إلغاء اتفاق باريس الاقتصادي: نبيل شعث يدعو إلى حرب اقتصادية ومقاطعة البضائع الإسرائيلية

إلغاء اتفاق باريس الاقتصادي: نبيل شعث يدعو إلى حرب اقتصادية ومقاطعة البضائع الإسرائيلية
رام الله - دنيا الوطن
 في ورشة عمل نظمها مركز بيسان للبحوث والإنماء في السادس من تشرين الثاني الجاري بعنوان: أفاق استشرافية لبناء الاقتصاد الفلسطيني وبحضور عدد من أمناء وقادة الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية منهم د.نبيل شعث، عبد الرحيم ملوح، د. صبري صيدم، خالدة جرار، د. مصطفى البرغوثي، والتي دارت حول العديد من الأسئلة التي وجهت للحضور قادة وأحزاب حول السياسات التنموية والاقتصادية المتوقعة في ظل إعلان الرئيس محمود عباس عن نيته تعديل اتفاقية باريس الاقتصادية، والتركيز على الإنتاج لبناء الاقتصاد الفلسطيني وتحرره، وتصريحات عدد من مستشاري الرئيس بخصوص البدء في مقاطعة بضائع الاحتلال باستخدام وسائل مختلفة. 

 

في بداية الورشة أشار عبد الرحيم ملوح نائب الأمين لعام للجبهة الشعبية وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير إلى أن "أية دعوات لإعادة فتح ملف اتفاق باريس لا يجب أن تعني العودة للمفاوضات والبحث عن بديل مع "الإسرائيليين". وإذا أردنا الحديث عن اقتصاد إنتاجي لا يمكن أن نقبل بما تخصصه الموازنات وما نسبته 2% للتجارة والزراعة مقابل 30% وأكثر للأمن . كما على المساعدات الخارجية أن تصب في القطاعات الإنتاجية وليس الخدمات، التنمية لا تقوم في ظل الاحتلال، نحن حاجة إلى تنمية صمود المواطن على أرضه، وأية تنمية أخرى تخدم أهداف أخرى". وفي ذات السياق فان الدعوة إلى مراجعة اتفاق باريس تقتضي من السلطة الفلسطينية وقف مشاريع المناطق الصناعية المشتركة، والأدهى أن بعض تلك المناطق سيدمر أراضينا الزراعية في مرج بن عامر.

ينما صرح د.نبيل شعث "أن اتفاق باريس بني على أساس مصلحة الاقتصاد "الإسرائيلي" وليس على أساس مصلحة الاقتصاد الفلسطيني، وانه جزء من الهيمنة "الإسرائيلية" علينا مثل الاحتلال العسكري الذي لا يفرق بين مناطق A، B، C، وتهويد القدس، ويجب أن نتصدى للاحتلال بكافة أشكاله، ولم تعد أية فائدة من المفاوضات بأية وضع". وحول الإستراتيجية القادمة للاقتصاد الفلسطيني أجاب د. شعث "نحن الآن في اقتصاد صمود اقتصاد مقاوم وليس اقتصاد حر، اقتصاد حرب ومواجهة وصمود، الأساس الآن هو المواجهة السياسية والمواجهة الاقتصادية. اقصد بالاقتصاد المقاوم أن يدرس كل شيء من وجهة مقاومة، مما يعني الاعتماد على المشاريع الصغيرة والمنتجات الصغيرة والتضحية بما يسمى بالـEconomic Advantages ، ومقاطعة  البضائع "الإسرائيلية"، وممارسة المزيد من الضغط الدولي على "إسرائيل" من خلال المقاومة السياسية والاقتصادية اللاعنفية".

وفي حديثها حول الاستراتيجيات الجديدة التي يجب أن تعتمد أشارت خالدة جرار إلى أن "الحديث عن كيفية التأسيس لتنمية الصمود بالمعنى الشامل تبدأ أولاً بالخطوط العامة المتمثلة بمواجهة اقتصاد السوق  الذي لا يحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية المواطن الفقير هو من يدفع الثمن.كل موازنات السلطة التي تمت لا تعكس في جوهرها العدالة الاجتماعية ولا اقتصاد تحت الاحتلال. فالموازنات لا احد يقرها ولا احد يناقشها بل توضع وتنفذ من جانب واحد. هذه السياسات يجب أن تكون  مرتبطة بتعزيز صمود الناس وليس بالمشاريع الاستثمارية الكبيرة القائمة على أساس سياسات البنك الدولي والاشتراطات الخارجية، واستبدالها بموازنة تشمل القطاعات الأساسية مثل الزراعة وتقويتها وتدعيمها. أما المقاطعة فيجب أن تكون على المستويين الشعبي والرسمي وتشمل كافة البضائع "الإسرائيلية" وليس فقط منتجات المستوطنات. كما يحب الاعتماد على النماذج الصناعية الصغيرة لشعب يسعى إلى الصمود والتحرر، وعلى رأس هذه الأولويات إلغاء اتفاق باريس الاقتصادي وليس تعديله".

