أحمد الجلبي..المُستفيد الوحيد من تفجير البرلمان !

أحمد الجلبي..المُستفيد الوحيد من تفجير البرلمان !
السويد  - دنيا الوطن- أيهاب سليم 
 كثيراً ما سمعنا عن تفجير البرلمان في الثامن والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني السنة الماضية وأعتقال هذا الشخص وذاك وصولاً الى الأتهام الأخير الذي وجهه حاكم الزاملي عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية بأنه "وبحسب البيانات والتحقيقات ان الذي اشترك في تفخيخ العجلة وتفجيرها هو فلسطيني الجنسية وهو صاحب السيارة المفخخة ايضاً",  حسبما صرحَ لوكالة كُل العراق يوم السبت الحادي والعشرين من يناير كانون الثاني الجاري.
 
من الناحية العقلية لا يُمكن لشخص أن يفخخ سياراته ومن ثم يخترق بنفسه منطقة مُحصنة أمنياً كالمنطقة الخضراء ليقوم بعد ذلك بتفجيرها كعملية أنتحارية, كما أنه لو أجادَ التفخيخ لما زُجَ به في عملية أنتحارية تخسر فيها الجهة المُنفذة أحد خبراء التفخيخ وهو أثمن لها مقابل العملية برمتها. 

والأهم من ذلك تكلفة تفخيخ سيارة بمواد متفجرة متوسطة الأنفجار مع تكاليف خلايا الرصد والتنفيذ تزيد بكثير عن مائة وخمسين ألف دولار, فما بال المرء يا ترى بعملية مثل حجم البرلمان والمنطقة الخضراء؟! والعجب ألم تقوى الجهة المُنفذة من شراء سيارة ببطاقة هوية مزورة بثمن بخس لا يزيد سعرها عن 5 الاف دولار مُقابل التكلفة الأجمالية الباهضة والسلامة الأمنية لنجاح العملية؟! 

عندما سافر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى بغداد الشهر الماضي من أجل المشاركة في مراسم انتهاء ثماني سنوات دموية من الحرب في العراق، كان لافتاً غياب أحد الوجوه البارزة عن الحضور في الاحتفالات واجتماعات الوداع التي حضرها نائب الرئيس... هذا الوجه الذي لم يكن أحد سوى "أحمد الجلبي"، السياسي الأمني، الذي عاش في المنفى ودربَ قواته "قوات تحرير العراق" برعاية كبار ضباط الأستخبارات الغربية في التشيك واسرائيل منذُ سنة 1992 ميلادية وحتى سنة 2002 ميلادية، وهو الأسم النادر الظهور في الأعلام والذي تتحاشاه واشنطن هذه الأيام. 

تاريخ "الجلبي" يعود الى أتصالاته مع الإدارات الأميركية المتلاحقة لتغيير النظام في بغداد، حيث قاد حملة الضغط على الكونجرس في فترة إدارة كلينتون لتمرير قانون تحرير العراق سنة 1998 ميلادية لجعل دعم المعارضة العراقية للأطاحة بالنظام سياسة رسمية في واشنطن.  

وفي الحادي والعشرين من يناير كانون الثاني سنة 2001 ميلادية, أي بعد يوم واحد من تولي بوش الابن الرئاسة، شارك "الجلبي" في لقاء بمنزل "ريتشارد بيرل"، وهو شخصية قيادية في حركة "المحافظين الجدد"، ومن بين الحضور، يقول "الجلبي" لبرنامج ستون دقيقة على قناة سي بي اس نيوز قبل سنوات مضت، كان عدد من الرجال الذين لاحقاً تولوا مناصب مؤثرة داخل الإدارة الجديدة. 

وفي هذا الاجتماع، حسب "الجلبي" و"بيرل"، كان موضوع النقاش هو كيفية إقناع إدارة بوش الفتية بدعم "جلبي" في سعيه الدائم للأطاحة بصدام، أو كما يقول "بيرل" عن الجلبي "أولئك الذين كانوا يرغبون منا في رؤية نظام صدام يسقط اعتبروه اكتشافاً مهماً جداً". 

بالنسبة "لبيرل" وآخرين، كان يبدو أن "الجلبي" يقدم جواباً محتملاً على السؤال المهم المتمثل في من يستطيع الحلول "مكان الديكتاتور"، ويقول "بيرل" إنه وآخرون كانوا يعتبرون "الجلبي" في ذلك الوقت شخصاً "يتقاسم معنا قيمنا"، ويمكن الوثوق فيه لخدمة المصالح الوطنية الأميركية في هذه المنطقة المهمة من العالم. 

