نجاح عياد .. حالة عشق سرمدية للوطن وخطوات يغمرها الطموح

نجاح عياد .. حالة عشق سرمدية للوطن وخطوات يغمرها الطموح
القدس- دنيا الوطن
كفاية حديدون 
فجر كل يوم وبعد أن تعانق الشمس السماء .. وتنثر أشعتها الذهبية في الفضاء تنطلق نجاح عياد أو نجاح زريفة  أو أم حمزه كما يحلو للبعض أن يناديها بقلبها الوردي النابض بالحياة  والمنتعش بالأمل والمعطر بعبق الوطن  ..... في مشوارها اليومي المعتاد لتطرق باب الصباح  وتنثر خطاها في أزقة وحواري بلدة لطالما أحبتها وسكنت في زوايا ذاكرتها وجاورة نبض قلبها ، لتشق طريق نجاحها  في المدى المفتوح أمامها بعزيمة وإصرار وثبات  نحو الصدارة وتكون كما حلمت يوماً أمراه في الصفوف الأمامية وسيده  من نوع خاص  .

نجاح عياد هي قصة نجاح وطموح تستحق الوقوف أمامها وتسطيرها لتكون مسار ومنارة إشعاع للسيدات الفاعلات والمنتجات ، فنجاح سيدة بسيطة وناشطة نسوية وحقوقية فاعلة في العديد من المؤسسات النسوية والشبابية والتنموية والاجتماعية وأمراه متفانية في العمل الاجتماعي والخيري والتطوعي ، وكاتبة أدبية واجتماعية وثقافية.

 تنحدر عياد من أسرة محافظة يُشهد لها بالشهامة  والكرم والإقدام وإنصاف الضعيف والالتزام الوطني عبر مسيرة النضال الفلسطيني  حيث سجل التاريخ لوالدها المرحوم إبراهيم صالح عياد محطات نضال وصمود خالدة في ذاكرة أبناء البلدة استفادت أم حمزة من تجربة والدها وشقيقها صلاح عياد القائد الوطني والسياسي والنقابي ، فكبرت وكبرت أحلامها وبدأت برسم خطاها وتسجيل حضورها في كل مكان وزمان.

بعد أن تزوجت أم حمزة انتقلت في العام 1979 للعيش في السعودية وبقيت لمدة خمسة عشر عاماً أمضتها في حالة صراع مع شوقها الذي يغمر فؤادها في لقاء الوطن والأحبة ، فحملت على عاتقها عبء القضية وآلام الوطن في حقائب السفر بوعي وحماسة ،وأخذت تنشط في التعريف بالهوية الوطنية الفلسطينية والممارسات الاحتلالية ، والشهداء والأسرى ضمن جلساتها النسائية والجمعيات التي كانت تتردد عليها وتذكر المغتربين بواقع الحال الفلسطيني واغتصاب الأرض وتعلمهم معاني في عشق الوطن ، إضافة للمشاركة في معارض للتراث والفلوكلور الفلسطيني ، وعلى الرغم من أن الأنشطة السياسية كانت غير مرحب فيها بالخارج إلا أن أم حمزة كانت تستغل ذكرى بعض المناسبات الوطنية مثل يوم الأرض  ويوم الأسير وذكرى حرق المسجد الأقصى وغيرها من المناسبات لإحيائها في الذاكرة الإنسانية.

في العام 1994  كانت أم حمزة على موعد مع الفجر وعادت إلى أحضان الوطن لتجدد عهد العشق للأرض والوطن والهوية، و بدأت بالتفكير في أنشطة وفعاليات تستطيع من خلالها أحياء الجهود التي بدأت فيها فحطت رحالها في  جمعيات ومراكز مقدسية كجمعية سيدات القدس في بيت حنينا ومركز سرايا في البلدة القديمة شاركت فيهما  في العديد من الدورات والتقت بسيدات فاعلات من نفس الوسط مما وسع من آفاقها وفتح لها مدارك ومساحات رحبة لبلورة أفكارها .

تقلدت أم حمزة رئاسة جمعية صمود الخيرية وعضوية البرلمان النسوي المقدسي وتعد أحد أهم الوجوه والأركان المؤسسة لجمعية دار الصداقة منذ انطلاقتها في العام 2004 كمتطوعة ومنسقة للنشاطات النسوية داخل الجمعية.

