توفيق الطيراوي: السلطة فشلت في الانتقال من الاحتلال إلى الاستقلال والإخوان المسلمين هم اول من شرع بالاغتيالات السياسية على مدى تاريخ نشأتهم

توفيق الطيراوي: السلطة فشلت في الانتقال من الاحتلال إلى الاستقلال والإخوان المسلمين هم اول من شرع بالاغتيالات السياسية على مدى تاريخ نشأتهم
رام الله - دنيا الوطن
قال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» مدير جهاز المخابرات العامة الفلسطينية السابق اللواء توفيق الطيراوي: إنّ السلطة الوطنية الفلسطينية فشلت في الانتقال من الاحتلال إلى الاستقلال.

واعتبر اللواء الطيراوي، المستشار الأمني للرئيس الفلسطيني، أنّ الموافقة الفلسطينية على استئناف المفاوضات تعكس تردد القيادة الفلسطينية، معتبراً أن الموقف الفلسطيني السلبي أضعف الحالة الفلسطينية بشكل عام «وأدى بها إلى الكثير من التنازلات غير المدروسة لشعورها بالعجز والضعف».

وأشار الطيراوي إلى التراجع بدون أي ثمن عن الاستحقاقات التي تمسكت بها قيادة حركة «فتح» للعودة للمفاوضات طيلة ثلاث سنوات.. وركّز على أنّه «لا يمكن لأميركا أن تكون راعياً نزيهاً للمفاوضات» لأنّها منحازة الى دولة الاحتلال.

وكشف أن القيادة الفلسطينية أخطأت في مجالات عدة، أهمها أنها لم تستطيع نقل السلطة من الاحتلال إلى الاستقلال، وأضاف أنّ «القيادة تعتقد أنها بنت مؤسسات وهذا غير صحيح لأن بناء المؤسسات هو بناء البشر لا الحجر».

وحول سقوط الإخوان المسلمين في مصر وانعكاس ذلك على الحالة الفلسطينية خاصة والعالم العربي بشكل عام أعرب الطيراوي عن اعتقاده بأنّ «مشروع الإخوان المسلمين الذي عملوا على تحقيقه منذ أكثر من 80 عاماً انتهى بفشل ذريع».

وفي ما يلي تفاصيل الحوار بين «البيان» الاماراتية والطيراوي الذي حملت إليه «البيان» أسئلتها لتسليط الضوء على الحالة الفلسطينية الراهنة في مرحلة تعد من أخطر ما يواجه القضية الوطنية:

كيف تنظر إلى قرار القيادة الفلسطينية بالموافقة على استئناف المفاوضات ضمن خطة جون كيري؟

ان هذا القرار ناجم عن تردد القيادة الفلسطينية وتعرضها لضغوطات سياسية واقتصادية من الجانبين الأميركي والعربي، اذ ان القيادة لم تأخذ جانب القوة في قراراتها السابقة ومبادراتها في مواجهة الاحتلال، اذ كانت اغلب القرارات سواء الدولية أو العربية أو الفلسطينية التي تمنح الموقف الفلسطيني القوة في مواجهة الضغوطات كان الموقف الفلسطيني منها سلبياً ما اضعف الحالة الفلسطينية بشكل عام وأدى بها الى الكثير من التنازلات غير المدروسة لشعورها بالعجز والضعف.

وبالتالي فإن المواقف الصائبة لا تأتي الا من موقع القوة السياسية والمواجهة مع الاحتلال وفي كل المحافل، وهذا لم يحدث بعد.

إن العودة للمفاوضات والمبنية على الشعور بالضعف من الجانب الفلسطيني وعدم الحيادية من الجانب الأميركي والاعتماد على الوعود البراقة التي ثبت عدم تحقيق أي منها خلال التاريخ التفاوضي مع اسرائيل وبالرعاية الأميركية. وخير دليل على ذلك تعيين مارتن اندك وهو يهودي متزمت أكثر من نتانياهو مسؤولاً عن ملف المفاوضات.

تراجع دون ثمن

ما الذي حدث في اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح؟ هل كان هناك إجماع على هذا القرار؟

لا لم يكن قراراً بالإجماع. للأسف تم التراجع بدون أي ثمن عن الاستحقاقات التي تمسكنا بها في قيادة فتح للعودة للمفاوضات طيلة ثلاث سنوات وهي وقف الاستيطان ومرجعية العام 67 والإفراج عن الأسرى قبل اوسلو دفعة واحدة.

أنا لست عدمي، وأفهم ما معنى موازين القوى المختل لصالح العدو، واننا في القيادة الفلسطينية نواجه ضغوطاً كبيرة من المجتمع الدولي وبعض الدول العربية.. ولكنني بالمقابل ادرك ان لدينا اهم مصدر من مصادر القوة لتقوية هذا الضعف وهو شعبنا وحراكه ومقاومته، ولكننا لم نستغل هذه القوة رغم حاجتنا اليها حتى بالمفاوضات، بالإضافة الى عدم الانضمام إلى منظمات الأمم المتحدة وهو حق أهدرناه بعد أن حصلنا على عضوية الدولة المراقب، وهذا ما جعل التردد ضعفاً وأفقدنا القوة التي كان يجب ان نستغلها.

