بالصور: قسوة ظروفهم دفعتهم لمجاورة الأموات.. فقراء في غزة يسكنون بين شواهد القبور

بالصور: قسوة ظروفهم دفعتهم لمجاورة الأموات.. فقراء في غزة يسكنون بين شواهد القبور
غزة- خاص دنيا الوطن-محمد محمود عوض
يقول المثل الشعبي التركي: عندما يقع الغني يقال هذا حادث وعندما يقع الفقير يقال إنه سكران، وفي غزة التي تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط يعيش الفقير والغنى في واقع متناقض، فأسواقها تمتليء بجميع أنواع المأكولات الشرقية والغربية فضلا عن المشروبات بكافة أنواعها وأشكالها، وهي ذاتها غزة التي احتضنت الموت عدة مرات، فيما صدرت الورود والحب واستقبلت آلاف الأطنان من الصورايخ والقذائف التي أدت إلى استشهاد رجالها وشبابها وأطفالها، فغزة التي وجد بها رجال الأعمال والفنادق والمنتجعات والمتنزهات التي كلفت أصحابها مئات آلاف الدورلارت، فغزة التي تبلغ مساحتها 360 كليو متر مربع يعيش فيها الغنى والفقير والقوي والضعيف والأسود والأبيض والطويل والقصير.

دنيا الوطن رافقت العائلة فى يومهم الرمضاني وجلبنا طعام الإفطار لهم بعد أن وجدنا أنه لآ يوجد ما يقدموه على مائدة الإفطار ، وذٌهلنا أن مائدة إفطارهم تكون بين القبور . 

عائلات تتخذ القبور منزلاً  لها ومكاناً للعيش . 

وإذا تجاوزنا كل هذه الصور المتناقضة، واتجهنا إلى مقابر الأموات، سنجد بين القبور القديمة والتى تحتضن ألاف الموتى التى تحولت أجسادهم الى رماد ، وعلى عشوائيات الإنشاء والبناء البسيط تسكن عائلات غزية يقدر عددها بمئة عائلة  يسكنون فى هذه المقبرة القديمة منذ هجرتهم من أراضى 1948م حتى هذا اليوم .

يسكن المسن عمر حمودة كحيل 65 عام وعائلته التى يبلغ عددها 28 فرد بينهم أطفال ونساء وزوجته المسنة التى لاتستطيع الحركة بسبب كبر السن وبعض الأمراض التى حلت بها ، تعيش هذه العائلة فى حالة إنسانية من الصعب أن توصف بعد أن ضاقت بهم الدنيا  منتظرين أمر الله بهم ويعُدون الدقيقة تلو الدقيقة فى حياتهم المأساوية التى لآ يسمعهم سامع ولا يراهم بصير.

يسير حمودة بين القبور القديمة  ولسانه يتردد دائماً " لنا الله على هذه العيشة " يجر بيده دابته التى يتاخذها كباب رزقاً له ولعائلته التى عانت ولا زالت تعانى هذه المعانة منذ لجوئهم لغزة  يقول حمودة " إننا نعيش فى هذه المنطقة منذ اللجوء إتخذنا المقبرة بيتاً لنا ومكاناً للعيش بعد أن ضاقت بنا الدنيا ، ونحن أصبحنا فى عداد الموتى لا فرق بيننا وبين من يسكنون تحت التراب سوى أننا نتنفس فقط .

ويتابع المسن عمر  قوله "  وضعنا الصعب الذى نمر به فى العائلة أنا وجيرانى لآ يوصف ولا يمكن أحد أن يتخيله على الإطلاق زوجتى مريضة وأبنائى لآيستطعون العمل بسبب الأوضاع الإقتصادية ومرض أحدهم بعد إجرائه عدة عمليات فى القلب ، وحالنا كحال الموتى القابعين فى القبور التى نتخذها منزلاً دائماً .

منذ نعومة أظافرى وأنا فى المقبرة أسكن ، وهى المبيت الوحيد لى

 يقول المسن عمر كحيل أن المقبرة هي المبيت الوحيد له ولعائلته ولأبنائه وأولادهم ، وأنهم لا ذنب لهم بالبيئة التى يعيشون بها ، ولكن ذنب الزمن الذى إضطروا من خلاله أن يعيشوا داخل المقابر وبجوار الاموات، فإننى الأن بإستطاعتى أن أعرف من بداخل القبور وأسماء الموتى واحد تلو الأخر لآننى أعمل أحياناً "ساقياً" للقبور بأجر بسيط جداً من أهل المتوفى ، وأنتظر اليوم القريب الذى أسكن بداخل هذه القبور وأستمع لآبنائى وزوجتى وأحفادى ماذا يقولون بعد موتى .

العقارب ، والسحالى والزواحف شريك فى حياتنا ، وكل يوم لدغة جديدة

 وجهٌ أخر لمعاناة عائلة "كحيل " فى مقبرة غزة  حيث يقول الشاب جبر حمودة كحيل متزوج ولديه أربعة أطفال يقول "العقارب لآ تفارق أجسادنا كل يوم لدغة جديدة لأحد أفراد المنزل فضلاً عن الفأران والجردان التى لآتفارق السير من فوق أجسانا ونحن نيام ، فقبل أيام لدغت عقربة زوجتى ولولا رحمة الله لكانت تسبب لها امراض إن لم يكن وفاة ".

ويواصل جبر قوله " نحن نطالب أهل الخير وأهل العمل الصالح للوقوف لجانبنا لآن والدتى مريضة وأنا أجريت عمليات جراحية ولآ أستطيع العمل ووضعنا خطير للغاية ، ونحن لآ نشعر بأننا نعيش كباقى الناس ، نحن لآ نريد لآ عمارات ولا نريد مُكيفات ، فقط كل ما نريده منزلاً لآ تدخله العقارب والسحالى لآننى أخشى أن يكون غداً موعد لدغ أطفالى أو قرصهم من "حية" لآتغادر منزلنا .

غذائى اليومي "حبة بندورة " و رغيف خبز يابس

تقول والدتهم المسنة " يسرى " التى أنهكها تعبً الحياة وتعب القلب أن إفطارها فى رمضان هو عبارة عن حبة بندورة أشبه بأنها تالفة وخبزة يابسة تحاول لملمة عظام جسدها بهم " وتواصل "يسرى " قولها أننى أطالب أهل الخير وأطالب المسئولين بالتدخل من أجل إنقاذ حياتنا وإخراجنا من تابوت الموت المتحرك  ، ونحن لسنا بحاجة سوى للقمة عيشٍ لى ولأطفال أحفادى الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا فى مقبرة الأموات .

مناشدة

إجتمعت عائلة كحيل على نداء استغاثة واحد لآ بديل عنه ، أن يناشدوا الله وحده أن يغير أحوالهم وحالهم وأن يعيشوا حياة كريمة كباقي البشر فى غزة ، وطالبوا أهل الخير والرحمة أن يمنوا عليهم ولو بالقليل من خير الله عليهم ، لآن حالهم إن بقى على ما هو عليه ، فموتهم سيكون إما بقرصه عقرب أو تأكلهم الكلاب الضالة داخل المقبرة مساء كل يوم .

للتواصل مع العائلة :

الصحفى محمد محمود عوض

0592404524






التعليقات