تجيد أم حمزة كتابة المقالة بكل أشكالها الاجتماعية والسياسية ، وتعزف على وتر الكلمات لتنسج خواطر نثرية تطرب لها الآذان لجاذبيتها وقوة مضامينها ، تقتنص واقعها من نبض الحياة المعاشة ومكابداتها اليومية  وذكريات الزمن الجميل ، مما رشحها لأن تكون في طليعة  المؤهلات للانضمام إلى اتحاد الكتاب الفلسطينيين لولا أن الزواج والسفر حال دون ذلك .

كتبت أم حمزه  في القصة القصيرة قصة " على سطح المنزل"  التي وصفت فيها مشاعر أم الشهيد ناصر عريقات الذي استشهد على ثرى بلدة ابوديس في العام 1998 ، وما وقصة  " سر ذلك المفتاح "  في حلم العودة للاجئين ومما جاء فيه " لقد علمت أن ذالك المفتاح عنوان قضية وأنه ناقوس يقرع في عام للتذكير بالعودة وهو حق مقدس وحلم قريب وأرث الأجداد والآباء وهو النبض الذي لم يتوقف في الشتات " وكتبت مقالات اجتماعية حاكت فيها تفاصيل الحياة العصرية  من أفراح وأتراح ومنها  " أفراحنا أعراسنا إلى أين "  ، ومقال " خارطة ابوديس الجديدة" الذي وصفت فيه مسيرتها اليومية وهي تتجه إلى مدرستها في البلدة وأسماء الأماكن والمعالم التي كانت تمر عنها  وما اعتراها من تغيرات وقد جرى تصوير هذا المقال كفيلم روائي جرى عرضه في لندن بالتعاون مع جمعية دار الصداقة كامدن ابوديس وحاز على تميز وقبول واسع ، تسعى أم حمزة من خلال إنتاجها الأدبي والثقافي أن يكون له جانب إبداعي  يلامس الأفئدة ويترك أثاراً طويلاً بها .

ترتبط أم حمزة بالأرض ارتباط الجنين بالحبل السري لأمه وتعتبر أم حمزة الأرض هي التي تعطي الإنسان كرامته لذا فقد آثرت على نفسها أن تقيم في منزل تكسوه الأشجار والأزهار من كل حدب وصوت لتبقى تتنفس رائحة الأرض والتراب وتأكل مما تزرع وتفلح فيها .

وتملك أم حمزة حماسة متجددة لا تنكسر ولا تتراجع فترغب في استكمال دراستها الجامعية كأحد الأمنيات التي بقيت تلاحقها حتى بعد أن شق أبناءها مستقبلهم في الحياة وأصبحت جدة لعدد من الأحفاد وترى بأن الأمل هو الطريق الطويل المغمور بالطموح المستقبلي والضوء الذي يراه الإنسان عندما يغط الآخرون في الظلام  .

تقول أم حمزة بأنها سعيدة بمسيرتها الحياتية وانها تقضي جل وقتها في خدمة المجتمع المحلي بما يعود عليه بالنفع والفائدة رغم كافة المعيقات  والمطبات المجتمعية التي واجهتها في بعض المراحل إلا أنها لا ترى ما يعيب أنشطتها المجتمعية فهي تحظى بدعم اسري ومجتمعي من قبل  أهالي البلدة وتستطيع أن توفق في حياتها الاجتماعية والأٍسرية وهذا ما دفعها للاستمرار.

وتحلم أم حمزة بالغد الأفضل وأن تبصر أحلامها النور بالنهوض بالواقع المجتمعي وتغير الصورة النمطية عن المرأة التي تحصرها بكونها ربة بيت وتملك مساحات تحرك محدودة لا تستطيع تجاوزها ، لذا فهي ترى بأن هذه الأفكار هي أفكار ضعيفة وهشة وعشوائية ، ولا بد من نشر المفاهيم التي تجعل من المراه سيدة تجمع بين مفاهيم الحداثة والعصرية والأصالة والعراقة في آن واحد دون أن تتعارض مع القيم المجتمعية لأن للمراة طاقات إبداعية ينبغي تحريرها من دهاليز السطحيات وتجاوز القيود التي لا تحمل عنوان واضح . 

التعليقات