الحق يُؤخذ ولا يُعطى

بتقديرك، هل من الممكن أن تثمر هذه الجولة التفاوضية وتنتهي بحل ينهي الصراع ويحقق للشعب الفلسطيني حريته واستقلاله؟

من المعروف أنّ المجتمع الدولي، وبخاصة الولايات المتحدة، لم ينتهج بعد منهج حل الصراعات في العالم وخاصة القضية الفلسطينية وإنّما المنهج المتبع حتى الآن هو إدارة الصراع، وهذا ينطبق على قضيتنا وإلاّ فما معنى أن 20 عاماً من المفاوضات لم تثمر حتى هذه اللحظة عن أي حل، وما بعض المكتسبات التي تظهر بين حين وآخر بصيغ انجازات مثل: اطلاق سراح اسرى ونسعد بالإفراج عنهم، أو إزالة حواجز من هنا وهناك، أو بعض التسهيلات، وهي في الأصل حقوق إنسانية، وحتى الآن لا يظهر بالأفق أي توجه لدى الولايات المتحدة تحديداً لحل القضية، وخير دليل على ذلك اعتراضها على الطلب الفلسطيني لدى مجلس الأمن بالاعتراف بنا كدولة واعتراضها حتى على دولة مراقب في الجمعية العمومية، فكيف يمكن ان توافق على إعطائنا دولة بحدود وسيادة. هذا بالإضافة إلى أنّ الحق يؤخذ ولا يعطى.

فشل التحول

بناءً على اطلاعك على الكثير من القضايا والأحداث بحكم توليك منصب مدير جهاز المخابرات العامة سابقاً أين أخطأت القيادة الفلسطينية؟

القيادة أخطأت في عدة مجالات. لم تستطع نقل السلطة من الاحتلال الى الاستقلال معتقدة انها بنت مؤسسات، وهذا غير صحيح، لأن بناء المؤسسات هو بناء البشر لا الحجر، فضلاً عن ذلك كان هناك قتل لروح وثقافة المقاومة والاعتماد على الراتب الشهري بحيث أصبح همّ الموظف الأول والأخير كيفية سداد قروض البنوك.

ومن الأخطاء، وضع كل الأوراق بيد أميركا. لم نحاول استغلال الموقف الروسي أو الصيني، وبدل أن تكون اللجنة رباعية لماذا لا تكون خماسية، وكذلك تطوير الموقف الأوروبي مع انه مرتبط تماماً بالموقف الأميركي.

تأخرنا بالذهاب إلى الأمم المتحدة والحصول على عضوية مراقب. والخطأ الأكبر انه عندما حصلنا على العضوية المراقبة لم نستخدم هذا الإنجاز بالذهاب الى هيئات الأمم المتحدة وخاصة محكمة الجنايات الدولية.

كنت أتمنى بدل ان يذهب الرئيس لقيادة فتح والمنظمة لأخذ قرار بالمفاوضات او عدمه ان يضعهم الى جانبه ويعقد مؤتمراً صحافياً ويقول لشعبنا والعالم انه يتعرض للتهديد والضغط ويصارح شعبه بالحصار الاقتصادي، وأنا متأكد أن شعبنا الفلسطيني سيخرج عن بكرة أبيه وفوراً أو في اليوم التالي تأييداً ومبايعة له وللقيادة.

لا يمكن لأميركا أن تكون راعياً نزيهاً للمفاوضات، فهي دائماً وأبداً منحازة الى دولة الاحتلال وإجراءاتها ضد شعبنا الفلسطيني.

القيادة الفتحاوية فقدت دورها

هل ترى حركة «فتح» تنظيمياً وإدارياً جاهزة لخوض غمار انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة؟

حركة فتح دائماً قادرة على تجاوز المحن، وقادرة على الانتصار، ولكن بوجود قيادة قادرة على قيادة السفينة بحزم، وقادرة على تلمس مشاعر ورغبات الشعب.

القيادة يجب أن تعيش بين الناس، وقيادة الشارع بحاجة الى تضحية ونكران الذات.

نحن في وضع سياسي معقد، ووضع اقتصادي سيء جداً، ووضع تنظيمي مترهل، ولكن القيادة فقدت دورها لأنها أصبحت غير شريكة في القرار، وكل همّها البحث لإيجاد الطرق والوسائل للتبرير والموافقة على توجه القائد الأول في الحركة. كان الرئيس أبومازن يقول عندما نلتقيه في زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات أن «السلطة المطلقة مفسدة مطلقة».

