الأمين : دولة تستجدي سلطاتها بالتراضي لا تحلّ أي مشكلة

- ذكّر العلامة المرجع السيد علي الأمين، بأن- اللبنانيين الشيعة أعلنوا مراراً إيمانهم بلبنان، وطناً نهائياً لكل طوائفه وأبنائه، وأنهم مع دولة المؤسسات والقانون، وهم يرفضون الارتباط بالمشاريع السياسية المستوردة من الخارج، وأنهم يريدون للدولة اللبنانية أن تكون هي الممسكة بالسلطة في الجنوب وفي كل المناطق اللبنانية-، مؤكداً أن -أي حلّ لأي مشكلة لا يمكن أن يكون من خارج دولة المؤسسات والقانون التي تفرض تطبيقها، ولا تستجدي سلطتها بالتراضي، وتوزيع الحصص والمغانم على المحسوبيات.-
وأوضح في حديث الى -المستقبل- أمس، أن -رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون طرح منذ عودته إلى لبنان شعارات كبيرة على مستوى التغيير والإصلاح في النظام السياسي، وبعد وصوله إلى السلطة توقعات كثيرة لم تحصل، لأن ممارساته وتكتله لم تختلف عن ممارسات من كان يتهمهم بالفساد، وأصبحنا نسمع منه الاعتراض على حكومة هو أساس فيها، في ممارسة واضحة لمنطق المعارضة والتمسك بالسلطة في آن واحد، وهو يريد تحميل الشعب مسؤولية التقصير والفساد، وليست الحكومة والمشاركين فيها-. وهنا نص الحوار:
[ كيف تقرأون مواقف النائب ميشال عون الأخيرة، وخصوصاً ما يتعلق منها بعرقلة الإصلاح، ودعوته الى التظاهر؟
ـ طرح النائب عون منذ عودته إلى لبنان شعارات كبيرة على مستوى التغيير والإصلاح في النظام السياسي، وعقد عليها الكثير من اللبنانيين الآمال، خصوصاً بعد وصوله إلى السلطة ومشاركته في الحكم، ولكن الكثير من التوقعات لم تحصل، لأن الممارسات منه ومن تكتله لم تختلف عن سائر الممارسات التي شهدناها في المراحل السابقة من آخرين، ممن كان يتهمهم هو بالفساد، والخروج عن القوانين الدستورية في إدارة الوزارات، وإقامة التحالفات، وأصبحنا نسمع منه الاعتراض على حكومة هو أساس فيها، كما كنا نسمع ولا نزال الاعتراضات من بعض الأحزاب والحركات على تقصير الحكومات التي يشاركون فيها، في ممارسة واضحة لمنطق المعارضة والتمسك بالسلطة في آن واحد، وفي النتيجة بحسب منطقهم يكون المسؤول عن التقصير والفساد هو الشعب وليست الحكومة ولا المشاركون فيها.
[ قيل الكثير عن اعتماد الكفاءة والنزاهة في التعيينات، هل تعتقدون أن ما قام به الوزير باسيل من تعيينات في عدد من المؤسسات والدوائر التابعة لوزارة الطاقة تعبّر عن هذه المعايير؟
ـ في الحقيقة، إن النائب عون لم يقدم على مستوى الخطاب السياسي، وعلى مستوى الأداء العملي ما يخالف ما كان يجري في عهد الوصاية الذي كان يعترض عليه، وقد أصبح المعيار عنده في التعيينات الإدارية هو الولاء السياسي والطائفي، بعيداً من معايير الكفاءة والنزاهة التي كان يرفعها، والتي كنا نتطلع إلى رجالات في الحكم يأتون من أجل تحقيقها.
[ تم إعلان إقرار الحكومة مشروع الكهرباء، وأُعلن رفض وزير الطاقة التعاون مع بعض صناديق التمويل العربية الراغبة في إنجاز المشروع وتقديم كل سبل المساعدة، أين تكمن المشكلة برأيكم وما هو الحل؟ 
ـ إن التخبط الذي تعيشه الوزارات التي استلمها أعوان النائب عون، والمخالفات التي حصلت، والحاجات التي ظهرت للمواطنين في مسائل الكهرباء والمازوت وقطاع العمل، ما هي إلا مظهر من المظاهر التي تعكس ابتعاد شعار التغيير والإصلاح عن الواقع والتطبيق، لذلك نرى أن المشكلة هي في ضعف الدولة، وعجزها عن تطبيق القوانين على من يحكمون باسمها، فكل وزير هو دولة قائمة بنفسها، وكل دولة رئيس هو دولة وحدها، وكل هذه الدول هي أقوى من الدولة، الفاقدة لأجهزة الرقابة والمحاسبة وقدرة التنفيذ، ونحن نسمع في كل بلاد الدنيا أن هناك وزراء ورؤساء يحالون إلى القضاء ويقالون أو يستقيلون، وأن هناك أجهزة قضائية أعلى من سلطاتهم، تراقبهم وتحاسبهم، وهناك أجهزة أمنية تتولى تنفيذ مقررات القضاء، كلّ هذه الأمور غائبة عن الساحة في لبنان، وهنا سرّ المشكلة، التي لن تجد لها حلاً خارج دولة المؤسسات والقانون، التي تفرض تطبيقها، ولا تستجدي سلطتها بالتراضي، وتوزيع الحصص والمغانم على المحسوبيات.
