سامي عنان.. الطامح في دور "عبدالناصر"

سامي عنان.. الطامح في دور "عبدالناصر"
غزة - دنيا الوطن
هو الرجل المفضل في المجلس العسكري، وفي موقف يحسد عليه، إذ يعد مفضلاً للطرفين المتعاديين أمريكا في الغرب، والإخوان في مصر».

كان هذا رأي بعض المسئولين في الولايات المتحدة الأمريكية في الفريق سامي حافظ عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ونائب رئيس المجلس العسكري الحاكم للبلاد منذ خلع مبارك في 11 فبراير من العام الماضي.

لم يكن سامي عنان - ابن محافظة الدقهلية - رقماً سهلاً في المجلس العسكري البالغ عدد أعضائه 19 قيادة برئاسة المشير حسين طنطاوي، فقد استطاع عنان وبحكم موقعه أن يصبح الرقم الصعب، فهو الرجل الذي يملك ولا يحكم، وحسب التقاليد العسكرية، فإن رئيس الأركان هو المحرك لقوات الجيش، بعد موافقة الرئيس ضد أي عدوان  خارجي يهدد الأمن القومي للبلاد، أو الخطر الداخلي فيما يخص العمليات الإرهابية أو ما شابه.

سامي عنان تلبسه روح اشتراكية جمال عبدالناصر ويبدو أن تأثره بثورة يوليو 1952 وحركة الضباط الأحرار، كان الدافع وراء تلك الروح الاشتراكية التي تميزت بإلقاء البيانات والخطب الرنانة، ورغم أن عنان لم يظهر ذات مرة خطيباً، إلا أنه صاحب فكرة البيانات التي أمطرنا بها المجلس العسكري فيما عرفت باسم «رسائل المجلس العسكري» ولم تكن مغامرة من الفريق سامي عنان أن يعلن في الأول من فبراير ـ قبل سقوط مبارك - انحياز القوات المسلحة إلي الشعب المصري، وثورته البيضاء التي طالت رأس النظام، فلا يستطيع الرجل العسكري أن يغامر، لأن المغامرة غير المحسوبة تعني الانتحار أو المحاكمة العسكرية.

نصَّب عنان نفسه بعد نجاح الثورة المتحدث الرسمي ليس باسم المجلس العسكري فقط، بل باسم الجميع، فقد عقد عدة اجتماعات ولقاءات مع زعماء ورؤساء الأحزاب، فضلاً عن لقائه مجموعة من شباب الثورة ليس لطمأنتهم فقط، بل لدراسة «سيكولوجيتهم» والاستماع إلي أفكارهم، حتي يتلاشي المجلس العسكري أي صدام مع طوائف الشعب المصري.

واستطاع عنان - بحكم موقعه - أن يجمع خيوط اللعبة كلها بيديه، بل وأصبح هناك «خط مفتوح» بينه وبين جميع القوي السياسية بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين التي تفضل التعامل معه دون بقية أعضاء المجلس العسكري.

أفكار سامي عنان هي التي أوجدت ما يقرب من 200 ائتلاف من شباب الثورة، فقد كان يحرص دائماً خلال لقائه ومجموعة من الشباب في الميدان، علي تأكيد فكرة «الإطار الشرعي» الذي يؤكد أنه تحاور مع أي قوة فاقدة للشرعية، يستوي في ذلك الأحزاب والحركات والائتلافات، ورغم أن هذا «التفتيت» أسهم بشكل كبير وفعال في انقسام الجميع، إلا أن ذلك كان يصب في مصلحة «المجلس العسكري».

علي صعيد آخر كان لسامي عنان الدور الأكبر في تحريك عجلة الاقتصاد الراكدة من خلال تزكيته لاختيار كمال الجنزوري رئيساً للوزراء، وهذا ما نكشفه ولأول مرة، فقد تم اختياره من ضمن 18 شخصية منها عبدالعزيز حجازي ومحمد البرادعي وآخرون.