هل لاتزال « فتح» قادرة على قيادة الشارع الفلسطيني؟

نعم، الحركة قادرة على خوض أية انتخابات والفوز بها، ولكن هذا بحاجة إلى شحذ الهمم من الجميع ابتداءً من رئيس الحركة حتى أصغر عضو فيها. وقرار إعادة استنهاض الحركة الذي نقوم به يجب أن يأخذ جدية أكثر من الواقع الموجود، وحتى نعود إلى الدور القيادي والريادي، على القيادة أن تتحمل مسؤولياتها والنزول إلى مواقع العمل وإلى الشارع، لا أن تبقى بعيدة عن التواصل مع أعضائها وكوادرها.

علينا أن نعطي الفرصة لقيادات وكوادر من المجلس الثوري والأقاليم والمواقع الأخرى حتى يأخذوا دورهم في مواقع السلطة المختلفة، وعلينا الفصل بين الحركة والسلطة، وهذا الاندماج الذي حصل في الماضي ولا نعرف كيف ننتهي منه أساء للحركة وقياداتها وأحدث خللاً في بنية الحركة نحن بحاجة إلى سنوات من أجل تصويبه.

استعادة غزة


فشل ذريع لمشروع الإخوان

برأيك هل سيعود الإخوان المسلمون إلى الحكم في مصر؟

اعتقد أن مشروع الإخوان الذي عملوا على تحقيقه منذ اكثر من 80 عاماً انتهى الآن، وبفشل ذريع، وهذا ناتج عن عدة عوامل منها استغلال الدين بصورة تشوه الإسلام، وعقلية الإخوان المسلمين في التفرد والإقصاء والإحلال عبر أخونة مؤسسات الحكم القائمة، ومحاولة بناء انظمة تتفق مع عقليتهم ورؤيتهم.. وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بعد تدمير هياكل الدولة القائمة وهذا يدخلهم في حروب داخلية طاحنة قد تتطور إلى حروب أهلية.

طبعاً هذا السقوط المدوي سيؤثر على مشروعهم العالمي، وسينظر أبناء الشعوب في الدول التي لم يصبها هذا الداء إلى التمييز بين دول تسودها الفوضى والحروب وعدم الاستقرار ودولهم التي يسودها الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي الموجود في بلدانهم ليرسموا استقراراً سياسياً بالوسائل الديمقراطية.

خلق الفوضى وسرقة الإنجازات

ما الذي يحمله الإخوان المسلمون في جعبتهم للعالم العربي؟

إذا نظرنا إلى نشأة جماعة الإخوان المسلمين والظروف التي ظهرت فيها نجد أنها وجدت أصلاً لضرب التيارات القومية والثورية، وبالتالي فهي جزء من المخطط الإمبريالي الذي وضع للسيطرة على الأمة العربية ومقدراتها مع بداية ظهور الاستعمار الحديث.

هناك مخطط أميركي يقوم على خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في الدول العربية والإسلامية أداة تنفيذها الجماعات الإسلامية التي تهدف الى سرقة الإنجازات السياسية للثورات واحباطها كما حصل في تونس ومصر، فمن قام بالثورة هم شباب وطنيون همهم الأول الديمقراطية والاستقرار السياسي والاجتماعي والنمو الاقتصادي ووحدة شعبهم وارضهم.. وهذه الثورة العظيمة ما كانت لتحصل لولا شباب وجيش مصر العظيم الذي حمى تلك الجماهير في ذلك الوقت، ولكن الإخوان استغلوا الظروف وسرقوا منجزات تلك الثورة وسيطروا عليها. ولكن سرعان ما أطاحت بهم ثورة 30 يونيو.

ولا بدّ من الإشارة في هذا السياق إلى أنّ الإخوان المسلمين هم اول من شرع بالاغتيالات السياسية على مدى تاريخ نشأتهم واستخدموا العنف في مواجهة المد القومي وليس في مواجهة الاستعمار، وكل التيارات المتطرفة التي استخدمت العنف منذ أكثر من 50 عاماً خرجت من تحت عباءة الإخوان المسلمين. أمانة النصيحة

سألت «البيان» الطيراوي عن رأي الرئيس محمود عباس في مواقفه المنتقدة للسلطة، فكان ردّه: «ما أقوله لكم أقوله للرئيس»، مشدّداً على أنّ «الأمانة تقتضي أن أقول له الرأي والنصيحة، وهو صاحب القرار في النهاية يأخذ ما يريد».

وعن مواقف المستشارين الآخرين، قال: «المستشارون في كل الدول عادة ما يكونون قسمين: قسم ملتزم ومفكر وصاحب رسالة وآخر انتهازي كل ما يعنيه قلب الحقائق لما يخدم مصلحته.. هناك من يأخذ آرائي كنصيحة وهناك من يستغلها عبر التشويه أو المبالغة والتشكيك».

التعليقات