[ هل ترون أن جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري لجنة المال برئاسته يؤشر الى انطلاقة جديدة لهذه اللجنة بعد مقاطعتها من قبل نواب 14 آذار لأسابيع عديدة ومدخل الى إخراج الموازنة الى الوجود؟
ـ إن جمع الرئيس بري للجنة المال برئاسته، لا يمكن القول بأنه انطلاقة جديدة، إلا من خلال ما يترتب على ذلك من نتائج ايجابية، وإن كان السؤال الموجه إلى رئاسة المجلس النيابي لماذا يحصل هذا اليوم ولم يحصل في الأمس؟ وما هي المعايير القانونية التي لا يجوز مخالفتها في قيام المجلس النيابي بواجباته التشريعية كاملة؟ ولماذا هذه الانتقائية في المسائل والقضايا!؟ وأين مجلسنا النيابي الموقر من التشريعات التي تساوي في الضمان الاجتماعي والتعليم والصحة بين الحاكم والمحكوم؟ ولماذا يكون النائب المنتخب من الشعب مضموناً، والشعب الذي انتخبه ليس مضموناً؟ ولماذا يحق للنائب تعليم أبنائه في أرقى الجامعات من صندوق الدولة وليس للشعب مثل هذا الحق؟...
[ ما هو المطلوب من الشيعة في لبنان بعد إعلان قائد فيلق القدس الإيراني العميد قاسم سليماني سيطرة إيران على الجنوب اللبناني، وخضوعه لإرادة السلطات الإيرانية؟
ـ اللبنانيون الشيعة أعلنوا مراراً إيمانهم بلبنان وطناً نهائياً لكل طوائفه وأبنائه، وأنهم مع دولة المؤسسات والقانون، وهم يرفضون الارتباط بالمشاريع السياسية المستوردة من الخارج، التي تضر بمصلحة وطنهم، وعيشهم المشترك مع سائر الطوائف اللبنانية، وأنهم يريدون للدولة اللبنانية أن تكون هي الممسكة بالسلطة في الجنوب وفي كل المناطق اللبنانية، ويرفضون أن تكون أرضهم وطائفتهم ساحة لنفوذ إيران وغيرها من الدول، كما يرفضون أن تكون روابط المذاهب والأديان على حساب الأوطان، مخالفين بذلك الواجهة السياسية لهم، والمفروضة عليهم، وسواء صحّت تلك التصريحات من العميد سليماني أو لم تصحّ، فإن المطلوب من الدولة اللبنانية أن تبسط سلطتها الكاملة على كل أراضيها، وأن تكون مالكة للقرار السياسي والسيادي على الأرض والشعب، وأن لا تسمح بالتدخلات الخارجية في شؤونها.
[ أعلن -المجلس الوطني السوري- خطة عمل جديدة تمثل خارطة طريق للتعامل المستقبلي مع لبنان، هل تتوقعون تغييراً رسمياً في موقف لبنان حيال ما يحصل في سوريا عقب هذه التصريحات؟
ـ إن إعلان -المجلس الوطني السوري-، فيه نظرة إلى المستقبل، الذي يجب أن تكون عليه العلاقات بين البلدين الشقيقين سوريا ولبنان، ولا أعتقد أن الموقف الرسمي اللبناني سيتغير بعد هذا التصريح الإيجابي، لأن الحكومة اللبنانية أعلنت وقوفها إلى جانب الموقف السوري الرسمي، وهي لا تعترف بـ-المجلس الوطني السوري-.
[ بثت إحدى القنوات الفضائية تسجيلاً يظهر مجموعة من رجال الاستخبارات الإيرانية بينهم ضابط، أعلن مشاركته ورفاقه في قمع المتظاهرين السلميين في سوريا، وطالب مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي بالسعي الى الإفراج عن المجموعة، كيف تفسرون هذا التدخل الأجنبي المقبول من قبل نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الأزمة السورية؟
ـ لا يمكن البناء على اعترافات تؤخذ في حالة الأسر والقهر والاختطاف، وفي كل الأحوال، نحن نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية، ولا يمكننا القبول بتدخل أي دولة في شؤون دولة أخرى، وفي الوقت نفسه نؤيد تطلعات كل الشعوب إلى الحرية والعدالة والإصلاح في بلادها، ونرفض العنف وسفك الدماء، وندعو الحكام الى الاستماع إلى أصوات شعوبهم في الإصلاح، وأن يوفروا على نفوسهم وشعوبهم المزيد من الآلام والمحن والمعاناة، وأن لا يظهروا العداوة لشعوبهم، لأن مسيرة الوعي، وحب الإصلاح الحقيقي، والتطلع نحو الغد الأفضل، لن تتوقف، وهي ستشمل المنطقة العربية كلها، حيث لم يعد بالإمكان في هذا العصر، أن تعزل حركة الوعي بين أمة وأخرى، فكيف يمكن ذلك داخل الأمة الواحدة؟

التعليقات