الكنيسة في أزمة بسبب توقيع المشير

الكنيسة في أزمة بسبب توقيع المشير
غزة - دنيا الوطن
لن تخلو عملية انتخاب البابا الجديد للأقباط الأرثوذكس من الأبعاد  السياسية ، فهي تتم بالتزامن مع صعود تيار الإسلام السياسي ، و في ظل الاتجاه لوضع دستور جديد للبلاد ، و أهم من ذلك هو أن اعتماد نتيجتها ، يحتاج إلي وجود رئيس للجمهورية .

و في ظل المواعيد المعلنة من لجنة الانتخابات الرئاسية ، فإن المشير محمد حسين طنطاوي الذي يتولى مهام رئيس الجمهورية ، سيكون عند انتهاء الانتخابات مخولا باعتماد النتيجة ، وفقا للائحة المنظمة  ، غير أن هذه اللائحة و التي صدرت في عهد الرئيس جمال عبدالناصر تتحدث بشكل مباشر عن رئيس الجمهورية ، و ليس القائم بأعماله .

و يعني ذلك أن الكنيسة المصرية قد تطيل من أمد العملية الانتخابية ، التي تنتهي في العادة بعد شهرين من رحيل البابا المتنيح ، لحين انتهاء انتخابات رئاسة الجمهورية وتسلم الفائز فيها مقاليد السلطة في شهر يونيو المقبل ، أو أن تسير في الأمر بشكل طبيعي ، لتؤجل فقط الخطوة الرسمية الأخيرة .

و اتفق مثقفون مهتمون بالشأن الكنسي على أن البابا الجديد سيكون مطالبا بتحقيق هدفين رئيسيين ؛ أولهما طمأنة جموع المسيحيين من تنامي تيار الاسلام السياسي ، و الثاني الحيلولة دون تصاعد ظاهرة هجرة الاقباط الي الخارج .

و على الرغم من تعجل المحللين في رسم سيناريوهات حول علاقة الاقباط بالمجتمع في حال تولي اسماء معينة لتلك المكانة الرفيعة ، يقول الواقع إن الأمر كله سيظل متوقفا على يد طفل سيحسب اسم البابا الجديد دون أن  يعي أياً من التحديات السابقة ، و ذلك تبعا  للائحة التي تم من خلالها  اختيار كل من البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث ، وكلاهما يعد من افضل بابوات كنيسة الاسكندرية علي مر العصور .

وتنص لائحة 1957علي ضرورة ان يكون المرشح راهبا او اسقفا عاما تجاوز الاربعين من العمر ،  ويجوز ان يرشح نفسه او يرشحه اخرون بشرط الا يكون مطرانا لابراشية ولا تمنح اللائحة لعموم الاقباط الحق في انتخاب البابا بل لاعيان الاقباط فقط من وزراء سابقين وحاليين واعضاء مجلس شعب وشوري الي جانب صحفيين.

 ويتقدم مرشح عن كل ابراشية في مصر للمنصب الديني ، ثم يجتمع اعضاء المجمع المقدس الذي وصل عدد اعضائه الي 120عضوا يضمون كبار الاساقفة والمطارنة ورؤساء الاديرة واساقفة الابراشيات ونواب البابا وممثلين للكنائس ذات الصلة بالكنسية المصرية مثل كنيسة الحبشة وبعد الاجتماع واجراء قرعة بين الاسماء المطروحة للاختيار يتم اعلان اسماء الثلاثة الذين حصلوا علي اعلي الأصوات.  

وتضع لائحة الكنيسة الخاصة بانتخاب البابا شروطا عديدة يجب ان تتوافر فيمن يترشح لشغل المقعد البابوي ابرزها ان يكون مصريا قبطيا ارثوذكسيا وان يكون من الرهبان المتبتلين (غير المتزوجين) .

وتحدد اللائحة طريقة اختيار البابا عن طريق ما يسمي "المجمع الانتخابي" الذي يضم نحو 1500شخص لديهم الحق في التصويت لاختيار البابا من بين 12مليون قبطي هم عدد الاقباط الارثوذكس بحسب الاحصائية التي اعلنتها الكنيسة نهاية عام 2008 .

وتستكمل باقي اجراءات اختيار البابا الجديد عن طريق قيام لجنة مكونة من ثلاثة رجال دين واثنين من اعضاء المجلس المللي بتحرير جداول الناخبين الذين سيمثلون المجمع الانتخابي ويكون لهم حق التصويت ويختار البطريرك الذي يسير امور الكنيسة لحين اختيار البابا اعضاء اللجنة وتكون رئاستها لأعلي رجال الدين رتبة واقدمهم رسامة .

