سعد الدين إبراهيم: استجبت لطلب الدعوة السلفية بتقديم السلفيين لأمريكا كبديل لـنظام الإخوان في مصر

سعد الدين إبراهيم: استجبت لطلب الدعوة السلفية بتقديم السلفيين لأمريكا كبديل لـنظام الإخوان في مصر
رام الله - دنيا الوطن
قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائيه إن واشنطن الآن تعيد النظر في دعمها لجماعة الإخوان المسلمين بعد اكتشاف ضحالة خبرتهم؛ حيث تفضل العودة للصندوق، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، متابعا تم الحديث معي في هذا الشأن وأبلغوني أنه على الإخوان التواضع في الحديث عن خبرتهم، والاستعانة بخبرات غيرهم  مؤكدا أن وفدًا من الدعوة السلفية قابله قبل سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أبريل الماضي، وحمله رسالة فحواها أن الدعوة السلفية تنوي الاستقلال عن الإخوان وتريد خلق قناة للتواصل مع أمريكا والغرب، لتقديم السلفيين كبديل للإخوان وهو ما قام به بالفعل.

ووصف إبراهيم في حواره ان المشهد السياسي في مصر بأنه مضطرب، مشددا على أن حل الأزمة السياسية الراهنة يتطلب إجراء انتخابات شاملة في غضون الأشهر القليلة المقبلة، بحيث تشمل، السلطة التشريعية، أي مجلس النواب، ورأس السلطة التنفيذية، أي رئاسة الجمهورية، وعلى السلطة أن تبادر بذلك، فإن لم تستجب، فعلى قوى المعارضة أن تضغط من خلال العصيان المدني، وإن لم تتم الاستجابة لمطالبها من خلال العصيان المدني، فيجب تدخل القوات المسلحة فورا. وفيما يلي التفاصيل:

- كيف تقيّم المشهد السياسي في مصر الآن في ظل الاضطرابات التي تعصف بالمجتمع ككل؟

لا يمكن وصف المشهد السياسي في مصر الآن إلا بأنه مشهد مضطرب، لكنه في رأيي يدل على حيوية شديدة نتجت عن ثورة يناير؛ حيث لم يعد أحد يخاف، فقد كسر جدار الخوف إلى غير رجعة، وتسيس المصريون، وهذا هو الذي يفسر حالة الاضطراب والسيولة والصراع بين القوى السياسية المختلفة.

- في ظل الصراع بين القوى السياسية ما هو مستقبل الحكم من وجهة نظركم؟

سيتم الضغط من قبل القوى السياسية المعارضة من أجل انتخابات رئاسية مبكرة، وفي هذه الحالة، إما أن تأتى برئيس جديد يختاره الشعب أو يتم اعادة اختيار الرئيس الإخواني الحالي، أو أن الرئيس الإخواني الحالي سيغير من سياساته ومن لغته وخطابه حتى يصبح أكثر قبولاً لدى الناس. وأعتقد أن الخيار الثاني هو الأقرب.. وذلك لأن الإخوان لن يوافقوا على الانتخابات الرئاسية المبكرة، وأعلنوها عدة مرات أنهم يرفضون بشدة إجراء انتخابات مبكرة، لأنهم يدركون أن في المرة المقبلة الشعب لن يعيدهم ولن ينتخبهم، ففي النهاية هم أتوا بأقل من ثلث الناخبين المصريين، وهم يدركون جيدا أنهم لا يحوزون رضا الأغلبية الحقيقية في الشارع وأن ما حازوه هو أكثرية انتخابية وليس أغلبية شعبية.

هل تؤيد مطالب القوى السياسية برحيل مرسي؟

أنا أقول إن مطالب القوى السياسية يجب أن تكون على خطوتين إن لم يتراجع عن قراراته فعليه أن يرحل أو عليه أن يدعو إلى انتخابات جديدة، ويجب أن يكون الاستفتاء على شخص الرئيس، ويجب عليه أن يعرض نفسه للتصويت مرة أخرى ويعيد الانتخابات الرئاسية.

