طريق الكسارات..مأسي جديدة تضاف الى أجندة حياة الفلسطينين بشكل عام والمقدسين بشكل خاص

طريق الكسارات..مأسي جديدة تضاف الى أجندة حياة الفلسطينين بشكل عام والمقدسين بشكل خاص
القدس- دنيا الوطن-شيرين صندوقه
 كثيره هي المآسي والهزائم عايشناها بتفاصيلها وتركت الكثير من الاثار على الاجيال المتعاقبه الا أن الشعب الفلسطيني في تحديه لظلم كيان الإحتلال وهو يحاول النيل من وجوده ينتفض كالمارد بلا تردد بشعور من المسؤوليه ورفض لكل ما هو ظالم، قد تخلو رده الفعل من العقلانيه احيانا الا انها دوما تكون في مكانها وزمناها ,استثمارها يخلو من المسؤوليه الامر الذي ساهم الى حد كبير بتتابع الهزائم المتتالية خاصة واننا لا نستفيد من دروس الماضي لا القريب ولا البعيد الامر الذي جعلنا نقع دوما فريسة للاخرين.  

ما دعانا الى هذا التقديم هو ما آلت اليه اوضاعنا في فلسطين والتي من المفترض ان تتمتع بقدرات خبرات شعبها على كافة المستويات في حين توفر تلك الامكانيات الا اننا نرى تراجعا كبيرا في توظيفها في مكانها الصحيح، حيث يعيش المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية و القدس معاناة قاسية إذا ما قرر التوجه إلى عمله أو زيارة أقربائه، أو مراجعة أي مؤسسة خارج مدينته، وتتولد هذه المعاناة من انتشار الحواجز العسكرية التي تتجاوز في كثير من الأحيان مئة حاجز حول مدينة واحدة،  فليس غريبا على الفلسطينين هنا ان يبتدعوا كل ما هو جديد لفك الحصار المفروض عليهم من قبل قوات الاحتلال العسكري والتي تفرض عليهم ما يقارب  600    حاجز أمني عسكري  ناهيك عن" الحواجز الطيارة" التي توضع بشكل مفاجئ يوميا، لذلك نرى وبوضوح كيفية اختلاق الشعب الفلسطيني للطرق الالتفافية والتي نجدها بمحاذاة اغلب الحواجز العسكرية ومعظمها طرق ترابية قديمة لها ميزاتها الخاصة، في تقريري هذا سأسلط الضوء على طريق "الكسارات" لما لها تأثير كبير على المتنقلين بشكل عام والسائقين بشكل خاص بين القدس ومدن الضفة الغربية جنوبا وشمالا.

واقع مرير... "طريق الكسارات"

طريق الكسرات التي تبدأ من مخيم قلنديا للاجئين بمحاذاة معبر قلنديا وتنتهي عند بلدة الرام، وهي الطريق المعروفة بشدة وعورتها وكثرة الحفر و خطورتها صيفا لوجود الرمال و الصخور المفتفة وح بها من جهة و مكب النفايات بها من جهة أخرى، و صعوبة السيربها شتاءا نظرا لامتلاء تلك الحفر الموجودة على الطريق بمياه الأمطار الأمر الذي يجعلها ارض منزلقة، ناهيك عن ضيق شوارعها و كثرة البيوت المتلاصقة والمتراصه على بعضها البعض، الأمر الذي يزيد صعوبة على السائقين، هذه الطريق التي اوجدها الفلسطينيون للهروب من معبر قلنديا و الذي يفصل بين الضفة الغربية والقدس وضواحيها تحت اسم معبر "عطاروت"، والتي عبر عنها مسؤول ملف المفاوضات الفلسطينية صائب عريقات: "ان تحويل حاجز قلنديا الى معبر سيزيد الخنق المفروض على المناطق الفلسطينية بعد أن حولت الحواجز والجدار الفاصل مدننا وقرانا الى سجون كبيرة".

 وهذا ما نشاهده الآن بالفعل وما أكد علية سائق مركبة عمومية – خاصة يعمل على خط رام الله- ومدن الجنوب :" نحن نحتاج دائما الى خلق طرق بديلة للهروب من الواقع المرير الذي نعيشه و نتاعيشه يوميا بوجود معبر قلنديا، فأزمة المرور الخانقة التي اصبحت موجودة على مدار ما يقارب العشر ساعات يوما والتي تجعلنا نقف بالساعات عليها الأمر الذي يؤدي الى قطع رزقتنا، لذلك نختصر الطريق بالذهاب الى طريق "الكسارات" والتي يستخدمها كل السائقين المتوجهين من مدن الضفة الغربية الى مدينة رام الله و العكس، مع العلم ان حالها ليس اصلح فهي طريق وعرة ضيقة قد تؤدي الى اتلاف المركبات في بعض الاحيان الى ان لقمة العيش تستوجب علينا فعل ذلك، فبدل من الوقوف ساعتان بالأزمة عند المعبر نختصر الطريق بنصف ساعة".