أما د. صبري صيدم ففد دعى إلى مراجعة اتفاق باريس، ولكن ليس على أساس المفاوضات بل على أساس الحقوق الفلسطينية. كما يجب أن نراجع أنفسنا على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى الجغرافي. كأن يتم العمل على التمدد الزراعي في مناطق C، وتعزيز التشابك مع الشتات بحيث لا يتركز على التضامن المعنوي أو الحماية الاغاثية، بل ندعوهم إلى الاستثمار الاقتصادي، فهناك الكثير من الاقتصاديات الاليكترونية التي ليست في الحاجة أن تعبر الحدود والتي تسوق الكثير بالتبادل الاليكتروني. كما يجب أن يتم فضح القرصنة "الإسرائيلية" في موضوع  تحويل أموال الضرائب  للسلطة الفلسطينية. وشدد على ضرورة  إنهاء الانقسام حتى يتم التعامل على أساس وحدة اقتصادية واحدة، وتشجيع اقتصاد المعرفة، فلدينا أفكار إبداعية وعلمية يجب أن يتم الاستثمار في اقتصاد المعرفة. 

بينما أكد د.مصطفى البرغوثي أن هذا الاتفاق كان يجب أن ينتهي في العام 1999 بانتهاء اتفاق أوسلو، فهذا الاتفاق يكرس عبودية اقتصادية مثلما يكرس اتفاق أوسلو عبودية سياسية. وأضاف "اتفاق باريس خطير ويجب نسفه من خلال الوسائل الرسمية وغير الرسمية ومن هذه الوسائل: يجب أن نخاصم "إسرائيل" في المحاكم الدولية، الاعتماد على النفس؛ ولكن ليس من خلال زيادة الضرائب وزيادة العبء على الموطنين، بل من خلال اقتصاد وطني مقاوم، اقتصاد منتج زراعي وصناعي وفكري، والتركيز على التعليم والزراعة والصناعة في خططنا الإستراتيجية القادمة".

فيما عقب الحضور أن الاستقلال الاقتصادي لا يحدث إلا بالإرادة الذاتية وبالأخص الإرادة السياسية، والخطط الإستراتيجية العملية على الأرض. فالحديث عن اقتصاد مقاوم لا يجب  أن يظل مكبل بالاتفاقيات الموقعة ومنها اتفاق باريس، ولا يجب أن يعني ذلك تحميل الأعباء للمواطن الفلسطيني من خلال زيادة الضرائب كما هو حاصل حالياً.

تأتي هذه المبادرة من مركز بيسان للبحوث والإنماء على حد تعبير القائم بأعمال المدير العام للمركز تجاوباً مع هوية المركز الذي يهدف إلى تطوير نهج تنموي بديل حساس تجاه  الفقراء والمهمشين، وتحقيق تنمية موجهة ومسئولة تركز على العدالة الاجتماعية والمساواة على أساس النوع الاجتماعي، وإنتاج معرفة نقدية تهدف إلى خلق برامج على الأرض وإعادة بوصلة الاقتصاد الفلسطيني كاقتصاد إنتاجي. كما تأتي هذه الجلسة بعد عقدين من الزمن على إقامة السلطة وفشلها في محاولة تقليل الفقر والبطالة، فالسياسات الاقتصادية للحكومة الفلسطينية وفق المؤشرات فشلت في تخفيض أثار الاحتلال ومعاناة الفلسطينيين، وإيجاد الحلول التي تفك الارتباط بالقيود "الإسرائيلية" التي وضعتها الاتفاقيات المختلفة وأهمها اتفاق باريس الاقتصادي. الاقتصاد الفلسطيني يخضع حالياً لتبعية هيكلية لاقتصاد الاحتلال من ناحية، وسيادة السياسات التنموية والاقتصادية النيوليبرالية التي تركز على الخدمات، وتهمش القطاعات الإنتاجية، من هنا ضرورة الحديث والبحث عن إستراتيجية جديدة تعتمد على التنمية البديلة التي من الممكن  أن تعزز من صمود الفلسطينيين،وتبني اقتصاداً قوياً.

التعليقات