وهل ستترك جماعة الإخوان المسلمين الرئيس يتراجع عن قراراته؟

نرجو أن يسمعوا هذا الكلام ويشاهدوا المظاهرات ويدركوا حجم الخسارة التي يمنون بها يوميا في الشارع ويدركوا أن القضاء بوقفته فهو مؤيد للثوار بطريقة غير مباشرة.

هناك من يرى أن يوم 30 يونيو سيكون يوم انفجار الثورة الثانية لهذا الجيل.. هل نحن بصدد ثورة جديدة قادمة؟

هى ثورة بالمعنى المجازي لأن الشباب الذي قام بالثورة الأولى يشعر الآن أن ثورته قد سرقت منه أو تم اختطافها بمن أتوا إلى الثورة متأخرين أو بمن لم يشاركوا في الثورة على الإطلاق فقد أتى إليها الإخوان في اليوم الخامس ولم يشاركوا فيها بالمرة بل ظلوا يحرضون ضد الثورة والثوار بدعوى أنها فتنة والفتنة أشد من القتل وأن الخروج على الحاكم معصية لله فإذا في الخريطة السياسية نجد أن الشباب الذي نحن مدينون لهم، والذي قام بالثورة شعروا بأنهم خرجوا من دون أي مكاسب وثورتهم خطفت منهم والإخوان خطفت الثورة لكي نكون وصفناها صح والشباب الآن يقول نحن نريد استرداد الثورة التى خطفت منا.

باعتباركم قريبين من صناعة القرار في البيت الأبيض.. كيف تقيم الإدارة الأمريكية أداء جماعة الإخوان المسلمين في حكم مصر؟

الآن تعيد الولايات المتحدة الأمريكية النظر في دعمها لجماعة الإخوان المسلمين بعد اكتشاف ضحاله خبرتهم؛ حيث تفضل العوده للصندوق، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فقد تم الحديث معي في هذا الشأن وأبلغوني أنه على الإخوان التواضع في الحديث عن خبرتهم، والاستعانه بخبرات غيرهم.

هل ترى أن جماعة الإخوان المسلمين سبب فيما آلت إليه مصر من تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟

الإخوان المسلموين يتحملون مسئوليه التدهور في البلد، وظهر ذلك جليا بتقهقر دور المرأه، وزيادة الفساد عما كان في حكم مبارك، ومن الممكن أن تكون جبهة الإنقاذ والمحكمه الدستوريه بديلًا عن حكم الإخوان، والسلفيون يشعرون في علاقتهم بالإخوان أنهم شركاء من الدرجه الثالثة.

كيف تقيم أداء الحكومه في قضية خطف الجنود المصريين في سيناء ومسألة الإفراج عنهم؟

لقد طالبت بتشكيل لجنة مستقلةه من القضاة والعسكريين المتقاعدين وشيوخ القبائل للتحقيق في قضية جنود سيناء الذين تم الإفراج عنهم بعد اختطافهم لعده أيام لمعرفه الحقيقة، فأهل سيناء والمخابرات الحريبة وإسرائيل يعرفون الحقيقه التي يجب أن يعلمها الجميع.

ما رأيك في حملة “تمرد” التي تسعى لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي.. كيف يمكن التنبؤ بمستقبل السلطة في ظل اتساع شعبية مثل هذه الحملات؟

على المستوى الشخصي تضامنت مع الحملة ووقعت على استمارة لها أيضا، وعلى مستوى المركز، يدرس الآن فريق قانوني من أعلام القانون المصري مشروع قانون يجبر رئيس الجمهورية على الاستجابة لمطالب حملة تمرد وسحب الثقه منه، على أن يتم عرض هذا القانون عقب الانتهاء منه على مجلس الشورى لأنه الجهة القائمة بالتشريع الآن.

وكيف يمكن أن يوصل المركز مشروع القانون إلى مجلس الشورى؟

سنقدم مشروع القانون إما عن طريق أصدقائنا بالمجلس وإما عن طريق مجموعة من المواطنين يقدمونه بأنفسهم للمجلس من خلال صندوق المواطنين.

معنى ذلك أن المركز يحاول تحقيق نفس الهدف التي تسعى له حملة تمرد، وهو سحب الثقة من الرئيس؟

بالتأكيد، فالمصريون انتخبوا الرئيس محمد مرسي على أساس دستور 73 الذي سقط، وقد تمت صياغة دستور جديد، لهذا ينبغي أن يكون هناك انتخابات رئاسية جديدة فور الانتهاء من هذا الدستور، وهذا ما لم يحدث، على الرغم من أن أكبر القوى في مصر تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة.