وحالما أنضموا إلى إدارة بوش، بدأ "بيرل" وشركاؤه من "المحافظين الجدد" الدفع في اتجاه تنفيذ رؤيتهم بشأن عراق ما بعد صدام، عراق قد يلعب فيه "الجلبي" دوراً مركزياً، أما فيما يتعلق بالجلبي فقد شكل الانضمام إلى هذه النخبة من الأميركيين النافذين خطوة مهمة في الرحلة من أجل تحقيق طموحه والعودة ظافراً إلى العراق. 

سعى الجلبي البيروقراطي إلى تجنيد الولايات المتحدة التي كانت القوة الوحيدة القادرة على الأطاحة بصدام حسين، وفي الوقت نفسه سعى أيضاً إلى تهدئة مخاوف إيران من أنها لن تكون التالية في سلسلة تغيير الأنظمة التي انفتحت لها شهية إدارة بوش عندما كانت تتحدث بنوع من التباهي عن شرق أوسط جديد، وعن تغيير خريطته كلياً، بل إن "الجلبي" أعد حساباته الخاصة ليكون "الرجل الذي لا غنى عنه" في العلاقة بين أميركا وإيران وهمزة الوصل بينهما لترتيب الأوضاع في العراق ما بعد صدام, حتى أنه تلقى التدريبات الخاصة في مجال تقنيات الظهور التلفزيوني مِن قبل المؤلف الأيرلندي هاريس أوكهان. 

كُل هذه الأحلام سرعان ما بدأت تتبدد حينما نشرت مجلة نيويوركر في مارس اذار سنة 2002 ميلادية تقريراً يُشير فيه الى تبني مجموعات أحمد الجلبي المؤلفة من "الكُرد والعرب السنة والشيعة واليهود العراقيين من حملة الجنسية الأسرائيلية" أعمال تخريبية داخل العراق واستهداف مصافي النفط أحدثها الهجوم الذي وقعَ في الثالث والعشرين من يناير كانون الثاني سنة 2002 ميلادية عندما أطلقت مجموعاته الصواريخ صوب مصفاة بيجي شمال بغداد مما تسببَ بأندلاع حرائق دامت لمدة 12 ساعة, وهي الأعمال التي يرفضها الشارع الأمريكي. 

رغم ذلك حاولت المخابرات المركزية مرحلياً الأستفادة من خبرات "الجلبي" في عملية "تحرير العراق" في مارس اذار سنة 2003 ميلادية, وبعدما تخلصت واشنطن من صدام حسين أغارت القوات الأمريكية على مساكن "جماعة الجلبي" في بغداد ميلادية ليعلن البنتاغون رسمياً في الثامن عشر من مايو ايار سنة 2004 أيقاف تمويل جماعات الجلبي "المؤتمر الوطني العراقي" والبالغة 340.000 ألف دولار شهرياً, ليبدأ الجلبي التنافس لرئاسة العراق مِن خلال علاقاته المزدوجة مع نوافذ اسرائيل وبوابات ايران, وحاولَ "الجلبي" فعلياً أبعاد القوى المُهيمنة على الشيعة مثل حزب الدعوة والمجلس الأعلى وجيش المهدي تارةٍ والتحبب والتقارب اليهم تارةٍ أخرى, فكانت النتيجة الأقرب اليه اقترابه أكثر من بوابات إيران بحسب ريتشارد بوتين الأعلامي الأمريكي الشهير في قناة سي بي اس نيوز. 

وللعودة الى تفجير البرلمان والتفجيرات المتكررة فيه وتفجيرات السيارات المُفخخة في المناطق والأسواق والمواكب الحسينية والمساجد الشيعية والسنية بالبلاد, يُمكن الجزم بأن "الجلبي" المُستفيد الوحيد منها لتحقيق طموحاته في رئاسة العراق ولاسيما تمتعه بالحصانة السياسية وأمتلاكه القُدرات المالية والأمنية والعسكرية والنفوذ الداخلي والخارجي, والا لمصلحة من الضرب بالفقراء الشيعة والسنة معاً وكِلاهما أعداء "البيروقراطية"؟!

التعليقات