مليونيات ملهاش نهاية .. الشعب يريد إسقاط من ؟

مليونيات ملهاش نهاية .. الشعب يريد إسقاط من ؟
 بقلم : إيمان الجمال
كاتبة مصرية

الشعب يريد إسقاط من ؟ .. ألا ترون معى التخبط والحيرة ؟ هذا الشعار بدأ أولا 28 يناير حيث بدأت الثورة 25 يناير يوم عيد الشرطة للتعبير عن غضب الشعب من ممارسات الشرطة ولكن غباء النظام وغروره أدى لاستمرار المظاهرات حتى يوم الجمعة .. وخرجت مليونية جمعة الغضب التى دعى لها الثوار عبر الفيس بوك وكان شعار أول مليونية وأول جمعة هو الشعب يريد إسقاط النظام وهذا المطلب شرعى ، لان النظام كان قد فقد شرعيته ثم تلى ذلك عدة " جمع " بعدة مليونيات حتى وصلنا لجمعة الرحيل التى تنحى فيها الرئيس السابق وترك السلطة للقوات المسلحة لتتولى إدارة البلاد .
وما حدث بعد ذلك .. جمعة وراء جمعة يرفع فيها شعار مختلف عن الآخر ، اى كلما لبت واستجابت القوات المسلحة مطلبا ظهرت عدة مطالب أخرى !! بداية من إقالة وزارة احمد شفيق ( الذى كنا من قرابة سنتين ننادى بان يتولى الحكم بعد مبارك ) فالرجل مشهود له بالنزاهة والعمل الجاد .. وهو الذى تولى مسئولية الطيران المدنى بعد خسارته وتدنى الخدمة فيه لتصبح فى وزارة الطيران وقت قصير أفضل الوزارات من حيث الخدمة والدخل المادى والسمعة .
والواقع أن الرجل لم يتحمل الاهانات التى طالتة سواء من التحرير أو ممن يسمون أنفسهم النخبة ، فقدم استقالته بعد برنامج تليفزيونى أهين فيه اهانة بالغة ، ويختار التحرير عصام شرف رئيسا للوزارة ، وينزل التحرير ليأخذ المباركة ويضمن ألا تخرج جمعة بمليونية تطالب برحيله !! ويختار شرف وزارته ، ولكن سرعان ما ينتهى شهر العسل بينه وبين من فى التحرير .. ليتغير الوزراء المرة تلو الأخرى حتى أن بعض الوزراء رحلوا قبل ان يدخلوا مكاتبهم والآخرين رحلوا قبل معرفة مشكلات وزارتهم !
حد يفهمنى لمصلحة من تغير الوزارة لعدة مرات فى فترة وجيزة حتى لا يقدر اى وزير على العمل سواء من الخوف أن يمضى ورقة ، أو يصدر قرار يكون نتيجته السجن ، أو ننادى فى التحرير يسقط الوزير فلان!!
كل جمعة أصبحنا ننتظر مليونية فى التحرير بمطلب مختلف .. فجمعة العرفان بالجميل للقوات المسلحة من وجهة نظرى هى جمعة ليس لها معنى لان الجيش المصرى شريك فى الثورة وليس حاميا لها كما يقال .. كما أن الجيش هو جيش مصر اى أبناء مصر فماذا كان ينتظر منه ؟ أن يقف ضد الثورة ويفعل كما فعل الجيوش السورية والليبية واليمنية !! ، بالتأكيد الجيش المصرى مختلف تماما .. فهو خير أجناد الأرض .
وتأتى جمعة أخرى هى ( جمعة الغضب ) ، وهل غضب الثوار كان قد زال لكى يغضبوا مرة أخرى ؟ إنهم فى حالة غضب مستمرة .. ولا ندرى إلى متى ؟
لننتقل لجمعة أخرى ( الدستور قبل الانتخابات ) يليها اعتصام مفتوح للقوى السياسية حتى تنفذ مطالبهم ، وهذه الجمعة لا يشترك فيها الإسلاميون فرأيهم معروف لتخرج بعدها جمعة ( وحدة الصف ، او لم الشمل ) ويا ليتها لم تخرج !!
لان الشمل قد انفرط عقدة .. وانقسم الشعب الذى كان ينادى فى التحرير بالوحدة الوطنية التى مازالت تحتاج لتدعيم أكثر ، فقد حدث الانقسام ، وانقسم الشعب لعلمانى ، ومسلم .. إنها جمعة أرعبت كثيرا من السياسيين والدول الغربية !!
