رفيق النتشة: البحث في 50 قضية فساد تورط بها مسؤولون فلسطينيون

رفيق النتشة: البحث في 50 قضية فساد تورط بها مسؤولون فلسطينيون
عنان الناصر من رام الله

رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد في الأراضي الفلسطينية
قال رئيس هيئة مكافحة الفساد في فلسطين في لقاء خاص مع "إيلاف" إن الهيئة تبحث في خمسين ملف فساد مالي وإداري تورط به مسؤولون ووزراء حاليون وسابقون موجودون على أرض الوطن وخارجه.

وكشف رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد في الأراضي الفلسطينية بأن الهيئة تسلمت عشرات الشكاوى بشأن قضايا فساد في السلطة ومؤسساتها الرسمية تورط فيها بعض كبار المسؤولين.

وأكد أن الهيئة أنجزت عدة ملفات بشكل نهائي وتم محاسبة المخالفين والمتورطين، كما قدمت الهيئة للمحكمة المختصة "بمتابعة قضايا الفساد" خمسة ملفات وهناك متابعات يومية، موضحا أن الهيئة "طلبت رفع الحصانة الدبلوماسية عن عدد من الوزراء حتى يتسنى لها التحقيق معهم وهناك متابعات وعمليات تحقيق مع وكلاء وزارات ومدراء عامين".

ونوه إلى أن الرئيس محمود عباس أولى هذا الموضوع أهمية خاصة وكان قد أكد في مؤتمر صحافي عن القانون المعدل بهذا الخصوص: "أنه لا حصانة لأحد وكلنا تحت القانون، وقال إذا وجدت شبهات علي شخصيا ابدؤوا بي".

ولفت النتشة إلى أن القانون رفع الحصانة عن أي شخص كان ولا يوجد استثناء بهذا القانون لا كبير ولا صغير ويشمل القانون كذلك المسؤولية عن الرئيس ومستشاريه ومجلس الوزراء والموظفين الكبار والوزراء والقضاة والنيابة وجميع المسؤولين. 
وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد: "إن الهيئة تسلمت ملفات بعض المسؤولين الكبار في السلطة وتدقق بها تحضيرا لتقديمها للمحكمة، رافضا الكشف عن أسماء المسؤولين المتورطين وتفصيلات الملفات في تلك القضايا قبل الانتهاء من التحقيق معهم والتوجه بملفاتهم للمحكمة المختصة".

وأقر النتشة بوجود ملفات فساد مالي وإداري وتجاوز للصلاحيات تورط بها مسؤولون ووزراء سابقون وحاليون ومنهم من يقيم خارج الوطن.
 وأوضح أن عددا من المسؤولين المتورطين ذهبوا إلى بلاد عربية وأقاموا بها وتمكنوا من حمل جنسية تلك الدول، منوها إلى أن الهيئة طلبت منهم الحضور إلى الوطن للتحقيق معهم، ومنهم من حضر ومنهم من لم يتم التمكن من إحضاره لأسباب تتعلق بنواح سياسية وقانونية ولكن تم التمكن من الوصول إليهم من خلال سفارات فلسطين في هذه الدول. 

وحول مدى التجاوب من قبل الدول التي يقيم بها هؤلاء المتورطين قال النتشة: "إن الخطوة الأولى التي قمنا بها هي خطوة رائدة ومتقدمة وتمثلت بتجاوب هذه الدول معنا وما نطمح له يتعلق بإحضارهم إلى أرض الوطن للتحقيق معهم وإذا لم ننجح سنذهب للتحقيق معهم في سفاراتنا وسنلجأ مباشرة عن طريق البوليس الدولي وبكل الوسائل المتاحة لإحضار المتورطين".

ملفات الفساد
وفيما يتعلق بملفات الفساد قال النتشة: "تسلمت هيئة مكافحة الفساد تسلمت ملفات بعض المسؤولين الكبار في السلطة ويتم التدقيق والتحقيق بها استعدادا لتقديمها للمحكمة ونريد الكشف عن أسمائهم حاليا ريثما ينتهي التحقيق".
 وحول إذا ما كان هناك فساد مستشري بالسلطة أم أنه غير مستشري، أكد أنه موجود ولا يمكن نكران ذلك ولا تتوفر حتى الآن الدراسات العلمية التي من خلالها يمكن الإجابة على هذا الاستفسار.

