مواقف دول الجوار السوري من العقوبات المفروضة

مواقف دول الجوار السوري من العقوبات المفروضة
غزة - دنيا الوطن
حث الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي نظام بشار الأسد على التوقيع على البروتوكول الخاص بمهمة المراقبين الذين طلبت الجامعة إرسالهم إلى سوريا لحماية المدنيين، واعدا في المقابل بإعادة النظر في العقوبات وغيرها من الإجراءات التي اتخذت ضده. هذا النداء وجهه العربي في رسالة إلى وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وكتب العربي يقول «من شأن التوقيع أن يعيد النظر في جميع الإجراءات التي اتخذها مجلس الجامعة» في اجتماعه غير العادي أول من أمس. وبينما تناقش الجامعة العربية في الأيام القليلة المقبلة آليات تطبيق العقوبات وأهدافها بما في ذلك تحديد مسؤولي النظام المستهدفين بإجراءات حظر السفر مثلا، فإن نجاح هذه العقوبات مرهون بمدى التزام الدول الأعضاء إضافة إلى تركيا، التي أصبحت طرفا في التحرك العربي، بتطبيقها. وهنا، فإن الأنظار تتجه إلى الدول المجاورة وتحديدا العراق ولبنان والأردن وتركيا. وفي هذا السياق وحسب المواقف المعلنة، فإن سوريا مرجحة لأن تواجه ضغطا من الشمال في ظل التحمس التركي الواضح لأي مجهود يوقف آلة القتل في سوريا وكذلك من الجنوب، حيث الأردن الذي وإن بدا في البداية مترددا في فرض العقوبات فإنه اختار في النهاية أن يكون مع الإجماع العربي، غير أنه أعرب عن أمله أن تأخذ اللجنة العربية المختصة بالنظر في العقوبات مصالح الدول بعين الاعتبار.

ولكن تبقى هناك ثغرتان في جدار هذه العقوبات: شرقية متمثلة بالعراق الذي تحفظ على العقوبات معلنا أنه لن ينفذها، وغربية متمثلة بلبنان الذي نأى بنفسه عن قرار الجامعة العربية أصلا. «الشرق الأوسط» ترصد هنا المعطيات في دول الجوار السوري الأربع وانعكاساتها على التطبيق الفاعل لحزمة العقوبات.

قررت تركيا مشاركة الدول العربية تطبيق العقوبات الاقتصادية على سوريا بـ«الحد الأدنى»، بهدف عدم إلحاق أضرار كبيرة بالقطاع التجاري التركي الذي يعتبر سوريا «سوقا رئيسية» و«ممرا أساسيا» له إلى بقية العالم العربي.

وتتجه تركيا إلى قطع آخر العلاقات المالية القائمة بين البلدين عبر المصارف المركزية، بعد أن أوقفت المصارف الخاصة في البلدين تداولاتهما منذ أغسطس (آب) الماضي جرَّاء العقوبات الأوروبية والدولية. وذكرت صحيفة «وطن» التركية أن أنقرة قررت وضع خطة العقوبات الاقتصادية المعدة ضد سوريا بشكل تدريجي بعد المباحثات التي أجراها نائب رئيس الوزراء التركي علي باباجان، المسؤول عن الشؤون الاقتصادية، مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. وقالت الصحيفة إن الخطوة الأولى في ظل العقوبات الاقتصادية التركية هي إيقاف التعاملات المصرفية مع سوريا.

وتركيا هي أكبر شريك تجاري لسوريا؛ حيث تشكل تركيا نسبة 7% من التعاملات التجارية الخارجية السورية، أي نحو 2.5 مليار دولار من حجم التجارة الخارجية السورية، البالغة قيمتها 31 مليار دولار عام 2010.

لكن هذا التبادل هو بمقدار الثلث إلى الثلثين، من جهة سوريا التي تورد إلى تركيا ما قيمته 700 إلى 800 مليون دولار، وتستورد منها بنحو 1.7 مليار دولار. وقد أسهمت اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، التي وقعت عام 2004 ودخلت حيز التنفيذ عام 2007، برفع حجم التبادل التجاري سنويا بحدود 30%؛ حيث وصل عام 2010 إلى مليارين و272 مليون دولار، مقارنة مع عام 2009 الذي وصل إلى مليار و700 مليون دولار. وقد تضاعف الحجم التجاري بين البلدين على مدى الأعوام الخمسة الماضية؛ حيث كانت قيمته 823 مليون دولار عام 2005، ثم ارتفع إلى 2.5 مليار دولار عام 2010. وقد بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في الأشهر العشرة الأخيرة (منذ مطلع عام 2011) 1.4 مليار دولار، بينما كانت التوقعات تشير إلى ارتفاعه خلال الـ3 سنوات المقبلة إلى 5 مليارات دولار، بينما بلغت استثمارات الشركات التركية في سوريا 260 مليون دولار.

وقال وزير الاقتصاد والتجارة السوري، محمد نضال الشعار، مؤخرا: إن الميزان التجاري لمصلحة تركيا فيما يخص اتفاقية التجارة الحرة بين سوريا وتركيا، وإن هذا الميزان غير عادل نهائيا؛ حيث إن سوريا تصدر ثلث ما تستورد من تركيا، ولا بد من إعادة النظر في الاتفاقيات كلها.

لكن الشعار الذي كان يبرر قيام الحكومة السورية بفرض حظر على كل الواردات، عدا الحبوب والمواد الخام، و51 سلعة أساسية للمحافظة على الاحتياطيات المتناقصة من النقد الأجنبي، عاد ليرفع الحظر بعد تحذير تركي من «المعاملة بالمثل». وقال الشعار: إن الفرق التكنولوجي والإنتاجي بين سوريا وتركيا كانت نتيجته أن تركيا تمتعت بوضع إيجابي أكثر من سوريا، لافتا إلى عدم دراسة هذه الاتفاقية بدقة أكبر والتنبؤ بمستقبلها أكثر. ‏‏وأضاف: «إن الهدف من اتفاقيات التجارة الحرة بشكل عام هو تحقيق عدالة تجارية بين الطرفين، ولا يجوز أن يربح طرف على حساب الطرف الثاني، إلا إذا وجدت أسباب اضطرارية قاهرة ولكن بشكل مؤقت وليس دائما». وأشار الشعار إلى البدء في إعادة النظر في كل اتفاقيات التجارة الحرة مع كل الدول وليس فقط مع تركيا.

التعليقات