وانتهينا من جمعة تقطيع الشمل إلى الشرطة والشعب أيد واحدة وفى نفس الوقت اى شرطى نجده فى الشارع يرى من الشعب كل الاهانات والضرب وكثيرا القتل ، بل الشرطى كان لا يقدر أن ينفذ القانون خوفا على نفسه !! فوزارته غير قادرة على حمايته بل تضحى به حتى لا تغضب الشعب .. والأمثلة كثيرة على ذلك .
لقد أصبحت الدعوة لمليونيات الجمعة ليس لها معنى ألا استعراض العضلات ، والهدف منها القضاء على هيبة الدولة ، ألا تذكرون مليونية للإفطار فى أول يوم رمضان ، وأخرى للصلاة ليلة القدر .. ولصلاة العيد ، حتى الصوفيين خرجوا علينا بمليونية يوم جمعة ولماذا؟ أليس لهم حق فى فرض سطوتهم على الدولة مثل بقية فصائل المجتمع لننتهى أخيرا للدعوة لمليونية ( تصحيح المسار) ، وياله من شعار وفى نفس الوقت نجد على صفحات الفيس بوك دعوات لهدم الجدار أمام السفارة .. والهجوم على وزارة الداخلية .. ومجلس الوزارة .. والاحتكاك بالجيش لتصويره أمام العالم انه مثل الجيش السورى يضرب المدنيين .. ولكن الجيش والشرطة ينسحبان ويترك الميدان ويشترط على المتظاهرين أن يتولوا الأمن فى هذا اليوم حتى تفوت على النفوس الضعيفة الفرصة ويا ليتها ما فعلت !
( جمعة تصحيح ) المسار أضاعت البقية الباقية من هيبة الدولة ، بل قضت تماما على الشرطة ، وعلى هيبتها ، حتى سمعنا أن مساعدى وزير الداخلية طلبوا اعفائهم من العمل !! والاهم من ذلك إحساس رجل الأمن بالإحباط ، والاهانة .
حد يفهمنى .. هل ننتظر أن يؤدى رجل الأمن عملة كما يجب ؟ وهل يمكن أن نعاتبهم على تخليهم عن أداء واجبهم حتى وصل الأمر إلى التعدى على السفارة الإسرائيلية ، والعبث بمحتوياتها من أوراق ومستندات ، ومحاولة الهجوم على أعضاء السفارة الموجودين بداخلها وإنزال العلم لمرة أخرى ؟
نحن نعيش حالة من المتناقضات ، فالشاب الذى قام بإنزال العلم أول مره حصل على شقة مكافأة من محافظ الشرقية ، رغم أنه فى نظر الكثيرين خرق القانون الدولى ، وعرض الأمة لانتقادات المجتمع الدولى !
حد يفهمنى .. أليس التعدى على السفارة هو تعدى على الغير وفقا للاتفاقيات الدولية ؟ ، أليس هذا الأمر يقوى من موقف إسرائيل بعد أن كان الموقف المصرى أقوى منها بكثير ؟ الم نعلم أن ما حدث يمنح إسرائيل فرصة استدرار عطف الغرب باعتبار أنها تتعرض هى ورعاياها للتعدى والتهديد بالقتل ويجب حمايتها ؟
لقد استغل نتنياهو الأزمة وطلب من اوباما ضرورة تدخل أمريكا لحماية العاملين بالسفارة.. ما علينا عدى وفات ، كما عدى غيرة .. ولكن بعد إسقاط كل مؤسسات الدولة لم نتورع عن إسقاط القضاء تارة بالتشكيك فى نزاهته ، وتارة أخرى بالتدخل فى شئونه بالدعوة لاستقلال القضاء ، أليس القضاة هم الأحق بطلب ذلك ؟ هل وصل الأمر بالثوار أن يتحدثوا بلسان القضاة ، وهل ينتظر القضاء أن يطالب احد له بحقوقه ؟ ، كيف نطالب بحقوقهم وهم غير امنين على أنفسهم فى ساحات المحاكم !
حد يفهمنى .. ماذا تبقى من جمعات ومليونيات ؟ أخشى أن ننادى بجمعة ( الشعب يريد إسقاط الشعب ).

التعليقات