 ماذا بشأن تقديم السلفيين للإدارة الأمريكية كبديل للإخوان؟

التقاني وفد من الدعوة السلفية قبل سفري للولايات المتحدة الأمريكية في أبريل الماضي، وحملني رسالة فحواها أنهم ينوون الاستقلال عن الإخوان ويريدون خلق قناة للتواصل مع أمريكا والغرب، وتقديمهم كبديل لنظام الإخوان مؤكدين على أن السلفيين أكثر عددا من الإخوان، وأن تخبطهم في السياسة يرجع إلى أنهم ظلوا مدة طويلة يعتقدون أن الخروج على الحاكم حرام، وأن السياسة مستنقع دنس، وأنهم تركوا الإخوان يقودونهم، فأنجحوهم في البرلمان والرئاسة.

 وهل قبلت أن تكون أنت همزة الوصل بين السلفيين والغرب؟

بالفعل نقلت رسالتهم لمن التقيت بهم من مستشارى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والخارجية الأمريكية والكونجرس والإعلام أيضا.

ولكن الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية نفى أن السلفيين يأخذون أحدا وسيطا بينهم وبين الإدارة الأمريكية؟

نعم، هو نفى أنه أرسل أحدا لي، ولكنه لم ينف أن أحدا التقاني وطلب مني أن أوصل رسالته، وهذه هي الواقعة في الأساس.

من الممكن أن تتحول الإدارة الأمريكية من دعم الإخوان المسلمين إلى دعم السلفيين في الوصول إلى حكم البلاد؟

الأمريكيون يدعمون مصالحهم، والحفاظ على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أمر مهم جدا بالنسبة لهم، كما أنهم مهتمون باستمرار تدفق البترول إليهم، وسلامة المرور بقناة السويس، وسلامة المرور بالأجواء المصرية، وهي مسائل تتم على قاعدة المصالح المشتركة، فمن يحقق هذه المصالح للأمريكيين، ويضمن الاستقرار في مصر، فلا مشكلة لديهم في التعامل معه.

هل مؤسسات المجتمع المدني في مصر متهمة بتنفيذ أجندات خارجية؟

يتم اتهام هذه المؤسسات بتنفيذ أجندات خارجية، وأحيانا التهم تصل إلى التخابر لصالح دول أجنبية، ولكن هذا الكلام غير صحيح ولا أساس له في الواقع.

ولكن مسألة التمويل الأجنبي هي ما تفتح مثل هذه الأفكار؟

إن الأساس في التمويل الأجنبي هو الشفافية، وما يمكن أن أقوله في هذا الصدد هو أن الحكومة المصرية تلقت 100 مليار دولار خلال 30 سنة ولا يعرف أحد أين صرفوا. أنا أطالب بأن ما يسري على منظمات المجتمع المدني في قضية التمويل الأجنبي يجب أن يسري على الحكومة أيضا، فمنظمات المجتمع المدني تخضع لـ3 جهات رقابية فيما يتعلق بالتمويل الأجنبي، ولكن الحكومة لا تخضع الا لجهات رقابية صورية.

لقد تردد أنكم من أقنعتم الإدارة الأمريكية بالتخلي عن الرئيس السابق حسني مبارك وتأييد رحيله؟

لقد حضرت اجتماعا لمجلس الأمن القومي الأمريكي، خلال الأيام الأولى من ثورة 25 يناير، وأثناء موقعة الجمل الشهيرة كنت داخل البيت الأبيض، وقلت  لأوباما إنه لا فائدة ترجى من مبارك، فهو رجل مناور، وهي الصفة التي لازمته طيلة ثلاثين عاما حكم خلالها مصر، وهو ما أيدني فيه أوباما بإيماءة من رأسه.