ومن خلال معايشتي اليومية وكآلاف المواطنين غيري لهذا الواقع المرير الذين يتوجب علينا المرور مرتان يوميا على الأقل من هذه الطريق التي يفترض كحد أقصى أن تقطع في 3 دقائق فإنه يتوجب علينا الانتظار احيانا الى أكثر من ساعتان، واحينا نذهب من طريق "الكسرات"، التي كل الأزقة بها تأخذك لمخرج واحد فتغمض عينيك خوفا من أن ترى طفلا قد يخرج فجأة من ذاك البيت أو سيارة أخرى ستأتي من الجهة المعاكسة، واحيان أخرى نضطر الى قطع الطريق مشيا على الأقدام، الامر الذي يزيد صعوبة علينا ويلزمنا وقت اضافي واحيانا تكاليف اضافية،ترهق الإنسان من كافة جوانبه الحياتية.

ادارتين مختلفتين لطريق واحدة

طريق "الكسارات" ولانها تربط بين بلدتين مختلفتين زاد الأمر سوء فمدخلها تابع لمخيم قلنديا و تلقائيا تتبع اداريا للجنة الشعبية لمخيم قلنديا و نصفها الآخر الذي ينتهي ببلدة الرام يتبع لمجلس محلي بلدة الرام، وهذا ما اوضحه جمال  لافي  رئيس اللجنة الشعبية لمخيم قلنديا، مؤكدا بأنه تم توجيه رسالة لرئيس الوزراء الدكتور سلام فياض حول أزمة المرور الخانقة والتي لها اسباب عديدة منها المعبر الاحتلالي ومن هنا قد تم  توظيف العديد من الشباب و توكيلهم بمهمة تنظيم السير في المنطقة ولكن على ما يبدو أن المعبر هو ليس المشكلة الأساية موضحا بأنه : " المعبر يعتبر مشكلة من عدة مشاكل فضيق الطرق و عدم توظيفها بالشكل المناسب وكثرة البناء على الشارع الرئيسي كان يمكن توظيفة بشكل آخر، ناهيك عن طبيعة الشوارع الوعرة، الأمر الذي دعانا الى تقديم   طرح عطاءات أكثر من مرة  و نشرت في صحيفة القدس الا انه لم يتم تبني مشروع تصليح الشوارع حتى اللحظة".

واضاف لافي: "هناك شكاوى يوميا تقدم من قبل سكان المنطقة وذلك بسبب الأزمة التي اصبحنا نشاهدها ايضا بالطرق الالتفافية، ناهيك عن وجود المدارس و المحلات التجارية عند مدخل المخيم وهذا الأمر يزيد من احتمالية حوادث السير".

ومن جهته عبر المهندس أمجد البرغوثي رئيس قسم المشاريع في مجلس محلي الرام :"أن عدد الذين يمرون يوميا من شارع قلنديا – الرام أكثر من 40  ألف سيارة يوميا، ومع وجود المعبر يزداد الأمر سوءا، اما فيما يتعلق بالجزء الذي يعتبر تابع لبلدة الرام فهناك العديد من المعيقات التي تحول دون استصلاحه أولا ان هناك جزء منه يعتبر منطقة عسكرية ويمنع العمل بها او استصلاحها وترفض سلطات الاحتلال ان نعمل بها بدواعي أمنية، وثانيا تعتبر هذه الطريق طريق غير هيكلية، وثالثا ان جزءا مهم منها يتبع لشركة "الطريفي للكسارات".

مفارقة واضحة !