وتجري عملية التصويت في يوم واحد في حضور مندوب من وزارة الداخلية ويتم الاعلان عن اسماء الثلاثة الحاصلين علي اعلي الاصوات بالترتيب ويتم في الاحد التالي اختيار البابا من بين الفائزين الثلاثة عن طريق ما يسمي بالقرعة الهيكلية والتي ستجري بالكنيسة المرقسية الكبرى بالقاهرة .

وتقضي التقاليد الكنسية بكتابة الثلاثة أسماء في وريقات صغيرة توضع بعد ذلك علي المذبح ثم يصلي الجمع الصلاة الطقسية ،لتجري بعد ذلك القرعة الهيكلية ، حيث يتم اختيار طفل صغير من المتواجدين في القداس لاختيار ورقة من الثلاثة ليكون صاحب الاسم المكتوب بداخلها هو البطريرك  رقم 118في تاريخ الكنيسة القبطية .

 ولحين اتمام هذه الإجراءات  سيتولى الانبا باخوميوس –اسقف البحيرة وكنائس شمال افريقيا –منصب القائم بأعمال البابا وبطريرك الكرازة المرقسية لمدة شهرين ، وذلك بعدما اعتذر الانبا ميخائيل اسقف اسيوط واكبر الاساقفة سنا عن المنصب لظروف صحية .

ويعتقد كثير من المفكرين على ان عملية اختيار البابا الجديد لن تمر بسهولة فهناك اكثر من مشكلة امامها ،فالمفكر القبطي كمال زاخر يرى ان التوقيت صعب لاختيار بابا جديد في ظل حالة التخبط التي تعيشها مصر ، مشيرا إلي أن غياب رئيس الدولة قد يعطل اختيار البابا الي ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية اذا لم يوقع المشير علي النتيجة باعتباره قائما بأعمال رئيس الدولة .

ويؤكد الدكتور مصطفي الفقي ان البابا الجديد محصور بين خمس أسماء هم الانبا موسي , الانبا بيشوي, الانبا بولا, الانبا يوانس, الانبا ارميا .

وقبل ثلاثة أعوام ، كان الانبا بيشوي اكثر المرشحين حظا ، حيث كان  يعد الرجل الثاني في الكنيسة بعد البابا ، خاصة وأنه شغل موقع سكرتير المجمع المقدس منذ عام 1985.

و كان الأنباء بيشوي  ، وهو طبيب في الاساس  ، رشح من قبل البابا شنوده عام 1979 ، أي قبل ان يكمل الثلاثين اسقفا علي مدينتين ،هما  دمياط وكفر الشيخ ، وقد وصفه البابا في احدي عظاته بالصخرة التي يتحطم عليها اعداء الكنيسة وهو حاليا المسئول عن تقييم اداء ومتابعة ومحاسبة الكهنة بحكم موقعه في الكنيسة كرئيس للمجلس الاكليريكي  .

و معروف عن الأنبا بيشوي مواقفه المتشددة ، ومن ذلك تصريحاته  التي وصف في احداها المسلمين بانهم ضيوف علي الاقباط وتشكيكه في آيات القران التي تناولت المسيح وهذا ما قلل من ارصدته في اوساط النخبة السياسية والدينية وحتي الكنسية

ويعد الانبا موسي اسقف الشباب الاكثر شعبية بين المرشحين لخلافة البابا  فقد كان منتميا للمذهب البروستانتي  وتحول الي الارثوذكسية علي يد الانبا "اثناسيوس" مطران بني سويف ومعروف عن الانبا موسي انه تلميذ البابا شنودة النجيب وهو محبوب في اوساط المثقفين والسياسيين وقد كان له دور كبير في ربط الكنيسة بقطاعات الشباب وعمل علي التقارب بين الشباب المسيحي والمسلم والجمع بينهم في لقاءات ثقافية وادبية وشعرية . .

اما الانبا يؤانس الذي اكتسب شعبية واسعة بين صفوف الاقباط لحلاوة صوته اثناء اداء الترانيم الدينية ،فهو الاسقف العام للخدمات العامة وسكرتير قداسة البابا واسمه  في الاصل هاني عوني.

 و ولد الانبا يؤانس عام 1960 في ملوي المنيا لاب محام وحصل علي  بكارلويوس الطب والجراحة من جامعة اسيوط عام1983، والتحق بسلك الرهبنة حيث قضى في دير  الانبا بولا في البحر الاحمر 8سنوات حتي تم اختياره للاسقفية من قبل المكتب البابوي .

ومعلوم  أن الانبا يؤانس انه كان مسئول ملف الامن في الكنيسة وكانت اغلب تعاملات  الكنيسة مع الامن تتم من خلاله .

التعليقات