ارتفاع معدلات تشوه المواليد والسرطان في الفلوجة

غزة - دنيا الوطن
  ذكرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية في مقال اليوم الجمعة أن دراسة تناولت أسباب الارتفاع الهائل في معدلات تشوه المواليد في مدينة الفلوجة العراقية قد توصلت للمرة الأولى إلى أن التشوه الجيني يمكن أن يكون بسبب الأسلحة التي استخدمتها الولايات المتحدة في حربها على العراق قبل ست سنوات.

وقالت الصحيفة: "يؤكد البحث الذي سينشر الأسبوع المقبل تقديرات سابقة كشفتها الصحيفة بشأن ارتفاع كبير مجهول الأسباب في الإصابة بمرض السرطان والأمراض العصبية والتشوهات القلبية والهيكلية لدى المواليد الجدد. وقد وجد الباحثون أن التشوهات زادت بمقدار 11 ضعفا عن المعدلات الطبيعية، وارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة في النصف الأول من هذا العام- وهي فترة لم يسبق أن تمت تغطيتها في التقارير السابقة.

وتأتي النتائج، التي ستنشر في المجلة الدولية للأبحاث البيئية والصحة العامة، قبل بدء دراسة طال انتظارها لمنظمة الصحة الدولية حول الصحة الجينية في الفلوجة. وتتبع هذه الأبحاث دراسات سابقة مقلقة، وجدت إحداها تغيرا في نسبة جنس المواليد منذ غزو العراق عام 2003- اذ انخفض معدل إنجاب الذكور بنسبة 15 بالمئة.

وقال أحد القائمين على البحث، وهو عالم السموم البيئية موزغان سافابي أصفهاني: "نحن نشتبه في أن السكان معرضون بشكل مزمن لعامل ملوث بيئي. ولا نعلم ما هو بالتحديد، لكننا نجري المزيد من الأبحاث من أجل اكتشاف ذلك".

وتحدد الدراسة المعادن كعوامل تلوث محتملة تعاني منها المدينة - خاصة بالنسبة الى النساء الحوامل. وتقول إن "المعادن تؤثر في تنظيم الاستقرار الجيني. وبصفتها مؤثرات بيئية، فإن المعادن أحد الأسباب المحتملة للتشوهات الخلقية لدى المواليد".

ومن المرجح أن تؤدي الدراسة إلى مزيد من التكهنات بأن التشوهات قد نتجت عن قنابل تحتوي على اليورانيوم المنضب والتي استخدمت بكثافة خلال معركتين شهدتهما المدينة في نيسان (أبريل) وتشرين الثاني (نوفمبر) عام 2004. وتعد هذه القنابل، التي تحتوي على إشعاعات متأينة، مكونا أساسيا في ترسانات العديد من الجيوش والميليشيات.

ولطالما جرى البحث والتساؤل حول تأثيراتها، وقال بعض العلماء إنها تترك وراءها بقايا سامة، تنتج حين تخترق القذيفة هدفها –سواء تم إطلاقها بالبندقية أو المدفع. لكن لم يتم إيجاد أي دلائل بعد لإثبات ذلك، وادعى بعض الباحثين الآخرين بأن اليورانيوم المنضب ليس من الملوثات.

ويقر البحث بأن بقايا أخرى من المعارك قد تكون المسؤولة عن التشوهات. وجاء فيه أن "العديد من الملوثات الحربية

المعروفة من المحتمل أن تتدخل في التطور الطبيعي للأجنة والمواليد. والتأثير المدمر للديوكسينات على الصحة الإنجابية للشعب الفيتنامي أمر معروف جيدا".

وقد شملت الدراسة الأخيرة عن الفلوجة 55 عائلة لديها حالات تشوه في المواليد بين شهري أيار (مايو) وآب (أغسطس). وأجرتها الدكتورة سميرة عبد الغني، وهي طبيبة أطفال في المستشفى العام بالمدينة. ووجدت أنه في شهر أيار (مايو)، كان 15 بالمئة من المواليد يعانون من تشوه خلقي خطير. وفي الفترة نفسها، ولد 11 بالمئة من الأطفال بعد اقل من 30 أسبوعا من الحمل، وأجهض 14 بالمئة من الأجنة تلقائيا.

ويعتقد الباحثون أن الإحصاءات تقلل مما وصفوه بوباء من الحالات غير الطبيعية، لأن عددا كبيرا من المواليد في الفلوجة يولدون في المنزل مع تردد الأهالي في طلب المساعدة من السلطات.

وإحدى الحالات الموثقة في الدراسة هي حالة أم وابنتها أنجبتا بعد معارك عام 2004 مولودين يعانيان من تشوهات شديدة. كما أنجبت الزوجة الثانية للأب طفلا يعاني من تشوه شديد عام 2009.

وقال سافابي أصفهاني: "من المهم أن نفهم أن احتمال حدوث امر كهذا في الحالات الطبيعية هو صفر".

وقد أنشأت الحكومة العراقية مستشفى جديدا في الفلوجة، لكن أطباء التوليد هناك اشتكوا من أنهم ما زالوا يواجهون الأعداد الهائلة للتشوهات الخطيرة. وقد أنكر الجيش الأميركي أنه المسؤول عن أي ملوثات بقيت في المدينة أو في أي مكان آخر في العراق، بينما يواصل انسحابه من الدولة التي احتلها لحوالي ثماني سنوات.

ويقول الجيش الأميركي إن العراقيين الذين يريدون أن يوجهوا شكاوى يتم الترحيب بهم لفعل ذلك. وذكر عائلات عديدة من العائلات التي قابلتها الصحيفة في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2009 أنها وجهت شكاوى لكنها لم تتلق أي ردود.

ومن المقرر أن تبدأ منظمة الصحة العالمية بحثها العام المقبل. لكن ثمة مخاوف من عدم إمكانية إجراء بحث واسع النطاق في مدينة ما تزال تشهد الاغتيالات والتفجيرات معظم الأسابيع.

وقال سافابي أصفهاني: "إن وباء تشوه المواليد قد بدأ يتكشف في الفلوجة. وهذه أزمة صحة عامة خطيرة تحتاج إلى انتباه دولي. نحتاج لأبحاث مستقلة وغير متحيزة في الأسباب المحتملة لهذا الوباء. وندعو العلماء والمنظمات للتواصل معنا حتى يمكننا أن نحصل على القوة اللازمة للتعامل مع هذه القضية الكبيرة المتعلقة بالصحة العامة العالمية".
تصاعد معدلات التشوه في المدينة

لقد أصبحت معدلات تشوه المواليد في الفلوجة مقلقة بشكل متزايد خلال العامين الماضيين. في النصف الأول من عام 2010، ارتفع عدد الحالات الشهرية للتشوهات الشديدة إلى مستويات غير مسبوقة. وفي مستشفى الفلوجة، عانى 15 بالمئة من المواليد البالغ عددهم 547 في أيار (مايو) من تشوه مزمن، مثل تشوه الخلايا العصبية- الذي يؤثر على الدماغ والاطراف السفلية- والتشوهات القلبية والعظمية أو السرطانات. ولا تشهد أي مدينة أخرى في العراق مستويات مقاربة لتلك التي تواجهها الفلوجة. وتشير الدراسة الأخيرة إلى أن تراكم المواد السامة يؤدي إلى تدمير غير قابل للعلاج في القاعدة السكانية للمدينة.

التعليقات