دنيا الوطن في المالح والمضارب البدوية بالأغوار .. أطفال يلهون وآباء مثقلون بالهموم وأحلام بالبقاء والصمود يخشى أن لا تدوم..شاهد صور الجولة

دنيا الوطن في المالح والمضارب البدوية بالأغوار .. أطفال يلهون وآباء مثقلون بالهموم وأحلام بالبقاء والصمود يخشى أن لا تدوم..شاهد صور الجولة
رام الله - نابلس-دنيا الوطن- عنان الناصر

للبيئة وظروفها عوامل مهمة في تكوين شخصية الإنسان، فطالما سمعنا وعرفنا أن الصحراء تعلم الرجولة والخشونة بظروفها القاسية.. ولكن من أراد أن يعرف تلك المعاني على حقيقتها فليذهب إلى تلك المناطق إلى تلك البيئة ولا أقصد الصحراء بل تلك المساحات الشاسعة إنها الأغوار والتجمعات البدوية.

خيام تنتشر هنا وهناك في سفوح الجبال والوديان حيث لا يوجد للخوف معنى بين الأهالي، فالأطفال رسموا مسار حياتهم رغم صعوبة الظروف وشقوا بالمقومات البدائية سبيلا لألعابهم ليس هذا فحسب بل إنهم مصممون على البقاء ولا يرهبهم صوت رصاص إسرائيل تلك الدولة التي أعلن مؤخرا، أن جيشها المحصن يعد من أقوى عشرة جيوش في العالم.

تدريبات عسكرية مكثفة تجريها سلطات الاحتلال فوق رؤوسهم وعلى قمم الجبال التي تطل على مضاربهم في منطقة واد المالح دون اكتراث من هؤلاء الأطفال الذين سطروا أروع البطولات في التضحية والصمود على أرضهم بمقومات بسيطة.

أطفال بعمر الزهور لم يجدوا بدا إلا وأن يتكيفوا مع ظروف تلك الحياة البدائية دون كهرباء ودون مأوى سوى بضعة خيام لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء.

حبال بسيطة وقطعة خشب شكلوا من خلالها أرجوحة يرقصون فوقها رغم أنف الاحتلال وتحت أزيز رصاصهم الذي بات صوته لا ينقطع في تلك المواقع تحت حجة التدريبات العسكرية.

بين الخيام وفي ظل صوت الرياح، ينعم رامي ابن الثلاث السنوات بلعبته المتواضعة، إنها بضعة ملاقط "مشابك" للغسيل يسعى لطحنها بحجر صغير وكأنه وبظروفه الصعبة يدق ناقوس الخطر المحدق الذي بات يتهددهم.

دقات حجره تتسارع تارة وتنخفض تارات وكأنها الحياة تدور رحاها بحلوها ومرها مشيرة إلى ويلات الاحتلال وأنها وإن طالت فهي إلى زوال، وربما يعجز العقل عن تفسير ما يدور في خلد رامي وفي لعبته المتواضعة من أفكار قطعها صوت والدته تنادي عليه حين وصلنا لطرف الخيمة التي يتخذ منها مكانا للهو في ظل الأجواء الماطرة ليلج داخل الخيمة.

 حياتهم البسيطة وصمودهم الأسطوري بات مهددا الآن وليس ككل مرة إخلاء من أجل التدريب، هذه المرة تهديد قاس وإخطارات إسرائيلية  شديدة اللهجة تخطرهم بضرورة الرحيل.

وفود أجنبية في مضارب واد المالح

"أي عالم نعيش، وإلى أي عالم ينتمون..؟"، ربما خالج أهالي واد المالح شعور غريب حين وطأت أقدام الوفد الأورروبي والأمريكي الذي وصل تلك المنطقة حين كنا هناك، تساؤلات دارت في أذهان أولئك الشبان الذين يقضون جل وقتهم في رعاية المواشي وتدبير أمور حياتهم في ظل ظروف معيشية يصعب تحملها.

يلتفتون يمنة ويسرة ويوزعون الابتسامات كونهم يدركون أن هذه الزيارة ربما لن تكون سوى ذكرى لأؤلئك الأجانب الذين قدموا من دول عدة للتعرف على أوضاعهم.

نظرات أولئك الشبان تدل على فراسة وبعد نظر فمع كل نظرة يرمقون بها أفراد هذا الوفد الأجنبي الذي قدم مع وفد من الهيئة المستقلة لحقوق المواطن بعد إخطارات الرحيل الجماعية التي وصلت لمضارب واد المالح، يدرك المتطلع بعيونهم عما يدور في أذهانهم من تساؤلات "هل حقا يستطيعون وقف انتهاكات الاحتلال بعد ساعة من احتجازهم على حاجز التياسير من قبل قوات الاحتلال لالتقاطهم صورا للحاجز".