وقال: "أستطيع أن أقول وبكل صراحة بالتأكيد عندنا فساد في السلطة ولا شك في ذلك ولكن حجم هذا الفساد حسب ما يعتبره البعض (بأن كل من عليها فاسد) ويعتبره آخرون (ظلما وإشاعات) ونحن لا نقول هذا ولا نقول ذاك، وإذا ما أردنا أن نكون موضوعيين وعمليين وقانونيين وعادلين نعم يوجد ملفات عديدة لدينا ولكن لا أحد يجزم بأن كلها ملفات فساد قبل أن تدرس بدقة وعناية فائقة".

وتابع: "نقول بدون تردد نعم عندنا فساد فبعض الناس يقول إن فسادنا أقل من غيرنا وهذا ممكن ونرد عليه لو كان العالم كله فاسد لا يمكن أن نقبل فسادا في السلطة الوطنية الفلسطينية سلطة الشهداء والأسرى والمعتقلين الذين ضحوا بدمائهم وحرياتهم لا نقبل أن يكون مقابلهم من يسرقون أو يقومون بالفساد".

وفيما يتعلق بطبيعة القضايا التي تورط بها مسؤولون وشخصيات كبيرة ووزراء سابقون وحاليون بالسلطة قال النتشة: "الملفات التي بحوزتنا تتعلق بقضايا لها علاقة بالتجاوزات المالية والإدارية وكذلك المحسوبيات" .
وأضاف "نحن لا نتحدث عن أي ملف كان أو مسؤول كبير أو صغير بل نتحدث عنه كمواطن متهم وليس كمجرما وليس كمدان واستلمنا 70 ملفا من النائب العام مضى عليها ست سنوات وخمس سنوات، وأعدنا منها ما ليس من اختصاص الهيئة ومحكمة الفساد".

وأوضح أن "الهيئة تدرس الملفات الأخرى وهي تشمل موظفين ومسؤولين كبار وصغار وتشمل مؤسسات وشركات ومنظمات أهلية وغير ذلك تورط بها مسؤولون منهم لا زال على رأس عمله حتى الآن، والتحقيق مستمر معهم ومع وزراء قدامى ومدراء عامين ووكلاء وزارات وكل من عليه شبهة قضية وأقول شبهة أو اتهام أو شكوى ولا أقول جريمة لأن الذي يقول ذلك هو المحكمة ومهمتنا في الهيئة التدقيق والتحقيق ويجري هذا الأمر على كافة المستويات حتى أن بعض الموظفين الكبار موجودون خارج الوطن".

وفيما يتعلق بالمتهمين خارج الوطن وكيف سيصار إلى إحضارهم قال رئيس هيئة مكافحة الفساد: "قمنا بعمل ترتيبات مع الدول التي يقيمون بها وأرسلنا وفدا من النيابة للتحقيق معهم في سفاراتنا بالخارج".

وعن القانون الذي يؤهل هذه الهيئة لملاحقة هؤلاء المتورطين سواء على الصعيد المحلي أو الدولي أكد النتشة أن القانون الفلسطيني هو الذي يحكمنا جميعا على أرض الوطن وهو قانون السلطة والهيئة وعلى الصعيد الخارجي هناك الاتفاقيات الدولية ومدى توقيع السلطة عليها ومدى اعتمادها واستخدام الدبلوماسية للوصول إلى هؤلاء المتورطين.
 وأشار النتشة إلى أن هيئة مكافحة الفساد ستلاحق الفاسدين منذ قيام الكيان الفلسطيني, وقال: "نحن معنيون بملاحقة الفساد منذ قيام الكيان الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير وجميع أنواع الفساد الذي يثبت أنه حصل بالماضي وسنحاسب المسؤولين في الماضي والحاضر".  

وأضاف: "حاليا نحن نستلم الشكاوى بشأن قضايا الفساد ونتحقق منها بمعنى أننا نتأكد ما إذا كانت هذه الشكوى لها مبرراتها أو ليس لها مبررات أو أنها تأتي في إطار القضايا الكيدية ولا نريد أن نكون ألعوبة في يد الحاقدين أو الذين لديهم حسابات شخصية من خلال محاولة اتهام بعض الناس بدون أصول وإثباتات".

