بريطانيا تضخ 155 مليار دولار في الاقتصاد على دفعات

بريطانيا تضخ 155 مليار دولار في الاقتصاد على دفعات
غزة - دنيا الوطن
وسط تدفق أموال أثرياء منطقة اليورو على حي المال البريطاني، وتحول بنوك مركزية رئيسية في أوروبا، من بينها «المركزي السويسري»، لشراء الإسترليني وتنويع احتياطاتها بعيدا عن اليورو، تتجه الحكومة البريطانية لضخ مئات مليارات الدولارات لتنشيط الاقتصاد وتقوية لمواجهة أي عاصفة تهب من منطقة اليورو. ولا أحد يعلم مصير الانتخابات اليونانية، وما إذا كانت اليونان ستبقى في منطقة اليورو أم لا خلال الشهور المقبلة. كما يلاحظ أن الفائدة على السندات السيادية الإسبانية ارتفعت يوم الخميس فوق مستوى الخطر (7.00 في المائة)، قبل أن تنخفض، أمس (الجمعة)، قليلا. كما ارتفعت الفائدة على السندات السيادية الإيطالية. وقال وسطاء في حي المال البريطاني لـ«الشرق الأوسط» إن دولا في منطقة اليورو، من بينها إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، تجد صعوبة في الحصول على مشترين لسنداتها أو ممولين. وكان لويدز شولتز، المصرفي والمستثمر الأميركي في حي المال، قد أبلغ «الشرق الأوسط» أن هنالك تدفقات كبيرة من ثروات اليونان وبعض دول اليورو الضعيفة على مصارف لندن التي أصبحت «الملاذ الآمن» لأثرياء منطقة اليورو. وتستفيد بريطانيا من ظروف تدفق السيولة الكبير باليورو على مصارفها والطلب القوي على الإسترليني لتحفيز الاقتصاد وخفض قيمة الإسترليني إلى مستويات لا تضر بالصادرات البريطانية.

وأظهرت بيانات رسمية، أمس (الجمعة)، اتساع العجز التجاري البريطاني على غير المتوقع في أبريل (نيسان)، مع تراجع حاد في الصادرات لدول من خارج الاتحاد الأوروبي في حين تراجعت الواردات بمعدل أقل.

وسط هذا المناخ المضطرب، أعلن وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن، أنه يخطط لضخ مائة مليار جنيه إسترليني (نحو 160 مليار دولار)، في الاقتصاد البريطاني لمساعدته على العودة للنمو، بعد الشهور القاسية التي عاشها، وهو يترنح تحت ضربات أزمة اليورو.

وأبلغ الوزير أوزبورن قيادات الأعمال التجارية، في حي المال، مساء (الخميس) أنه يعمل في تنفيذ حزمة التحفيز مع محافظ بنك إنجلترا «البنك المركزي البريطاني»، سير ميرفن كنغ.

وتوجد مخاوف منذ مدة وسط أصحاب الأعمال أن يقود استفحال أزمة اليورو إلى أزمة ائتمان في بريطانيا شبيهة بأزمة السيولة «الائتمان» التي واجهتها البنوك العالمية في أعقاب أزمة المال في أميركا. كما تنصب المخاوف كذلك على احتمال ارتفاع نسبة الفائدة البريطانية في حال تدهور أوضاع المال في منطقة اليورو.

ويسعى الوزير أوزبورن إلى استغلال سمعة بريطانيا الحسنة ومصداقيتها في أسواق المال العالمية لتنشيط برنامج الإقراض للبنوك والشركات التجارية. ويذكر أن بريطانيا تميزت بسياسة انضباط مالي حازت على رضا شركات التصنيف العالمية.

وحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، لمح محافظ بنك إنجلترا إلى احتمال تنفيذ سياسة تحفيز كمي جديدة. وقال في هذا الصدد: «إن هناك أدلة متزايدة على ضرورة تنفيذ سياسة تحفيز كمي جديدة». ومن المتوقع أن يبدأ «بنك إنجلترا» تنشيط برنامج طارئ يمنح البنوك البريطانية سيولة على دفعات، لا تقل الدفعة الواحدة منها عن 5 مليارات جنيه إسترليني.

وأطلقت الحكومة البريطانية وبنك إنجلترا المركزي برنامج التيسير الائتماني بعدة مليارات من الجنيهات الإسترلينية بهدف تعزيز الإقراض المصرفي لمواجهة «الآثار المعيقة» لأزمة منطقة اليورو على الاقتصاد. ولاقت الإجراءات التي تم الإعلان عنها في وقت متأخر من مساء أمس الخميس ترحيبا من دوائر الأعمال والأسواق. وقفزت أسهم البنوك بنحو 6 في المائة في بورصة لندن، أمس (الجمعة).

وقال وزير الخزانة البريطاني جورج أوسبورن إن الإجراءات الجديدة التي تبلغ قيمتها المحتملة التقديرية 100 مليار إسترليني (155 مليار دولار) أظهرت أن الحكومة ليست «عديمة القوة في مواجهة عاصفة ديون منطقة اليورو». وسيسري تنفيذ الخطة على الفور اعتبارا من أمس (الجمعة)، خاصة خطة التمويل من أجل الإقراض إذ ستكون البنوك وفقا لها قادرة على اقتراض 5 مليارات إسترليني على الأقل شهريا من بنك إنجلترا، بشروط تزيد من قدرتها الإقراضية. كما أن اقتراحات أخرى ستتم بلورتها خلال الأسابيع القليلة المقبلة ستمكن البنوك من مبادلة القروض للشركات والأفراد بالسندات الحكومية.

وتقدر الخزانة أن البرنامج يمكن أن يدعم قروضا جديدة بقيمة 80 مليار إسترليني بأسعار فائدة تقل عن سعر السوق. وسيكون الدعم مشروطا «بأداء البنوك في استمرارية أو زيادة قدرتها الإقراضية».

وينظر إلى الإجراءات بأنها إجراءات إضافية فاشلة لما يطلق عليه برنامج التيسير الكمي لبنك إنجلترا حيث تم بموجبه ضخ 325 مليار إسترليني منذ عام 2009.

قال إيد بالز المتحدث عن السياسات الاقتصادية لحزب العمال المعارض إن الإجراءات الجديدة ترقى إلى اعتراف من جانب الحكومة بأن سياستها التقشفية خنقت الاقتصاد وأنها في حاجة لتغيير المسار.

وفي أسواق المال، استفاد الجنيه الإسترليني وصعد إلى أعلى مستوى في أسبوعين أمام الدولار الأميركي، وزادت مكاسبه مقابل اليورو، أمس، مع ابتهاج المستثمرين بالإجراءات الوقائية التي اتخذها صانعو السياسة المالية في المملكة المتحدة لحماية الاقتصاد من أزمة ديون منطقة اليورو. ولقي الإسترليني دعما أيضا من حديث عن طلب مطرد من مؤسسات قيل إنها تتصرف بالنيابة عن البنك المركزي السويسري الذي يعيد تدوير محفظته من اليورو ضمن احتياطياته من النقد الأجنبي لشراء عملات مثل الجنيه البريطاني.

وقفز الإسترليني 0.2 في المائة إلى 1.5640دولار، وهو أعلى مستوى له منذ الثلاثين من مايو (أيار)، وقبل أن يتراجع قليلا إلى 1.5623 دولار بحلول الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش. وهبط اليورو 0.5 في المائة أمام الإسترليني مسجلا 80.75 بنس.

التعليقات