"إذا لم يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم ودخول الحاجز فكيف سيوقفون هدير الطائرات وأزيز رصاص الاحتلال في تدريباته العسكرية التي جاء بحجتها قرار إزالة المضارب..؟".

تساؤلات بقيت عالقة في أذهان هؤلاء الشباب الذين أثقل حملهم بعد قرارات الإزالة والترحيل الإسرائيلية التي جاءتهم على حين غرة، أين سيتجهون؟ وما الذي سيحل بهم إذا حاولوا البقاء والصمود، من سيدعمهم في هذه المعركة التي كشف الاحتلال عنها سريعا؟

اصرار على الصمود كان حاضرا بعين الحاج الستيني سليمان الكعابنة، الذي قال: "لن نرحل من هنا، سنبقى هنا، ليجرفونا مع خيمنا إن أرادو لنا الخروج من هنا، لن نرحل وسنبقى على أرضنا".

وأضاف الكعابنة: "منذ 18 عاما أقيم هنا وعائلتي التي تمتد جذورها لخمسين عاما في هذه المناطق، إلى أين سيخرجوننا، لن نترك أراضينا لهم قالها واثقا بالصمود والبقاء ومتشبثا بحقه في الأرض.

في المضارب، رجال مثقلون بأحمالهم يغدون بهموم ويعودون بهموم جديدة كلها بفعل الاحتلال ومنغاصته فتارة يجبرون على مغادرة المضارب بحجة التدريبات العسكرية وأخرى بسبب اعتقال مواشيهم، وأخرى مصادرة الجرارات الزراعية وتنكات المياه، وهدم الخيم والبركسات، ولا سبيل لذكر كل الاعتداءات فهي أكثر مما يمكن إحصاؤه.

وقال عارف دراغمة، رئيس مجلس قروي المالح والمضارب البدوية: "لقد تركت قوات الاحتلال المستعمرات والمعسكرات وجاءت لتعكر صفو حياة سكان المالح والمضارب البدوية بتدريباتها العسكرية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل جاء ما هو أخطر".

وأضاف: "أن الأخطر جاء هذه المرحلة بحق خمس تجمعات بدوية يطالبهم بالرحيل الفوري".

وأكد دراغمة ،أن المعاناة تستمر وتتواصل، فالمنطقة لم تعد تهنأ ولم تعد تنعم بالاستقرار لمنغصات الاحتلال وتدريباته العسكرية واعتداءاته المتواصلة بحق البشر والحجر والشجر بل وبالمواشي التي باتت تتعرض للاعتقالات والاحتجاز الإسرائيلي.

وطالب دراغمة، وسكان المنطقة عموما السلطة الفلسطينية بضرورة التحرك العاجل لمنع تنفيذ هذه القرارات والعمل على تعزيز صمود المواطنين وتقديم كل ما من شأنه أن يمكنهم من البقاء فوق أراضيهم.

جاء ذلك خلال زيارة تضامنية قام بها أعضاء من رابطة خريجي قسم الصحافة في جامعة النجاح للاطلاع على معاناة السكان والمواطنين في مناطق العقبة والمالح والمضارب البدوية.

وجاءت الزيارة التي دعت لها الرابطة من خلال صفحتها على الفيس بوك سعيا للاطلاع على معاناة المواطنين ونقل همومهم عبر القنوات ووسائل الإعلام التي ينتمي لها أعضاء الوفد.

وضم وفد الرابطة كلا من: عنان الناصر من إذاعة صوت النجاح ومراسل صحيفة دنيا الوطن، وأمل القاسم من إذاعة صوت النجاح، وسامر خويرة، مراسل قناة القدس الفضائية، ورائد أبو بكر، مراسل قناة مكس الفضائية، وعاطف دغلس، مراسل الجزيرة نت، ومحمد أبو علان المدون والناقد الإعلامي، ورافقهم علاء ناصر من إذاعة صوت النجاح.

وزار الوفد قرية العقبة واستمع لشرح مفصل من رئيس مجلسها القروي الحاج سامي صادق لمعاناة الأهالي، الذي تطرق كذلك لطبيعة اعتداءات سلطات الاحتلال وتدمير شارع السلام عدة مرات، وإخطارات الهدم المتواصلة والتي حدت من تطور واتساع القرية.

وزار الوفد، المضارب البدوية ومنطقة المالح، والتقى مع الأهالي والأطفال واطلع على معاناتهم، كما التقى رئيس المجلس القروي عارف دراغمة، الذي قدم شرحا مفصلا عن إخطارات الهدم وعمليات الترحيل التي تنتهجها سلطات الاحتلال تحت ذريعة إجراء تدريبات عسكرية.













































التعليقات