صدمة شعبية ورسمية في العراق من الحكم المخفف بحق الجندي الأميركي المسؤول عن مجزرة حديثة

صدمة شعبية ورسمية في العراق من الحكم المخفف بحق الجندي الأميركي المسؤول عن مجزرة حديثة
غزة - دنيا الوطن
صدم الحكم المخفف الذي صدر أول من أمس بحق الجندي الأميركي المتهم في المجزرة، التي شهدتها بلدة حديثة العراقية عام 2005، وقتل فيها 24 شخصا، العراق حكومة وشعبا. واعتبرت الحكومة العراقية، أمس، أن الحكم الصادر بحق السيرجنت فرانك ووتريتش، الذي أقر بذنبه وحكم عليه بالسجن 3 أشهر من دون تنفيذ، لا يتناسب مع حجم الجرم، مؤكدة الاستمرار في المطالبة بحق مواطنيها. وقال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي، لوكالة الصحافة الفرنسية «نعتقد أن هذه العقوبة لا تتناسب مع حجم الجرم الذي تم ارتكابه». وأضاف «لهذا سنبقى نطالب، وفقا للأصول القانونية، بحق مواطنينا الذين ذهبوا ضحية إطلاق نار عشوائي دون ذنب ارتكبوه».

وأعلن متحدث باسم الجيش الأميركي أن ووتريتش لن يدخل السجن. وحكم على المتهم بالسجن 90 يوما مع وقف التنفيذ لأسباب إجرائية، كما قال المتحدث. وووتريتش هو المتهم الأخير في القضية التي برئ فيها 7 متهمين آخرين. وقال المتحدث باسم قاعدة بندلتون العسكرية في كاليفورنيا، حيث جرت المحاكمة منذ بداية الشهر أمام محكمة عسكرية «اتفقت السلطات المختصة على استبعاد عقوبة السجن». وأقر ووتريتش، الذي تم إنزال رتبته إلى جندي والبالغ من العمر 31 عاما، بالذنب في تهمة التقصير في أداء الواجب، أول من أمس، في إطار صفقة مع الادعاء، على أساس سحب اتهامات القتل غير العمد. وأعرب ووتريتش عن حزنه بعد قبول الصفقة، وأكد أنه لم يكن يهدف إلى «قتل أطفال بدم بارد».

ووقعت المجزرة في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2005 عندما قتل 19 عراقيا في عدة منازل إضافة إلى 5 كانوا في سيارة توقفت قرب المكان، عندما أطلق عليها الجنود الأميركيون النار وأردوهم، في جريمة تعد الأكثر إثارة للجدل، والتي تتورط فيها القوات الأميركية خلال الحرب التي استمرت نحو 9 أعوام في العراق.

وبين الضحايا 10 نساء أو أطفال قتلوا من مسافة قريبة جدا. وكان الادعاء العسكري اتهم السيرجنت ووتريتش في اليوم الأول لمحاكمته، الاثنين، بأنه أمر رجاله «بإطلاق النار أولا ومن ثم طرح الأسئلة». وقال الاتهام إن الجنود ورغم عدم وجود مقاتلين مناوئين لهم، نفذوا المذبحة خلال 3 ساعات للانتقام لمقتل رفيق لهم في انفجار قنبلة.

وأعرب سكان وأقارب الضحايا العراقيين عن صدمتهم واشمئزازهم من الحكم. وتعهد محامي الضحايا بالاستمرار في ملاحقة القضية، فيما أكد طبيب في مستشفى المدينة أن السكان في حديثة لن ينسوا أبدا مقتل المدنيين في عام 2005. وقال خالد سلمان، وهو محامي الضحايا ويشغل منصب رئيس المجلس المحلي للبلدة «هذا اعتداء على دماء العراقيين، حيث إن العقوبة تناسب جرما صغيرا. لكن قتل 24 شخصا بريئا وحصل على عقوبة بالسجن 3 أشهر؟ هذا اعتداء على الإنسانية».

بدوره، قال عاصم عمر، وهو صحافي يعمل مراسلا لفضائية «الأنبار» إن «الناس محبطون في حديثة، وبخاصة أسر الضحايا وأسر الأبرياء الذين قتلوا من دون سبب». وأضاف عمر الذي نشأ في هذه البلدة «نحن لا نريد أن نتحدث عن الصفح واللطف.. كل ما نريده هو العدالة». وقال أوس حسين (45 عاما) وهو موظف حكومي يعيش قرب المكان الذي وقعت فيه المذبحة «أنا لن أغفر لهم أبدا.. لا أنا ولا أبنائي ولا أحفادي».

ولا تزال المدينة تحمل بصمات قليلة لأعمال العنف بعد مرور 6 سنوات على وقوع الحادث، فيما تشهد هذه البلدة حاليا التي كانت من معاقل تنظيم القاعدة «هدوءا نسبيا». وقال حسين إنه رغب لفترة طويلة في مغادرة المدينة ليتخلص من ذكرياته من عملية القتل التي جرت، لكن لم يكن لديه المال الكافي للسفر. وأضاف «فكرت لفترة طويلة في المغادرة إلى سوريا، وأترك كل شيء ورائي وآخذ عائلتي، لكن اسمي اختير في قرعة الذهاب إلى الحج لذا قررت الذهاب». وأردف «وعندما عدت من مكة، لم أتمكن من مغادرة العراق لأنه لم يكن لدي المال الكافي لذلك».

وأعاد النطق بالحكم على الجندي الأميركي الذكريات إلى الطبيب الجراح في مستشفى حديثة حول إحدى الضحايا وتدعى عايدة أحمد، وهي امرأة قام باستئصال الزائدة الدودية لها قبل أسبوع من وقوع المجزرة. وقال الطبيب إياد غازي مصلح «هذه المرأة كانت ترقد في منزلها ولا تزال في فترة التعافي».

التعليقات