وحول إذا ما كانت هناك أية ضغوطات تمارس على عمل الهيئة قال: "أستطيع أن أؤكد بأننا نلقى الدعم من جميع المسؤولين، وأستطيع ان أؤكد بأنه لا يوجد عندنا من يتوسط في أي موضوع كان، لأنه يعلم بأننا لن نسمح بذلك إطلاقا.
وعن طبيعة هذه الملفات قال: "إنها تشمل قيام بعض الذين سرقوا أموالا من مكان العمل أو من قاموا باستغلال مناصبهم وهناك من قام بتزوير أوراق أدت إلى تسريب مصالح بطريقة غير قانونية والبعض قام بتسجيل أراض بأسمائهم الشخصية وتم التحقيق معهم وقاموا بنقل ملكية هذه الأراضي إلى وزارة المالية وسجلنا الأسبوع الماضي 263 دونم.

الواقع في السابق والوقت الحاضر
وعند الاستفسار حول طبيعة الواقع في السابق والوقت الراهن فيما يتعلق بمتابعة قضايا الفساد والمتهمين فيها والمقارنة بينهما، قال النتشة: "المسألة بمنتهى البساطة ففي الماضي لم يكن هناك أي نوع من أنواع المحاسبة ولكن حاليا الهيئة مسؤولة عن محاسبة أي شخص كان ترد عنه أية شكوى أو تقرير أو أي اتهام جدي وليس كيدي".

وأضاف "أن غياب الرقابة والمساءلة في السنوات السابقة تسبب بتفشي هذه الظاهرة ولكن من الآن فصاعدا سيكون هناك محاسبة على الكلمة والشيكل والدولار والجميع تحت القانون والكل يتعاون معنا في هذا الإطار".
وأكد أنه تم استجواب وزراء سابقين وتم التحقيق معهم ويستجوب حاليا بعض الوزراء الحاليين حول تورطهم بقضايا مالية وإدارية.
وطمأن النتشة الشعب الفلسطيني بقوله:" إننا جادين في مكافحة الفساد والكل يتعاون معنا وأصبح هناك ردع في المجتمع الفلسطيني وهناك ملاحقات ومتابعات ومساءلات وهذا ما لم يكن في الماضي".

تأسيس الهيئة واختصاصها
وقال النتشة: "إن هذه الهيئة تعد بديلا عن هيئة الكسب غير المشروع التي كانت مجمدة ولم يكن لها أي تأثير على الأرض والتي تحولت بموجب مرسوم رئاسي تمثل بتعديل قانون هيئة الكسب غير المشروع إلى قانون مكافحة الفساد لتصبح هيئة لمكافحة الفساد وتعيينه رئيسا لها بحيث يعتبر هذا القانون من أرقى وأفضل القوانين العربية".

وبحسب النتشة يتميز هذا القانون عن غيره من القوانين لشموليته كافة المسؤولين في القطاع المالي سواء كان ذلك من الحكومة أو أي موظف بالإضافة إلى الرئيس نفسه ومستشاريه ومجلس الوزراء وكافة المسؤولين بلا استثناء، ويمتاز بالإرادة السياسية التي تدعم مكافحة الفساد، واستقلالية هيئة مكافحة الفساد البعيدة عن كافة التأثيرات، كما توفرت للهيئة كافة سبل الدعم، مثل الدعم المالي من الحكومة، وتعاون النائب العام مع الهيئة بفرز مجموعة من خيرة شباب النيابة الذين يعملون داخل الهيئة وليس خارجها وهو أسلوب جديد لم تعهده المنطقة من قبل، وإنشاء محكمة خاصة بجرائم الفساد.

وأضاف "أن هناك وكلاء نيابة متفرغين للعمل في الهيئة ومختصين بعملها مستقلين عن النيابات الأخرى ويتخصص عملهم ضمن إطار الهيئة، كما أن هذا القانون هو الوحيد الذي شكل محكمة خاصة مهمتها النظر بما يحول إليها من الهيئة بالملفات التي تتعلق بالفساد.

وبين النتشة أن الهيئة منحت صلاحيات كاملة في كل ما يتعلق بالفساد سواء الفساد المالي أو الإداري أو التنظيمي وشملت هذه الصلاحيات الادعاء العام والقضاة والوزراء وجميع الجهات المعنية بالعمل الرسمي الحكومي ووجود إدارات أو مؤسسات العمل فيما يتعلق بالإدارة والمتابعة وهي جزء من عمل الهيئة وهناك تعاون كبير جدا بين الهيئة وهذه الإدارات وبين جميع الموظفين الذين يعملون في أطر مختلفة ولكن كلهم بالنتيجة يصبوا في الهيئة وعملها وهذا يشمل كذلك العاملين في المنظمات الأهلية.

