هيومان رايتس ووتش تكشف:إدارة بوش عذبت معارضين للقذافي

هيومان رايتس ووتش تكشف:إدارة بوش عذبت معارضين للقذافي
غزة - دنيا الوطن
قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأميركية إن حكومة الرئيس السابق جورج بوش قامت بتعذيب خصوم سياسيين للعقيد الليبي المقتول معمر القذافي، واستخدمت وسائل من بينها تعريضهم لمحاكاة الإيهام بالغرق، وقامت بتسليمهم قسرا إلى النظام الليبي حيث تعرضوا للمعاملة السيئة. ويرسم التقرير صورة واضحة للتعاون الوثيق بين واشنطن والنظام الليبي في عهد معمر القذافي في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2011. كما يلقي الضوء على مفارقة أن كثيرا من المعتقلين الذين تعرضوا لتلك الانتهاكات يتولون مناصب آلان في الحكومة الليبية الجديدة.

واعتمدت المنظمة في تقرير أصدرته الخميس في نيويورك على شهادات لمحتجزين ليبيين سابقين، إضافة إلى وثائق سرية للاستخبارات المركزية الأميركية والمخابرات البريطانية تم الكشف عنها مؤخرا. ونقل التقرير عن محتجز سابق أنه تعرض لمحاكاة الغرق، ووصف محتجز آخر أسلوبا مشابها من أساليب التعذيب باستخدام المياه. وقال التقرير إن تلك الإفادات تتعارض مع مزاعم لمسؤولي إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش مفادها أن ثلاثة أشخاص فقط رهن الاحتجاز في الولايات المتحدة هم الذين تعرضوا إلى محاكاة الإغراق.

وفي التقرير الذي صدر في 154 صفحة، وحمل عنوان «التسليم للعدو - الانتهاكات وعمليات تسليم الخصوم قسرا إلى ليبيا في عهد القذافي بإشراف أميركي»، أشارت المنظمة إلى مقابلات قامت بها في ليبيا مع 14 محتجزا سابقا أغلبهم ينتمون إلى الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، والتي كانت تحاول قلب نظام حكم معمر القذافي على مدار عشرين عاما. وفر هؤلاء من ليبيا إلى باكستان وأفغانستان وبعض البلدان الأفريقية، وانتمى هؤلاء المحتجزون في ما بعد إلى المعارضين للقذافي المدعومين من حلف الناتو في النزاع عام 2011. كما يستند التقرير إلى وثائق، بعضها يعلن عنه لأول مرة، عثرت عليها المنظمة في مكتب رئيس المخابرات الليبي الأسبق موسى كوسا بعد سقوط طرابلس في يد قوات المعارضة. وقالت المنظمة إن شهادات المحتجزين الليبيين لم يسبق توثيقها لأن أغلبهم تعرضوا للحبس في السجون حتى سقط نظام القذافي وأفرج عنهم.

وقال خمسة من أعضاء الجماعة الإسلامية المقاتلة السابقين إنهم تعرضوا لانتهاكات جسيمة في منشأة احتجاز في أفغانستان تديرها الولايات المتحدة. وشملت الانتهاكات التعرض لمحاكاة الإغراق وتقنيات أخرى باستخدام المياه، إضافة إلى انتهاكات أخرى منها الربط بسلاسل إلى جدران وهم عراة، وفي ظلام دامس في زنازين بلا نوافذ، وإجبارهم على الجلوس في مساحات ضيقة لا تسعهم، والضرب بالأيدي واللطم بالجدران، والحرمان من النوم عن طريق تشغيل موسيقى غربية صاخبة للغاية بلا توقف. ونقلت المنظمة شهادة خالد الشريف، الذي يرأس حاليا الحرس الوطني الليبي، بأنه تم احتجازه لمدة عامين في مركز احتجاز في أفغانستان، وأمضى ثلاثة أشهر في جلسات استجواب ثقيلة. وتقول المنظمة إنه يتبين من المقابلات والوثائق أنه بعد وقوع هجمات 11 سبتمبر، وبدعم من بريطانيا وبلدان الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، تم توقيف واحتجاز عدد من عناصر الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة ممن كانوا يعيشون خارج ليبيا، وتم الاحتجاز من دون توجيه اتهامات لهم، وفي نهاية الأمر تم تسليمهم قسرا للحكومة الليبية.

وتشير الرسائل المتبادلة بين ليبيا والمخابرات المركزية الأميركية والمخابرات البريطانية التي نشرتها المنظمة، إلى أن بريطانيا كانت حريصة على مساعدة ليبيا للحصول على عدة شخصيات من كبار عناصر الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة بمن فيهم عبد الحكيم بلحاج وسامي الساعدي. وقال بلحاج إنه تم اعتقاله في ماليزيا بمساعدة المخابرات البريطانية ثم تم تسليمه إلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية في تايلاند، وأخذ بعدها إلى ليبيا حيث تم سجنه بأحد السجون الليبية.

ويأتي هذا التقرير بعد أيام من إعلان وزارة العدل الأميركية أنها لن توجه أي تهم جنائية ضد عناصر المخابرات الأميركية «سي آي إيه» حول أساليب الاستجواب المستخدمة في برنامج الترحيل السري والاعتقال. وقال المحققون إنهم لا يستطيعون إثبات أن المحققين تجاوزوا المبادئ التوجيهية التي أذنت بها إدارة بوش.

وكانت إدارة الرئيس بوش قد أكدت أن وكالة الاستخبارات المركزية قد استخدمت أسلوب محاكاة الغرق على ثلاثة فقط من المشتبه فيهم من كبار العناصر في تنظيم القاعدة في مراكز احتجاز سرية، وهم خالد شيخ محمد، وأبو زبيدة، وعبد الرحمن الناشري (المحتجزون حاليا في معتقل غوانتانامو بكوبا).

وقالت لاورا بيتر، استشارية مكافحة الإرهاب في منظمة «هيومان رايتس ووتش»: «لم يقتصر الأمر على قيام الولايات المتحدة بتسليم خصوم القذافي إليه على طبق من فضة، بل يبدو أن وكالة الاستخبارات المركزية عذبت الكثير منهم أولا». وأضافت «يبدو أن نطاق تورط إدارة بوش في الانتهاكات هو أكبر بكثير مما أقرت به الإدارة الأميركية، مما يعني أهمية فتح تحقيق شامل في حقيقة ما حدث». وطالبت المنظمة الحكومة الأميركية بالإقرار بدورها السابق في الانتهاكات، ومساعدتها القذافي في القبض على خصومه في المنفى، وأن توفر الإنصاف والتعويض للضحايا وتلاحق المسؤولين عن تعذيبهم.

ويقول التقرير إنه منذ سقوط حكومة القذافي اجتمع دبلوماسيون أميركيون وأعضاء بالكونغرس ببعض السجناء السابقين في ليبيا، ودعمت الولايات المتحدة جهود السلطات الليبية والمجتمع المدني الليبي من أجل تجاوز مخلفات الماضي.

التعليقات