ولم يستبعد بعض المقربين من الفريق عنان أن أفكاره انعكست علي شخصيته التي تتسم بالذكاء غير العادي. والغموض الكبير، والحنكة، فضلا عن دهائه العسكري الذي ظهر واضحاً في أحداث الأقصر الإرهابية التي وقعت في عام 1997، والتي كانت نقطة انطلاق عنان نحو رئاسة الأركان.

فقد أكدت مصادر وثيقة الصلة بالفريق، أنه عقب اجتماع له في القيادة العامة برئاسة المشير طنطاوي، وجه السائق الخاص به إلي الانطلاق نحو مطار القاهرة، بدلاً من أخذ «استراحته» والذهاب إلي الإسكندرية، حيث تقطن أسرته، وشاءت الأقدار أن يكون سامي عنان - برتبة عميد - شاهداً علي تلك الأحداث التي وقعت بالبر الغربي في محافظة الأقصر، حيث مقر «الوحدة» التي يرأسها علي مقربة من معبد حتشبسوت، وعندما انفجرت الأحداث الإرهابية، اتصل وعنان بالمشير طنطاوي ليخبره بتفجر تلك الأحداث - رغم أن حبيب العادلي رئيس جهاز مباحث أمن الدولة أخبر الرئاسة بذلك - فما كان من المشير طنطاوي إلا أن طلب منه الانتظار حتي يستطيع أن يكلم مبارك، وحدث بالفعل أن كان المشير والعميد والرئيس علي خط واحد، فطلب عنان من مبارك الإذن بالتصرف، فما كان من مبارك إلا أن قال له «لك مطلق الحرية».

انطلق عنان بدهائه العسكري، واصطحب معه أحد مصوري «الفيديو» ليوثق الأحداث «صوتاً وصورة» واستطاع أن يسيطر علي الوضع بعدما فقد الأمن السيطرة عليه، وألقي القبض علي بعض العناصر المنفذة للعملية حتي وهم يرتدون زي الشرطة، وفور وصول الرئيس المخلوع إلي الأقصر مارس بنفسه مهنة وكيل النيابة، سأل عن سامي عنان، للوقوف علي حقيقة الموقف، وما إن شاهد مبارك «الفيديو»حتي ربت علي كتفه قائلاً له: «مكانك مش هنا».

ولم يكمل عنان أسبوعاً في موقعه، حتي رقي لرتبة لواء وشغل منصب قائد قوات الدفاع الجوي، ومن أحداث الأقصر انطلق عنان وحبيب العادلي الأول إلي القاهرة والثاني. تولي وزارة الداخلية.

لم تكن فكرة إنشاء مجلس استشاري ببعيدة عن الفريق سامي عنان، فقد تصاعدت الاحتجاجات ضد المجلس العسكري، ومطالبته بتسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني، فضلاً عن اتهام «العسكري» بالمماطلة في محاكمة مبارك ورموز نظامه، وإحالة المدنيين إلي محاكمات عسكرية، الأمر الذي أجج صدور المصريين ضد «العسكري» وأصبح يتلقي هجوماً عنيفاً ونقداً لاذعاً.

الأمر الذي دفع «عنان» إلي التفكير في أشخاص يلعبون دور «البديل» ويتلقون الهجوم من ناحية، ومن ناحية أخري يسترضون «الثوار» وإقناعهم بالعدول عن فكرة تسليم السلطة قبل 30 يونيه 2012، والتأكيد علي أن إنشاء المجلس الاستشاري سيكون بمثابة «همزة الوصل» بين «المجلس العسكري» وجميع القوي السياسية.

يذكر أن سامي عنان من مواليد قرية سلامون القماش بمحافظة الدقهلية وشارك في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 وعين قائداً لقوات الدفاع الجوي في يوليو 2001، وفي 2005 أصدر مبارك قرارا بتعيينه رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة، وحصل علي نوط الخدمة الممتازة ونوط الخدمة الطويلة.

التعليقات