وبخصوص إنشاء محكمة مختصة بالفساد قال النتشة: "إن إنشاء هذه المحكمة كان بسبب الضغط على المحاكم الأخرى وتأخر صدور الأحكام لسنوات طويلة وهذا غير عملي للبت في قضايا تتعلق بالفساد لذلك ورد في القانون صلاحيات تشكيل محكمة خاصة مهمتها النظر بقضايا الفساد التي تحول لها من هيئة مكافحة الفساد".

وحول إذا ما كانت منظومة المؤسسات والهيئة قد اكتملت بتأسيس محكمة تختص بقضايا الفساد، أكد النتشة: " طبعا بعد تشكيل المحكمة انتظمت كافة المؤسسات التي يجب أن تكون متوفرة لعمل الهيئة".
 وفيما يتعلق بطبيعة عمل الهيئة قال "نحن لا نكتفي أن تصلنا التقارير من النائب العام والوزارات والأجهزة الأمنية والمؤسسات والمنظمات الأهلية والخيرية والأحزاب والجهات المانحة فحسب بل نتعامل أيضا مع مقولة من أين لك هذا؟ "بمعنى إذا تبين للهيئة أن هنالك معلومات جدية بأن أحد ما لديه عقارات لا تتناسب مع دخله فإنها تقوم بالمبادرة واستدعائه والتحقيق معه وكل ذلك يقع تحت سلطة الهيئة".

ودعا جميع الذين تورطوا في أي أعمال فساد إلى أن يتقدموا للهيئة ويعترفوا بفعلتهم كي يضمنوا عدم العقوبة حسب قانون الهيئة، مناشدا المواطنين إلى تقديم أية معلومات تتعلق بقضايا الفساد وتقديم أية شكوى أو دليل لمتابعة هذه القضايا قائلا "نحن نريد سلطة نظيفة بعيدة عن الفساد والفاسدين".
وحول الحصانة التي يمكن أن يتمتع بها المواطن أو مقدم المعلومات للهيئة خشية ملاحقته من قبل المتورطين، أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد "أن القانون الفلسطيني يحمي أي شخص يقدم معلومات ويقدم له الشكر وكل من لديه موضوع وبحاجة لحماية نقدم له ذلك،  محذرا في الوقت ذاته كل من يحاول أن يستخدم هذا الجو وهذه الظروف بتقديم اتهامات أو شكاوى كيدية ضد أحد".

وناشد الجميع للوقوف في خندق الدفاع عن شرف هذا الشعب وكرامته وعن أمواله وممتلكاته بالوقوف مع الهيئة والذين يحاربون الفساد والوقوف ضد الفاسدين والمفسدين الذين يقفون بالخندق الإسرائيلي للاحتلال ضد أبناء شعبهم بسرقته وتجاوزه بالفساد ومخالفة القانون وقال علينا جميعا أن نكون صفا واحدا ضد الفساد حتى يكون لنا سلطة قوية نتشرف بها ونفتخر بها.

إمكانيات الهيئة 
وفيما يتعلق بإمكانيات وميزانية الهيئة قال النتشة: "نحن لازلنا مبتدئين وبالتالي نحن طلبنا مبلغا من المال كرقم في الموازنة حسب الأصول ولم نستخدم أي مبلغ ولا يوجد لدينا مشكلة مادية أو إدارية لا من قريب ولا من بعيد فالرئيس ورئيس الوزراء يتعاونون معنا والكل يتعاون معنا ولم نضع موازنة ولكن عندنا مبلغ تحت رقم من أرقام الموازنة حسب الأصول القانونية نستطيع الصرف منه ولكننا لم نفعل ذلك حتى الآن".

وأضاف "وتتوفر لدى الهيئة سيارة واحدة هي سيارة رئيس الهيئة التي يستخدمها قبل تعيينه في هذا المنصب وموظفين اثنين وتم انتداب مسؤولة قانونية من وزارة العمل كما تم انتداب أربعة وكلاء نيابة يعملون مع الهيئة، ويتوفر لها مكتب مكون من غرفتين منحت للهيئة من قبل الرئيس ريثما يتم ترتيب كافة التجهيزات اللازمة والحصول على مبنى متكامل مناسب حيث سيصار لاحقا إلى وضع الهيكلية والنظام المالي موضع التنفيذ واستقبال الكفاءات المطلوبة لتسيير عمل الهيئة بصورة جيدة".

التعليقات