تسعى ما تسمى بالادارة المدنية "الاسرائيلية" و هي الجناح المدني لقوات الاحتلال الاسرائيلي المسيطرة على الضفة الغربية الى ادخال تعديل " قانوني" يتيح للمستوطنين في ارجاء الضفة شق الطرق دون الحاجة لترخيص بناء كما هو متبع حاليا وذلك تحت ذريعة حماية " اراضي الدولة"، ويتيح هذا التعديل للمستوطنين تجاوز المسار " القانوني" الطويل الذي يتوجب عليهم اتباعه حاليا لادخال اية تغيرات على الاراضي في الضفة الغربية او في مجال شق الطرق، ووفقا للمخطط الجديد الذي بادرت اليه الادارة المدنية فان شق طرق تهدف الى حماية " اراضي الدولة"، والحديث يدور هنا عن طرق غير معبدة تسير عليها سيارات الدفع الرباعي مع الاحتفاظ بنصوص القانون القديم " التراخيص" فيما يتعلق بالطرق المعبدة وهذا على العكس تماما من ما تقوم به سلطات الاحتلال من منع الفلسطينين من ايجاد طرق بديلة، وهذا ما أكد عليه  الدكتور عناد السرخسي مدير عام التخطيط والتطوير في محافظة القدس حيث قال:" يسمح لليهود بشق الطرق على حساب اراضينا الفلسطينية من أجل ضمان الأمان لمواطنينهم، ولكن من أجل التضيق علينا يقومون بمنعنا بحجج امنية واهية من عمل طرق بديلة وذلك حسب مصلحتهم، وهذا فعليا ما يتجسد بقضية " طريق الكسرات" فهناك العديد من المقترحات و الحلول يمكن

العمل بها بالتعاون مع وزارة المواصلات الفلسطينية و وزارة الحكم المحلي و أيضا مشاريع مقدمة من الـ "USAID"، الا  أننا  محكمون بالقرارت "الاسرائيلية" وذلك لأن هذه الطريق

مصنفة ضمن المناطق"C"، ويمنع تواجد الشرطة الفلسطينية بها الا بتنسيق مسبق وهذا ما أثبت فعليا بسوء التنسيق في حادث مأساة جبع الأخيرة".

حلول ومقترحات

فيما يتعلق بالحلول او المقترحات المقدمة قال المهندس أمجد البرغوثي:" أن طريق الكسرات تحل ما يقارب الـ 10% فقط من أزمة المرور، وانه فعليا عند الحديث عن اقتراحات يجب علينا الأخذ بعين الاعتبار المركبات القادمة من مدينة القدس و التي تلتقي بنفس الطريق مع المركبات القادمة من رام الله وبالأخص عند الدوار الأول بالمنطقة المذكورة وذلك لأنهم يندمجون بطريق واحدة بعد الدوار مع القادمين ايضا من مدن الضفة الغربية الى مدينة رام الله."

ومن جهته أكد الاستاذ نادر الجعبة مستشار  محافظة القدس:" أن من الحلول المؤقتة التي يعمل على تفعيلها  هي اعادة توظيف بعض الشباب لتنظيم السير في المنطقة على الرغم من انه تم اعتقال بعضهم في العام الماضي أولا و إزالة التعديات على حاجز قلنديا ثانيا كمواقف السيارات و البسطات العشوائية و تعتبر هذه كخطوات أولى، أما الخطوة الثانية وهي قد تكون مقعدة بعض الشيئ بسبب الاجراءات الاسرائيلية وفرض نفوذها على الاراضي الفلسطينية وهي اماكنية فتح طريق الـ" DCO/بيت أيل" للمركبات المتوجهة الى مدن الضفة الغربية بالجنوب دون المرور بطريق قلنديا، أو فتح طريق بيتونيا و هي طريق التفافية منشأة خلال الفترة 1994/1998 و المغلقة حاليا، ولكن نحن على يقين تام أن هذا من المستحيلات العمل به بسبب وضعنا تحت الاحتلال."

وسط كل هذه الإجراءات الإحتلالية بحق كل ما هو فلسطيني، تعيش المدينة المقدسة اليوم في عزلة تامة عن محيطها الفلسطيني بعد ان سلخها الإحتلال الإسرائيلي لمنطقة عسكرية مغلقة معزولة كلياً عن جسمها الفلسطيني، ويضاف إلى ذلك المآسي والمصاعب التي يُخلّفها جدار الفصل والتوسع الذي اكتمل بناؤه والتف حول المدينة يصد ويمنع كل من أراد الدخول إليها، يأتي كل ذلك متزامناً مع مساعي حكومة الاحتلال الى تسريع عملية تهويد المدينه المقدسه مستغلة انشغال العالم العربي بثوراته وربيعة الذي بات محل شك يقف الشعب الفلسطيني وحيدا في مواجهته لكل ما هو عنصري اقتلاعي، وتناسى الجميع بان قضية القدس هي قضيه (عربيه) بامتياز وان ما يجري بها هو مسؤوليه عربية قومية وان حسم مساله تهويدها بات وشيكا بفعل ما يجري على الارض فالوقت بات العامل الحاسم في الصراع عليها واي اجراء حتى لو كان بسيطا هو مدماك اخر يبنى عليه لمواجهة فعلية لعمليات التهويد والأسرلة تجاه القدس المحتلة.  

التعليقات