوحيدي مدير البرامج في فضائية فلسطين بقطاع غزة يشرح هذا الزواج بشكل اخر قائلا " الزواج ليس  مجرد علاقة و شراكه جنسيه ترتبط بالجسد و معايير الجمال ، الزواج شراكه استراتيجية هدفها الأساسي بناء الخلية الأصغر في المجتمع بشكل متماسك ، بالتالي الحديث عن زوجه موظفه في شيء من المنطق إن كان ذلك الشرط ضمن حزمه متكاملة من عوامل النجاح للعلاقة من توافق فكري و ثقافي و إحساس عالي بالمسئولية"

اما الباحثة في المجال النسوي تهاني قاسم قالت " في الوضع الحالي هناك الكثير من الشباب  يبحثوا عن الفتيات الموظفات وخاصة المدرسات لأنهن يعملوا في جهة رسمية بمعنى مثبتات ولهن ادخار"

واشارت لاستفحال هذه الظاهرة في المجتمع قائلة  " هذه الظاهرة الان موجودة في قطاع غزة وبكثرة ، والحالات اللي بنشوفها دليل على هذا ، لانهم بياخدوا البنت علشان الوظيفة وبعد هيك بيكتشفوا الاثنين انهم مش مناسبين لبعض"

وقد اكدت آخر الإحصاءات الرسمية أن الإناث يشكلن حوالي 53 بالمئة من المجتمع الغزي، فيما تأتي الظروف السياسية والاحتلال وجرائمه من حرب وقتل واستشهاد واعتقال للشباب الفلسطيني، وكذلك الفقر والحصار الاقتصادي كلها لتشكيل عوامل حاسمة في هذا الاتجاه.

 ويؤكد رجال القضاء الشرعيون في غزة ان أسباب العنوسة في فلسطين كثيرة ويأتي على رأسها الاحتلال، الذي يرمل النساء وييتم الأطفال ويهدم الأسرة الفلسطينية من خلال سياسة الحصار الاقتصادي وفرض الحواجز.

 ثم العادات والتقاليد الاجتماعية وأهمها الغلاء الفاحش في المهور، وإعداد بيت الزوجية، وظهور التزامات اجتماعية جديدة تزيد من العبء المادي على الزوج، كصالات الأفراح وحفلات الزواج وموائد الطعام المكلفة.

بينما يرى باحثون اجتماعيون في غزة أن العزوف عن الزواج يعود لأسباب اقتصادية بحتة، تتعلق بعدم حصول الكثير من الشباب على وظيفة، كما وان مستوى الراتب الشهري للوظيفة لا يكفي لسد حاجات أسرة صغيرة، إضافة إلى استحالة الحصول على المسكن والأثاث بسبب الحصار الخانق والارتفاع الحاد لأسعار السلع والخدمات كافة.

التعليقات