 

ما هو موقف الولايات المتحدة من تدخل القوات المسلحة المصرية في العملية السياسية مرة أخرى لمواجهة الإخوان المسلمين في حالة تصاعد الأزمة وتشبث الجماعة بالسلطة؟

أعتقد من واقع معرفتي بالمسئولين والمراقبين الأمريكيين سواء من المستقلين أو المقربين من الإدارة، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستؤيد تدخل الجيش في تلك الحالة، على أن تتولى القوات المسلحة الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وحينها يخضع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين للمحاكمة العادلة. فكثيرون من مستشاري الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حذروا من استئثار الإخوان المسلمين بالحكم حال وصولهم للسلطة، على غرار تجارب الإسلاميين السابقة في كل البلدان التي وصلوا فيها إلى الحكم.

 

تقول إن مستشاري الرئيس الأمريكي حذروا من استئثار الإخوان بالحكم.. من واقع خبراتك كيف يمكن أن تتعامل واشنطن مع تمسك الإخوان بالسلطة؟

لقد تحدثت كثيرا مع مسئولين أمريكيين في هذا الشأن، وكان ردهم يفيد بأنهم يعلمون أن التداول السلمي للسلطة في مصر في ظل حكم الإخوان المسلمين احتمال وارد، وأنهم مستعدون للتعامل معه من خلال عدة وسائل، هي المساعدات الاقتصادية، والجيش المصرى، والعزلة الدولية، بمعنى أن الاتحاد الأوروبي لن يكون راغبا في التواصل مع نظام لا يعمل بمبدأ تداول السلطة.

 

هل هناك صعوبة في تقييم تجربة الإخوان المسلمين في حكم مصر في أقل من عام؟

ليس هناك صعوبة فالمشهد مضطرب وغير واضح، الإخوان بهم بعض النواقص لأنهم حديثو العهد بالسلطة، وهناك قدر كبير من الارتباك والتخبط، لكن كان هذا مقبولا خلال المائة يوم الأولى من حكم الرئيس مرسي، وهو هامش مسموح به ومعروف في ظل تولي أي نظام جديد للحكم حتى يرتب أوضاعه وأوراقه ثم نستطيع بعد ذلك أن نحكم عليه. ولكن هذا لا يمكن أن يكون مقبولا بعد مرور فترة تجاوزت التسعة أشهر، خاصة أن الإخوان أخذوا على عاتقهم وعودا لتنفيذها، خاصة فيما يتعلق بالملفات التي وعدوا بفتحها. ومن ثم يبدو واضحا بكل المقاييس وبكل المعايير أنه لم يتم إنجاز ولو حتى نسبة 50 % من أي من الملفات التي وعدوا بالتعامل معها.

 

تقول إن هناك قصورا.. أرجو توضيح الأسباب التي اعتمدت عليها في تقييمك لأداء الإخوان؟

من المعروف في الظواهر الاجتماعية والسياسية أنه يصعب إرجاع ظاهرة معينة أو تقييم أداء حكومة بعامل واحد، لكن كل مجموعة العوامل التي أشرت إليها تشترك كأسباب في إحداث هذا الارتباك. لكن الأكثر تأثيرا في هذا القصور الملحوظ ربما زيادة الثقة في النفس، وربما سوء الحساب، فأنا أعتقد أن لديهم كفاءات ومع ذلك لم تكن موجودة على الساحة، بالإضافة لسعيهم للسلطة رغم وعودهم السابقة بعكس ذلك، ونحن رأيناهم وهم يوزعون المناصب لا يشركون غيرهم في السلطة. وقد أدت هذه الأمور كلها إلى حالة التعثر والضعف الشديد في الأداء التي نراها.

 

كيف ترى الحل في أزمات مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟

إن حل الأزمة السياسية الراهنة يتطلب إجراء انتخابات شاملة في غضون الأشهر القليلة المقبلة، بحيث تشمل، السلطة التشريعية، أي مجلس النواب، ورأس السلطة التنفيذية، أي رئاسة الجمهورية، وعلى السلطة أن تبادر بذلك، فإن لم تستجب، فعلى قوى المعارضة أن تضغط من خلال العصيان المدني، وإن لم تتم الاستجابة لمطالبها من خلال العصيان المدني، فيجب تدخل القوات المسلحة فورا؛ لمواجهة رغبة جماعة الإخوان المسلمين في السيطرة على الدولة والمجتمع معا.

التعليقات